السبت، 15 أغسطس 2015

الرد على الصوفية CC = ما هي الصوفية وما دورها في الجهاد الإسلامي؟

د. طارق الطواري 
مع عودة المد الصوفي للظهور من جديد في الساحة الكويتية في بعض المساجد وإذاعة القرآن الكريم والكتابات الصحفية وعودة الدعوة إلي الخرافة والطرق البدعية وإماتت السنة وإحياء البدعة من خلال، ،، ما سبق ونشر كتيبات باسم طلبة العلم في مسجد البشر بمشرف ككتب الدعاء الجماعي ومسح الوجه باليدين بعد الدعاء والدعوات للموالد وزيارة القبور والتوسل بها وقد كتب الدكتور / يوسف الشراح أصلحه الله الأستاذ بكلية الشريعة مقالا في: 15/4/2004 م في جريدة الوطن بعنوان الصوفية الحفة في ميزان شيوخ السلفية 
زعم فيه آن الصوفية على حق وأنهم أهل الجهاد وهم السادة العلماء بالاضافه للغمز واللمز بأئمة السلف الإعلام كشيخ الإسلام وغيره من أجل ذلك كله وجب الإيضاح والبيان كي لا يلتبس الحق بالباطل وأول ذلك التعريف بالصوفية من حيث النشأة والتسمية والطبقات ثم أثرهم المزعوم في الجهاد وقد استعنت في ذلك بما نشر في موقع كشف الشبهات: 
شبكة الاتصالات العالمية. khayma.com /kshf/M/Suofyah.htm 
وبما كتبه الشيخ حسان العتيبي نقلا عن صيد الفوائد وعن كتابه تربية الأولاد في الإسلام في ميزان النقد العلمي: 
http://saaid.net/Doat/ehsan/134. HTM 
والله أسأل أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.
--------------------------------- - ----------------------------------------------
النشأة

(/ 2)

حركة التصوف انتشرت في العالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري كنزعات فردية تدعو إلى الزهد وشدة العبادة، ثم تطورت تلك النزعات بعد ذلك حتى صارت طرقا مميزة معروفة باسم الصوفية، ويتوخى المتصوفة تربية النفس والسمو بها بغية الوصول إلى معرفة الله تعالى بالكشف والمشاهدة لا عن طريق اتباع الوسائل الشرعية، ولذا جنحوا في السمار حتى تداخلت طريقتهم مع الفلسفات الوثنية: الهندية والفارسية واليونانية المختلفة. 
سبب التسمية 
اختلف العلماء في نسبة الاشتقاق على أقوال أرجحها: 
ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن خلدون وطائفة كبيرة من العلماء من أنها نسبة إلى الصوف حيث كان شعار رهبان أهل الكتاب الذين تأثر بهم الأوائل من الصوفية. 
بداية الانحراف 
كداب آن انحراف يبدأ صغيرا، ثم ما يلبث إلا أن يتسع مع مرور الأيام فقد تطور مفهوم الزهد في الكوفة والبصرة في القرن الثاني للهجرة على أيدي كبار الزهاد أمثال: إبراهيم بن أدهم، مالك بن دينار، وبشر الحافي وغيرهم إلى مفهوم لم يكن موجودا عند الزهاد السابقين من تعذيب للنفس بترك الطعام، وتحريم تناول اللحوم، والسياحة في البراري والصحاري، وترك الزواج، يقول مالك بن دينار: (لا يبلغ الرجل منزلة الصديقين حتى يترك زوجته كأنها أرملة، ويأوي إلى مزابل الكلاب)، وذلك دون سند من قدوة سابقة أو نص كتاب أو سنة، ولكن مما يجد التنبيه عليه أنه قد نسب إلى هؤلاء الزهاد من الأقوال المرذولة والشطحات المستنكرة ما لم يثبت عنهم بشكل قاطع كما يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية. 
* ومنذ ذلك العهد أخذ التصوف عدة أطوار أهمها: 
- البداية والظهور: ظهر مصطلح التصوف والصوفية أول ما ظهر في الكوفة بسبب قربها من بلاد فارس، والتأثر بالفلسفة اليونانية بعد عصر الترجمة، ثم بسلوكيات رهبان أهل الكتاب 
* طلائع الصوفية:

(/ 3)

ظهر في القرنين الثالث والرابع الهجري ثلاث طبقات من المنتسبين إلى التصوف وهي:
- الطبقة الأولى:
كان يغلب على أكثرهم الاستقامة في العقيدة، والإكثار من دعاوى التزام السنة ونهج السلف، وإن كان ورد عن بعضهم - مثل الجنيد - بعض العبارات التي عدها العلماء من الشطحات ، ومن أشهر رموز هذا التيار.
- الجنيد: هو أبو القاسم الخراز المتوفي 298 ه يلقيه الصوفية بسيد الطائفة
- ومن أهم السمات الأخرى لهذه الطبقة كثر الاهتمام بالوعظ والقصص مع قلة العلم والفقه والتحذير من تحصيلهما في الوقت الذي اقتدى أكثرهم بسلوكيات رهبان ونساك أهل الكتاب حيث حدث الالتقاء ببعضهم، مما زاد في البعد عن سمت الصحابة وأئمة التابعين، ونتج عن ذلك اتخاذ دور للعبادة غير المساجد، يلتقون فيها للاستماع للقصائد الزهدية أو قصائد ظاهرها الغزل بقصد مدح النبي صلى الله عليه وسلم مما سبب العداء الشديد بينهم وبين الفقهاء، كما ظهرت فيهم ادعاءات الكشف والخوارق وبعض المقولات الكلامية، وفي هذه الفترة ظهرت لهم تصانيف كثيرة.
- ومن أهم هذه السمات المميزة لمذاهب التصوف والقاسم المشترك للمنهج المميز بينهم في تناول العبادة وغيرها ما يسمونه (الذوق) والذي أدى إلى اتساع الخرق عليهم مما سهل على اندثار هذه الطبقة وزيادة انتشار الطبقة الثانية التي زاد غلوها وانحرافها.

(/ 4)

- الطبقة الثانية: خلطت الزهد بعبارات الباطنية، وانتقل فيها الزهد من الممارسة العملية والسلوك التطبيقي إلى مستوى التأمل التجريدي والكلام النظري، ولذلك ظهر في كلامهم مصطلحات: الوحدة، والفناء، والاتحاد، والحلول، والسكر، والصحو، والكشف، والبقاء، والمريد، والعارف، والأحوال، والمقامات، وشاع بينهم التفرقة بين الشريعة والحقيقة، وتسمية أنفسهم أرباب الحقائق وأهل الباطن، وسموا غيرهم من الفقهاء أهل الظاهر والرسوم، وغير ذلك مما كان غير معروف عند السلف الصالح من أصحاب القرون المفضلة ولا عند الطبقة الأولى من المنتسبين إلى الصوفية، مما زاد في انحرافها، فكانت بحق تمثل البداية الفعلية لما صار عليه تيار التصوف حتى الآن.
- ومن أهم أعلام هذه الطبقة: أبو اليزيد البسطامي ت 263 ه، ذو النون المصري ت 245 ه، الحلاج ت 309 ه، أبو سعيد الخزار 277-286ه، الحكيم الترمذي ت 320 ه، أبو بكر الشبلي 334 ه.
- الطبقة الثالثة:
وفيها اختلط التصوف بالفلسفة اليونانية، وظهرت أفكار الحلول والاتحاد ووحدة الوجود موافقة لقول الفلاسفة، كما أثرت في ظهور نظريات الفيض والإشراق على يد الغزالي والسهروردي، وبذلك تعد هذه الطبقة من أخطر الطبقات والمراحل التي مر بها التصوف والتي تعدت مرحلة البدع العملية إلى البدع العلمية التي بها يخرج التصوف عن الإسلام بالكلية، ومن أشهر رموز هذه الطبقة: الحلاج ت 309 ه، السهروردي 587 ه، ابن عربي ت 638 ه، ابن الفارض 632 ه، ابن سبعين ت 667 ه.
- الحلاج: أبو مغيث الحسين بن منصور الحلاج 244- 309 ه ولد بفارس حفيدا لرجل زرادشتي، ونشأ في واسط بالعراق، وهو أشهر الحلوليين والاتحاديين، رمي بالكفر وقتل مصلوبا لتهم أربع وجهت إليه:
. أ - اتصاله بالقرامطة
ب - قوله (أنا الحق).
ت - اعتقاد أتباعه ألوهيته.

(/ 5)

ث - قوله في الحج، حيث يرى أن الحج إلى البيت الحرام ليس من الفرائض الواجب أداؤها.
- يمثل القرن السادس الهجري البداية الفعلية للطرق الصوفية وانتشارها حيث انتقلت من إيران إلى المشرق الإسلامي، فظهرت الطريقة القادرية المنسوبة لعبد القادر الجيلاني، المتوفي سنة 561 ه نسب إليه أتباعه من الأمور العظمية فيما لا يقد عليها إلا الله تعالى من معرفة الغيب، وإحياء الموتى، وتصرفه في الكون حيا أو ميتا، بالإضافة إلى مجموعة من الأذكار والأوراد والأقوال الشنيعة، ومن هذه الأقوال أنه قال مرة في أحد مجالسه: (قدمي هذه على رقبة كل ولي لله)، وكان يقول: (من استغاث بي في كربة كشفت عنه، ومن ناداني في شدة فرجت عنه، ومن توسل بي في حاجة قضيت له)، ولا يخفى ما في هذه الأقوال من الشرك وادعاء الربوبية
- يقول السيد محمد رشيد رضا: (ينقل عن الشيخ الجيلاني من الكرامات وخوارق العادات ما لم ينقل عن غيره، والنقاد من أهل الرواية لا يحفلون بهذه النقول إذ لا أسانيد لها يحتج بها) (دائرة المعارف الإسلامية 11/171)
- كما ظهرت الطريقة الرفاعية المنسوبة لأبي العباس أحمد بن الحسين الرفاعي ت 540 ه ويطلق عليها البطائحية نسبة إلى مكان ولاية بالقرب من قرى البطائح بالعراق، وينسج حوله كتاب الصوفية - كدأبهم مع من ينتسبون إليهم - الأساطير والخرافات، بل ويرفعونه إلى مقام الربوبية، ومن هذه الأقوال: (كان قطب الأقطاب في الأرض، ثم انتقل إلى قطبية السماوات، ثم صارت السماوات السبع في رجله كالخلخال) (طبقات الشعراني ص 141، قلادة الجواهر ص 42).

(/ 6)

- وفي هذا القرن ظهرت شطحات وزندقة السهر وردي شهاب الدين أبو الفتوح محيي الدين بن حسن 549-587ه ثم خلفه عبد الرحيم بن عثمان ت 604 ه، صاحب مدرسة الإشراق الفلسفية التي أساسها الجمع بين آراء مستمدة من ديانات الفرس القديمة ومذاهبها في ثنائية الوجود وبين الفلسفة اليونانية في صورتها الأفلاطونية الحديثة ومذهبها في الفيض أو الظهور المستمر، ولذلك اتهمه علماء حلب بالزندقة والتعطيل والقول بالفلسفة الإشراقية مما حدا بهم أن يكتبوا إلى السلطان صلاح الدين الأيوبي محضرا بكفره وزندقته فأمر بقتله ردة، وإليه تنسب الطريقة السهروردية ومذاهبها في الفيض أو الظهور المستمر.
- في القرن السابع الهجري دخل التصوف الأندلس وأصبح ابن عربي الطائي الأندلسي أحد رؤوس الصوفية حتى لقب بالشيخ الأكبر، أعاد ابن عربي، وابن الفارض، وابن سبعين، عقيدة الحلاج، وذي النون المصري، والسهروردي.
- محيي الدين ابن عربي: الملقب بالشيخ الكبر 560- 638 ه رئيس مدرسة وحدة الوجود، يعتبر نفسه خاتم الأولياء، طرح نظرية الإنسان الكامل التي تقوم على أن الإنسان وحده من بين المخلوقات يمكن أن تتجلى فيه الصفات الإلهية إذا تيسر له الاستغراق في وحدانية الله.
- أبو الحسن الشاذلي ت 656 ه: صاحب ابن عربي ، من أشهر تلاميذ مدرسة أبو السحن الشاذلي ت 656 ه أبو العباس ت 686 ه، وإبراهيم الدسوقي، وأحمد البدوي ت 675 ه.
- وفي القرن السابع ظهر أيضا جلال الدين الرومي صاحب الطريقة المولوية بتركيا ت 672 ه
أصبح القرن الثامن الهجري والتاسع ما هو إلا تفريع شرح لكتب ابن عربي وابن الفارض وغيرهما، ولم تظهر فيه نظريات جديدة في التصوف.
وفي القرن التاسع ظهر محمد بهاء الدين النقشبندي مؤسس الطريقة النقشبندية ت 791 ه.

(/ 7)

وكذلك القرن العاشر ما كان إلا شرحا أو دفاعا عن كتب ابن عربي، فزاد الاهتمام فيه بتراجم أعلام التصوف، والتي اتسمت بالمبالغة الشديدة.
- وفي القرون التالية اختلط الأمر على الصوفية، وانتشرت الفوضى بينهم وبدأت مرحلة الدراويش
- ومن أهم ما تتميز به القرون المتأخرة ظهور ألقاب شيخ السجادة، وشيخ مشايخ الطرق الصوفية، والخليفة والبيوت الصوفية التي هي أقسام فرعية من الطرق نفسها مع وجود شيء من الاستقلال الذاتي يمارس بمعرفة الخلفاء، كما ظهرت فيها التنظيمات والتشريعات المنظمة للطرق تحت مجلس وإدارة واحدة الذي بدأ بفرمان أصدره محمد على باشا والي مصر يقضي بتعين محمد البكري خلفا لوالده شيخا للسجادة البكرية وتفويضه في الإشراف على جميع الطرق والتكايا والزوايا والمساجد التي بها أضرحة كما له الحق في وضع مناهج التعليم التي تعطي فيها، وذلك كله في محاولة لتفويض سلطة شيخ الأزهر وعلمائه، وقد تطورت نظمه وتشريعاته ليعرف فيما بعد بالمجلس الأعلى للطرق الصوفية في مصر.
ومن أشهر رموز هذه القرون المتأخرة: - عبد الغني النابلسي 1050-1287ه، أبو السعود البكري المتوفي 1812 م، أبو الهدى الصيادي الرفاعي 1220-1287ه، عمر الفوتي الطوري السنغالي الأزهري التيجاني ت 1281 ه، محمد عثمان الميرغني ت 1268 ه، أبو الفيض محمد بن عبد الكبير الكتاني، فقيه متفلسف، من أهل فاس بالمغرب، أسس الطريقة الكتانية 1290-1327ه، انتقد عليه علماء فاس بعض أقواله ونسبوه إلى فساد الاعتقاد، أحمد التيجاني ت 1230 ه
مصادر التلقي عند الصوفية
- الكشف: ويعتمد الصوفية الكشف مصدرا وثيقا للعلوم والمعارف، بل تحقيق غاية عبادتهم، ويدخل تحت الكشف الصوفي جملة من الأمور منها:
1- النبي صلى الله عليه وسلم: ويقصدون به الأخذ عنه يقظة أو مناما.

(/ 8)

2- الخضر عليه الصلاة والسلام: قد كثرت حكايتهم عن لقياه، والأخذ عنه أحكاما شرعية وعلوما دينية، وكذلك الأوراد، والأذكار والمناقب.
3- الإلهام: سواء كان من الله تعالى مباشرة، وبه جعلوا مقام الصوفي فوق مقام النبي حيث يعتقدون أن الولي يأخذ العلم . مباشرة عن الله تعالى
4- الفراسة: والتي تختص بمعرفة خواطر النفوس وأحاديثها.
5- الهواتف: من سماع الخطاب من الله تعالى، أو من الملائكة، أو الجن الصالح، أو من أحد الأولياء، أو الخضر، أو إبليس، سواء كان مناما أو يقظة أو في حالة بينهما بواسطة الأذن.
6- الإسراءات والمعاريج: ويقصدون بها عروج روح الولي إلى العالم العلوي، وجولاتها هناك، والإتيان منها بشتى العلوم والأسرار.
7- الكشف الحسي: بالكشف عن حقائق الوجود بارتفاع الحجب الحسية عن عين القلب وعين البصر
8 - الرؤى والمنامات: وتعتبر من أكثر المصادر اعتمادا عليها حيث يزعمون أنهم يتلقون فيها عن الله تعالى، أو عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو عن أحد شيوخهم لمعرفة الأحكام الشرعية
- التلقي عن الأنبياء غير النبي صلى الله عليه سلم وعن الأشياخ المقبورين
الأفكار والمعتقدات
- يعتقد عقائد الصوفية وأفكارهم وتتعدد مدارسهم وطرقهم ويمكن إجمالها فيما يلي:
- يعتقد المتصوفة في الله تعالى عقائد شتى، منها الحلول كما هو مذهب الحلاج، ومنها وحدة الوجود حيث عدم الانفصال بين الخالق والمخلوق، ومنهم من يعتقد بعقيدة الأشاعرة والماتريدية في ذات الله تعالى وأسمائه وصفاته.

(/ 9)

- والغلاة منهم يعتقدون في الرسول صلى الله عليه وسلم أيضا عقائد شتى، فمنهم من يزعم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يصل إلى مرتبتهم وحالهم، وأنه كان جاهلا بعلوم رجال التصوف كما قال البسطامي: (خضنا بحرا وقف الأنبياء بساحله)، ومنهم من يعتقد أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو قبة الكون، وهو الله المستوي على العرش وأن السماوات والأرض والعرش والكرسي وكل الكائنات خلقت من نوره، وأنه أول موجود وهذه عقيدة ابن عربي ومن تبعه، ومنهم من لا يعتقد بذلك بل يرده ويعتقد ببشريته ورسالته ولكنهم مع ذلك يستشفعون ويتوسلون به صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى على وجه يخالف عقيدة أهل السنة والجماعة.
- وفي الأولياء يعتقد الصوفية عقائد شتى، فمنهم من يفضل الولي على النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم يجعلون الولي مساويا لله في كل صفاته، فهو يخلق ويرزق، ويحيي ويميت، ويتصرف ف الكون، ولهم تقسيمات للولاية، فهناك الغوث، والأقطاب، والأبدال والنجباء حيث يجتمعون في ديوان لهم في غار حراء كل ليلة ينظرون في المقادير، ومنهم من لا يعتقد ذلك ولكنهم أيضا يأخذونهم وسائط بينهم وبين ربهم سواء كان في حياتهم أو بعد مماتهم.
وكل هذا بالطبع خلاف الولاية في الإسلام التي تقوم على الدين والتقوى، وعمل الصالحات، والعبودية الكاملة لله والفقر إليه، وأن الولي لا يملك من أمر نفسه شيئا فضلا عن أنه يملك لغيره، قال تعالى لرسوله: (قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا) الجن: 21).
- يعتقدون أن الدين شريعة وحقيقة، والشريعة هي الظاهر من الدين وأنها الباب الذي يدخل منه الجميع، والحقيقة هي الباطن الذي لا يصل إليه إلا المصطفون الأخيار.
- التصوف في نظرهم طريقة وحقيقة معا.
- لابد في التصوف من التأثير الروحي الذي لا يأتي إلا بواسطة الشيخ الذي أخذ الطريقة عن شيخه.

(/ 10)

- لابد من الذكر والتأمل الروحي وتركيز الذهن في الملأ الأعلى، وأعلى الدرجات لديهم هي درجة الولي.
- يتحدث الصوفيون عن العلم اللدني الذي يكون في نظرهم لأهل النبوة والولاية، كما كان ذلك للخضر عليه الصلاة والسلام، حيث أخبر الله تعالى عن ذلك فقال: ( وعلمناه من لدنا علما).
- شطحات الصوفية:
سلك بعضهم طريق تخضير الأرواح معتقدا بأن ذلك من التصوف، كما سلك آخرون طريق الشعوذة والدجل، وقد اهتموا ببناء الأضرحة وقبور الأولياء وإنارتها وزيارتها والتمسح بها، وكل ذلك من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان .
- يقول بعضهم بارتفاع التكاليف - إسقاط التكاليف - عن الولي، أي أن العبادة تصير لالزوم لها بالنسبة إليه، لأنه وصل إلى مقام لا يحتاج معه إلى القيام بذلك.
- يستخدم الصوفيون لفظ (الغوث والغياث) وقد أفتى ابن تيمية كما جاء في كتاب مجموع الفتاوى ص 437: (فأما لفظ الغوث والغياث فلا يستحقه إلا الله، فهو غوث المستغيثين، فلا يجوز لأحد الاستغاثة بغيره لا بملك مقرب ولا نبي مرسل).
- لقد أجمعت كل طرق الصوفية على ضرورة الذكر، وهو عند النقشبندية لفظ الله مفردا، وعند الشاذلية لا إله إلا الله، وعند غيرهم مثل ذلك مع الاستغفار والصلاة على النبي، وبعضهم يقول: هو هو، بلفظ الضمير، وفي ذلك يقول ابن تيمية في كتاب مجموع الفتاوى ص 229: (وأما الاقتصار على الاسم المفرد مظهرا أو مضمرا فلا أصل له، فضلا عن. أن يكون من ذكر الخاصة والعارفين، بل هو وسيلة إلى أنواع من البدع والضلالات، وذريعة إلى تصورات أحوال فاسدة من أحوال أهل الإلحاد وأهل الاتجاد)
ويقول في ص 228 أيضا: (من قال: يا هو يا هو، أو هو هو، ونحو ذل، لم يكن الضمير عائدا إلا إلى ما يصوره القلب، والقلب قد يهتدي يضل وقد).

(/ 11)

- قد يأتي بعض المنتسبين إلى التصوف بأعمال عجيبة وخوارق، وفي ذلك يقول ابن تيمية ص 494: (وأما كشف الرؤوس، وتفتيل الشعر، وحمل الحيات، فليس هذا من شعار أحد من الصالحين، ولا من الصحابة، ولا من التابعين، ولا شيوخ المسلمين، ولا من المتقدمين، ولا من المتأخرين، ولا الشيخ أحمد بن الرفاعي، وإنما ابتدع هذا بعد موت الشيخ بمدة طويلة). 
- ويقول أيضا في ص 504: (وأما النذر للموتى من الأنبياء والمشايخ وغيرهم أو لقبورهم أو المقيمين عند قبورهم فهو نذر شرك ومعصية لله . تعالى) 
- وفي ص 506 من نفس الكتاب: (وأما الحلف بغير الله من الملائكة والأنبياء والمشايخ والملوك وغيرهم فإنه منهي عنه) 
- ويقول في ص 505 من نفس الكتاب أيضا: (وأما مؤاخاة الرجال والنساء الجانب وخلوتهم بهن، ونظرهم إلى الزينة الباطنة، . فهذا حرام باتفاق المسلمين، ومن جعل ذلك من الدين فهو من الشياطين إخوان) 
* من أبرز المآخذ التي تؤخذ على الصوفية ما يلي: 
1- الحلول والاتحاد 
2- وحدة الوجود 
3- الشرك في توحيد الألوهية وذلك بصرف بعض أنواع العبادة لغير الله تعالى. 
4- الشرك في توحيد الربوبية وذلك باعتقادهم أن بعض الأولياء يتصرفون في الكون ويعلمون الغيب .. 
5- الغلو في الرسول صلى الله عليه وسلم. 
6- الغلو في الأولياء. 
7- الادعاءات الكثيرة الكاذبة، كادعائهم عدم انقطاع الوحي ومالهم من المميزات في الدنيا والآخرة . 
8- يتساهل بعض الصوفية في التزام أحكام الشرع. 
9- طاعة المشايخ الخضوع لهم، والاعتراف بذنوبهم بين أيديهم، والتمسح بأضرحتهم بعد مماتهم.

(/ 12)

10- تجاوزات كثيرة ما أنزل الله بها من سلطان، في هيئة ما يسمونه الذكر، وهو هز البدن والتمايل يمينا وشمالا، وذكر كلمة الله في كل مرة مجردة، والادعاء بأن المشايخ مكشوف عن بصيرتهم، ويتوسلون بهم لقضاء حوائجهم، ودعاؤهم بمقامهم عند الله في حياتهم وبعد مماتهم.
- لقد فتح التصوف المنحرف بابا واسعا دخلت منه كثير من الضلالات والبدع ألتي تخرج صاحبها من الإسلام
أماكن الإنتشار
انتشر التصوف على مدار الزمان وشمل معظم العالم الإسلامي، وقد نشأت فرقهم وتوسعت في مصر والعراق وشمال غرب أفريقيا، وفي غرب ووسط وشرق آسيا.
- تراجعت الصوفية وذلك ابتداء من نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين ولم يعد لها ذلك السلطان الذي كان لها فيما قبل، وذلك بالرغم من دعم بعض الدول الإسلامية للتصوف كعامل مثبط لتطلعات المسلمين في تطبيق الإسلام الشمولي
اما دور الصوفية في الجهاد المزعوم في سبيل الله الذى أشار إليه بعض الكتاب (بأن الملوك والأمراء متى قصدوا الجهاد كان كثير من شيوخ الصوفية يوعزون إلى أتباعهم ويحرضونهم على الخروج في سبيل الله فلتستمع إلى أقوال السادة العلماء في حقيقة جهاد المتصوفة ووقوفهم في وجه أعداء الأمة.

(/ 13)

قال الشيخ عبد الرحمن الوكيل (1) رحمه الله: ويزعمون أن الصوفية جاهدت حتى نشرت الإسلام في بقاع كثيرة ولقد علمت ما دين الصوفية؟ ! فما نشروا إلا أساطير حمقاء، وخرافات بلهاء، وبدعا بلقاء شوهاء، ما نشروا إلا وثنية تؤله الحجر، وتعبد الرمم، ما نشروا دينهم إلا في حماية الغاصب المستعمر، وطوع هوى الغاصب المستعمر، فعدو الإسلام يوقن تماما أن البدع هي الوسيلة التي تصل إلى الهدف دائما ، لكي يقضوا على الإسلام وأهله، فعلها قديما ويفعلها حديثا، اقرأوا تاريخكم إن كنت تمترون، أروني صوفيا واحدا قاتل في سبيل الله؟ أروني صوفيا واحدا جالد الاستعمار أو كافحه أو دعا إلى ذلك؟ إن كل من نسب إليهم مكافحة المستعمر - وهم قلة - لم يكافحوه إلا حين تخلى عنهم، فلم يطعمهم السحت من يديه ولم يبح لهم جمع الفتات من تحت قدميه، وإلا حين قهرت فيهم عزة الوطنية ذلك الصوفية فقاتلوه حمية لا لدين.
وقال أيضا:
سقط بيت المقدس في يد الصليبيين عام (492 ه)، و "الغزالي" الزعيم الصوفي الكبير على قيد الحياة، فلم يحرك منه هذا الحادث الجلل شعورا واحدا، ولم يجر قلمه بشيء عنه في كتبه، لقد عاش "الغزالي" بعد ذلك 13 عاما _ إذا مات سنة (505 ه)، فما ذرت دمعة واحدة ولا استنهض همة مسلم ليذود عن الكعبة الأولى .بينما سواه من الشعراء يقول:
أحل الكفر بالإسلام ضيما يطول عليه للدين نحيب
وكم من مسجد جعلوه ديرا على محرابه نصب الصليب
دم الخنزير فيه لهم خلوف وتحريق المصاحف فيه طيب
اهز هذا الصراخ الموجع زعامه الغزالي؟ كلا، إذ كان عاكفا على كتبه يقرر فيها أن الجمادات تخاطب الأولياء، ويتحدث عن "الصحو" و "المحو"، ودون أن يقاتل أو يدعو غيره إلى قتال.

(/ 14)

و "ابن عربي" و "ابن الفارض" الزعيمان الصوفيان الكبيران عاشا في عهد الحروب الصليبية، فلم نسمع عن واحد منهما أنه شارك في قتال، أو دعا إلى قتال، أو سجل في شعره أو نثره آهة حسرى على الفواجع التي نزلت بالمسلمين، لقد كانا يقرران للناس أن الله هو عين كل شيء، فليدع المسلمون الصليبيين، فما هم إلا الذات الإلهية متجسدة في تلك الصور، هذا حال أكبر زعماء الصوفية، وموقفهم من أعداء الله، فهل كافحوا غاصبا أو طاغيا؟
وقال أيضا:
ثم اقرؤوا ما كتب الزعيم "مصطفى كامل "في كتابه" المسألة الشرقية "(ومن الأمور المشهورة عن احتلال فرنسة" للقيروان: أن رجلا فرنساويا دخل في الإسلام، وسمى نفسه "سيد أحمد الهادي" واجتهد في تحصيل الشريعة حتى وصل إلى درجة العالمية، وعين إماما لمسجد كبير في "القيروان" فلما اقترب الجنود الفرنساوية من المدينة: استعد أهلها للدفاع عنها، وجاءوا يسألونه أن يستشير لهم ضريح شيخ في المسجد يعتقدون فيه، فدخل "سيد أحمد" الضريح، ثم خرج مهولا لهم بما سينالهم من المصائب، وقال لهم بأن الشيخ ينصحكم بالتسليم (2) لأن وقوع البلاد صار بحتا، فاتبع القوم البسطاء قوله، ولهم يدافعوا عن "القيروان" أقل دفاع بل دخلها الفرنساويون آمنين) أ.ه.
وحين أغار الفرنجة على "المنصورة" قبل منتصف القرن السابع الهجري، اجتمع زعماء الصوفية، أتدري لماذا؟ لقراءة "رسالة القشيري" والمناقشة في كرامات الأولياء (من أجل ذلك يجب ألا نستغرب إذا رأينا المستعمرين يغدقون على الصوفية الجاه والمال، فرب مفوض سام لم يكن يرضى أن يستقبل ذوي القيمة الحقيقية من وجوه البلاد، ثم تراه يسعى إلى زيارة "حلقة" من ​​حلقات الذكر، ويقضي هنالك زيارة سياسية تستغرق الساعات، أليس التصوف الذي على هذا الشكل يقتل عناصر المقاومة في الأمم) (3) أ.ه.

(/ 15)

ثم إن كل من نسبت إليهم الصوفية أنهم جاهدوا في سبيل الله عملوا على نشر الإسلام ليسوا صوفيين، وإنما حشرتهم الصوفية في زمرتها زورا وبهتانا، هذه هي الصوفية "(ص170-172).
ب وقال الشيخ. "محمد أحمد لوح" حفظه الله: أما عقيدة وحدة الوجود التي نادى بها هؤلاء المتصوفة: فتهدف إلى إلغاء الأحكام _ (أي: موالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين) - تحت مظلة وحدة الأديان قال شيخ الإسلام ابن تيمية - عند بيان المراتب الصوفية - "وأما المرتبة الثالثة: أن لا يشهد طاعة ولا معصية، فإنه يرى أن الوجود واحد، وعندهم أن هذا غاية التحقيق والولاية لله، فإن صاحب هذا المشهد يتخذ اليهود النصارى وسائر الكفار أولياء .. أ.ه (4)
وهذا هو الواقع، فإن الصوفي كلما تقدم به تصوفه وازداد غلوا فيه، قلت غيرته الدينية، فالشيخ "عبد الرحمن الصباغ" الذي ضاق ذرعا بالعيش في صعيد مصر لكثرة من به من اليهود والنصارى قال في أخريات حياته "إنه ليود معانقة اليهود والنصارى كما يعانق أحد أبناء الإسلام" (5).
وبالغلو في الفكر الصوفي يصل المرء إلى حد لا يغضب لله بلده الغيرة لدينه، كما يقرر "ابن عربي" في قوله "ومن اتسع في علم التوحيد ولم يلزم الأدب الشرعي فلم يغضب لله ولا نفسه ... فإن التوحيد يمنعه من الغضب، لأنه في نظره ما ثم من يغضب عليه لأحدية العين عنده في جميع الأفعال المنسوبة إلى العالم، إذ لو كان عنده مغضوب عليه لم يكن توحيد، فإن موجب الغضب إنما هو الفعل، ولا فاعل إلا الله ". (6)

(/ 16)

ويبدو أن الصوفية قضوا على مجاهدة الكفار بالسيف بواسطة بث هذا الفكر، كما أماتوا الغيرة الدينية والانتصار للحق، فيقرر "التيجاني" أن "الأصل في كل ذرة في الكون أنها مرتبة للحق سبحانه وتعالى، ويتجلى فيها بما شاء من أفعاله وأحكامه، والخلق كلهم مظاهر أحكامه وكمالات ألوهيته ... ويستوي في هذا الميدان: الحيوان والجمادات والآدمي وغيره، ولا فرق بين الآدمي وبين المؤمن والكافر فإنهما مستويان في هذا البساط، ويكون على هذا، الأصل في الكافر التعظيم لأنه مرتبة من مراتب الحق ... ولا يكون هذا إلا لمن عرف وحدة الوجود "(7).
فأنت ترى أنه أقر أن من عرف وحدة الوجود: اعتقد أن تعظيم الكفار لابد منه لكونهم مرتبة من مراتب الحق، أما إهانتهم وإذلالهم فلا تعدو أن تكون أحكاما طارئة، والتعويل إنما هو على الأصل لا على ما طرأ.
وقال - (أي: التيجاني) - في رسالة إلى أهل فارس "وسلموا للعامة وولاة الأمر ما أقامهم الله فيه من غير تعرض لمنافرة أو تبعيض أو تنكير، فإن الله هو الذي أقام خلقه فيما أراد، ولا قدرة لأحد أن يخرج الخلق عما أقامهم الله فيه" (8).
ولا ريب أن هذا الفكر يهدف إلى القضاء على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إسداء النصيحة لكل أحد، ومحو الجهاد باللسان قبل الجهاد بالسنان، وإلى مثل هؤلاء الناس أشار ابن تيمية حين قال "وهذا يقوله كثير من شيوخ هؤلاء الحلولية، حتى إن أحدهم إذا أمر بقتال العدو يقول: "أقاتل الله؟ ما أقدر أن أقاتل الله "، ونحو هذا الكلام الذي سمعناه من شيوخهم وبينا فساده لهم وضلالهم" (9).

(/ 17)

ومن هنا أنتقد كثير من الباحثين "أبا حامد الغزالي" لسكوته عن غزو الصليبيين للمسلمين رغم معايشته إياه، فلم يذكرهم بشيء في كتاباته الكثيرة، فضلا عن أن يشارك في انتفاضة (10) المسلمين وجهادهم ضدهم. فيقول الدكتور الأعسم "وهو يعني: سكوته عنهم - أمر يدعونا إلى نظر عميق في أن الغزالي لابد كان قد استبطن عقيدة حطمت أمامه كل الفروق الدينية أو العنصرية، أو أنه فشل في أن يظل مكافحا من أجل الدين، وإلا فما هو سبب إهماله لذكر الصليبيين وأنهم أخطر على الإسلام من الباطنية والفلاسفة؟ فكل مؤلفات الغزالي التي ثبتت له خالية من الإشارة إلى الصليبيين (11). أ.ه. "تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي" (1 / 568-570) للشيخ "محمد أحمد لوح".
ج. ولما تحدى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله طائفة "الرفاعية" الأحمدية "أمام نائب السلطنة (سنة 705 ه) قال شيخ المنيبع" الشيخ صالح "منهم: نحن أحوالنا إنما تنفق عند التتر! ليست تنفق عند الشرع! .
قال ابن كثير رحمه الله: فضبط الحاضرون عليه تلك الكلمة، وكثير الإنكار عليهم من كل أحد ثم اتفق الحال على أنهم يخلعون الأطواق الحديد من رقابهم، وأن من خرج عن الكتاب والسنة ضربت عنقه. أ. ه "البداية والنهاية" (14/38).
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
جمعه د. طارق الطواري.
------------------------------
(1) وقد كان من كبار أهل التصوف ثم هداه الله، فصار من أئمة السلفيين في مصر، وكان وكيلا لجماعة أنصار السنة هناك، فرحمه الله.

(/ 18)

(2) والتاريخ يعيد نفسه، فلما جاء "السادات" من الصلح مع يهود استقبله شيوخ الطرق الصوفية في مصر في المطار، وكان عدد مندوبي الطرق 72 مندوبا! ، فوقف الشيخ "محمد جميل غازي" رحمه الله على المنبر، وقال "صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال" وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ط فاثنتان وسبعون في المطار وواحدة في القاهرة "!.
(3) "عمر فروخ" في كتابه "التصوف في الإسلام".
(4) "الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان" (ص93-94).
(5) "الصوفية في الإسلام" (ص 87).
(6) "الفتوحات المكية" (5/270).
(7) "جواهر المعاني" (2 / 91-92).
(8) "جواهر المعاني" (2 / 165-166).
(9) "مجموعة الرسائل والمسائل" (1 / 110-111).
(10) وقد عد الشيخ "بكر أبو زيد" هذا اللفظ من الألفاظ المولدة الدخيلة وقال "لا ينتقض إلا العليل كالمهموم والرعديد" أ.ه "معجم المناهي اللفظية" (ص 86).
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلي العقيدة
الملل النحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية

(/ 19)

ماذا يقول ابن عربي في فتوحاته 
الدكتور محمد جميل غازي
إذآ كآنت الخرافة مدسوسة عليهم فلماذا يبقون عليها؟!
ليس في الكتاب ولا في السنة شيء اسمه التصوف !!
متى قال الرسول .. إن للقرآن ظاهرا .. وباطنا؟!
هناك أكثر من سبب يدعونا إلى أن نلتقي مرة أخرى بالرجل الذي شن هجوما عنيفا على التصوف والصوفية .. كان منه على سبيل المثال ذلك السيل المنهمر من رسائل القراء الذين تجاوبوا معه فيما ذهب إليه من اتهام للصوفية بالتناقض مع الإسلام، وطالبوا بأن تفسح له الجريدة صفحاتها لكي يعطي ما عنده، ويجيب على ما أرسلوه من أسئلة واستفسارات .. ثم كان هناك سبب يتمثل في سؤال هام: ترى ماذا يكون رأيه في التصوف بعد الحوار الذي أجريناه مع الدكتور "أبو الوفا التفتازاني" أستاذ التصوف الإسلامي بجامعة القاهرة، والذي أوضحت فيه كثيرا من اللبس الذي اكتنف قضايا الصوفية . واستنكر فيه كثيرا من الشوائب ألتي تخرج عن آداب التصوف الصحيح
تأليه "إبليس" في طبقات الشعراني:
وعلى غير موعد كان هذا اللقاء مع الأستاذ محمد جميل غازي إمام مسجد العزيز بالله في مكتبته الحافلة بالمؤلفات العديدة في الفقه والحديث والتفسير واللغة، والأدب، والتاريخ.
قلنا له في محاولة للاعتذار عن هذه الزيارة المفاجئة: ربما اخترنا موعدا غير مناسب ولكن قد يكون ما جئنا من أجله يستحق أن تضحي معه بالقراءة.

(/ 1)

فيجيب مبتسما: لم أن أقرأ بالمعنى المفهوم، ولكني كنت أسلي نفسي باستعراض بعض كرامات الصوفية وهي في الواقع مجموعة من الطرائف والأساطير تستحق أن أعرض عليكم بعضا منها .. اسمعوا معي ماذا يقول الشعراني في كتابه (الطبقات الكبرى) وهو يتحدث عن سيده محمد الخضري ثم يقرأ: "أخبرني الشيخ أبو الفضل السرسي أنه جاءهم يوم الجمعة فسألوه الخطبة، فطلع المنبر فحمد الله وأثنى عليه ومجده ثم قال:" وأشهد أن لا إله لكم إلا إبليس عليه الصلاة والسلام "فقال الناس: كفر !! فسل السيف ونزل فهرب الناس كلهم من الجامع فجلس على المنبر إلى أذان العصر، وما تجرأ أحد أن يدخل الجامع ثم جاء بعض أهالي البلاد المجاورة، فأخبر أهل كل بلدة أنه خطب عندهم وصلى بهم، فعددنا له ذلك اليوم ثلاثين خطبة، هذا ونحن نراه جالسا عندنا في البلدة "!!
وقبل أن يمضي الأستاذ جميل غازي في عرض نماذج أخرى من هذه الشعوذة نستوقفه لنقول: ليكن ما قرأته علينا هو منطلقنا لبداية حوارنا معك اليوم .. إن بعض أقطاب الصوفية يعتبرون أن أمثال هذه الخرافات أمور مدسوسة على التصوف، وأن القول بما قد شاع في عصور التدهور الفكري والحضاري ، ولقد سبق أن أوضح الدكتور "التفتازاني" أن العشراني نفسه قد ذكر أن خصومه دسوا عليه آراء لم يقل بها للنيل من مكانته .. لذلك فقد لا يكون من العدل اتهام التصوف ومحاولة إدانته من خلال كتابات يتبرأ منها مشايخ الصوفية أنفسهم.

(/ 2)

ويجيب سيادته قائلا: إن ادعاء الدس ليس جديدا على الصوفية، فهم دائما يلجئون إلى هذه الحجة لإغلاق باب المناقشة حول أي موضوع يرون أن الحق قد جانبهم فيه، ومن ناحية أخرى .. إذا كانت هذه الخرافات التي حفل بها كتاب الطبقات الكبرى للشعراني قد دست عليه كما يقولون، فلماذا نراها في جميع طبعات هذا الكتاب القديم منها والحديث؟ ولماذا يترك مشايخ الصوفية هذا الكتاب في متناول أيدي أتباعهم يستقون منه معرفتهم بالدين؟ ألم يكن من المنطق - إن صح ادعائهم - أن يبادروا إلى جميع هذه الكتب ومنع تداولها أو على الأقل إعادة تحقيقها بحيث تستبعد منها هذه الأمور المدسوسة؟ ولكن الحاصل هو عكس ذلك تماما، إنهم يحيطون الشعراني وطبقاته بحصانة وقداسة لا حد لها، بل إنهم يقيمون منزلة الصوفي بقدر إيمانه بما جاء بهذا الكتاب.

(/ 3)

ثم يستطرد د. جميل غازي متسائلا: ثم لماذا هذا الادعاء بالدس على كتاب (الطبقات) وهناك عشرات من كتب الصوفية تمتلئ بمثل ما امتلأ به كتاب الطبقات من خرافات وخبل وضلال .. خذ مثلا كتاب (الإنسان الكامل) وفيه يشرح "أبو يزيد البسطامي" من أئمة الصوفية كيفية حلول الله فيه فيقول: "دفع بي مرة حتى قمت بين يديه فقال لي: يا أبا يزيد إن خلقي يحبون أن يروك، قلت: يا عزيزي وأنا أحب أن يروني فقال: يا أبا يزيد إني أريد أن أريكهم فقلت: يا عزيزي إن كانوا يحبون أن يروني وأنت تريد ذلك وأنا لا أقدر على مخالفتك، فزيني بوحدانيتك وألبسني ربانيتك، وارفعني إلى أحديتك حتى إذا رآني خلقك قالوا رأيناك فيكون أنت ذاك ولا أكون أنا هناك ففعل بي ذلك ".. ثم اسمعوا ماذا يقول الحلاج وهو يشرح لنا عقيدة الحلول:". من هذب نفسه في الطاعة لا يزال يصفو ويرتقي في درجات المصفاة حتى يصفو عن البشرية فإذا لم يبق فيه من البشرية حظ حل فيه روح الإله الذي حل في عيسى ابن مريم وكان جميع فعله فعل الله تعالى "، وفي كتاب (النفحات القدسية) يقول محمد بهاء الدين البيطار أحد مشايخ الصوفية:
وما الكلب والخنزير إلا إلهنا *** وما الله إلا راهب في كنيسة
ثم يعقب د. جميل غازي متسائلا: هل هذه الآراء والمعتقدات في الحلول والاتحاد ووحدة الوجود التي امتلأت بها كتب مشايخ الصوفية هي أيضا أمور مدسوسة عليها !!
احذفوا البدع تسقط الصوفية !!

(/ 4)

قلنا .. دعنا من مناقشة هذه العقائد التي نتفق معك في أنها تتصادم بالفعل مع عقيدة التوحيد الإسلامية فإن أقطاب الصوفية المعاصرين يرون أن من قال بهذه الأفكار هم قلة من أصحاب التصوف الفلسفي من أمثال البسطامي والحلاج وابن عربي، ويقولون أنه تصوف يكتنفه كثير من الغموض ويحتمل تأويلات شتى .. إنما الذي يعنينا الآن هو التصوف السني الذي يدعو إليه الصوفية المحققون، والذين يؤكدون أن مقياسه الصحيح هو الكتاب والسنة، ومادام الأمر كذلك فلماذا يرفض التصوف بل ويتهم بأنه بدعة تتناقض مع الإسلام؟
ويجيب د. جميل غازي بنبرة حادة: اسمع..أليس هناك ما يسمى "تصوفا سنيا" .. إنني أحذر بشدة من هذه المحاولة للتضليل والخداع والبحث عن مسميات يحاول بها الصوفية إضفاء الشرعية على مذهب يتناقض في أساسه مع الكتاب والسنة .. إن هذه المحاولة من جانبهم لربط التصوف بالسنة تذكرني بتلك المحاولة الفاشلة التي يلجأ إليها الشيوعيون في الوقت الحالي للإيهام بأن الشيوعية تتمشى مع مبادئ الإسلام.
ويضيف متسائلا: ثم هذه العبارة (تصوف سني) ألا تحتوي على مغالطة فاضحة؟ إن كلمة (تصوف) لم ينطق بها الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يقلها، ولم يدع إليها فكيف يزعم زاعم أنها (سنة !!) ثم يذهب بعد ذلك إلى القول بأن هناك تصوفا سنيا؟ ومن جهة أخرى فإن هذه العبارة توحي - بمفهوم المخالفة - أن هناك تصوفا بدعيا .. فما هو هذا التصوف البدعي حتى نميزه عن التصوف الذي يريدون منه أن يكون سنيا؟ إنني أدعوهم أن يقدموا لنا كشفا دقيقا بأنواع البدع التي يريدون حذفها من التصوف ثم يقولوا لنا ماذا يتبقى منه !! ثم يبتسم د. جميل غازي ساخرا ويقول: إنهم لو فعلوا ذلك فسيكون على رأس قائمة البدع اسم التصوف نفسه، لأنه بدعة لم ينطق بها الرسول صلى الله عليه وسلم.

(/ 5)

قلنا: ولكننا نرى أن مجرد عدم استعمال الرسول صلى الله عليه وسلم لكلمة تصوف لا ينبغي أن يكون مبررا لتجرد التصوف من شرعيته .. فإن هناك أيضا كثيرا من العلوم الإسلامية لم تكن معروف أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، من بينها على سبيل المثال علوم الفقه والحديث والكلام والتفسير، ومع ذلك فهي علوم معترف بها وتؤدي دورها في خدمة الدعوة الإسلامية .. وبالنسبة للتصوف فلا مجال في رأينا للاعتراض عليه كعلم إسلامي ومنهج يستهدف دراسة الأخلاق وتقويم السلوك وتربية النفوس، طالما كان يستند إلى الكتاب والسنة وهذا ما يقصدونه بتعبير التصوف السني!
ويجيب فضيلته قائلا: أحب أولا أن أعترض على اعتبار التصوف علما إسلاميا، فالتصوف في حقيقته مزيج من أفكار ومعتقدات مجوسية وبوذية ومسيحية ويهودية ويونانية .. وهذه حقيقة يعترف بها المستشرقون الذين درسوا هذا النوع من التصوف المسمى بالتصوف الإسلامي .. فهذا هو "فون كريمر" يقول في كتابه (تاريخ الأفكار البارزة في الإسلام): "إن في التصوف عنصرين مختلفين أولهما مسيحي رهباني، والثاني هندي بوذي" ويذهب المستشرق "ثولك" إلى أن التصوف مأخوذ من أصل مجوسي، كما أن مؤسسي فرق الصوفية الأوائل كانوا من نفس ذلك الأصل المجوسي ، وكذلك يقول المستشرق الهولندي "دوزي" في كتابه (تاريخ الإسلام): "إن التصوف جاء إلى الصوفية من فارس حيث كان موجودا قبل البعثة المحمدية" أما المستشرق "جولدزيهر" فقد فرق بين تيارين مختلفين في التصوف أولهما الزهد وهذا في نظره قريب من روح الإسلام وإن كان متأثرا إلى حد كبير بالرهبانية المسيحية، والثاني التصوف بمعناه الدقيق وما يتصل به من كلام في المعرفة والأحوال والأذواق وهو متأثر من ناحية بالأفلاطونية الحديثة، ومن ناحية أخرى بالبوذية الهندية.
التلقي عن رسول الله عندهم ..!

(/ 6)

قلنا .. ربما كانت آراء هؤلاء المستشرقين جاءت نتيجة ما يوجد من تشابه بين التصوف الإسلامي وغيره من أنواع التصوف الأجنبية، ولكن ذلك لا يعني بالضرورة أن التصوف الإسلامي قد صدر عن هذه الفلسفات الأجنبية أو أخذ عنها .. فالتصوف كما هو معروف يتعلق بالشعور والوجدان، وطالما أن النفس الإنسانية واحدة على الرغم من اختلاف الشعوب والأجناس، فإن التجربة الصوفية يمكن أن تكون واحدة في جوهرها، كما يمكن أن يمثل التصوف خطا مشتركا بين الديانات والفلسفات المختلفة .. وعلى أي حال مهما كان من أمر مصدر التصوف الإسلامي وأصله فإن الذي يعنينا بحثه الآن هو ما يقول به الصوفية من أن التصوف الإسلامي يستند إلى الكتاب والسنة ويتقيد بهما .. فإلى أي حد ترون فضيلتكم صدق هذه النظرة؟
ويجيب د. جميل غازي قائلا: مرة أخرى أعود فأذكركم بما يحاوله الشيوعيون الآن للزعم بأن الشيوعية تتمشى مع مبادئ الإسلام .. فهل هي حقا كذلك؟ الجواب معروف فهي ضد الإسلام شكلا وموضوعا .. إذن لماذا يلجأ الشيوعيون إلى هذه المحاولة؟ إنهم ببساطة يهدفون إلى تضليل المسلمين وخداعهم، وتغطية عقائدهم الفاسدة التي ينفر منها المسلمون .. كذلك هو الحال بالنسبة للصوفية فهم أول من يعلم أن مذهبهم يتناقض مع الإسلام ولكنهم يحاولون التمسح بالكتاب والسنة من باب التضليل والخداع أيضا .. ولو أن التصوف كما يزعمون يستند إلى الكتاب والسنة لكان هو الإسلام، ولما كان هناك ما يدعو إلى ذلك الجدل والانقسام الذي استمر أكثر من عشرة قرون.
قلنا .. إن القضية في رأينا تستحق مناقشة أكثر موضوعية وتحتاج إجابة أكثر تحديدا .. كيف ترون أن التصوف لا يستند إلى كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

(/ 7)

ويجيب فضيلته بقوله: لأن علم الصوفية يعتمد أصلا على الادعاء بالكشف بدلا من الدليل الشرعي الذي يستند إلى الكتاب والسنة .. وعن طريق هذا الادعاء بالكشف فإنهم يشككون في مصادر الشرع بل وينكرون بعض أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم الثابتة في دواوين السنة، ويؤولون البعض الآخر وفقا لأهوائهم، وحجتهم في ذلك غاية في الافتراء على الله ورسوله .. إنهم يدعون أنهم يرون رسول الله صلى الله عليه وسلم جهارا، ويتلقون منه ما يعينهم على تأويل الأحاديث أو التمييز بين الصحيح منها والضعيف واسمعوا ماذا يقول ابن عربي شيخ الصوفية الأكبر في كتاب الفتوحات المكية .. "ورب حديث يكون صحيحا عن طريق رواته حصل لهذا الكاشف الذي عاين هذا المظهر فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الحديث فأنكره وقال له: لم أقله ولا حكمت به فيعلم ضعفه فيترك العمل به على بينة من ربه، وإن كان قد عمل به أهل النقل لصحة طريقه وهو في نفس الأمر ليس كذلك ".. بل إن ابن عربي هذا يذهب في افترائه على الله ورسوله إلى أبعد من ذلك فينسب كلامه إلى أنه وحي من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول في أول كتابه (فصوص الحكم): "أما بعد فإني رأيت رسول الله في مبشرة (رؤيا صادقة) وبيده كتاب فقال لي: هذا كتاب فصوص الحكم خذه واخرج به إلى ناس ينتفعون به، فقلت: السمع والطاعة لله ولرسوله وأولي الأمر منا كما أمرنا، فحققت ​​الأمنية، وأخلصت النية إلى إبراز هذا الكتاب كما حدده لي رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير زيادة ولا نقصان .. فمن الله فاسمعوا وإلى الله فارجعوا ... ".
ثم يعقب د. جميل غازي على ذلك بقوله: هذا باب فتحه الصوفية للتشكيك في العلوم الإسلامية جميعها ولإتاحة الفرصة لكي يضع الصوفية ما يشاءون وينسبونه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بحجة الكشف!

(/ 8)

ويستطرد قائلا: إن هذا الادعاء بالكشف دفع هؤلاء الصوفية إلى أن يقسموا الدين إلى شريعة وحقيقة، وإلى ظاهر وباطن، فأما أهل الظاهر عندهم فهم أهل الشريعة ومن بينهم علماء المذاهب الأربعة وفقهاء الشرع وعلماء الحديث وهؤلاء يعتبرهم الصوفية طبقة العوام من الناس. لماذا؟ لأنهم يؤمنون بالنصوص الشرعية دون اللجوء إلى التأويل. أما أهل الباطن أو أهل الحقيقة والطريقة فيعتبرهم الصوفية الخاصة من الناس الذين يعتمدون على تأويل النصوص الشرعية عن طريق ما يسمونه بالكشف والخواطر والأحلام .. وعن طريق هذا الكشف يزعمون أنهم يستطيعون تأويل الأحاديث والتمييز بين الصحيح منها والضعيف دون ما حاجة إلى الرجوع إلى دواوين السنة ورواتها .
قلنا .. ربما كان هذا الاتهام الموجه للصوفية بالفصل بين الحقيقة والشريعة يجافي الحقيقة، فإن بعض أقطاب الصوفية لا يفرقون بينهما بل ويؤكدون أنه لا تصوف إلا مع العلم بالعقائد والأحكام.
الزندقة شهادة التصوف:
ويجيب د. جميل غازي مقاطعا: هذا كلام يقولونه بأفواههم فقط هروبا من اتهام صادق موجه ضدهم بالتناقض مع الإسلام .. ولكن يتضح لنا فساد زعمهم تعالوا بنا نستعرض ماذا يقول مشايخ الصوفية الكبار .. هذا هو الجنيد رئيس الطائفة الصوفية يقول: "لا يبلغ الرجل عندنا مبلغ الرجال حتى يشهد فيه ألف صديق من علماء الرسوم (الشريعة) بأنه زنديق، لأن أحوالهم وراء النقل والعقل "ويقول أيضا:" أحب للمبتدئ ألا يشغل قبله بهذه الثلاث وإلا تغير حاله: التكسب وطلب الحديث (حديث رسول الله) والتزوج وأحب للصوفي ألا يقرأ ولا يكتب لأنه أجمع لهمه "وهذا هو أبو يزيد البسطامي من أئمة التصوف يسخر من علماء الشريعة ويتعالى عليهم فيقول:" أخذتم علمكم ميتا عن ميت وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت "وهو يقصد بهذا أن علماء الشريعة يأخذون علمهم عن الرسل بينما الصوفية باعتبارهم أهل الحقيقة يتجاوزون هذا المستوى ويتلقون عن الله مباشرة.

(/ 9)

ويضيف فضيلته قائلا: إن الصوفية يؤمنون بأن كل آية وكل كلمة بل وكل حرف في القرآن الكريم يخفي وراءه معنى باطنا لا يكشفه الله إلا للخاصة من عباده، وهم أهل الحقيقة الذين تشرق هذه المعاني في قلوبهم في أوقات وجدهم .. وذهبوا بعد ذلك إلى تأويل آيات القرآن الكريم عن طريق ما يدعونه بالكشف، فجاءوا بالخرافات والكفر والضلال الذي حشوا به كتبهم واعتمدوا في ذلك على حديث افتعلوه لخدمة غرضهم يرويه ابن عربي في الفتوحات المكية فيقول: "قال الرسول صلى الله عليه وسلم ما من آية في القرآن إلا ولها ظاهر وباطن وحد ومطلع ولكل مرتبة من هذه المراتب رجال ولكل طائفة قطب وعلى ذلك القطب يدور فلك ذلك الكشف "وعلى الرغم من أن هذا الحديث المزعوم لا وجود له في دواوين السنة فإن ابن عربي يقول عنه:" وقد أجمع أصحابنا أهل الكشف على صحته "
ويستطرد د. جميل غازي قائلا: ربما لا يتسع المجال هنا لعرض نماذج من تأويلاتهم الغريبة لآيات القرآن الكريم والتي سمحوا لأنفسهم بها تحت ادعاء الكشف والأحلام ذلك الأمر الذي لم يدعه أحد حتى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا هو أبو بكر الصديق وهو سيد أولياء الله من هذه الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حينما سئل عن معنى آية في القرآن الكريم: (أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا قلت في القرآن برأيي).

(/ 10)

ثم يعقب بقوله: .. هذا هو حال الصوفية أو أهل الحقيقة والباطن باسم الكشف وعلم الباطن يعطن لأنفسهم الحق في الحكم على أحاديث الرسول وتأويلها وتمييز الصحيح منها والضعيف .. وباسم الكشف يعطون لأنفسهم الحق في تأويل آيات الله وفقا لأهوائهم .. وباسم الكشف يريدون من أناس أن يقبلوا كلامهم دون بحث أو مناقشة، وكيف ذلك وهم أهل الحقيقة والباطن الذين يقول أحدهم: "رأيت رسول الله وحدثني" أو يقول الآخر: "حدثني قلبي عن ربي" ثم بعد ذلك يفرضون على الناس إرهابا فكريا ويقولون: "أحسن الظن ولا تنتقد ، بل أعتقد "أو يقولون:" من اعترض انطرد "
قلنا .. مازال الاتهام الموجه للتصوف بالخروج على الكتاب والسنة في حاجة إلى مراجعة .. فإن الصوفية يؤكدون التزامهم الكامل بما جاء بكتاب الله وسنة رسوله ويستدلون على ذلك بأن جميع مقاماتهم كالتوبة والصبر والخوف وغيرها تستند جميعها إلى شواهد من القرآن الكريم وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله.
ويجيب د. جميل غازي قائلا: إن هذا الادعاء من جانب الصوفية يمثل مغالطة تثير الدهشة والعجب .. فإن هذه المعاني والقيم التي يسمونها مقامات الصوفية ما هي إلا أخلاقيات الإسلام التي ينبغي أن تتوافر في المسلمين كافة .. فكيف يجعلها الصوفية وقفا عليهم وحدهم .. ومن جهة؟ أخرى إذا صح ادعاؤهم بأنهم يحرصون فعلا على ممارسة هذه الأخلاقيات فلماذا يستبعدون اسمها الطبيعي وهو الإسلام ثم يفتعلون لها اسما مبتدعا وهو الصوفية.
قلنا .. ننتقل الآن إلى الطرق الصوفية .. يقولون إنها مداس تستهدف التربية الإسلامية وتقويم السلوك.
ويجيب فضيلته قائلا: بل هي مدارس لتخريج عناصر بلهاء تائهة غارقة في الأوهام والخرافات بعد أن ضلت طريقها إلى الله، واستغنت عنه بعبادة الأدعياء وأصحاب القبور ..

(/ 11)

ثم يضيف متسائلا: كيف يمكن للطرق الصوفية أن تكون مجالا للتربية الإسلامية وهي دعوة إلى الفقر والجهل والاستسلام بينما الإسلام دعوة للعلم والعمل والجهاد؟ ثم ما هي وسيلتهم للتربية الإسلامية؟ وما هي الشعائر التييمارسونها؟ حاول أن تقترب من حلقات ذكرهم .. هل تجهم يتدارسون القرآن أو أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم؟ لن تجد أثرا لذلك .. ولن تجد من بينهم من يحفظ القرآن أو يهتم بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم .. فلقد انصرفوا تماما عن كتاب الله واكتفوا بترديد الأذكار والأوراد الغامضة التي يرتلونها دون وعي وبأصوات صاخبة تتم معظم الأحيان على دقات الطبول والدفوف .. فهل هذا أسلوب في العبادة يقره الإسلام أو يوصي به الرسول صلى الله عليه وسلم؟ بل أنهم فوق ذلك قد أغفلوا عقيدة التوحيد واستغنوا عن الاستعانة بالله إلى طلب المدد والعون من الأولياء وأصحاب القبور، وانشغلوا بإقامة الموالد التي أصبحت مجالا لكل مظاهر الفسق والفجور ومرتعا للنصابين والأدعياء والدجالين وكل من يبتغي المكسب الحرام.
ويستطرد فضيلته قائلا: وكيف يمكن للصوفية أن تكون منهجا لتقويم السلوك وهي التي أضعفت معنويات أتباعها، وخربت نفسياتهم وأصبح الإنسان المسلم الذي يدعوه دينه إلى أن يفكر ويتأمل أصبح على يد الصوفية عنصرا سلبيا لا إرادة له ولا حياة يسلم زمام نفسه كاملا لشيخه بحيث يقول عنه الشاذلي: "على المريد أن يعتصم بالشيخ ويتمسك به تمسك الأعمى على شاطئ البحر بقائده بحيث يفوض أمره إليه بالكلية فلا ينازعه في الأمر ولا يخالفه ".
الشيخ القائد إلى الضلال:
بمناسبة الكلام عن الشيخ .. ما هي الحقيقة فيما يقول به الصوفية من أن البركة لا تأتي إلا بواسطة شيخ ينقل البركات إلى المريدين وأن من لا شيخ له فشيخه الشيطان؟

(/ 12)

يقول الصوفية أن الشيخ واسطة بين الله والمريدين، وأنه أمين الإلهام كما أن جبريل عليه السلام كان أمينا للوحي، ويقول السهروردي كما جاء في كتاب (عوارف المعارف): "كلام الشيخ بالحق من الحق، فالشيخ للمريدين أمين الإلهام كما أن جبريل أمين الوحي فكما لا يخون جبريل في الوحي لا يخون الشيخ في الإلهام، وكما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى فالشيخ لا يتكلم عن الهوى ".
ثم يعقب سيادته على ذلك بقوله: إن مشايخ الصوفية يرددون هذا الإفك ليقنعوا الناس بالالتجاء إليهم والتسليم لهم تسليما كاملا .. ويضيف أنه من خلال ذلك الافتراء والزور وفي غياب التوجيه الديني والتربية الإسلامية السليمة نجح مشايخ الصوفية في تحقيق سيطرتهم على الأتباع والمريدين الذين التزموا بمجموعة من القواعد يعرفها كل من شاء له سوء حظه أن يقع في براثن هذه الطرق .. منها على سبيل المثال: أن يكون المريد مستسلما منقادا راضيا بتصرفات الشيخ يخدمه بالمال والدين .. ومنها: ألا يعترض عليه فيما يفعله ولو كان ظاهره حراما ولا يسأله لما فعلت ذلك لأن من قال لشيخه لم؟ لا يفلح أبدا .. ومنها: أن يسلب اختيار نفسه باختيار شيخه في جميع الأمور كلية كانت أو جزئية عبادة كانت أم عادة .. وعن هذا المعنى يعبر أحد شعراء الصوفية فيقول:
كن عنده كالميت عند مغسل *** يقلبه ما شاء وهو مطاوع
سلم له فيما تراه ولم يكن *** على غير مشروع فثم مخادع
بل إن ذا النون المصري أحد مشايخ الصوفية يذهب إلي أبعد من ذلك فيقول: "طاعة المريد لشيخه فوق طاعته لربه".

(/ 13)

وتمضي فترة من الصمت يقطعها الدكتور جميل غازي قائلا: لعل فيما أوضحناه ما يكفي للتدليل على أن الصوفية جناية على الدين والدنيا، وربما يتأكد من ذلك بشكل أكثر وضوحا لو تعرفنا على أفكارهم في "الحقيقة المحمدية" والديوان الباطني، والعلم اللدني، وصناديق النذور. وحول هذه المعتقدات لسيادته وقفة طويلة وآراء جريئة نلتقي بها في الجولة القادمة.

(/ 14)

مخالفات في كتاب الفيوضات الربانية فى المآثر والأوراد القادرية 
هذا الكتاب من جمع وتأليف الشيخ الصوفي: محي الدين عبدالقادر الجيلاني
وكنت قد قرأت في موقع المرصد السلفي بعض المخالفات ألتي وردت في هذا الكتاب وبحثت عنه إلا أنني لم أجد غير عرض له بأحد المكتبات الالكترونية وهذة صورة الغلاف ولم أجد صور لصفحاته الداخلية ومن هذه المخالفات الخطيرة أورد لكم منها:
1- يصرح بانه هو الواحد والصمد وهما من اسماء الله تعالى
جاء فى كتاب الفيوضات الربانية فى المآثر والأوراد القادرية ص 47 "قال الشيخ فى الشطح والتوقير (أنا الذاكر المذكور ذكرا لذاكر، أنا الشاكر المشكور شكرا بنعمه، أنا السامع المسموع فى كل نعمه، أنا الواحد الفرد الكبير بذاته، أنا الواصف الموصوف شيخ الطريقة) "
2- الشيخ الجيلانى يزعم أنه كان مع النبى صلى الله عليه وسلم فى ليلة الإسراء وكان مع نوح زمان الطوفان وكان مع ابراهيم عليه السلام حين ألقى فى النار
، جاء فى كتاب الفيوضات الربانية فى المآثر والأوراد القادرية ص 47 (قال الشيخ "أنا كنت فى العليا بنور محمد وفى قاب قوسين عند اجتماع الاحبة، أنا كنت مع نوح أشاهد فى الورى بحارا وطوفانا على كف قدرى وكنت مع. ابراهيم ملقى بناره وما برد النيران إلا بدعوتى ")
3- يزعم الجيلانى آن ضريحه بيت الله لمن جاء زائرا
جاء فى كتاب الفيوضات الربانية فى المآثر والأوراد القادرية ص 33 فى الوسيلة "ضريحى بيت الله من جاء زاره، يهرول له يحظى بعز ورفعة" والرد على ذلك الكفر أنه يدعو لعبادته حيا وميتا وذلك لأن الطواف عبادة وتصرف لله ولا تكون إلا ببيت الله الحرام قال تعالى (وليطوفوا بالبيت العتيق).
وأترك ​​لكم التعقيب عليها وشرحها حتى تعم الفائدة وفقنا الله وإياكم إلى ما يحب ويرضى هذا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

(/ 1)

مشايخ [الطريقة القادرية] (يكذبون) مشايخ [الطريقة الرفاعية] و (يقدحون) في نسب شيخهم الرفاعي !!
عجيب أمر هؤلاء الصوفية .. معارك .. ومشاحنات .. وصراعات .. طرق وفرق فرقت الأمة !! وشيعتها أحزابا !! كل حزب بما لديهم فرحون!
الأمة تشكو من هؤلاء .. كذبة يردون على كذبة !! وكلهم يدعي كل شيء .. كرامات .. ادعى النسب الفاطمي .. !! والله عجيبين هؤلاء .. !!
نحن اليوم مع الطريقة الرفاعية وادعائه النسب الفاطمي !! بل أكبر من هذا فسيدهم أحمد الرفاعي هو الإمام الثالث عشر - إمامية على غفلة !! - لا نستبق الأحداث !!
الرفاعية يدعون نسبته إلى بني فاطمة كعادة الصوفية الآخرين بأن كل جماعة وحزب منهم يريد نسبة شيخهم إلى الإشراف والسادات، فقالوا كما قاله الآخرون: "أنه سيد حسيني" أنظر قلادة الجواهر في ذكر الغوث الرفاعي وأتباعه الأكابر لمحمد أبي الهدى الرفاعي الخالدي الصيادي ص 12 وما بعد ط دار الكتب العلمية بيروت 1980 م
وعد مقدم كتابه (المجالس الرفاعية) السيد خاشع الراوي الرفاعي أنه: "الإمام الثالث عشر من أئمة آل البيت سلام الله عليه وعليهم أجمعين أنظر مقدمة المجالس الرفاعية ص 6 مطبعة الإرشاد بغداد.
ولكن المحققين أنكروا عليهم نسبته هذه، ونسبه ذاك.

(/ 2)

بل لمشايخ الطريقة القادرية من الصوفية رسائل وكتب، كتبت لبيان أن نسبه إلى الأشراف ليس بصحيح، ولقد عقد ظهير الدين القادري الحسني الحسيني فصلا مستقلا وبابا خاصا في كتابه (الفتح المبين في ما يتعلق بترياق المحبين) لبيان هذا. كتاب الفتح المبين لظهير الدين القادري ص 102 وما بعد ط الطبعة الخيرية القاهرة 1306 ه.
وقد ذكر ظهير الدين القادري نقلا عن العلامة شمس الدين ناصر الدمشقي أنه قال: "إن الرفاعي لم يبلغنا أنه أعقب كما جزم غير واحد من الأئمة المرضية، ولم أعلم له نسبا صحيحا إلى علي بن أبي طالب ولا إلى أحد ذريته الأطياب، وإنما الذي وصل إلينا وساقه الحافظ وصح لدينا أن أبو العباس أحمد بن الشيخ أبي الحسن علي بن يحيى بن حازم بن علي بن رفاعة المغربي الأصل البطائحي الرفاعي نسبة إلى جده الأعلى رفاعة، قدم والده أبو الحسن رحمة الله عليه من بلاد المغرب، فسكن بطائح "الفتح المبين لظهير الدين القادري ص 105 ط.
فلم يكن عند الرفاعيين شيء لحل هذه المعضلة، ورفع هذه المشكلة إلى أن يلتجؤا إلى ما التجأ إليه الآخرون من بني جلدتهم وأهل مشربهم، فقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي أخبره بصحة نسبه إليه كما يذكر ذلك صاحب القلادة "كيف لا، وقد شهد له نبينا سيد العرب والعجم بصحة الوصلة والنسب، وذلك عام حجه رضي الله عنه حين وقف تجاه الحجرة العطرة النبوية قال: السلام عليك يا جدي ، فقال له عليه أفضل صلوات الله: وعليك السلام يا ولدي "أنظر قلادة الجواهر ص 20.
وإنني لأرى بأن هذا دليل آخر على عدم ثبوت النسب وإلا لما احتيج لإثباته إلى مثل هذه الحكايات الباردة والروايات المختلفة المخترعة التي هي في احتياج إلى ثبوتها وإثباتها وإقامة البرهان على تحققها ووقوعها، فالمتشابهات والمظنونات لا يحصل بها اليقين والله أعلم.

(/ 3)

وأما عندنا فإن النسب لا يرفع الوضيع ولا يضع الرفيع، فقد قال جل وعلا: {يا أيها الناس إن خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم}.
وقال عز من قائل: {يا أيها الناس اتقوا الله ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة}.
وقال عليه الصلاة والسلام: ((الناس بنو آدم وآدم من تراب)) رواه أبو داود والترمذي وغيرهما.
وقال في خطبته- أيام التشريق-: ((يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا أعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى، أبلغت قالوا: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم .. الحديث)) رواه أحمد
ومن المعلوم آن ولد نوح ووالد إبراهيم وزوجي نوح ولوط وعم رسول الله الكريم لم ينفعهم حسبهم ونسبهم من عذاب الله وبطشه، وقد نفع بلال الحبشي وسلمان الفارسي وصهيب الرومي إيمانهم وعملهم، ما لم ينفع أبا لهب وزوجته وهو عم رسول الله أخو والده، وهو الذي قال عليه الصلاة والسلام مخاطبا عمته صفية وابنته الزهراء زوج علي بن أبي طالب وأم الحسنين:
((يا صفية، عمة رسول الله، لا أغني عنك من الله شيئا وفي رواية: يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت، لا أغنى من الله شيئا)) رواه البخاري ومسلم.
أخيرا:
فهذا موقف مشايخ القادرية وقدحهم في نسب شيخ الطريقة الرفاعية، وتكذيبهم لهم، فما موقف الرفاعيين ؟!
أعده
المنهج - شبكة الدفاع عن السنة
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلي العقيدة
الملل النحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية

(/ 4)

مفاجأة: صوفية المغرب يتهمون صوفية المشرق بالتشيع
قد تكون مفاجأة للبعض، ولكن بالنسبة للمتابع لأخبار الصوفية يعلم بأن هذا التناحر وتبادل الاتهامات -والتي جزء كبير منها حقيقة- هو واقع مشهود ..
فلقد قرأت في مواقع تابعه لبعض المراكز التابعة لبعض الطرق الرفاعية والنقشبندية الأشعرية الماتريدية تكفيرا لبعض الطرق الصوفية الأخرى .. نعم تكفيرا صريحا .. فقد كفروا طرق كاملة كالشاذلية والتيجانية !!
وقد وقفنا من موقف وكتب بعض الأشاعرة الماتريدية الصوفية نقشبندية أو رفاعية من الدكتور يوسف القرضاوي -وفقنا الله وإياه للهدى- من تبديعه، ووصمه بداعية الإلحاد، وتسجيلات أهل الضلال، وداعية على من دعاة جهنم، بل تكفير صريح ..
وقد رأيت هجوما على داعية آخر اسمه عمرو خالد ووصموه بعدو الله؟ !!
وهجوما على شيخ طريقة صوفي وجماعته؟ !!
وقد رأيت الاتجاه المعاكس صوفية المشرق يتهمون صوفية المغرب بالتأثر برهبانية النصارى .. !!
قلت:
كلاكما على شر !!
. لأنكم ما اتبعت نبينا عليه الصلاة والسلام بالتمسك بالكتاب والسنة على فهم سلف الأمة
هذة المفاجأة للبعض هي ما سطره أحد صوفية المغرب -والرجل ليس عامي بل قد تجاوز درجة الماجستير- يدعي بأبي لبابة حسين -وفقنا الله وإياه لأتباع النبي عليه الصلاة والسلام- في كتابه [ موقف متصوفة المغرب وزهادها من الاحتلال العبيدي] وطبع الكتاب عام 1399 ه -1979 م يقول المؤلف الصوفي المغربي:

(/ 2)

"وذكرت كيف أن التصوف المغربي قاوم التشيع رغم أن الزهد في المشرق إنما تطور إلى تصوف على أيدي الزهاد الفرس الذين يمثلون عصب التشيع ودمه الفوار" ص 6-7
وقال المؤلف الصوفي في موضع آخر:
؟ "لكن هل يتعارض التصو ف مع التشيع
إن الذى دعانا إلي هذا التساؤل هو مقاومة صوفية المغرب للمذهب الشيعي، وكأن التصوف يتنافى مع التشيع في حين نجد في بلاد المشرق إنما تطور الزهد إلى تصوف في خرسان والبصرة اللتين امتلأتا بالزهاد الفرس ووهم لحمة التشيع وسداه.
وإذا ما عرفنا أن للشيعة طرقا صوفية عديدة كالبكتاشية * وأن وشائج قربى متينة تصل بين الشيعة وصوفية المشرق الإسلامي كرس لها كامل مصطفى الشيبي كتابا كاملا لنفض الغبار عنها وإجلائها، إذا عرفنا ذلك فلا نعجب ولا نعتبر مقاومة صوفية المغرب العربي للشيعة من باب الشذوذ إذ أن طبيعة هذا التصوف تتنافى تماما مع المذهب الشيعي "ص 11- 12
* علق المؤلف: تقابلها النقشبندية السنية
قلت:
؟ سأترك التعليق لصوفية المشرق .. فما هي صلتكم بالتشيع !!
ربما أن الشيعة مدسوسين .. كعادة الصوفية .. إذا ما أعجبهم شيء قالوا مدسوس؟ !!
والسؤال ماذا تقولون بقوله تعالى: {فلا تدعو مع الله أحدا} والتي احتج بها الشيخ عبدالقادر الجيلاني رحمه الله على من يستغيث بغير الله؟ !! تولون مدسوسة؟ !! أما هوى متبع ؟!
نريد جواب على ما تفضل به هذا الصوفي المغربي عنكم .. وما ردكم؟ !!
أما صوفية المغرب فلعله في مقال قادم نبين حال صوفية المغرب ..
قلت:
وشهد شاهد من أهلها .. وقد كتب إلي أحد الصوفية المغاربة يقول: أنتم لا تفرقون بين صوفية المشرق والمغرب، نحن لسنا كصوفية المشرق نؤمن بوحدة الوجود والحلول ..! !

(/ 3)

قلت: وكذلك صوفية المشرق قد ينكر بعضهم هذا .. ولكن إن سألته أين الله فهل سيجيبك بما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم لما سأل الجارية أين الله قالت: في السماء قال: اعتقها فإنها مؤمنة .. وكما جاء في الكتاب والسنة من إثبات للعلو .. ادع الإجابة لصوفية المغرب .. وننتظر رد صوفية المشرق .. وإن كنت أتهمهم بالجبن والهروب حين تتضح فضائحهم فما يكون لهم من سبيل ليقولوا: مدسوس أو محرف تقية الصوفية تبان فلا تسمع له حسا ..
وإلى لقاء قريب .. مع موقف صوفية المشرق من صوفية المغرب ..
كتبه
المنهج - شبكة الدفاع عن السنة
علق عليه شيخنا البرقعي
بارك الله فيك أخي المنهج .. !!
لقد قلت عن المؤلف: والرجل ليس عامي بل قد تجاوز درجة الماجستير- يدعى بأبي لبابة حسين - وفقنا الله وإياه لأتباع النبي عليه الصلاة والسلام- في كتابه [موقف متصوفة المغرب وزهادها من الاحتلال العبيدي] وطبع الكتاب عام 1399 ه -1979 م يقول المؤلف الصوفي المغربي:
"وذكرت كيف أن التصوف المغربي قاوم التشيع رغم أن الزهد في المشرق إنما تطور إلى تصوف على أيدي الزهاد الفرس الذين يمثلون عصب التشيع ودمه الفوار "ص 6-7
وهذا يثبت ما نقوله نحن وغيرنا بأن التشيع والتصوف لم يخرجا إلا من تحت عباءة عقيدة المجوس .. !!
وقال المؤلف الصوفي في موضع آخر:
"؟ لكن هل يتعارض التصو ف مع التشيع
إن الذى دعانا إلي هذا التساؤل هو مقاومة صوفية المغرب للمذهب الشيعي، وكأن التصوف يتنافى مع التشيع في حين نجد في بلاد المشرق إنما تطور الزهد إلى تصوف في خرسان والبصرة اللتين امتلأتا بالزهاد الفرس وهم لحمة التشيع وسداه.
مرة أخرى يؤكد المؤلف الصوفي بأن الفرقتين أنشأها الفرس .. !!

(/ 4)

وإذا ما عرفنا أن للشيعة طرقا صوفية عديدة كالبكتاشية * وأن وشائج قربى متينة تصل بين الشيعة وصوفية المشرق الإسلامي كرس لها كامل مصطفى الشيبي كتابا كاملا لنفض الغبار عنها وإجلائها، إذا عرفنا ذلك فلا نعجب ولا نعتبر مقاومة صوفية المغرب العربي للشيعة من باب الشذوذ إذ أن طبيعة هذا التصوف تتنافى تماما مع المذهب الشيعي "ص 11-12
* علق المؤلف: تقابلها النقشبندية السنية
ولا أدري آي تسنن يقصده المؤلف .. ؟؟
أهو قول شاه نقشبند أنه مكث سنوات يطلب الإمداد من الكلاب، أم قوله بأن فضلات الكلاب أفضل منه.؟ ؟
ويؤيد كلام المؤلف المغربي الصوفي عن علاقة التشيع والتصوف بالفرس المجوس دكتور إيراني وهو قاسم غني في كتابه "تاريخ التصوف في الإسلام"
حيث صرح في كتابه قائلا: وتذهب جماعة إلى أن التصوف ليس إلا رد فعل أوجده الفتح العربي الإسلامي في نفوس العنصر الآري الإيراني، وخلاصة قولهم أن الإيرانيين بعدما غلبوا على أمرهم بسيوف العرب في مواقع القادسية وجلولاء وحلوان ونهاوند، أدركوا أنهم فقدوا استقلالهم وأضاعوا مجدهم.
ثم أنهم اعتنقوا الديانة الإسلامية، ولكن العرب الذين كان الإيرانيون ينظرون إليهم منذ القدم بنظرة غير راضية ** لم يستطيعوا أن يغيروا رغم انتصارهم مجرى التفكير الإيراني **، وأن يجعلوهم مشاركين لهم في أسلوب تفكيرهم واتجاهاتهم وميولهم وسليقتهم ومنطقهم، وكلك في أمالهم وأمانيهم وغاياتهم الروحية المثالية، لأن التباين الشكلي والمعنوي أي الفروق العنصرية والاختلافات في أسلوب المعيشة والأوضاع الاجتماعية بين هاتين الأمتين كان شديدا للغاية.

(/ 5)

وبناء على ذلك بعدما انتهت المعارك الحربية باندحار الإيرانيين بدأت الانفعالات والتأثيرات المعنوية والروحية تظهر عند الإيرانيين بإسلوب المساجلات الفكرية التي كان لها أثر بالغ في التاريخ الأدبي والمذهبي والاجتماعي والسياسي للعرب والإسلام.
ومن أهم تلك الانعكاسات التي ترتبت على تلك الانفعالات الفكرية التشيع أولا والتصوف ثانيا.
وينبغي أن نضيف إلى هذه الملاحظة أن الغرض من ذكر الانفعالات في هذا الباب ليس القول بأن الإيرانيين أقدموا على هذا العمل اختيارا أو تعمدا وقد تأتت في أكثر الظروف بحكم الانفعالات النفسية وبتأثير العواطف والأحاسيس الخفية بصورة ثابتة كما يرى علماء النفس، أي من غير أن يعرف الناس أنفسهم غلابا السبب الحقيقي أو يستطيعوا تحليل أفكارهم وأحاسيسهم، انساقت أفكارهم إلى مثل هذه الانفعالات العكسية.
(تاريخ التصوف في الإسلام للدكتور قاسم غني الإيراني - ترجمة عربية لصادق نشأت ص 14 - ط: مكتبة النهضة المصرية 1970 م)
** من المعروف أن الإيرانيين يعودون في أصلهم للجنس الآري - مثلهم مثل الألمان ولذلك كان هتلر ينظر لهم نظرة خاصة - والجنس الآري يرون أنفسهم بأنهم هم خلاصة الجنس البشري الكامل، وعداهم من البشر متخلفون
ونحن نعرف نظرة الفرس للعرب وأكاسرتهم الجهلة البدائيون، ولهذا صعب على الفرس انتصار العرب الهمج عليهم وتحطيم إمبراطوريتهم على أيدي الصحابة .. !!
ويؤيد كلامي هذا قول الفارسي الشيعي الإحقاقي حيث يقول:

(/ 6)

"إن الصدمات التي واجهها كل من شعبي إيران و الروم الكبيرين نتيجة لحملات المسلمين و المعاملة التي تلقوها من الأعراب، البدائيين الذين لا علم لهم بروح الإسلام العظيمة، أورثت في نفوسهم نزعة صدود عن العرب، و شريعة العرب، فطبيعة سكان البادية الأوباش الخشنة، و ذلك الخراب و الدمار اللذين ألحقوهما بالمدن الجميلة، و الأراضي العامرة، في الشرق و الغرب، وغارات عباد الشهوات العطاشى إلى عفة و ناموس الدولتين الملكية والامبراطورية ... الخ "
(انظر رسالة الإيمان ص 323 - ميرزا ​​حسن الحائري الإحقاقي - مكتبة الصادق - الكويت ط 2/1412)
ونعود لما قاله الدكتور كامل مصطفى الشيبي الشيعي العراقي في كتابه "الصلة بين التصوف والتشيع" الذي استشهد به المغربي الصوفي أبو لبابة حسين، حيث يقول الشيبي:
وينبغي أن نذكر الدور الذي قام به الفرس من إدخالهم مثلهم الدينية في التشيع الغالي الأول حين نصروا المختار، وعاضدوا حركة الغلو العجلية، وانضموا إلى حركة أبي هاشم، وانضافوا إلى الحركة السرية العباسية التي ورثت حركة أبي هاشم، حتى أدى بهم الأمر إلى تأليه أبي مسلم الخرساني، كما فعلوا مع أئمة الشيعة من العلويين.
يضاف إلى ذلك أنهم نصروا حركة عبد الله بن معاوية في فارس أيضا وأسبغوا عليه النور الإلهي الذي سنجده في التصوف واضحا جليا.
وهذا كله يعني أن الفرس قد بدأوا إضافة القداسة إلى البيت النبوي باعتبارها موازيا لأسسهم السياسية والدينية السابقة من تأليههم الملوك، وقولهم بالنور الذي ينتقل من ملك إلى آخر، فثبتت الولاية لعلي بن أبي طالب على نحو مبالغ فيه، وانتقلت هذه الولاية المقدسة مع زيادات وحواش إلى الأئمة من بعده حتى بلغ الأمر حد التأليه "
(الصلة بين التصوف والتشيع للدكتور كامل مصطفى الشيبي ج 1 ص 372 - ط: دار الأندلس بيروت)

(/ 7)

ويقول محمد علي أمير معزي الباحث الشيعي الإيراني في فرنسا بفخر:
"! آن المفاهيم الاساسيه من الزرادشتية دخلت إلي التشيع حتى في بعض الجزئيات الصغيرة
وأصبح زواج سيدنا حسين ببنت آخر ملوك آل ساسان رمزا لإيران القديمة، بحيث أصبحت تلك الفتاة هي الأم الأولى لجميع أئمتهم و قد انعقد بها عقد الأخوة بين التشيع و إيران القديمة المجوسية ".
إن قول المستشرق براون عن حقيقة التصوف والتشيع لم يأتي من فراغ، حيث يقول:
"إن التشيع والتصوف كانا من الأسلحة التي حارب بها الفرس العرب"
براون: تاريخ الأدب الفارسي المجلد.P.410)
فهل لازال أحد يصدق بأن الشيعة والصوفية هدفهم هو رفعة الدين وإحقاق الحق .. !!
إن الحق كله فيما قاله الإحقاقي وأمير معزي .. !!
فهل من معتبر .. ؟؟
.........
وعلق شيخنا حنبل
قال تعالي ((إن الذين فرقو دينهم و كانو شيعا لست منهم فى شئ إنما امرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانو يفعلون))
جزاك ربي الجنة اخى المنهج.
التناحر الصوفي الصوفي اصل من اصول مذهبهم كما انه اصل من اصول اهل البدع عامه.
هنالك نقطة صغيرة فقط احبت ان اشارك بالتعليق حولها.
و هى محاولة الكاتب تبرئة تصوف اهل المغرب من الزندقة و الابتداع فى الدين.
و يكفي فى رد هذا الادعاء ان اكبر جماعة صوفية و هى الطريقة البرهانية تعتبر من صوفية المغرب و التى حتى الازهر افتى بكفرها و خروجها عن الملة و ايضا الطريقة التجانية و التى افتت اللجنة الدائمة بعدم صحة الصلاة خلف معتنقها لانهم دعاة لعقيدة وحدة الوجود تعتبر ايضا من صوفية المغرب.
كما ان هنالك شئ تميزت به صوفية المغرب اكثر من صوفية المشرق و هو اهتمامهم بنوع من السحر يسمى اسرار الحروف يعتبرونه من الحكمة و من العلوم اللدنية و الاسرار الالهية و ما هو إلا نوع من انواع السحر الكفري البغيض.

(/ 8)

وفى الختام نذكر ببعض زنادقة التصوف القادم من المغرب و الذى ذكر ترجمتهم الطوسي فى كتابه اللمع و الشعراني فى الطبقات حتى نبين مشاركة متصوفة المغرب متصوفة المشرق فى الزندقة و الكفة:
- أبو عثمان المغربي أخرج من مكة و طاف به أحفاد علي بن ابى طالب على جمل فى أسواق مكة بعد ضربه على رأسه و منكبية.
- ابو بكر النابلس اخرج من المغرب مقيدا الى مصر و شهدوا عليه عند السلطان فأخذ و سلخ و هو حي.
- و أخرج أبا مدين المغربي من بجاية و مات و هو فى طريقة الى القتل.
- عبد السلام بن مشيش شيخ الشاذلي قتل فى فى بلاد المغرب بعد ان اتهم بالزندقة.
- و اخرج الشاذلي من بلاد المغرب مع جماعته ثم كاتبو نائب الاسكندرية بأنه سيقدم عليه زنديق.
- أبو العباس احمد بن علي البوني ساحر من كبار السحرة.
- عبد الله بن محمد العرشي المرجاني، افتي العلماء بتكفيرة و قتل فى تونس.
- لسان الدين بن الخطيب قتل على الزندقة بسبب كتابة فى التصوف "روضة التعريف"
و بهذا يتضح لنا ان عملية التجميل التى يحاول ان يقوم بها هذا الصوفي انقلبت عليه فهو قد اسقط تصوف المشرق و الاخوان جزاهم الله خيرا اسقطو تصوف المغرب فنصل الى حقيقة ان التصوف فى كل مكان و زمان هو التصوف الدائر بين البدعة و الزندقة و الكفر.
جزاك الله خيرا شيخنا البرقعي و جعل الله جهدك فى ميزان حسناتك.
.....
قلت -المنهج-:
أول من أسس دين التصوف
أقول: إن الثابت من الكتب التي كتبها كثير من المعاصرين عن الصوفية، ومن القدماء: أن أول من أسس التصوف هم: الشيعة، وأن هناك -بالذات- رجلين كانا لهما دور في ذلك:
الأول: يسمى عبدك، والثاني: يسمى أبو هاشم الصوفي المتوفى سنة (150 ه)، أو أبو هاشم الشيعي، فعبدك، وأبو هاشم هؤلاء هما اللذان أسسا دين التصوف 1.

(/ 9)

عندما نريد أن نتحدث عن عبدك، وعن أبي هاشم: ننتقل إلى مصدر مهم جدا من مصادر الفرق الإسلامية وهو كتاب التنبيه والرد لأبي الحسين الملطي الشافعي رحمه الله
...
أخيرا
اكتشاف [تناقض] وكذب !! تشيع عدد من صوفية المغرب وإنكار المالكية لهم !!!
الحمد لله الذي أوجدنا على السنة، وبغض أعداء الملة، من نصرانية ويهودية ورافضية، وصلاة وسلام على النبي الأمي الذي إتباعه فرض وسنة، وعلى آله وصحبه من نشروا آثاره واهتدوا بهداه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد يسر الله أن كتبنا من قبل [مفاجأة: صوفية المغرب يتهمون صوفية المشرق بالتشيع !!! ] بقلم أحد صوفية المغرب .. لكن كما قيل .. حبل الكذب قصير .. وتركنا لصوفية المشرق حرية الرد .. واليوم نقف لاكتشاف عجيب وغريب !! تناقض ما لنا عنده إلا السكوت !! الرجل يقول بأن صوفية المغرب سنة !! والآن يقول بأن هناك صوفية (تشيعوا) !! فكيف نجمع بين هذا الكلام وما سبق؟ !!
لما تشيعوا؟ !!
لأنكم -يا صوفية- لستم على السنة !! نعم أنتم ابتدعتم .. فمنكم من هو مشرك خارج عن هذا الدين .. ومنكم من هو قريب من السنة وصاحب بدعة .. ولا يوجد شيء اسمه صوفية في الإسلام .. ولعلكم تقرؤون عن الصلة بين التصوف والتشيع .. بعض طرق الصوفية شيعية خالصة !!
نعود للمؤلف الصوفي المغربي الدكتور أبو لبابة حسين في كتابه [موقف متصوفة أفريقية وزهادها من الاحتلال العبيدي] فقد قال بعد أن اتهم صوفية المشرق بالتشيع قال في ص 7:
"المتصوفة المغاربة (1) سنيون ..."
علق في الحاشية:
"(1 ) من الأحتاف متصوفة وزهاد؛ ولكن نظرا لعيشهم في أحضان السلطان الأغلبي -وهو ما يأخذه عليهم المالكية وينكرون عليهم فيعنفون بهم- مالوا إلى الشيعة نكاية في السنيين عند الاحتلال الشيعي "
قلت:
على هذا الكلام مسائل:

(/ 10)

أولا: وهذا هو الحق .. فالصوفية أجمع هي وليدة التشيع ..
بدأت حركة زهدية علما "أن الزهد في المشرق [والآن أضف المغرب] إنما تطور إلى تصوف على أيدي الزهاد الفرس الذين يمثلون عصب التشيع ودمه الفوار"
ثانيا: نعم صوفية المغرب مالوا إلى التشيع !! وإلا ما تفسير عبادتهم للقبور ؟! ومالك -رحمه الله تعالى- من أكبر المنكرين لهذا الباب للشرك!
ثالثا: أن علماء المالكية أنكروا على دراويش الصوفية وعنفوا على المبتدعة بهؤلاء الأحتاف .. !!
رابعا: وشهد شاهد من أهلها ..
خامسا: أن الصوفية جهال يستغلون على أي اتجاه للريح. . وعلى عتبات السلطان يتلونون!
أخيرا:
يا صوفية المغرب عودوا إلى الله، وتمسكوا بسنة نبينا عليه الصلاة والسلام وإياكم وقلة التفكير وتأجير العقول للغير .. فكروا وإلا صدق فيكم قول القبوري الأشعري الماتريدي المغربي عبدالله الغماري -هداه الله حين قال: "المغاربة عندهم نقص في التفكير "كما في سبيل التوفيق ص 101
فأقول: كلا؛ بل أنت ومن صاحبك من القبوريين والصوفية فيهم نقص في التفكير، لذا إذا فكر أحدهم نجا، وهذا هو الهدى ..
ونحن ننتظر موقف صوفية المغرب من هجوم علماء المالكية عليكم !! وعندي مواقف كثيرة جدا في التحذير من الصوفية ورجالاتها وبدعها .. وهؤلاء هم علماء السنة !! مالكية أو غير ذلك ..
وقريبا .. إن قال أحد الصوفية المغاربة بأن هؤلاء فرقة منا؛ ولكن نحن لا نوافقهم، ننقل لهم اتهام صوفية المشرق لهم بالرهبانية النصرانية !!
أعده جمعه
المنهج - شبكة الدفاع عن السنة
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلي العقيدة
الملل النحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية

(/ 11)

مقدمات في علم مقالات الفرق 
تأليف د / محمد بن خليفة التميمي
يسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة ووو:
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} [آل عمران 102].
{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تسآلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا} [النساء 1].
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما} [الأحزاب 70-71].
أما بعد:
. فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة
وبعد، فإن لكل علم من العلوم خصائصه ومقوماته وحدوده التي تميزه عن غيره من العلوم، ولذلك فلابد لكل علم من مقدمات توضح شيئا من جوانبه المتعلقة بتعريفه وبيان أهميته وذكر بعض أصوله وضوابطه وقواعده وحدوده، ومسالك تأليف أهل ذلك الفن ومؤلفاتهم فيه، وغير ذلك من المسائل التي يحسن بالدارس أن يحيط بها علما عند تناوله لذلك العلم بالدراسة والتحصيل.

(/ 1)

وعلم "مقالات الفرق" هو أحد العلوم التي لقيت عناية كبيرة قديما وحديثا تأليفا وتدريسا، ففي عصرنا الحاضر يعتبر تدريس هذا العلم في الكليات والأقسام الشرعية من الأمور الأساسية، فأحببت أن أدلي بدلوي فأعرف ببعض المقدمات الضرورية المتعلقة بهذا العلم ليستعين بها المطلع على جوانب هذا الفن ، لعلها تفيده وتيسر له الإلمام بأساسياته.وليس غرضي من هذه المقدمات إعطاء معلومات تتعلق بمحتوى المادة العلمية لهذا العلم فهذا الجانب قد تناولته دراسات عديدة، وإنما الذي أهدف له هنا هو تقديم دراسة تتعلق بالجوانب العامة لهذا العلم، وقد سرت في ذلك وفق الخطة التالية:
المبحث الأول: التعريف بالمقالة واستعمالها في كلام أهل العلم.وفيه مطلبان
المطلب الأول: تعريف المقاله في اللغة والاصطلاح
المطلب الثاني: استعمال العلماء لمصطلح المقاله
المبحث الثاني: أهمية علم المقالات. فيه مطلبان
المطلب الأول: أهمية علم المقالات في القرآن والسنة.
المطلب الثاني: أهمية علم المقالات عموما.
المبحث الثالث: مناهج التأليف في علم المقالات والمؤلفات فيه.وفيه ثلاثة مطالب.
المطلب الأول: مناهج التأليف في علم المقالات
المطلب الثاني: الكتب المؤلفة في هذا العلم
المطلب الثالث: أشهر الكتب المؤلفة في علم المقالات ومناهج مؤلفيها
الخاتمة: في اهميه التأليف في علم المقالات استقلالا
وبعد، فهذا جهد المقل أضعه بين يدي القارئ الكريم، وقد بذلت فيه قصارى جهدي، وغاية وسعي، فما كان فيه من صواب وحق فالحمد لله على توفيقه، وذلك من فضله ومنه، وما كان فيه من خطل، أو زلل، أو خلل، فأستغفر الله من كل ذنب وخطيئة.
وأستميح القارئ الكريم عذرا إذا ما وجد في عملي هذا تقصيرا، فهذا جهد البشر، فأرجو من كل من اطلع على خطأ أو قصور أن يبادرني النصيحة مشكورا مأجورا.

(/ 2)

والله أسأل أن ينفع بهذا العمل ويبارك فيه، وأن يجعله عملا صالحا ولوجهه خالصا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المبحث الأول: التعريف بالمقالة واستعمالها في كلام أهل العلم
المطلب الأول: تعريف المقالة في اللغة والاصطلاح:
أولا: التعريف اللغوي:
ا - أصل الكلمة وتصريفها:
المقالة: مصدر على وزن (مفعلة) بفتح الميم، وإسكان الفاء، وفتح العين، بعدها لام مفتوحة فتاء، مأخوذة من القول، يقال: قال، يقول، قولا، وقيلا، وقولة، ومقالا، ومقالة (1).
والمقالة بالتاء والمقال بدونها بمعنى واحد (2).
قال الفيروزآبادي: "القول: في الخير، والقال والقيل والقالة: في الشر، أو القول مصدر، والقيل والقال اسمان له، أو قال قولا وقيلا وقولة ومقالة ومقالا" (3).
ب - معناها:
قال صاحب اللسان: "القول: الكلام على الترتيب، وهو عند المحقق كل لفظ قال به اللسان تاما كان أو ناقصا" (4).
ثم قال: "... فأما تجوزهم في تسميتهم الاعتقادات والآراء قولا، فلأن الاعتقاد يخفى فلا يعرف إلا بالقول ، أو بما يقوم مقام القول من شاهد الحال، فلما كانت لا تظهر إلا بالقول إذ كانت سببا له، وكان القول دليلا عليها، كما يسمى الشيئ باسم غيره إذا كان ملابسا له وكان القول دليلا عليه "(5).
ثانيا: التعريف الاصطلاحي:
__________
(1) لسان العرب 11/573 (مادة قول)، المصباح المنير ص 519
(2) ديوان الأدب لأبي إبراهيم بن إسحاق الفارابي تحقيق د / أحمد مختار عمر، مراجعة د / إبراهيم أنيس مطبعة الأمانة بالقاهرة / 1396.
(3) القاموس المحيط مادة (قول).
(4) لسان العرب 11/572 (مادة قول).
(5) المصدر السابق

(/ 3)

جاء في المعجم الوسيط: "المقالة: القول، والمذهب، وبحث قصير (1) في العلم أو الأدب أو السياسة أو الاجتماع ينشر في صحيفة أو مجلة" (2).
وهذا يعني أن لهذه الكلمة استعمالان:
أحدهما: استعمالها في فن العقيدة، وهو ما أشار إليه هنا بقوله: (المقالة: القول والمذهب).
والثاني: استعمالها في فن الأدب، وهو ما أشار إليه هنا بقوله: (بحث قصير في العلم أو الأدب ........ إلخ)
والذي يعنينا هنا هو الاستعمال الأول .
وأما تعريف علم مقالات الفرق: فقد قال طاش كبري زاده في تعريفه:
"علم مقالات الفرق (3): هو علم باحث عن ضبط المذاهب الباطلة المتعلقة بالاعتقادات الإلهية، وهي على ما أخبر به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عن هذه الأمة، اثنتان وسبعون فرقة.وموضوعه وغايته وغرضه ومنفعته ظاهرة جدا "(4).
وهذا التعريف حدد معالم هذا الفن من فنون العلم في ثلاثة معالم بارزة هي:
أولا: قوله عن هذا العلم إنه: (علم باحث عن ضبط المذاهب الباطلة).
ثانيا: قوله: (المتعلقة بالاعتقادات الإلهية).
ثالثا: قوله: (وهي على ما أخبر به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عن هذه الأمة، اثنتان وسبعون فرقة)
فحدود هذا الفن هي البحث عن ضبط المذاهب الباطلة، فيما يتعلق بمسائل الاعتقاد، عند الفرق المنتسبة لهذه الأمة .
__________
(1) المقالة في عرف الكتاب المحدثين: "مجموعة من الخواطر والتأملات لا تجري على نسق معين، وليس لها نظام خاص بل يمارس الكاتب حريته الكاملة في الطريقة التي يصوغ فيها أفكاره وتأملاته"، انظر: فن التحرير العربي ضوابطه وأنماطه ص 245، د / محمد الشنطي، دار الأندلس.
(2) المعجم الوسيط 2/767، مادة (قول) ط / دار الفكر.
(3) وكذا سماه حاجي خليفة في كشف الظنون بعلم مقالات الفرق.
(4) مفتاح السعادة (1/298) وانظر أبجد العلوم لصديق حسن خان القنوجي (2/515) فإنه عرفه بنفس التعريف.

(/ 4)

فهذا العلم يعنى بالخلاف الواقع في مسائل الاعتقاد ولا يبحث في المسائل الأخرى من أبواب الدين التي حصل فيها خلاف كمسائل الفقه والتفسير وغيرها.
وفي نظري أن التعريف جيد ويعطي صورة عن مضمون هذا العلم ومحتواه.
وأما تسميته لهذا العلم ب "علم مقالات الفرق" فإن في هذا تمييزا له عن "علم الأديان" الذي يعنى بمقالات الأمم الأخرى غير المسلمة، بينما اختص هذا العلم بمقالات الفرق المنتسبة إلى الإسلام.
فالمقالات عموما تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: المقالات الواقعه في هذة الأمة
القسم الثاني: مقالات الأمم وووالآخرى
ولذلك لما ألف أبو الحسن الأشعري في علم المقالات، ألف كتابا سماه "مقالات الإسلاميين" وكتابا آخر سماه "مقالات غير الإسلاميين".
ولكن الذي استقر عليه الحال في الوقت الحاضر هو الفصل بين هذين النوعين من المقالات، بتسمية مقالات غير الإسلاميين ب "علم الأديان، وتسمية مقالات الإسلاميين ب "علم الفرق".
ومن المعلوم أنه في العصر الراهن شققت بعض العلوم وفرع عنها عدة علوم ومن ذلك علم المقالات الذي تفرع إلى العلوم التالية:
1 - علم الفرق
2 - علم الأديان
3 علم المذاهب المعاصرة
كمآ هو الحال في المقررات التعليمية وبخاصة في المراحل الجامعية.
المطلب الثاني: استعمال العلماء لمصطلح المقالة:
لاشك أن استعمال هذا المصطلح أعني "المقالات" أمر شائع وكثير في كتب المتقدمين، فكتب العلماء الأوائل ورد فيها استعمال هذا المصطلح بشكل كبير، حتى إنه من الصعب والمتعذر حصر تلك المواطن وجمعها، ولذلك فلا عبرة بما نحن عليه اليوم من ندرة استعمال هذا المصطلح وقلة استخدامه، ووجود الوحشة في أذهان بعض الدارسين عند سماعه، نظرا لذيوع استعمال مصطلح "الفرق" مكانه.
وسأورد بعض النماذج لاستعمال هذا المصطلح في كلام أهل العلم للتأكيد على صحة ما أقول.

(/ 5)

1 - قيل لأبي حنيفة (150 ه): "ما تقول فيما أحدث الناس من الكلام في الأعراض والأجسام قال: مقالات الفلاسفة، عليك بالأثر وطريقة السلف، وإياك وكل محدثة، فإنها بدعة". (1)
2 - وقال أبو الحسن الأشعري (324 ه): "فإنه لابد لمن أراد معرفة الديانات والتمييز بينها، من معرفة المذاهب والمقالات، ورأيت الناس في حكاية ما يحكون من ذكر المقالات، ويصنفون في النحل والديانات ... فحداني ما رأيت من ذلك على شرح ما التمست شرحه من المقالات واختصار ذلك وترك الإطالة والإكثار "(2).
ثم سرد مقالات مختلف الفرق مفتتحا الكلام على كل فرقة كبيرة بقوله مثلا: "مقالات الخوارج" (3)، "مقالات المرجئة" (4)، "مقالات المعتزلة "(5) وهكذا ...
3 - وقال عبد القاهر البغدادي (429 ه): "وقد علم كل ذي عقل من أصحاب المقالات المنسوبة إلى الإسلام ...". (6)
وقال: "فأما الفرقة الثالثة والسبعون فهي أهل السنة والجماعة ... كلهم متفقون على مقالة واحدة في توحيد". (7) الصانع وصفاته ...
و قال: "". (8) الباب الثالث من أبواب هذا الكتاب في بيان تفصيل مقالات فرق أهل الأهواء
ثم شرع في بيان هذة الفرق فيقول "الفصل كذا في بيان مقالات فرق كذا ..." (9).
4 - وقال ابن حزم (ت 456 ه): "فإن كثيرا من الناس كتبوا في افتراق الناس في ديانتهم ومقالاتهم كتبا كثيرة جدا، ... وأضرب عن كثير من قوي معارضات أصحاب المقالات فكان في ذلك غير منصف لنفسه ..." (10).
وقال أيضا: "وقد أفردنا في نقض هذه المقالة (وهي قول المجوس أن مدبر العالم أكثر من واحد) كتابا ... "(11)
__________
(1) صون المنطق للسيوطي ص 322.
(2) مقالات الإسلاميين (ص 1).
(3) مقالات الإسلاميين (ص 86).
(4) نفس المصدر (ص 132).
(5) نفس المصدر (ص 154).
(6) الفرق بين الفرق (ص 9).
(7) نفس المصدر ص 26.
(8) نفس المصدر ص 28.
(9) انظر نفس المصدر ص 29، 72، 114، 207، 215، وغيرها.
(10) الفصل (1/2).
(11) نفس المصدر (1/34) وانظر أيضا (4 / 188-189).

(/ 6)

5 - وقال الشهرستاني (ت 548 ه): "لما وفقني الله تعالى إلى مطالعة مقالات أهل العالم من أرباب الديانات والملل وأهل الأهواء والنحل ..." (1)
وقال أيضا: "فأهل الأهواء ليست تنضبط مقالاتهم في عدد معلوم ..." (2).
6 - وقال أبو محمد اليمني (من علماء القرن السادس الهجري): "فمن هذا الباب دخل أهل البدع والأهواء على ضعفاء الناس في إفساد أديانهم، والاحتجاج بمقالتهم لا سيما على من جهل غموضه (أي القرآن) ومسلكه ومتشابهه" (3 ).
وبعد المقدمة شرع في ذكر الفرق فرقة فرقة ويفتتح الكلام على كل فرقة بقوله المقالة في ذكر كذا، نحو قوله في (1/18): "المقالة في ذكر فرقهم أي الخوارج" (4)
7 - وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (728 ه): "فهذه المقالات التي نقلت في التشبيه والتجسيم ....." إلى أن قال "فأقوال أئمتهم دائرة بين التعطيل والتمثيل، لم تعرف لهم مقالة متوسطة بين هذا وهذا" (5).
وقال أيضا: "فلا يعرف في المقالات المشهورة في العلم الإلهي مقالة أبعد عن الحق من مقالتهم، فإن مقالة اليهود والنصارى في العلم الإلهي خير من مقالتهم، ومقالات أهل البدع الداخلين في الملل، حتى الجهمية والمعتزلة ونحوهم من الطوائف التي تذمها أئمة أهل الملل هي خير من مقالتهم، وأعني بذلك مقالة أرسطو وأتباعه، وأما ما نقل عن الأساطين قبله فقولهم أقرب إلى الحق من قوله "(6).
وبهذه النماذج من أقوال العلماء يتضح مدى شيوع استعمال هذا المصطلح في كلامهم وجريانه في تعبيراتهم.
المبحث الثاني: أهمية علم المقالات
__________
(1) في الملل والنحل 1/3 .
(2) نفس المصدر (1/4)، وانظر أيضا (1 / 5-6،38).
(3) كتابه عقائد الثلاث وسبعين فرقة (07/01).
(4) نفس المصدر (18/01) وانظر أيضا (1/271، 325، 353) وغيرها.
(5) في منهاج السنة (2/242) وانظر الحسنة والسيئة (ص 104)، والفتوى الحموية (ص 47)، ومجموع الفتاوى (2 / 79-80)، (4 / 21) وغيرها كثير.
(6) في الصفدية (2 / 250-251).

(/ 7)

المطلب الأول: اهميه هذا العلم في القرآن والسنة
المتأمل في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية يجد آن هنآك عناية بجانب المقالات الباطلة، فقد أوردت النصوص عددا من المقالات المخالفة لمنهج الحق وبينت زيفها، وحذرت منها، وذمت أصحابها، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر
أولا : ما جاء في القرآن الكريم:
ا - ما جاء عن مقالات اليهود
. قوله تعالى {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق} (1)
وقال تعالى {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا} (2).
وقال تعالى {وقالت اليهود عزير ابن الله} (3)
ب - ما جاء عن مقالات النصارى
. قال تعالى {وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يظاهئون قول الذين كفروا من قبل} (4)
وقال تعالى {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم} (5)
وقال تعالى {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة} (6)
وقال تعالى {يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم ورح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا} (7)
ج - ما جاء عن مقالات منكري البعث
قآل تعالى {وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم} (8) .
__________
(1) الآية 181 من سورة آل عمران
(2) الآية 64 من سورة المائدة
(3) الآية 30 من سورة التوبة
(4) الآية 30 من سورة التوبة
(5) الآية 72 من سورة المائدة
(6) الآية 73 من سورة المائدة
(7) الآية 171 من سورة النساء
(8) الآيتان 78-79.من سورة يس

(/ 8)

وقال تعالى {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون} (1).
د - ما جاء في مقالات منكري جود الله
قال تعالى {ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحي ويميت قال أنا أحي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأتي بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لايهدي القوم الظالمين} (2)
ثانيا: ما جاء في السنة النبوية:
1 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم ذكرت بعض نسائه كنيسة رأينها بأرض الحبشة يقال لها مارية - وكانت أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما أتتا أرض الحبشة - فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها.
فرفع رأسه فقال: "أولئك إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا ثم صوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله "(3)
2 - وعن جندب بن عبدالله رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول: "وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك "(4)
__________
(1) الآية 24 من سورة الجاثية
(2) الآية 258 من سورة البقرة
(3) أخرجه البخاري في صحيحه "واللفظ له" كتاب الجنائز، باب بناء المسجد على القبر، انظر فتح الباري (3/208) ح 1341
وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب المساجد، باب النهي عن بناء المساجد على القبور (2/66)
(4) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب المساجد، باب النهي عن بناء المساجد على القبور (2/67 68)

(/ 9)

3 - وعن عائشة وعن ابن عباس رضي الله عنهما قالا: "لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك" لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد "يحذر ما صنعوا ( 1)
4 - وعن ابن عباس: سمع عمر رضي الله عنه يقول على المنبر: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لاتطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده فقولوا: عبد الله ورسوله" (2)
5 - وعن أبي واقد الليثي قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يارسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الله أكبر، إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنوا إسرائيل لموسى {اجعل لنا آلهة كما لهم آلهة بل أنتم قوم تجهلون} (3) لتركبن سنن من كان قبلكم" (4)
تلك بعض الإشارات عما حواه كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم من ذكر مقالات اليهود والنصارى والمشركين وغيرهم من أهل الباطل مما يؤكد ضرورة الاهتمام بتلك المقالات بقصد بيان زيغها وفسادها والرد عليها والتحذير منها ومن الوقوع فيها.
المطلب الثاني: أهمية علم المقالات عموما
__________
(1) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الصلاة، باب حدثنا أبو اليمان، انظر فتح الباري (1/532) ح 435، 436
أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب المساجد، باب النهي عن بناء المساجد على القبور (2/67)
(2) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب حديث الأنبياء، باب {واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها} انظر فتح الباري (6/478) ح 3445
(3) الآية 138 من سورة الأعراف
(4) أخرجه أحمد في مسنده (5/218) والترمذي في السنن (4/475 ) ح 2180، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن أبي عاصم في السة (ص 37) رقم 76 وصححه الألباني

(/ 10)

لعلم المقالات أهميته البالغة ومنفعته العظيمة باعتباره أحد العلوم المهمة التي أولاها العلماء اهتمامهم وتناولوها بالبحث والدراسة والتصنيف، وترجع أهمية هذا العلم لعوامل متعددة من أهمها مايلي:
أولا: - رصد وكشف المذاهب المنحرفة عن الصراط المستقيم فذلك من الأمور المهمة التي ينبغي الاهتمام الجاد بدراستها، وإعطائها حقها من المتابعة والبحث، تحقيقا لقول الله تعالى {وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين} (1) (2)،
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "العالمون بالله وكتابه ودينه، عرفوا سبيل المؤمنين معرفة تفصيلية، وسبيل المجرمين معرفة تفصيلية، فاستبانت لهم السبيلان، فهؤلاء أعلم الخلق وأنفعهم للناس، وأنصحهم لهم، وهم الأدلاء الهداة، وبذلك برز الصحابة على جميع من أتى بعدهم إلى يوم القيامة، فإنهم نشأوا في سبيل الضلال والكفر والشرك والسبل الموصلة إلى الهلاك وعرفوها مفصلة، ​​ثم جاء الرسول صلى الله عليه وسلم فأخرجهم من الظلمة الشديدة إلى النور التام، ومن الظلم إلى العدل، فعرفوا مقدار ما نالوه وظفروا به، ومقدار ما كانوا فيه، فإن الضد يظهر حسنه الضد، وإنما تتبين الأشياء بأضدادها، فازدادوا رغبة ومحبة فيما انتقلوا إليه، ونفرة وبغضا لما انتقلوا عنه .. . "(3).
وهذا المفهوم يجليه قول عمر الفاروق رضي الله عنه: "إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية" (4)
__________
(1) الأنعام الآية 55.
(2) مقالات في المذاهب والفرق ص 77.
(3) الفوائد ص 108-109. ط دار الكتب العلمية 1393 ه
(4) تيسير العزيز الحميد (ص 90)

(/ 11)

ثانيا: الرد على أهل الأهواء والبدع حتى تنقطع شبهتهم ويزول عن المسلمين ضررهم، فتلك مرتبة عظيمة من منازل الجهاد باللسان، فقد صح من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم" (1)
وقال الإمام ابن تيمية : "فالراد على أهل البدع مجاهد، حتى كان يحي ابن يحي يقول: الذب عن السنة أفضل من الجهاد" (2).
وقال أيضا: "وإذا كان النصح واجبا في المصالح الدينية الخاصة والعامة: مثل نقلة الحديث الذين يغلطون ويكذبون، ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين، حتى قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع فقال: إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو انفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين، هذا أفضل فبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله؛ إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء، لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب؛ فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعا، وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء "(3)
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده (19/272 ح 12246) وإسناده صحيح على شرط مسلم، وأخرجه وأبو داود (2504)، والنسائي (6/51)، والحاكم (2/81) وصححه، ووافقه الذهبي، والضياء في المختارة (1905)
(2) مجموع الفتاوى 13/04.
(3) مجموع الفتاوى 28 / 231-232.

(/ 12)

ثالثا: أن الدعوة إلى عقيدة أهل السنة والجماعة والاجتماع عليها وبيان فساد ما خالفها وشذ عنها والتحذير منهم فيه تكثير للفرقة الناجية المعتصمة بالحق، وفيه أمر بالمعروف، قال ابن تيمية رحمه الله: "ولا يقال: فإذا كان الكتاب والسنة قد دلا على وقوع ذلك الافتراق بين المسلمين فما فائدة النهي عنه؟
لأن الكتاب والسنة أيضا قد دلا على أنه لا يزال في هذه الأمة طائفة متمسكة بالحق الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة وأنها لا تجتمع على ضلالة.
ففي النهي عن ذلك تكثير هذه الطائفة المنصورة وتثبيتها وزيادة إيمانها فنسأل الله المجيب أن يجعلنا منها "(1).
رابعا: إن دراسة مقالات الفرق من باب معرفة الشر لتوقيه وتحذير الناس من الفرق المبتدعة التي تكاثرت وتكاتفت فتعددت السبل وكثرت المشتبهات، وفي ذلك نهي عن المنكر
وقد كان حذيفة بن اليمان رضي الله عنه يقول : "كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني" (2).
قال ابن تيمية في تعليقه على أحاديث النهي عن التفرق: "وهذا المعنى محفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه ، يشير إلى أن التفرق والاختلاف لا بد من وقوعهما في الأمة، وكان يحذر أمته منه لينجو من الوقوع فيه من شاء الله له السلامة "(3).
__________
(1) اقتضاء الصراط المستقيم 1/152.
(2) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الفتن، باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة؟ (انظر فتح الباري 13/35 ح 7084). وأخرجه مسلم في صحيحه، كتب الإمارة، باب الأمر بلزوم الجماعة عند ظهور الفتن وتحذير الدعاة إلى الكفر (6/20)
(3) اقتضاء الصراط المستقيم 1/127.

(/ 13)

خامسا: بيان صلة الفرق الضالة والآراء المنحرفة المعاصرة بجذورها الخبيثة من الفرق القديمة أهل الأهواء والبدع وكشف حقيقتها وتلبيساتها على الناس، فان تغيير الأسماء مع بقاء المسميات والمعاني من أساليب الخداع والمكر عند اليهود والزنادقة وأعداء الإسلام
قال ابن القيم رحمه الله بعد كلامه عن التحيل الباطل: "وإنما غرضه التوصل بها إلى ما هو ممنوع منه، فجعلها سترة وجنة يتستر بها من ارتكب ما نهي عنه فأخرجه في قالب الشرع.
كما أخرج الجهمية التعطيل في قالب التنزيه.
وأخرج المنافقون النفاق في قالب الإحسان والتوفيق والعقل المعيشي.
وأخرج الظلمة الفجرة الظلم والعدوان في قالب السياسة وعقوبة الجناة.
وأخرج الروافض الإلحاد والكفر والقدح في سادات الصحابة وحزب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوليائه وأنصاره في قالب محبة أهل البيت والتعصب لهم وموالاتهم.
وأخرج فسقة المنتسبين إلى الفقر والتصوف بدعهم وشطحهم في قالب الفقر والزهد والأحوال والمعارف ومحبة الله ونحو ذلك.
وأخرجت الاتحادية أعظم الكفر والإلحاد في قالب التوحيد وأن الوجود واحد لا اثنان وهو الله وحده فليس هاهنا وجودان خالق ومخلوق ولا رب ولا عبد بل الوجود واحد وهو حقيقة الرب.
وأخرجت القدرية إنكار عموم قدرة الله تعالى على جميع الموجودات، أفعالها وأعيانها في قالب العدل، وقالوا : لو كان الرب قادرا على أفعال عباده لزم أن يكون ظالما لهم فأخرجوا تكذيبهم بالقدر في قالب العدل
. وأخرجت الخوارج قتال الأئمة والخروج عليهم بالسيف في قالب الأمر بالمعروف النهي عن المنكر
وأخرج أرباب البدع جميعهم بدعهم في قوالب متنوعة بحسب تلك البدع، فكل صاحب باطل لا يتمكن من ترويج باطله إلا بإخراجه في قالب حق ... "(1).
__________
(1 ) إغاثة اللهفان 2/81.

(/ 14)

سادسا: إن عدم دراسة الفرق والرد عليها وإبطال الأفكار المخالفة للحق، فيه إفساح المجال للفرق المبتدعة أن تفعل ما تريد، وأن تدعو إلى كل ما تريد من بدع وخرافات دون أن تجد من يتصدى لها بالدراسة والنقد (1)
ولهذه العوامل وغيرها تبدو الضرورة ملحة لوجود هذا العلم واعتناء أهل العلم به، وهذا هو الواقع الملموس من تتبع جهود العلماء قديما وحديثا عبر القرون المختلفة، قال طاش كبري زاده في معرض تعريفه لعلم المقالات "وموضوعه وغايته وغرضه ومنفعته ظاهرة جدا." (2)
المبحث الثالث: مناهج التأليف في علم المقالات والمؤلفات فيه
المطلب الأول: مناهج التأليف في علم المقالات:
سلك أصحاب كتب المقالات طريقان في ترتيب هذا الفن وفي ذلك يقول الشهرستاني: "ولأصحاب كتب المقالات طريقان في الترتيب:
أحدهما: أنهم وضعوا المسائل أصولا ثم أوردوا في كل مسألة مذهب طائفة طائفة وفرقة فرقة.
والثاني: أنهم وضعوا الرجال وأصحاب المقالات أصولا ثم أوردوا مذاهبهم في مسألة مسألة "(3).
ولا شك أن أغلب المصنفين سلك المسلك الثاني. ومنهم الشهرستاني الذي علل ذلك بقوله: "لأني وجدتها أضبط للأقسام وأليق بأبواب الحساب" (4).
ومنهم عبد القاهر البغدادي في الفرق بين الفرق، حيث جعل أصحاب الآراء وزعماء الفرق أصولا، ثم يورد آراء كل منهم في كل مسألة، كما قال: " ... ونذكر في الباب الذي يليه تفصيل مقالة كل فرقة من فرق أهل الأهواء الذين ذكرناهم إن شاء الله عز وجل ... "(5).
وممن جمع بين الطريقتين أبو الحسن الأشعري في كتابه مقالات الإسلاميين فقد تميز كتابه بالجمع بين الطريقتين في عرض آراء الفرق، فالجزء الأول معظمه كان وفق الطريقة الثانية، وهي جعل أصحاب المذاهب أصولا.
__________
(1) فرق معاصرة لغالب العواجي 1/26.
(2) مفتاح السعادة (1/298)
(3) الملل والنحل 1/6
(4) المصدر السابق 1/6
(5) الفرق بين الفرق ص 28.

(/ 15)

أما الجزء الثاني فهو وفق الطريقة الأولى، وهي جعل المسائل أصولا، ثم إيراد في كل مسألة مذهب طائفة طائفة وفرقة فرقة.
ومنهج الأشعري هذا جعل كتابه بمثابة كتابين مختلفين ضم أحدهما إلى الآخر، فمن أراد آراء الفرق في مسألة ما، أمكنه ذلك، ومن أراد آراء فرقة ما، أمكنه ذلك، وقد اقتضى منه ذلك شيئا من التكرار الملاحظ لآراء الأشخاص في أكثر من موضع.
وممن وافق الأشعري في طريقته هذه ابن حزم في كتابه الفصل في الملل والأهواء والنحل، حيث جمع بين الطريقتين، مع استعماله الطريقة الأولى، وهي جعل المسائل أصولا أكثر.
ومنهم أيضا أبو محمد اليمني في كتابه عقائد الثلاث والسبعين فرقة حيث جمع بين الطريقتين الأولى، والثانية.
وإذا ماخرجنا عن كتب المقالات فإنا نجد كتب الردود قد اعتمدت الطريقة الأولى، وهي جعل المسائل أصولا، فهي تعنى ببيان الحق في مسألة من مسائل العقيدة والرد على المخالفين فيها، ومن ذلك على سبيل المثال:
الرد على الجهمية للإمام أحمد، والرد عى الجهمية لعثمان بن سعيد الدارمي، والرد على الجهمية لابن منده، والرد على بشر المريسي للدارمي، والرد على البكري، وعلى الأخنائي، كلاهما لشيخ الإسلام ابن تيمية ، والصارم المنكي في الرد على السبكي لابن عبد الهادي.
والملاحظ أن الغالب اليوم في طريقة عرض هذه المادة عند من يقوم بتدريسها هو استعمال الطريقة الثانية وهي وضع الرجال وأصحاب المذاهب أصولا ثم إيراد مذاهبهم.
المطلب الثاني: الكتب المؤلفة في هذا العلم
من الكتب المؤلفة في هذا العلم:
1-المقالات (1): زفر بن الهذيل صاحب أبي حنيفة (158 ه) (2).
2-المقالات والفرق: سعد بن عبد الله الأشعري القمي الرافضي (300 ه) (3)
__________
(1) ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون 2/1782.
(2) ترجمته في شذرات الذهب 1/243، الأعلام 3/45.
(3) ترجمته في الأعلام 3/86.

(/ 16)

3-المقالات (1): عبد الله بن أحمد بن محمود الكعبي البلخي المعتزلي (319 ه) (2).
4-المقالات في أصول الديانات: المسعودي أبو الحسن علي بن الحسين (346 ه) شيعي معتزلي (3)
5-المسائل والعلل في المذاهب والملل: له أيضا
6 الآراء والديانات (4) للحسن بن موسى بن الحسن النوبختي الفارسي شيعي معتزلي (5) (310 ه) (6).
7-جمل المقالات (7): لأبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري (324 ه) (8).
8-مقالات الإسلاميين: له أيضا
9 مقالات غير الإسلاميين (9): له أيضا
10-التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع: أبو الحسين محمد بن أحمد الملطي الشافعي (377 ه) (10)
__________
(1) ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون 2/1782.
(2) ترجمته في تاريخ بغداد 9/384، الأعلام 4 / 65-66.
(3) ترجمته في فوات الوفيات 2/45، لسان الميزان 4/224، الأعلام 4/277.
(4 ) ذكرابن النديم في الفهرست ص 177 أن ابن النوبختي ألف كتاب "الأراء والديانات" ولم يتمه
(5) قال شيخ الإسلام ابن تيمية "في أواخر المائة الثالثة دخل من دخل من الشيعة في أقوال المعتزلة كابن النوبختي صاحب كتاب" الأراء والديانات "منهاج السنة 1 / 72
(6) ترجمته في الفهرست ص 251، سير أعلام النبلاء 15/327، الأعلام 2/224.
(7) ذكره ابن عساكر في تبيين كذب المفتري ص 129، والذهبي في السير 15 / 87-88.
(8) ترجمته في وفيات الأعيان 1/326، البداية والنهاية 11/187.
(9) ذكره ابن عساكر في تبيين كذب المفتري ص 129، والذهبي في السير 15 / 87-88. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ([كتاب مقالات غير الإسلاميين] وهوكتاب كبير أكبر من [مقالات الإسلاميين]) منهاج السنة 5/283 وقال الدكتور محمد رشاد سالم في هامش التحقيق "وهوكتاب مفقود .وانظر سزكين م 1، ح 4، ص 35 39"
(10) ترجمته في طبقات الشافعية 2/112، الأعلام 5/311.

(/ 17)

11-الملل والنحل (1): أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني (403 ه) (2).
12-الملل والنحل (3): أبو منصور عبد القاهر البغدادي (429 ه) (4).
13 الفرق بين الفرق: له أيضا .
14-تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة: لأبي الريحان محمد بن أحمد البيروني (440 ه) (5).
15-المقالات والآراء والديانات (6): له أيضا
16 الفصل في الملل والأهواء والنحل: لأبي محمد علي بن أحمد بن حزم الأندلسي (456 ه) (7).
17-الملل والنحل: محمد بن عبد الكريم الشهرستاني (548 ه) (8).
18-عقائد الثلاث والسبعين فرقة (9): لأبي محمد اليمني (من علماء القرن السادس الهجري) . (10)
19-اعتقدات فرق المسلمين والمشركين: فخر الدين محمد بن عمر الرازي (606 ه) (11)
20-البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان:. لأبي الفضل عباس بن منصور التريني السكسكي اليمني (683 ه) (12)
21-المقالات (13): علاء الدولة أحمد بن محمد السمناني الصوفي (736 ه) (14).
22-المنية والأمل في شرح الملل والنحل: أحمد بن يحي بن المرتضى اليماني الزيدي المعتزلي (840 ه) (15)
__________
(1) ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون ص 1820.
(2) ترجمته في سير أعلام النبلاء 17/190، الأعلام 6/176.
(3) مخطوط ذكره البغدادي في هدية العارفين 5/606، والزركلي في الأعلام 4/48.
(4) ترجمته في سير أعلام النبلاء 17 / 572.
(5) ترجمته في الأعلام 5/314.
(6) مخطوط ذكره البغدادي في هدية العارفين 6/65.
(7) ترجمته في سير أعلام النبلاء 18 / 184-212، الأعلام 4254.
(8) ترجمته في وفيات الأعيان 1/482، الأعلام 6/215.
(9) طبع بتحقيق د / محمد بن عبد الله زربان الغامدي.
(10) انظر الكلام عنه في القسم الدراسي من كتابه 1 / 1-7.
(11) ترجمته في وفيات الأعيان 1/474، الأعلام 6/313.
​​(12) ترجمته في هدية العارفين 5/437، الأعلام 3/267.
(13) ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون 2/1782.
(14) ترجمته في الدرر الكامنة 1/250، الأعلام 1/223.
(15) ترجمته في هدية العارفين 5/125.

(/ 18)

23-الملل والنحل (1): له أيضا
24 شارع النجاة (2): أحمد بن علي بن عبد القادر المقريزي (845 ه) (3).
25-وجيزة المقال في بيان ملل الضلال (4): أحمد بن السيد عثمان الدمشقي الحنفي (كان حيا سنة 1163 ه) (5).
والملاحظ على هذه المؤلفات أن جلها لاتحمل عقيدة أهل السنة والجماعة، فإذا ما استثنينا كتاب "التنبيه والرد" للملطي، وكتاب "عقائد الثلاث والسبعين فرقة" لأبي محمد اليمني، وكتب "مقالات الإسلاميين" لأبي الحسن الأشعري (على ما عليه من ملاحظات سيأتي بيانها)، نجد أن باقي الكتب تمثل تيارا مخالفا بل إنه في بعض الأحيان شديد المخالفة كالاعتزال أوالرفض.
ولكن لكون أكثر هذه الكتب تعتمد منهج النقل المجرد للمقالات دون تدخل في مناقشتها، فإنه قد يستفاد منها في هذا الوجه، أو قد يستفاد منها من وجه آخر كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية "ومع هذا فيستفاد من كلامهم نقض بعضهم على بعض وبيان فساد قوله، فإن المختلفين كل كلامهم فيه شيء من الباطل، وكل طائفة تقصد بيان بطلان قول الأخرى، فيبقى الإنسان عنده دلائل كثيرة تدل على فساد قول كل طائفة من الطوائف المختلفين في الكتاب ". (6)
المطلب الثالث: أشهر الكتب المؤلفة في المقالات ومناهج مؤلفيها
__________
(1) ذكره البغدادي في هدية العارفين 5/125
. (2) ذكره الزركلي في الأعلام 1/178
(3) ترجمته في البدر الطالع 1/79، الأعلام 1/178.
(4) ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون 3/702، والبغدادي في هدية العارفين 5/175.
(5) ترجمته في المصدرين السابقين.
(6) منهاج السنة 5/275

(/ 19)

من الحقائق التي يجهلها الكثير من الدارسين لهذا العلم أن أشهر الكتب التي يكثر تداولها بين أيديهم عند دراسة هذا العلم وهي "كتاب مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري، كتاب الفصل لابن حزم، وكتاب الملل والنحل للشهرستاني، والفرق بين الفرق للبغدادي" لا تمثل عقيدة أهل السنة والجماعة، فهذه الكتب يصدق فبها قول شيخ الإسلام ابن تيمية "فالكتب المصنفة في مقالات الطوائف التي صنفها هؤلاء ليس فيها ما جاء به الرسول وما دل عليه القرآن، لا في المقالات المجردة، ولا في المقالات التي يذكر فيها الأدلة فإن جميع هؤلاء دخلوا في الكلام المذموم الذي عابه السلف وذموه "(1).
وقوله أيضا: "ثم إن غالب كتب أهل الكلام والناقلين للمقالات، ينقلون في أصول الملل والنحل من المقالات ما يطول وصفه ونفس ما بعث الله به رسوله، وما يقوله أصحابه والتابعون لهم في ذلك الأصل، الذي حكوا فيه أقوال الناس، لا ينقلونه لا تعمدا منهم لتركه، بل لأنهم لم يعرفوه، بل ولا سمعوه، لقلة خبرتهم بنصوص الرسول وأصحابه والتابعين ". (2).
ومن أجل ذلك أحببت التنبيه على ما حوته هذه المؤلفات من مناهج، مع بيان عقائد أصحابها وسمات تلك المؤلفات، وذلك على النحو التالي:
أولا: كتاب مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري "260 -324".
ا - عقيدته:
__________
( 1) النبوات ص 219-220
(2) منهاج السنة 6/303 304

(/ 20)

يعتبر أبو الحسن الأشعري امتدادا للمذهب الكلابي فأبو الحسن الأشعري الذي عاش في الفترة ما بين (260 ه -324 ه) كان معتزليا إلى سن الأربعين، حيث عاش في بيت أبي علي الجبائي شيخ المعتزلة في البصرة، ثم رجع عن مذهب المعتزلة وسلك طريقة ابن كلاب وتأثر بها لفترة طويلة، ولعل السبب في ذلك أنه وجد في كتب ابن كلاب وكلامه بغيته من الرد على المعتزلة وإظهار فضائحهم وهتك أستارهم، وكان ابن كلاب قد صنف مصنفات رد فيها على الجهمية والمعتزلة وغيرهم. ولكن فات الأشعري أن ابن كلاب وإن رد على المعتزلة وكشف باطلهم وأثبت لله تعالى الصفات اللازمة، إلا أنه وافقهم في إنكار الصفات الاختيارية التي تتعلق بمشيئته تعالى وقدرته، فنفى كما نفت المعتزلة أن الله يتكلم بمشيئته وقدرته. كما نفى أيضا الصفات الاختيارية مثل الرضى، والغضب، والبغض، والسخط وغيرها.
وقد مضى الأشعري في هذا الطور نشيطا يؤلف ويناظر ويلقى الدروس في الرد على المعتزلة سالكا هذه الطريقة.
ثم التقى بزكريا بن يحي الساجي فأخذ عنه ما أخذ من أصول أهل السنة والحديث، (1) وكان الساجي شيخ البصرة وحافظها (2) ثم لما قدم بغداد أخذ عن حنبلية بغداد أمورا أخرى وذلك بآخر أمره.
ولكن كانت خبرته بالكلام خبرة مفصلة، ​​وخبرته بالسنة خبرة مجملة، فلذلك وافق المعتزلة في بعض أصولهم التي التزموا لأجلها خلاف السنة واعتقد أنه يمكنه الجمع بين تلك الأصول، وبين الانتصار للسنة، كما فعل في مسألة الرؤية والكلام، والصفات الخبرية وغير ذلك (3).
ولذلك قال عنه السجزي: (رجع في الفروع وثبت في الأصول) (4) أي أصول المعتزلة التي بنوا عليها نفي الصفات، مثل دليل الأعراض وغيره (5).
__________
(1) - مجموع الفتاوى 5/386، تذكرة الحفاظ (2/907).
(2) - العلو ص 150، تذكرة الحفاظ (2/907)
(3) - مجموع الفتاوى 12 / 204.
(4) - الرد على من أنكر الحرف والصوت ص 168.
(5) - موقف ابن تيمية من الأشاعرة 1/367.

(/ 21)

وقال عنه الذهبي: "... وكان معتزليا ثم تاب، ووافق أصحاب الحديث في أشياء يخالفون فيها المعتزلة، ثم وافق أصحاب الحديث في أكثر ما يقولونه، وهو ما ذكرناه عنه من أنه نقل إجماعهم على ذلك، وأنه موافق لهم في جميع ذلك، فله ثلاثة أحوال: حال كان معتزليا، وحال كان فيها سنيا في بعض دون البعض، وكان في غالب الأصول سنيا، وهو الذي علمناه من حاله، فرحمه الله وغفر له ولسائر المسلمين ... "(1)
ب - منهج الأشعري في كتابه المقالات
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ومن أجمع الكتب التي رأيتها في مقالات الناس المختلفين في أصول الدين كتاب أبي الحسن الأشعري، وقد ذكر فيه من المقالات وتفصيلها ما لم يذكره غيره، وذكر فيه مذهب أهل الحديث والسنة بحسب ما فهمه عنهم وليس في جنسه أقرب إليه منه، ومع هذا نفس القول الذي جاء به الكتاب والسنة وقال به الصحابة والتابعون لهم بإحسان: في القرآن، والرؤية، والصفات، والقدر، وغير ذلك من مسائل أصول الدين ليس في كتابه، وقد استقصى ما عرفه من كلام المتكلمين
اما معرفة ما جاء به الرسول من الكتاب والسنة وآثار الصحابة، فعلم آخر لا يعرفه أحد من هؤلاء المتكلمين، المختلفين في أصول الدين.ولهذا كان سلف الأمة وأئمتها متفقين على ذم أهل الكلام) إلى أن قال (ومع هذا فيستفاد من كلامهم نقض بعضهم على بعض وبيان فساد قوله، فإن المختلفين كل كلامهم فيه شيء من الباطل، وكل طائفة تقصد بيان بطلان قول الأخرى، فيبقى الإنسان عنده دلائل كثيرة تدل على فساد قول كل طائفة من الطوائف المختلفين في الكتاب.
__________
(1) العرش للذهبي 2 / 302-303.

(/ 22)

وهذا مما مدح به الأشعري؛ فإنه بين من فضائح المعتزلة وتناقض أقوالهم وفسادها ما لم يبينه غيره، لأنه كان منهم، وكان قد درس الكلام على أبي علي الجبائي أربعين سنة، وكان ذكيا، ثم إنه رجع عنهم، وصنف في الرد عليهم، ونصر في الصفات طريقة ابن كلاب، لأنها أقرب إلى الحق والسنة من قولهم، ولم يعرف غيرها، فإنه لم يكن خبيرا بالسنة والحديث وأقوال الصحابة والتابعين وغيرهم، وتفسير السلف للقرآن.والعلم بالسنة المحضة إنما يستفاد من هذا.
ولهذا يذكر في المقالات مقالة المعتزلة مفصلة: يذكر قول كل واحد منهم وما بينهما من النزاع في الدق الجل .....؛ ويذكر أيضا مقالات الخوارج والروافض، لكن نقله لها من كتب أرباب المقالات، لاعن مباشرة منه للقائلين، ولا عن خبرة بكتبهم، ولكن فيه تفصيل عظيم، ويذكر مقالة ابن كلاب عن خبرة بها ونظر في كتبه، ويذكر اختلاف الناس في القرآن من عدة كتب.
فإذا جاء إلى مقالة أهل السنة والحديث ذكر أمرا مجملا تلقى أكثره عن زكريا بن يحي الساجي، وبعضه عمن أخذ عنه من حنبلية بغداد ونحوهم.وأين العلم المفصل من العلم المجمل؟ "(1).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ثم إن غالب كتب أهل الكلام والناقلين للمقالات، ينقلون في أصول الملل والنحل من المقالات ما يطول وصفه. ونفس ما بعث الله به رسوله، وما يقوله أصحابه والتابعون لهم في ذلك الأصل، الذي حكوا فيه أقوال الناس، لا ينقلونه لا تعمدا منهم لتركه، بل لأنهم لم يعرفوه، بل ولا سمعوه، لقلة خبرتهم بنصوص الرسول وأصحابه والتابعين.
وكتاب المقالات للأشعري أجمع هذه الكتب وأبسطها، وفيه من الأقوال وتحريرها مالا يوجد في غيرها.وقد نقل مذهب أهل السنة والحديث بحسب ما فهمه وظنه قولهم، وذكر أنه يقول بكل ما نقله عنهم.
__________
(1) منهاج السنة 5/275 278

(/ 23)

وجاء بعده من أتباعه كابن فورك من لم يعجبه ما نقله عنهم، فنقص من ذلك وزاد، مع هذا فلكون خبرته بالكلام أكثر من خبرته في الحديث ومقالات السلف الأئمة، وقد ذكر في غير موضع عنهم أقوالا في النفي والإثبات لا تنقل عن أحد منهم أصلا "( 1).
قال شيخ الإسلام رحمه الله: "وتأملت ما وجدته في الصفات من المقالات مثل كتاب الملل والنحل للشهرستاني، وكتاب مقالات الإسلاميين للأشعري، وهو أجمع كتاب رأيته في هذا الفن، وقد ذكر فيه ما ذكر أنه مقالة أهل السنة والحديث، وأنه يختارها، وهي أقرب ما ذكره من المقالات إلى السنة والحديث، لكن فيه أمور لم يقلها أحد من أهل السنة والحديث ونفس مقالة أهل السنة والحديث لم يكن يعرفها، ولا هو خبير بها، فالكتب المصنفة في مقالات الطوائف التي صنفها هؤلاء ليس فيها ما جاء به الرسول وما دل عليه القرآن، لا في المقالات المجردة، ولا في المقالات التي يذكر فيها الأدلة فإن جميع هؤلاء دخلوا في الكلام المذموم الذي عابه السلف وذموه "(2).
ج - سمات كتاب مقالات الإسلاميين
من أبرز ما تميز به كتابه المقالات من السمات ما يلي:
1 -قصر الأشعري الحديث في كتابه على الفرق الإسلامية، والسبب في ذلك أن له كتابا آخر سماه (مقالات غير الإسلاميين)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ([كتاب مقالات غير الإسلاميين] وهو كتاب كبير أكبر من [مقالات الإسلاميين]) (3).
2 -أغفل الأشعري في كتابه حديث الافتراق، فلم يتعرض له بشيء فضلا عن أن يقيم كتابه عليه مثل ما فعل بعض المؤلفين الآخرين كما سيأتي.
__________
(1) منهاج السنة 6/303 304
(2) النبوات ص 219-220. 




(3) منهاج السنة 5/283 وقال الدكتور محمد رشاد سالم في هامش التحقيق "وهو كتاب مفقود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق