الأحد، 23 أغسطس 2015

الرد على خرافات الصوفية""'======

الوجه الخامس:
أما اشتراطهم الإذن في حصول الثواب المزعوم فإنه من أعاجيب الدنيا إذ لا يستأذن في أمور الإيمان إلا في دين فرعون - { قال آمنتم له قبل أن آذن لكم - } [ ] لأنه إن كان حقا ودينا فلا يحتاج فيه إلى إذن مخلوق وإن كان باطلا لم يزده الإذن إلا بطلانا ولكنها المتاجرة بالدين وحتى على حساب قوانين التجارة فحق الإبتكار للبكري لا للتجاني.
الوجه السادس:
(98/246)
قوله أن المراد في كلام التجاني بالقرآن القراءة باطل منقوض بما تقدم في الرماح من قوله: " أن يأخذ جميع الأذكار من تسبيح وتهليل وتكبير وتحميد واستغفار وصلاة النبي - - صلى الله عليه وسلم - وقراءة القرآن وغيره من الكتب الإلهية كلها مثل التوراة والإنجيل مثلا من أول منشأ العالم إلى بروز تلك الصلاة من الذاكر وتجمع تلك الجمعية المذكورة وتضاعف ستة آلاف مرة " انظر رماح 2/441
الوجه السابع:
قوله أن ما يقرأ ليس هو القرآن فلسفة مناقضة للكتاب العظيم والسنة وإجماع السلف قال الله تعالى: - { وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله - } [ التوبة 06 ]
قال شارح الطحاوية: " وهو لا يسمع كلام الله من الله وإنما يسمعه من مبلغه عن الله والآية تدل على فساد قول من قال إن المسموع عبارة عن كلام الله وليس هو كلام الله فإنه تعالى قال: - { حتى يسمع كلام الله - } ولم يقل حتى يسمع ما هو عبارة عن كلام الله والأصل الحقيقة ومن قال: إن المكتوب في المصاحف عبارة عن كلام الله أو حكاية كلام الله وليس فيها كلام الله فقد خالف الكتاب والسنة وسلف الأمة وكفى بذلك ضلالا " شرح الطحاوية ص 181 اهـ
الوجه الثامن:
وأما قوله " أن العدد كثيرا ما يرد في الكتاب والسنة ويكون غير مراد فيحمل على الغاية والمبالغة " .
(98/247)
وهذا حجة عليه لأن مقتضى ذلك أن التجاني أراد الغاية والمبالغة في تفضيل الفاتح على القرآن ولم يرد حصر هذا العدد وهذا ما تقدم تصريح صاحب الرماح به حيث قال: " وتتضاعف ستة آلاف مرة ثم تحسب ألسنة جميع المخلوقات من كل ما سوى الله تعالى وتتضاعف فيها تلك الجمعية بعد مضاعفتها ستة آلاف مرة تتضاعف أيضا على عدد ألسن جميع العوالم من كل ماسوى الله تعالى ثم تتضاعف مضاعفة ثالثة على قدر مرتبة كل إنسان فإن من الألسن من ليس له من ذكره إلا مرة واحدة من كل لفظ وفيهم من له التضاعف مائة مرة كل كلمة من كل ذكر وفيهم من له عشرة آلاف وفيهم من له ألف ألف إلى عشرة آلاف ألف إلى مائة ألف ألف إلى ألف ألف ألف إلى ما وراء ذلك مما يكثر ذكره " الرماح 2/441 اهـ
الوجه التاسع:
وأما قوله " أن المزية وكثرة الثواب لا يستلزمان الأفضلية المطلقة " فنعم لكن المزية تقتضي الأفضلية من وجه على الأقل هذا يقضى أنه معترف بأن صلاة الفاتح أفضل من القرآن من بعض الأوجه وهذا كفر محض.
قال العلامة محمد الخضر الجكني: " فإن هذا استهزاء وتحقير لا تفضيل فلا يشك في كفر قائله وإنما كان تفضيل غير القرآن عليه كفرا لأن القرآن كلام الله تعالى وفضله على سائر الكلام كفضل الله على سائر خلقه فتفضيل كلام بعض المخلوقين عليه كتفضيل بعض المخلوقين على الله تعالى وكفر فاعل ذلك لا يشك فيه أحد " مشتهي الخارف ص 259
الوجه العاشر:
ما نقل عن التجاني من أن العاصي تكون صلاة الفاتح أفضل له من تلاوة القرآن حيث قال التجاني: " المرتبة الرابعة رجل يتلو القرآن سواء علم معانيه أو لم يعلم إلا أنه متجرئ على معصية الله غير متوقف على شيء منها فهذا لا يكون القرآن في حقه أفضل بل كلما ازداد تلاوة ازداد ذنبا وتعاظم عليه الهلاك " اهـ
والرد عليه من خمسة وجوه:
(98/248)
أ - فهذا من أعظم الكفر البواح لأنه جعل تلاوة القرآن للعاصي المذنب ذنبا وهلاكا عظيما فانظر إلى هذا الاعتذار الذي هو أقبح من الذنب.
ب - بل العاصي المذنب لا علاج له إلا كتاب الله تعالى فهو الشفاء من أدواء الشبهات والشهوات - { قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمومنين - } .
ج - أن القرآن الكريم هو السبيل الوحيد لهداية هذا العاصي فكيف يكون هلاكا له ؟ قال تعالى - { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان - } [ ] وقال: - { ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا - } وقال: - { قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم - } [ ] وقال: - { إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم - } [ ] وقال: - { قد جاءتكم بينة من ربكم وهدى ورحمة - } [ ] وقال - { لقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون - } [ ] وقال: - { هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يومنون - } [ ] وقال تعالى: - { وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يومنون - } [ ] وقال: - { ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين - } [ ] وقال: - { طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين هدى وبشرى للمومنين - } [ النمل 01-02 ] وقال: - { الم تلك آيات الكتاب الحكيم هدى ورحمة للمحسنين - } [ ] وقال: - { هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون - } [ الجاثية 20].
(98/249)
د - اعلم أن العاصي أحوج ما يكون إلى إقناع عاطفي ولا يكون ذلك إلا بترغيب القرآن وترهيبه ووعده ووعيده ولهذا حصر الله النذارة فيه قال تعالى: - { قل إنما أنذركم بالوحي ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون - } [ الأنبياء 45 ] وقال: - { وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ - } [ الأنعام 19 ] وقال: - { كتاب أنزلناه إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمومنين - } [ الأعراف 2 ] وقال: - { وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا لتنذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين - } [ الاحقاف 12 ] وقال تعالى: - { هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولو الألباب - } [إبراهيم 52 ].
هـ - أن رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - كان يأتيه العاصي يشكو إليه حاله سواء أكان زانيا أو قاتلا أو غير ذلك ولم ينه أحدا منهم عن تلاوة القرآن بل كل الأوامر بالتلاوة في الكتاب والسنة عامة في العاصى وغيرهم قال تعالى: - { ورتل القرآن ترتيلا - } [ ] وقال: - { فاقرأوا ما تيسر من القرآن - } [ ] وقال: - { وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث - } [ ] وقال - - صلى الله عليه وسلم -: (( اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه )) مسلم ح (1874) وقال: - - صلى الله عليه وسلم - ((أقرأوا القرآن فإنكم تؤجرون عليه... )) الخطيب وأبو جعفر النحاس في الوقف والإبتداء والسجزي في الإبانة ( انظر السلسلة الصحيحة 660 ) وقال: (( تعاهدوا هذا القرآن فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفصيا من الإبل في عقلها )) متفق عليه: البخاري ح (5033) ومسلم ح (1844) والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة معلومة.
الوجه الحادي عشر:
(98/250)
أن قوله هذا صد عن كتاب الله وصرف للناس عن قراءته وتدبر معانيه وداع إلى هجره فإذا كانت صلاة الفاتح لما أغلق وهي لا تتجاوز ثلاثة أسطر تعدل ستة آلاف ختمة من القرآن فإن من يعتقد ذلك سينصرف عن قراءة القرآن إلى هذه الصلاة التي لا تتطلب منه وقتا ولا جهدا.
الوجه الثاني عشر:
هذه المقولة الشنعاء تتضمن صرف الناس عن الإسلام الصحيح المأخوذ من ينابيعه الصافية: الكتاب والسنة ليصبحوا فريسة لخرافات الصوفية وعقائدها انظر مصرع الشرك والخرافة لخالد محمد ص 523 الباطلة.
الوجه الثالث عشر:
قوله أنه ورد في الصلاة على النبي - - صلى الله عليه وسلم - من الفضائل ما لم يرد في عمل آخر يعني القرآن الكريم لأنه هو الذي يدور البحث حوله هذا كفر وكذب محض لأنه ورد في فضل القرآن والثناء عليه وبيان علو منزلته ما يزيد على سبعين آية ولم يرد في الصلاة على النبي - - صلى الله عليه وسلم - إلا آية واحدة.
الوجه الرابع عشر:
أما الأحاديث التي سردتها في فضل الصلاة على النبي - - صلى الله عليه وسلم - فهي كلها مأخوذة من كتاب ابن القيم جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام من ص 5 إلى ص 56 فحذفت بعضها وذكرت البعض الآخر دون أن تشير إلى هذا الكتاب أدنى إشارة خوفا من تحسب من الوهابيين فالحمد لله الذي جعلك عالة عليهم أحببت أم كرهت.
على أن الأمانة العلمية تقتضي منك ألا تتنكر لمن أنت عالة عليه وتصرح بما سرقت من كتابه ونسبته إلى نفسك تشبعا بمالم تعط فهنيئا لك ثوبي زورك
وينسب إبداء المعاني لنفسه ليوهم أغمارا وإن كان سارقا
الوجه الخامس عشر:
صلاة الفاتح لا تدخل في عموم نصوص الصلاة على النبي - - صلى الله عليه وسلم -:
(98/251)
أ - لأنها مبنية على عقيدة وحدة الوجود كما تقدم ذلك صريحا في شرح التجاني لها وإلا فما معنى " ناصر الحق بالحق " إذا علمت أنهم صرحوا بأن المقصود بالحق في اللفظين هو الله قال في الرماح: " قال - - رضي الله عنه - في شرح ياقوتة الحقائق أن الحق في اللفظين هو الله تعالى ومعناه أنه نصر الله تعالى بالله سبحانه نهض إلى نصرة الله تعالى حيث توجه إليه أمر الله تعالى بالنصرة له فنهض مسرعا إلى نصرة الله تعالى بالله تعالى " الرماح 2/459 والدرة الخريدة 4/201 اهـ
ب - لو كانت صلاة حقيقية لسبقنا إليها رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - وصحبه وسائر السلف الصالح مع ما تدعون فيها من الفضل العميم الذي لا يمكن أن يفوت هؤلاء لو كان حقا.
ج - ليتكم سويتموها بالصلوات الإبراهيمية الثابتة ! لقد فضلتموها عليها وعلى كل الصلوات الأخرى قال التجاني: " قال لي رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - ما صلى علي أحد بأفضل من صلاة الفاتح لما أغلق " جواهر المعاني 1/109 والدرة الخريدة 4/202 اهـ
وهذا يستلزم أنه - - صلى الله عليه وسلم - علم الصحابة صلاة مفضولة وكتم عنهم الصلاة الفاضلة وهو كفر بواح ممن قاله.
د - أن الصحابة لم يستطيعوا اختراع صلاة مع علمهم بالشرع واللغة حتى جاء البكري فاخترعها بل بادر الصحابة بسؤاله - - صلى الله عليه وسلم - عن كيفية الصلاة عليه فقالوا: عرفنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك…الحديث البخاري ح (3370) و( 4797 ) و(6357 ) ومسلم 2/4/ 125- 126 .
هـ - أنه - - صلى الله عليه وسلم - أجابهم بصيغة محددة ولم يقل لهم اخترعوا لأنفسكم ما شئتم من الصلوات أو نحوها من الألفاظ التي تدل على ذلك.
و - ثم لو سلمنا جدلا بدخولها في عموم الصلاة على النبي - - صلى الله عليه وسلم - فليس في هذا ما يجعلها أفضل من القرآن الكريم وغيره من الكتب السماوية وجميع العبادات الأخرى.
(98/252)
قال التجاني: " فلما تأملت هذه الصلاة وجدتها لا تزنها عبادة جميع الجن والإنس والملائكة " جواهر المعاني 1/101
اهـ
الوجه السادس عشر:
ومما يدل على أنهم يتعمدون الكذب على الله تعالى أنه قال بأن صلاة الفاتح من كلام الله وهي تبدأ بقوله " اللهم صل على سيدنا محمد " فهل محمد سيد لله تعالى الهدية الهادية ص 106 ؟!! بل هي عقيدة وحدة الوجود التي لا فرق فيها بين الخالق والمخلوق.
الوجه السابع عشر:
هذه الصلاة المفضلة على القرآن الكريم بدعة محدثة لم ترد كاملة في آية قرآنية ولا حديث نبوي صحيح أو ضعيف ولا أثر عن أحد من السلف الصالح ولا نقلت عن أحد من علماء الأمة الذين تدور عليهم الفتيا وبهذا يتبين بطلانها بإجماع أهل العلم في كل العصور.
الوجه الثامن عشر:
ومن العجب أن يتصور التجاني هذا القول وأن ينطق به لسانه مع معرفته أنه كذب على رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - وقد قال جمهور العلماء من اعتقد حل الكذب على النبي - - صلى الله عليه وسلم - فقد كفر. انظر فتح الباري 1/342
وقد قال رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - (( لا تكذبوا علي فإنه من كذب علي فليلج النار )) البخاري ح (106) ومسلم (01) وهو حديث متواتر.
الوجه التاسع عشر:
(98/253)
ثم هو من الكذب على الله تعالى الذي هو كفر بإجماع العلماء انظر مشتهي الخارف ص 253 قال الله تعالى: - { ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله - } [ الأنعام 93 ] وقال: - { ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون - } [ المائدة 103 ] وقال أبو حيان: " نص الشعبي وغيره أن المفترين هم المبتدعون وأن الذين لا يعقلون هم الأتباع " البحر المحيط 4/34 وقال تعالى: - { ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته - } [ الأنعام 21 ] وقال: - { ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه - } [ العنكبوت 68 ] وقال: - { فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه - } [ الزمر 36 ] وقال: - { فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون - } [ آل عمران 94 ] وقال: - { انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا - } [ النساء 50 ] وقال: - { قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون - } [ يونس 68 - 69 ] وقال: - { إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم - } [ النحل 116 - 117 ].
الوجه العشرون:
(98/254)
أن الكلام صفة من صفات الله الهدية الهادية 105 والكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات فكما أن ذات الله لا تشبهها ذوات المخلوقين فإن كلام الله لا يشبهه كلام المخلوقين وقد تحداهم الله أن يأتوا بمثله فقال سبحانه: - { قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا - } [ الإسراء 88 ] وقال ابن كثير: " نبه تعالى على شرف هذا القرآن العظيم فأخبر أنه لو اجتمعت الإنس والجن كلهم واتفقوا على أن ياتوا بمثل ما أنزله على رسوله - - صلى الله عليه وسلم - لما أطاقوا ذلك ولما استطاعوه ولو تعاونوا وتساعدوا وتظاهروا فإن هذا أمر لا يستطاع وكيف يشبه كلام المخلوقين كلام الخالق الذي لا نظير له ولا مثال له ولا عديل له ؟ " تفسير ابن كثير 3/1693
الوجه الواحد والعشرون:
وأما قولك: " وقد ذكر ابن القيم في جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام ص 129 - 135 أربعين فائدة من فوائد الصلاة على النبي - - صلى الله عليه وسلم - استخلصها من الأحاديث الواردة في فضلها " ثم سردها ص 84 - 76
قلت: ما علمناك إلا محاربا لشيخ الإسلام ابن القيم فلماذا تنقل عنه هذه الفوائد أما وجدت في التجانيين الذين يتلقون الوحي عن الله وعن الرسول يقظة من يستطيع جمع هذه الفوائد!!
الوجه الثاني والعشرون:
ما نقله من قول صاحب بغية المستفيد عن صلاة الفاتح: " وأنها وردت من الحضرة القدسية مكتوبة بقلم القدرة في صحيفة نورانية " ص 97.
والرد عليه من وجوه خمسة:
أ - خرافة باطلة وما سمعنا ذلك وقع لأحد من المسلمين وإنما يذكر هذا وأمثاله دجاجلة النصارى وأذنابهم من المتصوفة.
ب - لو وقع مثل هذا لذاع وانتشر وتواتر نقله لتوفر دواعي ذلك ولغرابته.
(98/255)
ج - لم يرد في آية ولا خبر صحيح أن محمد - - صلى الله عليه وسلم - أو غيره من الأنبياء نزلت عليه صحيفة نورانية فهل أنتم أقرب إلى الله عز وجل منهم أم تقولون على الله ما لا تعلمون ؟.
د - أن هذا محال لأن النور لا يمكن أن يجسم فتجعل منه صحيفة أو ورقة أو غير ذلك.
هـ - من أدراه أنها من عند الله ؟ ‍‍‍‍ومن علمه بماذا كتبت هذه الصحيفة يا ترى ؟ ‍
ولا شك أن هذه خيالات شيطانية وخزعبلات خرافية لا تروج على عاقل يفهم الأمور وإنما غرهم بذلك الغرور.
الوجه الثالث والعشرون:
وأما ما نقل عن صاحب الدرة الخريدة أنه قال في صلاة الفاتح: " واعتقاد المصلي أنها في صحيفة من نور أنزلت بأقلام إلهية وليست من تأليف زيد ولا عمرو بل هي من كلامه سبحانه وتعالى كالأحاديث القدسية " ص 98.
والرد عليه من وجوه ثلاث:
أ - هذا شيء لا يعقل ولا يصح في الشرع حيث لم يجعلها من الأحاديث القدسية وإنما هي تشبهها وليت شعري فيم تشبهها ؟!!
ب - هذا تناقض عجيب لأنه أخبر أنها نزلت في صحيفة من نور كتبها الله فيها وأنزلها على البكري ثم جعلها كالأحاديث القدسية وهي التي يرويها رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - عن ربه وهذه لم يرويها رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - عن ربه أصلا.
ج - هذا ادعاء للوحي بل ادعاء للنبوة حيث جعل نفسه في منزلة رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - حيث أنه - - صلى الله عليه وسلم - يروي الأحاديث القدسية عن ربه وهو أيضا يرويها عن ربه.
الوجه الرابع والعشرون:
(98/256)
قوله بأن الفاتح من كلمات الله المذكورة في قوله تعالى: - { قل لو كان البحر مدادا لكمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي - } [ الكهف 109] جهل عظيم بالفرق بين كلمات الله الشرعية وكلماته القدرية الكونية فكلماته الشرعية هي القرآن الكريم وغيره من الكتب السماوية وكلمات الله الكونية القدرية فهي الواردة في هذه الآية وفي قوله تعالى: - { وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا - } [ الأعراف 137] قوله - - صلى الله عليه وسلم -: (( أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر )) أحمد 3/419 وابن السني 631 عن عبد الرحمن بن حنيش مرفوعا بسند صحيح. وهذه الكلمات لا حصر لها كما قال سبحانه: - { كل يوم هو في شأن - } [ الرحمن 29] ولأنه - { إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون - } [ آل عمران 47] وقال تعالى: - { ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله - } [ لقمان 27] فهذه كلمات الله الكونية أي المتعلقة بالخلق والرزق وتدبير الكون بأسره. انظر شرح الطحاوية ص 448 وأضواء البيان 4/151 وفتح القدير ( 3/318 ).
اتهام التجانية النبي - - صلى الله عليه وسلم - بالكتمان
قال مفتاح التجاني:
" وأما اعتراض هذا الجاهل المغرض على قول علي حرازم في جواهر المعاني ج 1 ص 119 " قلت لسيدنا - - رضي الله عنه - وهل كان سيد الوجود - - صلى الله عليه وسلم - عالما بهذا قلت لم يذكره لاصحابه رضوان الله عليهم أجمعين لما فيه من هذا الخير الذي لا يكيف قال: منعه أمران: الأول أنه علم بتأخر وقته وعدم وجود من يظهره الله على يديه في ذلك الوقت " اهـ ص 104
الرد عليه من أكثرمن خمسين وجها ترجع إجمالا إلى تسعة عشر:
الوجه الأول:
(98/257)
مثل هذا في الصراحة ما قال صاحب الجيش ونصه: " وسئل هل كان - - صلى الله عليه وسلم - عالما بفضل صلاة الفاتح لما أغلق ؟ فقال نعم كان عالما به قالوا: ولم لم يذكره لأصحابه ؟ قال: لعلمه - - صلى الله عليه وسلم - بتأخر وقته وعدم وجود من يظهره الله على يديه في ذلك الوقت " الجيش ص 110 اهـ
وبهذا يتضح لك اتفاق التجانية على اتهام رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - بالكتمان.
الوجه الثاني:
وأصرح من هذا، قول كبيرهم أحمد التجاني: " الأمر العام الذي كان يأتيه عاما للأمة طوي بساط ذلك بموته - - صلى الله عليه وسلم - وبقي الأمر الخاص الذي كان يلقيه للخاص فإن ذلك في حياته وبعد مماته دائما لا ينقطع " ا هـ
الوجه الثالث:
وإذا اتضح لك أنهم واصفين للرسول - - صلى الله عليه وسلم - بالكتمان فأعلم أنه لا خلاف في أن ذلك كفر مخرج من الملة وقد أحسن العلامة محمد الخضر حين قال في الرد على كلام التجاني السابق " هذا الذي قاله زور عظيم وبهتان من أشنع ما يختلسه الشيطان من الإنسان يخرج قائله من دين الإسلام خروج السهم من الرمية بإجماع الأمة المعصومة من الإجتماع على الضلال والطغيان أعاذنا الله وجميع الإخوان من الزيغ عن الطريق المستقيم إلى طريق الخذلان " مشتهي الخارف الجاني ص 19 اهـ
الوجه الرابع:
وممن نقل الإجماع على ذلك الإمام ابن حزم إذ قال: " وأعلموا أن رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - لم يكتم من الشريعة كلمة فما فوقها ولا أطلع أخص الناس به من زوجة أو ابنة عم أو ابن عم أو صاحب على شيء من الشريعة كتمه عن الأحمر والأسود ورعاة الغنم ولا كان عنده عليه السلام سر ولا رمز ولا باطن غير ما دعا الناس كلهم إليه ولو كتمهم شيئا لما بلغ كما أمر ومن قال هذا فهو كافر فإياكم وكل قول لم يبين سبيله ولا وضح دليله ولا تعوجوا عما مضى عليه نبيكم - - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم " الفصل في الملل والأهواء والنحل 2/116 اهـ
(98/258)
الوجه الخامس:
قال القاضي عياض:" وكذلك من أضاف إلى نبينا - - صلى الله عليه وسلم - تعمد الكذب فيما بلغه أو أخبر به أو شك في صدقه أو سبه أو قال إنه لم يبلغ أو استخف به أو بأحد من الأنبياء أو أزرى عليهم أو آذاهم أو قتل نبيا أو حاربه فهو كافر بإجماع " الشفاء 2/586 اهـ
الوجه السادس:
قال علي دخيل الله: " ومن اعتقد أن النبي - - صلى الله عليه وسلم - قد كتم شيئا مما أوحاه الله إليه فقد كفر لمخالفته لصريح القرآن والسنة المطهرة وإجماع الأمة " التجانية ص 165 اهـ
الوجه السابع:
قال الرازي: " أجمع المسلمون على أنه لا يجوز على الرسول - - صلى الله عليه وسلم - أن يخون في الوحي والتنزيل وأن يترك بعض ما يوحى إليه لأن تجويزه يؤدي إلى الشك في كل الشرائع والتكاليف وذلك يقدح في النبوة وأيضا فالمقصود من الرسالة تبليغ تكاليف الله تعالى وأحكامه فإن لم تحصل هذه الفائدة فقد خرجت الرسالة عن أن تفيد فائدتها المطلوبة منها " التفسير الكبير 17/193 اهـ
الوجه الثامن:
لقد تولى الله الرد عليكم وعلى أمثالكم إذ شهد لرسوله - - صلى الله عليه وسلم - بالبلاغ في آيات كثيرة بأساليب متنوعة وإليك أمثلة منها:
- قال تعالى: - { فإن تولوا فإنما عليك البلاغ - } [ آل عمران 20 ].
- وقال: - { فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين - } [ المائدة 92 ].
- وقال: - { ما على الرسول إلا البلاغ - } [ المائدة 99 ].
- وقال تعالى: - { وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإنما عليك البلاغ المبين - } [ الرعد 40 ].
- وقال: - { هذا بلاغ للناس ولينذروا به - } [ إبراهيم 52 ].
- وقال: - { فهل على الرسل إلا البلاغ المبين - } [ النحل 35 ].
- وقال: - { فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين - } [ النحل 82 ].
- وقال: - { وما على الرسول إلا البلاغ المبين - } [ النور 54 ].
(98/259)
- وقال: - { فإن اعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ - } [ الشورى 48].
- وقال: - { إلا بلاغا من الله ورسالاته - } [ الجن 23 ].
- وقال: - { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته - } [ المائدة 67 ].
- وقال: - { فلا تذهب نفسك عليهم حسرات - } [ فاطر 08].
- وقال: - { فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يومنوا بهذا الحديث أسفا - } [ الكهف 06].
- وقال: - { فلعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين - } [ الشعراء 3 ].
فهل يمكن لمن يدعي الإسلام بعد هذه الآيات كلها أن يدعي أنه - - صلى الله عليه وسلم - كتم شيئا من الدين ؟! - { كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا - } .
الوجه التاسع:
إذا كان رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - قد كتم صلاة الفاتح عن أبي بكر وعمر وسائر الصحابة فكيف تشيعونها أنتم بين النساء والأطفال وسوقة الناس ؟!
الوجه العاشر:
هذا الكلام الذي قاله التجاني يؤدي إلى أنه هو وأتباعه أفضل سائر الصحابة والتابعين وتابعيهم باحسان وكفى بقول يؤول إلى هذا ضلالا بطلانا.
الوجه الحادي عشر:
وأما احتجاج مفتاح التجاني على ما اتهم به رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - من الكتمان بحديث ابن عباس قال لما اشتد بالنبي - - صلى الله عليه وسلم - وجعه قال: (( إيتوني بكتاب أكتب لكم فيه كتابا لا تضلوا بعده )) قال عمر إن النبي - - صلى الله عليه وسلم - أشتد عليه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا فاختلفوا وكثر اللغط قال: ((قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع )) فخرج ابن عباس يقول إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - وبين كتابه " اهـ ص 106
والرد عليه من وجوه:
(98/260)
أ - أعلم أن الذي عليه أهل العلم من السلف قاطبة أن الذي أراد رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - أن يكتب هو استخلاف أبي بكر الصديق. قال البيهقي: " وقد حكى سفيان بن عيينة عن أهل العلم قبله أنه - - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يكتب استخلاف أبي بكر - - رضي الله عنه - ثم ترك ذلك إعتمادا على ما علمه من تقدير الله تعالى ذلك كما هم بالكتاب في أول مرضه حين قال (( وارأساه )) ثم ترك الكتاب وقال:(( يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر )) أحمد 6/48- 106 ومسلم 7/110 وللبخاري نحوه 4/46- 47 و405-406 ثم نبه أمته على استخلاف أبي بكر بتقديمه إياه في الصلاة. المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج ص 1041
قال ابن حجر العسقلاني: " ويؤيده أنه - - صلى الله عليه وسلم - قال في أوائل مرضه وهو عند عائشة: (( ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب كتابا فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل ويأبى الله والمومنون إلا أبا بكر )) أخرجه مسلم وللمصنف معناه. أحمد 6/48- 106 ومسلم 7/110 وللبخاري نحوه 4/46- 47 و405-406 ومع ذلك فلم يكتب فتح الباري ص 345.
ب - تركه - - صلى الله عليه وسلم - لا يدل على الكتمان كما زعمت ولكن رفع أو قل نسخ حكم تعيين الخلفاء من بعده بسبب الإختلاف كما رفع تعيين ليلة القدر بسبب خصومة بين رجلين من المسلين قال النووي: " كان النبي - - صلى الله عليه وسلم - هم بالكتاب حين ظهر له أنه مصلحة أو أوحي إليه بذلك ثم ظهر له أن المصلحة تركه أو أوحي إليه بذلك ونسخ ذلك الأمر الأول النووي على مسلم (1041). " اهـ
(98/261)
ج - أن الدين كمل بشهادة القرآن وهذا هو غاية تبليغه - - صلى الله عليه وسلم - قال النووي: " وأما كلام عمر - - رضي الله عنه - فقد اتفق العلماء المتكلمون في شرح الحديث على أنه من دلائل فقه عمر وفضائله ودقيق نظره لأنه خشي أن يكتب - - صلى الله عليه وسلم - أمورا ربما عجزوا عنها واستحقوا العقوبة عليها لأنها منصوصة لا مجال للإجتهاد فيها فقال عمر حسبنا كتاب الله لقوله تعالى: - { ما فرطنا في الكتاب من شيء - } وقوله: - { اليوم أكملت لكم دينكم - } فعلم أن الله تعالى أكمل دينه فأمن الضلال على الأمة وأراد الترفيه على رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - فكان عمر أفقه من ابن عباس وموافقيه " النووي على مسلم ص 1041 اهـ
د - أنه - - صلى الله عليه وسلم - عاش بعد ذلك مدة وأوصاهم بعدة أمور فلو لم تنسخ هذه المسألة لأوصى بها شفويا كما أوصى بغيرها فعند البخاري في هذا الحديث: " وأوصى عند موته بثلاث: (( أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم )) ونسيت الثالثة صحيح البخاري ح (3053) و(3168) قيل هي الوصية بالقرآن وبه جزم ابن التين. وقال المهلب بل هو تجهيز جيش أسامة وقال عياض يحتمل أن تكون هي قوله (( لا تتخذوا قبري وثنا )).
وقال ابن حجر ويحتمل أن يكون ما وقع في حديث أنس أنها قوله (( الصلاة وما ملكت أيمانكم )) انظر الفتح ص 1923 .
هـ - قال ابن حجر العسقلاني: " وهذا يدل على أن الذي أراد أن يكتبه لم يكن أمرا متحتما لأنه لو كان مما أمر بتبليغه لم يكن يتركه لوقوع اختلافهم ولعاقب الله من حال بينه وبين تبليغه ولبلغه لهم لفظا كما أوصاهم بإخراج المشركين وغير ذلك" فتح الباري ص 1923 اهـ
(98/262)
قال البيهقي " لو كان مراده - - صلى الله عليه وسلم - أن يكتب ما لا يستغنون عنه لم يتركه لإختلافهم ولا لغيره لقوله تعالى - { بلغ ما أنزل إليك - } كما لم يترك تبليغ غير ذلك لمخالفة من خالفه ومعاداة من عاداه وكما أمر في ذلك الحال بإخراج اليهود من جزيرة العرب وغير ذلك مما ذكره في الحديث " النووي على مسلم ص 1041 اهـ
و - الحديث دليل على كمال الدين وبلوغه لكل الناس لأنه - - صلى الله عليه وسلم - أقر عمر على قوله " حسبنا كتاب الله " وأنتم لا تكتفون بذلك بل تزيدون من الإلهام والرؤيا ونحوه حتى قال قائلكم وهو أبو يزيد البسطامي لعلماء زمانه أخذتم علمكم ميتا عن ميت وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت وكان الشيخ أبو مدين - - رضي الله عنه - يقول لأصحابه إذا سمع أحدا منهم يقول أخبرني فلان لا تطعمونا القديد. بغية المستفيد ص 18
الوجه الثاني عشر:
وأما قوله: " وأيضا ففي صحيح البخاري عن عبادة بن الصامت عن النبي - - صلى الله عليه وسلم - قال: (( خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت وعسى أن يكون خيرا لكم )) قلت فلو كان تعيين ليلة القدر للصحابة مما أوجب الله عليه لعينها لهم ولما رفعت. ص 106
والرد عليه من وجوه:
أ - هذا لا علاقة له بالموضوع لأنه - - صلى الله عليه وسلم - نسي تعيينها ولم يكتمه عن العامة ويخبر به الخاصة لحديث مسلم أنه - - صلى الله عليه وسلم - قال (( يأيها الناس إنها كانت أبينت لي ليلة القدر وإني خرجت لأخبركم بها فجاء رجلان يحتقان معهما الشيطان فنسيتها...)) الحديث مسلم ح (2774)
ب - قال ابن حجر العسقلاني: " قوله (( فرفعت )) أي فرفع تعيينها عن ذكري هذا هو المعتمد هنا والسبب فيه ما أوضحه مسلم من حديث أبي سعيد في هذه القصة قال: (( فجاء رجلان يحتقان )) بتشديد القاف أي يدعي كل منهما أنه المحق (( معهما الشيطان فنسيتها )) فتح الباري ص 303 اهـ
(98/263)
ج - أنه في إخفاء ليلة القدر حكمة بالغة وهي اجتهاد الناس في رمضان التماسا لها قال ابن حجر: " لكن في الرفع خير مرجو لاستلزامه مزيد الثواب لكونه سببا لزيادة الاجتهاد في التماسها وإنما حصل ذلك ببركة الرسول - - صلى الله عليه وسلم - " المرجع السابق 303 اهـ
د - لم يخبر رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - بليلة القدر أحدا من الناس حتى نقول بأنه قد خصه بهذا العلم بل أخفيت ليلة القدر عن جميع الناس وبهذا يتضح أنه لا حجة في هذا الحديث من قريب ولا من بعيد ولكن هذا الرجل كالغريق يتعلق بأي شيء ولو كان فيه حتفه.
الوجه الثالث عشر:
وأما احتجاجه بأن النبي - - صلى الله عليه وسلم - خص بعض الصحابة ببعض الأحكام الشرعية ومثل لذلك بجعله - - صلى الله عليه وسلم - شهادة خزيمة بشهادة رجلين إلى آخره ص 107 فباطل من وجوه:
أ- أن الذي خص به هؤلاء الصحابة كخزيمة وغيره هو أمر تنفيذي أي أنه - - صلى الله عليه وسلم - استثناه من تنفيذ هذا الحكم عليه ولم يخصهم بشيء من الأمور التشريعية أصلا ولكن بعض الجهال قد لا يميزون بين الأحكام التنفيذية والأحكام التشريعية
ب - أن ما خص به النبي - - صلى الله عليه وسلم - هؤلاء المذكورين ليس من علم معرفة الله وتوحيده وشرعه إذ هذا لا يجوز أن يخص به أحد دون أحد التجانية علي دخيل الله ص 157 .
(98/264)
ج - أنه ما خصهم بعلم معين ولا خص به أقرب الناس إليه فعن أبي جحيفة - - رضي الله عنه - قال قلت لعلي ابن أبي طالب - - رضي الله عنه - : ( هل عندكم شيء من الوحي إلا ما في كتاب الله ) قال:( لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أعلمه إلا فهما يعطيه الله رجلا في القرآن وما في هذه الصحيفة ) قلت: ( وما في هذه الصحيفة ؟ قال العقل وفكاك الأسير ولا يقتل مسلم بكافر ) متفق عليه وهذا اللفظ للبخاري البخاري في الجهاد باب فكاك الأسير( 3047 ) ولفظ مسلم عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال: خطب علي ابن أبي طالب فقال: من زعم أن عندنا شيئا نقرأه إلا كتاب الله وهذه الصحيفة قال - وصحيفة معلقة في قراب سيفه - فقد كذب، فيها أسنان الإبل وشيئا من الجراحات... الحديث صحيح مسلم ح ( 1370 ).
د - هذه الدعاوى الباطلة بأن رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - قد خص بعض الناس بشيء من الوحي ليس لهم فيها سلف إلا الشيعة الرافضة الباطنية قال النووي في شرح الحديث السابق " هذا تصريح من علي - - رضي الله عنه - بإبطال ما تزعمه الرافضة والشيعة ويخترعونه من قولهم أن عليا - - رضي الله عنه - أوصى إليه النبي - - صلى الله عليه وسلم - بأمور كثيرة من أسرار العلم وقواعد الدين وكنوز الشريعة وأنه - - صلى الله عليه وسلم - خص أهل البيت بما لم يطلع غيرهم وهذه دعاوى باطلة واختراعات فاسدة لا أصل لها ويكفي في إبطالها قول علي - - رضي الله عنه - هذا " النووي صحيح مسلم ص 855 اهـ
(98/265)
هـ - عن أبي الطفيل قال كنت عند علي بن أبي طالب فأتاه رجل فقال: ما كان النبي - - صلى الله عليه وسلم - يسر إليك ؟ قال فغضب وقال ما كان النبي - - صلى الله عليه وسلم - يسر إلي شيئا يكتمه الناس غير أنه حدثني بكلمات أربع قال: فقال: ما هن يا أمير المؤمنين ؟ قال: قال: (( لعن الله من لعن والده ولعن الله من ذبح لغير الله ولعن الله من آوى محدثا ولعن الله من غير منار الأرض )) رواه مسلم مسلم في الأضاحي باب تحريم الذبح لغير الله ( 1978) وفي رواية له عن أبي الطفيل سئل علي أخصكم رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - بشيء ؟ قال: ما خصنا رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - بشيء لم يعم به الناس كافة إلا ما كان في قراب سيفي هذا قال فأخرج صحيفة مكتوب فيها (( لعن الله من ذبح لغير الله ولعن الله من سرق منار الأرض ولعن الله من لعن والده ولعن الله من آوى محدثا )) المصدر السابق
الوجه الرابع عشر:
وأما قوله: " أن النبي - - صلى الله عليه وسلم - عليه كان يخص ببعض الأمور بعض الصحابة دون بعض والدليل على هذا ما في الصحيحين من قول أنس - - رضي الله عنه - أسر إلي النبي - - صلى الله عليه وسلم - سرا فما أخبرت به أحدا بعده ولقد سألتني أم سليم فما أخبرتها به.
(98/266)
وفيهما من قول عائشة رضي الله عنها إنا كنا أزواج النبي - - صلى الله عليه وسلم - جميعا لم تغادر منا واحدة فأقبلت فاطمة عليها السلام تمشي لا والله لا تخفى مشيتها من مشية رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - فلما رآها رحب، قال مرحبا بابنتي ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم سارها فبكت بكاء شديدا فلما رأى حزنها سارها الثانية فإذا هي تضحك فقلت لها أنا من بين نسائه خصك رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - من بيننا ثم أنت تبكين فلما قام رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - سألتها عما سارك قالت ما كنت لأفشي على رسول - - صلى الله عليه وسلم - سره فلما توفي قلت لها عزمت عليك بمالي عليك من الحق لما أخبرتني قالت أما الآن فأخبرتني قالت أما حين سارني في الأمر الأول فإنه أخبرني أن جبريل كان يعارضه القرآن كل سنة مرة وقد عارضني العام مرتين ولا أرى الأجل إلا قد اقترب فاتق الله واصبري فإني نعم السلف أنا لك قالت فبكيت بكائي الذي رأيت فلما رأى جزعي سارني الثانية قال يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة ) اهـ ص 108.
واحتجاجه مردود من وجوه:
أ - أما حديث أنس فالسر الذي فيه مما يختص بنسائه - - صلى الله عليه وسلم - وإلا فلو كان من العلم ما وسع أنسا كتمانه فتح الباري ص 2751 ومما يدل على ذلك رواية مسلم ( بعثني رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - في حاجة فابطأت على أمي... الحديث صحيح مسلم ح ( 2482 ) وفي مسند أحمد عن أنس ( فأرسلني في رسالة فقالت أم سليم ما حبسك... الحديث
ب - فهذه الطرق تبين أنه - - صلى الله عليه وسلم - أرسله في بعض أموره الخاصة كشؤونه الأسرية وهذا لا علاقة له بكتمان شيء من شرع الله عن الأمة اثنا عشر قرنا ثم يخص به أمثالكم من المبتدعة المسترزقة.
(98/267)
ج - أما حديث عائشة في قصة فاطمة الزهراء فلا حجة فيه أصلا لأن الأمور التي أسر بها - - صلى الله عليه وسلم - إلى فاطمة رضي الله عنها لا علاقة لها بالناحية التشريعية التعبدية لأن الذي أسر إليها هو دنو أجله وأنها سيدة نساء الأمة.
د - ثم إن فاطمة قد ذكرت ما أسر به - - صلى الله عليه وسلم - إليها بعد وفاته وعلمه كل الناس فأين ذلك من اتهامكم رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - بكتمان صلاة الفاتح لما أغلق ثم زدتم على ذلك بادعاء أنها من كلام الله تعالى وأنها أفضل من جميع الصلوات بل ومن جميع العبادات. قال التجاني: " وإن صلاة الفاتح لما أغلق أفضل من جميع وجوه الأعمال والعبادات وجميع وجوه البر على العموم والإطلاق. جواهر المعاني 1/103.
الوجه الخامس عشر:
وأما احتجاجه على أن النبي - - صلى الله عليه وسلم - كتم بعض الشرع بحديث أبي هريرة - - رضي الله عنه - حفظت عن رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - جرابي علم أما أحدهما فبثثته وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم اهـ ص 108 فلا حجة لك فيه من وجوه:
أ - قال ابن حجر العسقلاني: " وحمل العلماء الوعاء الذي لم يبثه على الأحاديث التي فيها تبيين أسامي أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم وقد كان أبو هريرة يكني عن بعضه ولا يصرح به خوفا على نفسه منهم كقوله ( أعوذ بالله من رأس الستين وإمارة الصبيان ) يشير إلى خلافة يزيد بن معاوية. لأنها كانت سنة 60 هـ " فتح الباري 1/348 اهـ
وهكذا تعلم أن العلماء متفقون على أن الوعاء المكتوم ليس مما يتعلق بالشرع أصلا.
(98/268)
ب - وإنما قال بهذا التحريف الذي ذهبت إليه أضل الناس وهم الباطنية الملاحدة فجئتم تقتفون آثارهم تاركين هدي السلف الصالح - { بأس للظالمين بدلا - } قال العلامة ابن المنيّر: " جعل الباطنية هذا الحديث ذريعة إلى تصحيح باطلهم حيث اعتقدوا أن للشريعة ظاهرا وباطنا وذلك الباطن إنما حاصله الإنحلال من الدين قال وإنما أراد أبو هريرة بقوله ( قطع ) أي قطع أهل الجور رأسه إذا سمعوا عيبه لفعلهم وتضليله لسعيهم " المرجع السابق اهـ
ج - أن أبا هريرة ما كان ليكتم شيئا من الشرع وهو القائل إن الناس يقولون أكثر أبو هريرة ولولا آيتان في كتاب الله ما حدثت حديثا ثم يتلو: - { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى...-إلى قوله- الرحيم - } الحديث. صحيح البخاري ح ( 118 ) وصحيح مسلم ( 2492 ).
د - جهل ما كتمه أبو هريرة لا يضر المؤمن وليس مما يقرب إلى الله تعالى عكس صلاتكم المزعومة التي تفضلونها على القرآن وغيره من الكتب السماوية كما تقدم.
الوجه السادس عشر:
وأما قوله " وما فيه من قول أبي الدرداء لعلقمة أليس فيكم أو منكم صاحب السر الذي لا يعلمه غيره يعني حذيفة ".
وفي صحيح مسلم عن حذيفة قال أخبرني رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة فما منه شيء إلا قد سألته عنه إلا أني لم أسأله ما يخرج أهل المدينة من المدينة اهـ ص 108
والرد عليه من وجوه:
أ - قال الحافظ:" والمراد بالسر ما أعلمه به - - صلى الله عليه وسلم - من أحوال المنافقين " فتح الباري ص 1688 اهـ
قلت دليل ذلك ما روى مسلم عن حذيفة قال قال النبي - - صلى الله عليه وسلم -: (( في أصحابي اثنا عشر منافقا فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ثمانية منهم تكفيهم الدبيلة ... )) وأربعة لم أحفظ ما قاله شعبة فيهم صحيح مسلم ح ( 7035 ) .
(98/269)
ب - مما يؤيد ذلك أن عمر كان لا يصلي على من لم يصل عليه حذيفة لنهي رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة على المنافقين وجهل المؤمن بأسماء المنافقين لا يضر. مجموعة الرسائل والمسائل ص 112 ـ 113
ج - أما ما أخبر به رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - حذيفة من الفتن التي تكون بين يدي الساعة فقد أخبر به - - صلى الله عليه وسلم - كل الصحابة في درس عام في المسجد النبوي الشريف فعن حذيفة - - رضي الله عنه - قال:( قام فينا رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - مقاما ما ترك شيئا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدث به حفظه من حفظه ونسيه من نسيه... الحديث ). صحيح مسلم ح ( 7263 ) وعن أبي زيد عمرو ابن أخطب قال صلى بنا رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - الفجر وصعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر فنزل فصلى ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت العصر ثم نزل فصلى ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غربت الشمس فأخبرنا بما كان وبما هو كائن فأعلمنا أحفظنا ) وكلا الحديثين في صحيح مسلم المصدر السابق ح ( 7267 )
د - هذه التفاصيل المتعلقة بالفتن لا ينبني عليها حكم شرعي أصلا ومن جهلها لا يضر ذلك إيمانه.
الوجه السابع عشر:
وأما قوله: " وقد بوب البخاري في كتاب العلم من صحيحه فقال: باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن لا يفهموا وقال علي حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله ورسوله. اهـ ص 109
والرد عليه من وجوه:
أ- هذه مغالطة مكشوفة لأن البخاري قال " كراهية أن لا يفهموا " ليبين أنها مسألة تدرج فقط فالمبتدئ في علم النحو لو ابتدأت له بكتاب سبويه لكان ذلك فتنة له وصدا له عن هذا العلم ولكن تبدأ له بالكتب الصغيرة ثم المتوسطة ثم الكبيرة وتقدم أسهلها عبارة وأقربها فهما ولهذا قال علي حدثوا الناس بما يفهمون... الأثر.
(98/270)
ب - وأن هذا في المسائل التي لا يتعلق بها صحة عبادة المسلم ولا يضر جهلها في عقيدته قال ابن حجر: " وفيه دليل على أن المتشابه لا ينبغي أن يذكر عند العامة ومثله قول ابن مسعود (ما أنت محدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة ) رواه مسلم وممن كره التحديث ببعض دون بعض أحمد في الأحاديث التي ظاهرها الخروج على السلطان ومالك في أحاديث الصفات وأبو يوسف في الغرائب فتح الباري ص 353.
ج - أن المراد من ترك تحديث بعض الناس أي من لا يستطيع فهم ذلك الخبر أو من سيتأوله على ما يقوي به بدعته ومذهبه أي أن العبرة إنما هي بجلب المصلحة ودرء المفسدة قال ابن حجر العسقلاني: " وضابط ذلك أن يكون ظاهر الحديث يقوي البدعة وظاهره في الأصل غير مراد فالإمساك عنه عند من يخشى عليه الأخذ بظاهره مطلوب " المرجع السابق. اهـ
الوجه الثامن عشر:
وأما قوله أن النبي - - صلى الله عليه وسلم - كان هديه أنه إذا أخبر أحدا من الصحابة بفضل كثير في مقابلة عمل يسير استكتمه عليه خشية أن يتكل الصحابة على ذلك العمل اليسير.
الرد عليه من وجوه:
أ- قوله "مقابل عمل يسير " ممنوع لأنه استدل عليه بحديث (( ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار )) وهذا ليس عملا يسيرا لأنه يشمل كل الإسلام فالشرط الأول من الشهادتين في توحيد العبادة وإخلاصها له فتدخل فيه كل عبادة والشرط الثاني توحيده - - صلى الله عليه وسلم - في الإتباع في كل صغيرة وكبيرة، ولكن المشكلة أنك لا تفهم معنى الشهادة وتظنها مجرد ألفاظ يترنم بها وتلحن في المناسبات.
ب - لو كان هديه - - صلى الله عليه وسلم - كتم هذه الأمور لما اطلعت عليها أنت وأمثالك من الجهلة الأغبياء بل حدث بذلك عدد جم من الصحابة حتى تواتر الخبر وأشتهر انظر الأزهار المتناثرة ص33 ونظم المتواتر ص49 .
(98/271)
ج - في حديث أبي هريرة عند مسلم أنه أرسل أبا هريرة بنعله يبشر الموحدين بالجنة حتى بين له عمر أن الحكمة تقضي أن لا يفعل ذلك حتى لا يتكل الناس وقد ذكرت الحديث لأنك حاطب ليل تقرأ ما لا تفهم وتهرف بما لا تعرف.
د - وإنما لم يشعه النبي - - صلى الله عليه وسلم - بين العامة من أجل أن يغلبوا في الحياة جانب الخوف على الرجاء لا أنه كتمه - - صلى الله عليه وسلم - ولهذا أخبر به معاذ عند موته تأثما قال النووي: " ومعنى تأثم معاذ أنه كان يحفظ علما يخاف فواته وذهابه بموته فخشي أن يكون ممن كتم علما وممن لم يمتثل أمر رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - في تبليغ سنته فيكون آثما فاحتاط وأخبر بهذه السنة مخافة الإثم وعلم أن النبي - - صلى الله عليه وسلم - لم ينهه عن الإخبار بها نهي تحريم " النووي على مسلم ص 114 اهـ
وقال ابن حجر: " ودل صنيع معاذ على أنه عرف أن النهي عن التبشير كان على التنزيه لا على التحريم وإلا لما كان يخبر به أصلا أو عرف أن النهي مقيد بالاتكال فأخبر به من لا يخشى عليه ذلك وإذا زال القيد زال المقيد والأول أوجه " فتح الباري ص 353 اهـ
قال مفتاح التجاني:
" ثامنها أن قول التجاني - - رضي الله عنه - بأن النبي - - صلى الله عليه وسلم - كان عالما بهذا الفضل المتأخر عن عهد الصحابة رضي الله عنهم وأنه لم يذكره لهم لتأخره وعدم وجود من يظهره الله على يديه في ذلك الوقت لا إشكال فيه لأن النبي - - صلى الله عليه وسلم - ثبت في الصحيحين من حديث أنس أنه - - صلى الله عليه وسلم - قال للصحابة يوما ( لا تسألوني عن شيء إلا بينته لكم ) وثبت فيهما من حديث أسماء بنت أبي بكر أنه - - صلى الله عليه وسلم - قال: (ما من شيء لم أكن أريته إلا قد رأيته حتى الجنة والنار ) وهذا الخبر المتأخر داخل في عموم قوله شيء في هذين الحديثين الصحيحين " ا هـ ص 112
والرد عليه من وجوه:
(98/272)
ا - قوله أن النبي - - صلى الله عليه وسلم - كان عالما بفضل الفاتح ولم يذكره للصحابة وهو تعريف الكتمان تماما ولا يشك مسلم في كفر من اتهم رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - في التبليغ.
ب - وأما قوله " وعدم وجود من يظهره الله على يديه " صريح في تفضيل التجاني لاصحابه وأتباعه على الصحابة رضوان الله عليهم وهذا غاية الاستهزاء بالصحابة وسبهم واحتقارهم وهذا كفر بإجماع أهل الإسلام.
- قال القاضي عياض: " وكذلك نقطع بتكفير كل قائل قولا يتوصل به إلى تضليل الأمة وتكفير جميع الصحابة... " الشفاء 2/1072 اهـ
- يقول السبكي: " إن سب الجميع بلا شك أنه كفر وهكذا إذا سب واحدا من الصحابة حيث هو صحابي لأن ذلك استخفاف بحق الصحبة ففيه تعرض إلى النبي - - صلى الله عليه وسلم - فلا شك في كفر الساب " فتاوي السبكي 2/575 اهـ
- وقال مالك رحمه الله " من شتم أحدا من أصحاب محمد - - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر أو عمر أو عثمان أو معاوية أو عمرو بن العاص فإن قال: كانوا على ضلال وكفر قتل وإن شتهم بغير هذا من مشاتمة الناس نكل نكالا شديدا " الشفاء 2/599 اهـ
- وسئل الإمام أحمد " عمن يشتم أبا بكر وعمر وعائشة فقال ما أراه على الإسلام وسئل عمن يشتم عثمان فقال رحمه الله هذه زندقة " انظر السنة للخلال ص 493 اهـ
- قال الذهبي: " فمن طعن فيهم أو سبهم فقد خرج من الدين ومرق من ملة المسلمين لأن الطعن لا يكون إلا عن اعتقاد مساويهم وإضمار الحقد فيهم وإنكار ما ذكره الله في كتابه من ثنائه عليهم وما لرسوله الله - - صلى الله عليه وسلم - من ثنائه عليهم وبيان فضلهم ومناقبهم... " الكبائر للذهبي ص 285 اهـ
ج - كيف يتصور أحد أن يحمل أتباع التجاني ما عجز عن حمله ذلك الجيل الفريد الذي لم ير التاريخ مثله جيل الصحابة فهذا الكلام السخيف لو قيل لأسخف الناس أسخف ما شئت واجتهد لما استطاع أن يأتي بمثله.
(98/273)
د - وأما قوله أن هذه الفرية السخيفة داخلة في عموم (( لا تسألوني عن شيء )) وحديث (( ما من شيء لم أكن رأيته )) فهذا هو غاية الجنون لأن المدعي تأليه الكواكب والأوثان سيقول إنها تدخل في عموم شيء وكفى بقول يؤول إلى تصحيح عبادة الأوثان وغيرها من سائر الضلال بطلانا.
هـ - والمعنى بقوله شيء أي مما يتعلق بالشرع لأنه - - صلى الله عليه وسلم - قد قال لهم (( أنتم أعلم بأمور دنياكم )) كما في صحيح مسلم صحيح مسلم الفضائل باب وجوب امتثال ما قاله شرعا... ح ( 6126 ).
الوجه التاسع عشر:
ولقد أحسن العلامة أدييج بن عبد الله الكمليلي في رده عليكم في هذه المسألة حيث قال:
ونسبة الكتمان للنبي
تعد من مناكر البدعي
فورده صين عن الصحابة
فيما ادعى وخص بالاصابة
وذاك ينافي ما على الرسول
إلا البلاغ محكم التنزيل
واليوم أكملت لكم والمكمل
دين المخاطبين أو من يرسل مشتهى الخارف ص 71
ادعاء التجانية أن الكفار ينعمون في النار
قال مفتاح التجاني:
" وأما اعتراض هذا الجاهل المغرض على قول الشيخ التجاني في جواهر المعاني ج 1 ص 64 ولفظه ( وقد ذكر بعض أهل الحقائق أن بعض أحوال الرحمة في أهل النار من الكفار أنهم يغمى عليهم في بعض الأوقات فيكونون كالنائم لا يحسون بأليم العذاب ثم تحضر بين أيديهم أنواع الثمار والمآكل فيأكلون في غاية أغراضهم ثم يفيقون من تلك السكرة فيرجعون إلى العذاب...)" اهـ ص 114.
الرد عليه أكثر من أربعين وجها ترجع إجمالا إلى عشرين:
الوجه الأول:
(98/274)
لم لم تذكر بداية الكلام أم حذفته لما فيه من الكفر الصريح إذ صرح بمحبة الله للكفار ورد صريح القرآن الكريم وإليك نص كلامه: " وقد استدل شيخنا - - رضي الله عنه - فيما ذكره في شرح هذه الآية المتقدمة من أن الكفار داخلون في حيطة محبة الله ورحمته بقوله سبحانه: - { ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون - } قال - - رضي الله عنه - معناه فسأكتبها خالصة من العذاب للذين يتقون دلت الآية على أن خلق الله قسمان القسم المرحوم المعذب فقال سبحانه وتعالى: - { عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء - } وأما الصنف الثاني الذي هو مرحوم بلا عذاب فقال سبحانه وتعالى في حقهم - { فسأكتبها للذين يتقون - } وما ورد مما يناقض عموم الرحمة في قوله تعالى: - { والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم - } فالرحمة في هذه الآية التي يئسوا منها هي الجنة فقط فإنها محرمة على كل كافر وليست الجنة هي غاية رحمة الله تعالى فإن رحمة الله تعالى لا تحيط بها العقول يرحم الكفار حيث يشاء وقد ذكر بعض أهل الحقائق... إلخ اهـ
الوجه الثاني:
هذا الكلام صريح في محبة الله للكفار وقد قدمنا الأدلة القطعية على كفر معتقد ذلك ولله الحمد.
الوجه الثالث:
مضمون هذا الكلام كما ترى هو الدعوة إلى الكفر وصد الناس عن الإسلام لأنه يقول لهم أنهم مرحومون منعمون في نارهم.
الوجه الرابع:
كلامه صريح في إنكار الوعيد وإنما يتخرج ذلك على عقيدتهم في وحدة الوجود فالكون كله مؤمنه وكافره هو الله ولهذا قال أبو يزيد البسطامي الذي هو أول من أدخل هذه الفكرة إلى المسلمين ما نصه: " ما النار ؟ لأستندن إليها غدا وأقول اجعلني فداءا لأهلها وإلا بلعتها ما الجنة ؟ لعبة صبيان ومراد أهل الدنيا " سير أعلام النبلاء 13/88 اهـ
الوجه الخامس:
واعلم أن إنكار الوعيد كفر مخرج من الإسلام إجماعا.
(98/275)
أ - قال القاضي عياض: " وكذلك من أنكر الجنة أو النار أو البعث أو الحساب أو القيامة فهو كافر بإجماع للنص عليه وإجماع الأمة على صحة نقله متواترا وكذلك من اعترف بذلك ولكنه قال إن المراد بالجنة والنار والحشر والنشر والثواب والعقاب معنى غير ظاهر وأنها لذات روحية ومعان باطنة كقول النصارى والفلاسفة والباطنية وبعض المتصوفة" الشفاء 2/1077 اهـ
ب - وقال ابن حزم: " وأن ما في القرآن من أمور الجنة من أكل وشرب وجماع والحور العين والولدان المخلدين ولباس وعذاب في النار بالزقوم والحميم والأغلال وغير ذلك فكله حق... فمن خالف شيئا من هذا فقد خرج عن الإسلام لخلافه القرآن والسنة والإجماع " الدرة 221 بتصرف يسير اهـ
ج - ذكر ابن نجيم كفر من أنكر الجنة أو النار أو الحساب كما يكفر من انكر الوعد والوعيد. انظر البحر الرائق 5/129 فما بعدها
د - جاء في الفتاوي البزازية " أو أنكر وعدا أو وعيدا يكفر إذا كان الجزاء ثابتا بالقطع " 3/323 اهـ
هـ - قال الغزالي: " من زعم أن الجنة لذة روحية وأن النار شقاء نفسي...ثم قال: والذي نختاره ونقطع به أنه لا يجوز التوقف في تكفير من يعتقد شيئا من ذلك لأنه تكذيب صريح لصاحب الشرع ولجميع كلمات القرآن من أولها إلى آخرها " فضائح الباطنية ص 153 بتصرف اهـ
و - قال الشربيني: " ويكفر إن أنكر الجنة أو النار أو الحساب أو العقاب أو أقر بها لكن قال المراد بها غير معانيها " مغني المحتاج 4/136 وانظر قليوبي وعميرة 4/175 والإعلام لابن حجر الهيتمي ص 357 ـ 374 اهـ
ز - وقال ابن تيمية: " وقد يقول حذاق هؤلاء من الاسماعيلية والقرامطة وقوم يتصوفون أو يتكلمون وهم غالية المرجئة: إن الوعيد الذي جاءت به الكتب الإلهية إنما هو تخويف للناس لتنزجر عما نهيت عنه من غير أن يكون له حقيقة... وهؤلاء هم الكفار برسل الله وكتبه واليوم الآخر المنكرون لأمره ونهيه ووعده ووعيده " مجموع الفتاوى 19/150 بتصرف اهـ
(98/276)
ح - وذكر البهوتي أن مما يوجب الردة: السخرية بالوعد أو الوعيد. انظر كشاف القناع 6/170
ط - وقال ابن جزي: " لا خلاف في تكفير من نفى الربوبية أو الوحدانية... أو قال الثواب والعقاب معنويان " القوانين الفقهية 313 بتصرف اهـ
الوجه السادس:
انظر كيف يتلاعب بالقرآن ويحرفه كما يشاء ويصرفه عن ظاهره بغير برهان ولا شك أن هذا من التفسير بالرأي المذموم قطعا بل من الإستهزاء بالقرآن لأنه من جنس تأويل القرامطة والباطنية.
الوجه السابع:
قال الشيخ إبراهيم القطان:" فانظروا يا أمة محمد - - صلى الله عليه وسلم - ما في هذا من الكفر الصريح المكذب للقرآن العزيز بجعل رحمة الله تنال الكفار في الآخرة وقد قال تعالى: - { والذين كفروا بآياتات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي - } وقال تعالى - { كما يئس الكفار من أصحاب القبور - } . مخازي الولي الشيطاني الملقب بالتجاني ذيل مشتهي الخارف ص 605 اهـ
الوجه الثامن:
وقصره للرحمة على الجنة لا حجة عليه من كتاب ولا سنة ولا قول صاحب ولا تابع ولا أثارة عن أحد من علماء الإسلام وإنما هي من وحي الشيطان عليه وعلى شيخه ابن عربي.
الوجه التاسع:
أما قوله بتوقف العذاب عن أهل النار والتنعم فيها بأكلهم ما يشاؤون من الثمار والمآكل فقد بلغ الغاية في معارضة الوحي ومعاندته وإنكار المعلوم من الدين ضرورة.
- قال تعالى: - { ليس لهم طعام إلا من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع - } [ الغاشية 6- 7 ].
- وقال: - { ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين - } [ الأعراف 50 ].
- وقال: - { لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا - } [ النبأ 25 ].
- وقال: - { إن شجرة الزقوم طعام الأثيم كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم - } [ الدخان 44 ].
- وقال: - { فليس له اليوم ههنا حميم ولا طعام إلا من غسلين - } [ الحاقة 35-37 ].
(98/277)
- وقال: - { إن لدينا أنكالا وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا أليما - } [ المزمل 12-13 ].
- وقال: - { ثم إنكم أيها الضالون المكذبون لآكلون من شجر من زقوم فمالئون منها البطون فشاربون عليه من الحميم فشاربون شرب الهيم هذا نزلهم يوم الدين - } [ الواقعة 51 - 56 ].
وقال: - { أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار - } [ البقرة 174 ]
وقال: - { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا - } [ النساء 10 ].
الوجه العاشر:
وقد صرح أن الكافر مرحوم منعم كالمؤمن إلا أن المؤمن لا يسبق نعيمه عذاب عكس الكافر وهذه هي منزلة المؤمن الفاسق لأنه يعتقد أن الكل مؤمنون تبعا لعقيدة وحدة الوجود.
الوجه الحادي عشر:
وأما ادعاؤه تخفيف العذاب عن الكفار في بعض الأوقات فهو باطل لقوله تعالى: - { وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب قالوا أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال - } [ غافر 49-50 ] وقال: - { لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور - } [ فاطر 36 ] وقال: - { كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب - } [ النساء 56 ] وقال: - { كلما خبت زدناهم سعيرا - } [ الإسراء 97 ].
الوجه الثاني عشر:
قول مفتاح التجاني: " فقوله نضجت جلودهم ظاهرها أن الإحساس بالألم ينقطع في لحظة نضج الجلود ولذا قال تعالى بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب وقوله تعالى: - { كلما خبت زدناهم سعيرا - } فقوله - { كلما خبت - } ظاهر في تخفيف العذاب عن أهل النار حالة خبوها... " اهـ
وهذا باطل من وجوه:
أ - هاتين الآيتين صريحتين في استمرار العذاب للكافرين في النار وعدم تخفيفه أبدا وقد تضافرت الآيات القرآنية على ذلك وخير ما يفسر به القرآن هو القرآن نفسه.
(98/278)
- قال تعالى: - { أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون - } [ البقرة 86 ].
- وقال: - { إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون - } [ البقرة 161 - 162 ].
- وقال: - { أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون - } [ آل عمران 87 - 88 ].
- وقال: - { وإذا رأى الذين ظلموا العذاب فلا يخفف عنهم ولاهم ينظرون - } [النحل 85 ].
- وقال: - { والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور - } [ فاطر 36 ].
- وقال: - { وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب قالوا أولم تك تاتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال - } [ غافر 49 - 50 ].
- وقال: - { فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق - } [ الحج 19 - 22 ] والآيات في هذا المعنى كثيرة معلومة.
ب - أما الآية الأولى فهي صريحة في استمرار العذاب وعدم تخفيفه لحظة واحدة قال الرازي: " هذا استعارة عن الدوام وعدم الانقطاع كما يقال لمن يراد وصفه بالدوام كلما انتهى فقد ابتدأ وكلما وصل إلى آخره فقد ابتدأ من أوله فكذا قوله - { كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها - } يعني كلما ظنوا أنهم نضجوا واحترقوا وانتهوا إلى هلاك أعطيناهم قوة جديدة من الحياة بحيث ظنوا أنهم الآن حدثوا ووجدوا فيكون المقصود بيان دوام العذاب وعدم انقطاعه" التفسيير الكبير 3/239 اهـ
(98/279)
ج - أن المعروف المشاهد أن تبديل الجلد إنما يكون مما تحته من اللحم فكلما احترق جزء من الجلد فالذي يليه من اللحم قد صار جلدا تلقائيا ويكون أضعف من الجلد الأصلي وأشد حساسية وتأثرا بالعذاب قال السدي: " أنه تعالى يبدل الجلود من لحم الكافر فيخرج من لحمه جلد آخر " المرجع السابق اهـ
د - وقوله في الآية - { ليذوقوا العذاب - } صريحة جدا لأنها تدل على أنهم يحسون بالعذاب أبد الدهر كإحساسهم به لأول مرة وهو المعبر عنه بالذوق لأنه في الأول أشد عادة قال الرازي: قوله - { ليذوقوا العذاب - } أي ليدوم لهم ذوقه ولا ينقطع كقولك للمعزوز أعزك الله أي أدامك على العز وزادك فيه وأيضا المراد - { ليذوقوا - } بهذه الحالة الجديدة العذاب وإلا فهم ذائقون مستمرون عليه المرجع السابق 3/239 اهـ
وقال أبو السعود: " والتعبير عن إدراك العذاب بالذوق ليس لبيان قلته بل لبيان أن إحساسهم بالعذا في كل مرة كإحساس الذائق بالمذوق من حيث أنه لا يدخله نقصان بدوام الملامسة أو للإشعار بمرارة العذاب مع إيلامه أو التنبيه على شدة تأثيره من حيث أن القوة الذائقة أشد الحواس تأثرا " المرجع السابق اهـ.
هـ - أما الآية الثانية فهي في معنى الآية الأولى لأن النار ما خبت إلا لنضج الجلود لأن ذلك هو وقودها - { وقودها الناس والحجارة - } - { وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا - } وزيادة سعيرها بأن يبدل الله لهم جلودا غيرها قال أبو السعود:" - { كلما خبت زدناهم سعيرا - } أي كلما سكن لهبها بأن أكلت جلودهم ولحومهم ولم يبق فيهم ما تتعلق به النار وتحرقه.
الوجه الثالث عشر:
وأما استدلال مفتاح على أن العذاب يخفف عن الكفار بين النفختين بقوله تعالى: - { قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا - } .
فالرد عليه من وجوه:
(98/280)
أ - هذه استدلال بكلام الكفار ولا حجة فيه لأنه لا يصدق في الحالة العادية فكيف إذا كانوا في ذلك الوقت الذي بلغت فيه قلوبهم حناجرهم وافئدتهم هواء بل هم سكارى من شدة هول الموقف العظيم قال الشوكاني: " - { من بعثنا من مرقدنا - } ظنوا لإختلاط عقولهم بما شاهدوا من الهول وما داخلهم من الفزع أنهم كانوا نياما " فتح القدير 4/374 اهـ
ب - في استدلاله بهذه الآية تقديم لظن الكفار في حالة فزعهم وخوفهم على الكتاب والسنة واجماع أهل الإسلام قال عياض: " انعقد الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم ولا يثابون عليها بنعيم ولا تخفيف عذاب وإن كان بعضهم أشد عذابا من بعض " فتح الباري 9/176 اهـ
ج - أن المراد بالمرقد هنا المخرج قاله ترجمان القرآن عبد الله ابن عباس كما في البخاري عند تفسير هذه الآية . صحيح البخاري 6/29
د - أن المراد بالمرقد المضجع هو القبر لأن هذا هو معناه اللغوي قال في القاموس " وكمسكن المضجع " القاموس ص 257 وفي اللسان " ويحتمل أن يكون المرقد مصدرا ويحتمل أن يكون موضعا وهو القبر " لسان العرب 3/183
هـ - قال ابن كثير: " - { قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا - } يعنون قبورهم التي كانوا يعتقدون في الدار الدنيا أنهم لا يبعثون منها فلما عاينوا ما كذبوا به في محشرهم - { قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا - } وهذا لا ينفي عذابهم في قبورهم لأنه بالنسبة إلى ما بعده في الشدة كالرقاد " تفسير ابن كثير 4/2370 ونحوه عند القرطبي 10/32 اهـ
ومن شدة خيانته في النقل وتحريفه للكلام حذف بداية كلام ابن كثير كله وبدأ بقوله " هذا لا ينفي ... إلخ
و - هذه الآية أجنبية على الموضوع الذي هو عذاب الكفار في النار والآية إنما هي فيما يتعلق بالنفخ في الصور والبعث فقام لجهله بالخلط بين هذا وذاك.
الوجه الرابع عشر:
(98/281)
وأما قوله: " أن عرض آل فرعون في الدنيا على النار وهم في البرزخ فيه التخفيف البين بالنسبة لما هم صائرون إليه يوم القيامة قال تعالى - { النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب - } اهـ 116.
والرد عليه من وجوه:
أ - لا علاقة للآية بموضوع تخفيف عذاب الكفار في نار جهنم وإنما تتحدث عن عذابهم البرزخي قبل أن يردوا إلى عذاب النار وبئس المصير.
ب - لا شك أن عذاب النار لا يقارن بأي عذاب آخر في الدنيا ولا في البرزخ وهذا لا يختلف فيه شخصان ولا تنتطح فيه عنزان.
ج - ما مثلك إلا كمن قال فرعون عذب في الدنيا بالغرق وغيره وهذا العذاب الدنيوي أشد منه عذاب النار في الآخرة فنقول لك هذا هروب من موضع النقاش إلى ما لا علاقة له بالموضوع.
الوجه الخامس عشر:
وأما قوله: " وإن في غلق أبواب النار في شهر رمضان لرفعا لعذابها عن جميع المعذبين في البرزخ بما في ذلك الكفار ا هـ ص 116
وهذا مردود من وجوه:
ا - هذا لا علاقة له بتخفيف عذاب الكفار في النار الذي ادعى شيخكم وقد عودتنا على هروبك من موضع النقاش عند ما تعوزك الحجة ويدمغك البرهان وهنا هربت إلى تخفيف العذاب في البرزخ حسب دعواك الباطلة.
ب - لا علاقة بين غلق أبواب النار وتخفيف عذاب أهل القبور لأنه لا يمتنع عقلا ولا شرعا أن يصلهم في قبورهم من حرها وسمومها مع غلق أبوابها.
ج - الظاهر أن الكافر يفتح له باب خاص به من النار ليس من أبوابها السبعة المعروفة -الله أعلم بكيفية ذلك الباب- لحديث البراء الطويل وفيه ( فينادي مناد من السماء أن كذب أفرشوا له من النار وافتحوا له بابا إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها... ) الحديث انظر الحديث في أبي داود 2/ 281 والحاكم 1/37 ـ 40 والطيالسي ح ( 753 ) وأحمد 4/287، 288، 295، 296..
(98/282)
قوله عند كل كافر ( افتحوا له بابا إلى النار ) يؤكد أنها ليست الأبواب السبعة إذ لو كانت هي لما أمر بفتحها بعد الكافر السابع لأنها مفتوحة أصلا وتحصيل الحاصل محال.
د - وإذا مات الكافر في رمضان فإنه سيقال ( افتحوا له بابا إلى النار ) وهذا صريح في أنها ليست الأبواب السبعة المغلقة في رمضان.
الوجه السادس عشر:
وأما ما نسب إلى شيخه من القول بتأبيد عذاب الكفار في النار وإلى شيخ الإسلام وابن القيم من القول بفناء النار.
فالرد عليه من وجوه:
أ- أن شيخك قصده بعذابهم غاية النعيم كما تقدم عنه أنه قال: " فيكونون كالنائم لا يحسون بأليم العذاب ثم تحضر بين أيديهم أنواع الثمار والمآكل فيأكلون في غاية أغراضهم "
ب - لا يمكن أن يقصد شيخك التجاني العذاب الحقيقي للكفار لأنه يعتقد أنهم الله لأنه هو الوجود المطلق عنده كما تقدم.
ج - لقد قال شيخك كما تقدم " وإن عبد الأوثان من عبدها فما عبدوا غيري " فلا يمكن أن يعتقد مع هذا عذابهم وإنما يعتقد أنهم مرحومون رحمة عامة لا ينقصها إلا دخول الجنة ثم حول لهم نارهم إلى جنة يتنعمون فيها ولا يحسون بالعذاب.
د - أما ما نسبت إلى شيخ الإسلام ابن تيمية وشمس الدين ابن القيم فأثبت العرش ثم انتقش لأنك لم تعز شيئا من ذلك إلى شيء من كتبهما المعروفة مع كثرتها وإنما نسبته إلى حادي الأرواح فقط ولم ينسب ابن القيم هذا القول إلى شيخ الإسلام ولا إلى نفسه وعزوك ذلك إليه بالصفحة ( حادي الأرواح ص 249 - 252 ) ليفضحك الله على رؤوس الأشهاد وإنما عزاه إلى قوم لم يذكرهم أصلا.
يا ناطح الجبل العالي ليوهنه
أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل
وما أنت إلا:
كناطح صخرة يوما ليوهنها
فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
(98/283)
هـ - لو صح ما قلت عن الشيخين لكنا أول من ينكر عليهما لأننا لا نعتقد فيهما ولا فيمن هو أجل منهما من العلماء العصمة من الزلل والخلل خلافا لكم أنتم الذين تعتقدون أن شيخكم أخذ هذه الأمور عن رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - يقظة ولا يمكن أن تكون خطأ بل هي صواب عندكم.
الوجه السابع عشر:
كل الشبه الباطلة التي ذكرت تدور حول تخفيف العذاب على الكافرين لكنك لم تتطرق إلى نعيمهم في النار الذي نص عليه شيخك فيما نقلت عنه فشبهتك أخص من دعوى شيخك.
الوجه الثامن عشر:
قول التجاني هذا إنما أخذه عن ابن عربي الحاتمي فإنه قال إن أهل النار الذين يعذبون فيها من الكفار أنه تتحول طبيعتهم إلى طبيعة نارية فيتلذذون ويتنعمون في النار لموافقتها لطبيعتهم قال شارح الطحاوية "وهذا قول إمام الإتحادية ابن عربي الطائي " شرح الطحاوية 427 وحادي الأرواح ص 300 اهـ
وقال ابن عربي الحاتمي في كتابه الفصوص:
فلم يبق إلا صادق الوعد وحده
وما لوعيد الحق عين تعاين
وإن دخلوا دار الشقاء فإنهم
على لذة فيها نعيم مباين
نعيم جنان الخلد فالأمر واحد
وبينهما عند التجلي تباين
يسمى عذابا من عذوبة لفظه
وذاك له كالقشر والقشر صائن فصوص الحكم لان العربي ص 93 ـ 94
الوجه التاسع عشر:
أن نص كلام التجاني أن الكفار يعذبون أولا ثم ينعمون بعد ذلك ولا يحسون بأليم العذاب وهذا هو نص كلام اليهود عليهم لعائن الله تعالى: - { وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون - } [ البقرة 80 - 81 ].
الوجه العشرون:
(98/284)
حقيقة الأمر أنهم لا يؤمنون بالآخرة أصلا فلا بعث عندهم ولا نشور لأن كل شيء في الوجود هو الله تعالى وتقدس عما يقولون وقد صرح بهذا أحد أكابرهم وهو محمد الأمين بن سيدنا فقال: " لا بعث في الآخرة وإنما البعث الآن واستدل بقوله تعالى - { فهذا يوم البعث - } قال والإشارة بهذا تفيد القرب وحكاية هذا القول تغني عن رده.
قائمة المراجع
إحياء علوم الدين / أبو حامد الغزالي
الأدب المفرد / الإمام البخاري
الأذكار / الإمام النووي
إرشاد الفحول إلى تحقيق علم الأصول / محمد بن علي الشوكاني
إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل / الألباني
الإستيعاب / ابن عبد البر
الأسرار المرفوعة في الأحاديث الموضوعة / الملا علي القارئ
إسعاف ذوي الوطر شرح منظومة الأثر/ الأتيوبي
أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن / محمد الأمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي
الإعتصام / أبي إسحاق الشاطبي
الإعلام بقواطع الإسلام / لأحمد بن حجر الهيتمي
الأعلام لخير الدين الزركلي
الإفادة الأحمدية لمريد السعادة الأبدية / محمد الطيب بن محمد الحسني السفياني
اقتضاء الصارط المستقيم مخالفة أصحاب الحجيم / شيخ الإسلام ابن تيمية
إكمال المعلم بفوائد مسلم / القاضي عياض
الأم / الإمام الشافعي
الأمثال / أبي الشيخ
البحر الرائق شرح كنز الدقائق / ابن نجيم الحنفي
البحر المحيط / أبو عبد الله محمد بن يوسف الشهير بأبي حيان
البداية والنهاية / الحافظ ابن كثير
البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع / الشوكاني
بغية المستفيد بشرح منية المريد/ محمد العربي السائح الشرقي العمري
تاريخ ابن معين
تاريخ الإسلام / شمس الدين الذهبي
تاريخ بغداد / الخطيب البغدادي
تاريخ دمشق / ابن عساكر
التجانية (دراسة لأهم عقائد التجانية على ضوء الكتاب والسنة ) / علي بن محمد الدخيل الله
التحبير في علم التفسير / الحافظ جلال الدين السيوطي
(98/285)
تحفة الزائر في تاريخ الجزائر / محمد بن عبد القادر الجزائري
تحفة الذاكرين شرح حصن الحصين / الشوكاني
تدريب الراوي على تقريب النواوي / السيوطي
الترجمانة الكبرى في أخبار المعمور برا وبحرا / أبي القاسم الزياني
الترغيب والترهيب / الحافظ المنذري
التصوف الإسلامي تاريخه ومدارسه وطبيعته وأثره / أحمد توفيق العياد
التصوف بين الحق والخلق / محمد فهد سقفه
تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس / ابن حجر العسقلاني
تفسير ابن أبي حاتم
تفسير أبي السعود (إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم ) / أبو السعود
تفسير القرآن العظيم / الإمام إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي
التفسير القيم / شمس الدين ابن القيم
التفسير الكبير / الفخر الرازي
تفسير النسفي (مدارك التنزيل وحقائق التأويل) / النسَفي
تفسيرالقرآن الحكيم الشهير بتفسير المنار / الأستاذ محمد رشيد رضا
تقريب التهذيب / ابن حجر العسقلاني
تمييز الطيب من الخبيث / ابن الديبع
تنبيه الغبي على تكفير ابن عربي (مصرع التصوف ) / براهان الدين البقاعي
تنزيه الشريعة / ابن عراق
تهذيب التهذيب / ابن حجر العسقلاني
تهذيب الكمال / الحافظ المزي
تهذيب رسالة البدر الرشيد / محمد بن إسماعيل الرشيد
التوصل إلى حقيقة التوسل / محمد نسيب الرفاعي
تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد / سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب
جامع البيان في تأويل القرآن / أبي جعفر محمد بن جرير الطبري
جامع العلوم والحكم / أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي
جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله / أبو عمر يوسف بن عبد البر النمري
الجامع لأحكام القرآن / أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي
الجامع للأصول / ابن الأثير
جمع الجوامع في أصول الفقه/ السبكي
جناية المنتسب العاني فيما نسبه بالكذب للشيخ التجاني / أحمد سكيرج
جواهر الرسائل/ إبراهيم انياس
(98/286)
جواهر المعاني وبلوغ الأماني/ علي حرازم بن العربي برادة المغربي الفاسي
الجيش الكفيل لأخذ الثار ممن سل على الشيخ التجاني سيف الإنكار / محمد بن محمد الصغير الشنفيطي التيشيتي
حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح / شمس الدين ابن القيم
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدرديري
الحاوي للفتاوي/ جلال الدين السيوطي
الحديقة الندية شرح الطريقة المحمدية / العلامة عبد الغني النابلسي الحنفي
حصول الاماني بتقريظ مشتهى الخارف الجاني
حلية الأولياء وطبقات الأصفياء / الحافظ أبو نعيم الأصبهاني
خريف الفكر اليوناني / عبد الرحمن البدوي
الدر المنثور في التفسير المأثور / الحافظ جلال الدين السيوطي
دراسات في الفلسفة اليوناية والعربية / إنعام الجندي
الدرة الخريدة شرح الياقوتة الفريدة / حمد فتحا بن عبد الواحد النطيفي
دلائل النبوة / الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي
دلائل النبوة / الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني
ديوان محمد بن أبنُ بن أحميدا
ذخائر الأغلاق شرح ترحمان الأشواق / ابن عربي
ذم الكلام / الهروي
الرد على القائلين بوحدة الوجود / الملا علي القاري
رشق السهام على ما في كلام المنكر على الشيخ التجاني من الأغلاط والأوهام / محمد فال (أباه ) ولد عبد الله
رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم / عمر ابن سعيد الفوتي الطوري
روح المعاني / الآلوسي
الروض الأنف/ عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد السهيلي
رياض الصالحين / النووي
سلسلة الأحاديث الصحيحة / الألباني
سلسلة الأحاديث الضعيفة / الألباني
السلفية وأعلامها في موريتانيا / الشيخ الطيب بن عمر بن الحسين
السنة / ابن أبي عاصم
السنة / أبو بكر الخلال
سنن ابن ماجه
سنن أبي داود
سنن البيهقي
سنن الترمذي
سنن الدارمي
سنن النسائي
سير أعلام النبلاء /شمس الدين الذهبي
السيرة النبوية / أبو محمد عبد الملك بن هشام الحميري
(98/287)
شرح أصول إعتقاد أهل السنة والجماعة / أبي القاسم اللالكائي
شرح الأذكار / ابن علان
الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب مالك / أحمد الدرديري
شرح الطحاوية / علي بن علي بن محمد بن أبي العز
شرح المواقف في علم الكلام / الإيجي
شرح المواهب اللدنية بالمنح المحمدية / أحمد بن محمد القسطلاني
شرح النووي على مسلم (المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج ) النووي
الشريعة / أبو بكر الآجري
شعب الإيمان / البيهقي
شعراء موريتانيا / محمد يوسف مقلد
الشفاء بتعريف حقوق المصطفى / للقاضي عياض بن موسى اليحصبي
شن الغارات على أهل وحدة الوجود ومعية الذات / محمد بن أبي مدين الديماني
الصارم المنكي في الرد على السبكي / ابن عبد الهدي
صحيح ابن خزيمة
صحيح البخاري
صحيح مسلم
الصوفية معتقدا ومسلكا / د.صابر طعيمة
صيانة الإنسان عن وسوسة دحلان / محمد بشير السهسواني الهندي
صيد الخاطر / جمال الدين أبو الفرج ابن الجوزي
الضعفاء / الذهبي
الضعفاء الصغير / البخاري
الضعفاء الصغير / النسائي
الضعفاء / الدارقطني
الضعفاء / العقيلي
الضياء الشارق في رد شبهات الماذق المارق / الشيخ سليمان بن سحمان
طبقات ابن سعد
الطبقات الكبرى /الشعراني
طرح التثريب شرح التقريب / زين الدين العراقي وابنه ولي الدين أبو زرعة
عارضة الأحوذي / ابن العربي
العلم الشامخ في تفضيل الحق على الآباء والمشايخ / صالح بن المهدي المقبلي
عمدة القاري شرح صحيح البخاري / العيني
عمل اليوم والليلة / النسائي
عمل اليوم والليلة / ابن السني
الفتاوى البزازية (بهامش الفتاوى الهندية العلمكيرية )
فتاوى السبكي
فتح الباري شرح صحيح البخاري / العسقلاني
فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير / الإمام محمد بن علي الشوكاني
فتح المغيث شرح ألفية الحديث / السخاوي
الفصل في الملل والأهواء والنحل / أبي محمد علي بن سعيد بن حزم الأندلسي
فصوص الحكم / ابن عربي الحاتمي
(98/288)
فضائح الباطنية / الغزالي
الفوائد المجموعة في الأحديث الموضوعة / الشوكاني
فيض القدير شرح الجامع الكبير / عبد الرؤوف المناوي
قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة /شيخ الإسلام ابن تيمية
القاموس المحيط / الفيروزبادي
حاشيتا القليوبي وعميرة على منهاج الطالبين / قليوبي وعميرة
القوانين الفقهية / ابن جزي الكلبي
كاشف الألباس عن فيضة الختم أبي العباس / إبراهيم انياس
الكاشف / الذهبي
الكامل / ابن عدي
الكبائر / شمس الدين الذهبي
الكبير / البخاري
كتاب الوجود / محمود أبو الفيض المنوفي
مسند القضاعي
كشاف القناع عن متن الاقناع / منصور البهوتي
كشف الحجاب عمن تلاقى مع الشيخ التجاني من الأصحاب / أحمد سكيرج
كشف الخفا ومزيل الألباس / العجلوني
الكفاية في قوانين الرواية /الخطيب البغدادي
لسان العرب / ابن منظور
لسان الميزان / ابن حجر
الله ذاتا وموضوعا / عبد الكريم الخطيب
المبدع في شرح المقنع / ابن مفلح
مجابي الدعاء / ابن أبي الدنيا
المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين / أبو حاتم ابن حبان البستي
مجلة الأزهر
مجلة الحكمة
مجلة الرسالة
مجلة الفتح
مجمع الزوائد ومنبع الفوائد / الحافظ علي بن أبي بكر الهيثمي
مجموع الرسائل والمسائل / شيخ الإسلام ابن تيمية
مجموع الفتاوى / شيخ الإسلام ابن تيمية
محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين / فخر الدين الرازي
مخازي الولي الشيطاني المدعو التجاني الجاني / الشيخ إبراهيم القطان
مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين / ابن القيم
المدخل إلىمعرفة الصحيح / الحاكم أبو عبد الله
مراتب الإجماع / ابن حزم
المستدرك على الصحيحين / الحاكم أبو عبد الله
مسند أبي داود الطيالسي
مسند أبي يعلى الموصل
مسند الإمام أحمد بن حنبل
مسند الفردوس / الديلمي
مشتهى الخارف الجاني في رد زلقات التجاني الجاني /محمد الخضر بن ميابا الجكني
مصباح الزجاجة / البصيري
مصرع الشرك والخرافة / خالد محمد
(98/289)
مصنف ابن أبي شيبة
معارج القبول شرح سلم الأصول / حافظ حكمي
معجم الطبراني الأوسط
معجم الطبراني الصغير
معجم الطبراني الكبير
المعجم الفلسفي / د. جميل صليبا
معرفة علم الحديث/ الحاكم
مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج /الخطيب الشربيني
المغني / ابن قدامة
المقصد الأحمد في التعريف بسيدنا أبي عبد الله أحمد / أبي محمد عبد السلام بن الطيب القادري الحسيني
منح الجليل شرح مختصر خليل / محمد عليش المالكي
منية المريد في آداب وأوراد الطريقة التجانية / بابا الشنقيطي العلوي
الموافقات في أصول الأحكام / الشاطبي
الموضوعات / ابن الجوزي
موطأ الإمام مالك
ميدان الفضل والإفضال في شم رائحة جوهرة الكمال / عبيدة بن محمد الصغير الشنقيطي
ميزان الإعتدال في نقد الرجال / أبو عبد الله أحمد بن عثمان الذهبي
نثر الورود شرح مراقي السعود / محمد الأمين الشنقيطي
نشر البنود شرح مراقي السعود / سيد عبد الله بن الحاج ابراهيم العلوي
نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج / الرملي
النهاية في غريب الحديث / ابن الأثير
الهدية الهادية إلى الطائفة التجانية / د. محمد تقي الدين الهلالي
هذا هو الإسلام / فاروق الرملوجي
الوسيط في تراجم أدباء شنقيط / أحمد بن الأمين الشنقيطي
وفاء الوفاء / السمهودي
الياقوتة الفريدة في الطريقة التجانية / محمد فتحا عبد الواحد محمد النطيفي
المقدمة 1
الرد على مقدمة مفتاح 3
الرد على شبهات المتوسلين بالجاه: أولا من القرآن الكريم أربع آيات 3
الآية الآولى 3
الآية الثانية 5
الآية الثالثة 7
الآية الرابعة 8
ثانيا من السنة: 10
أ- الأحاديث الصحيحة: 10
- حديث توسل عمر بالعباس 10
- أحاديث الشفاعة الكبرى 11
ب- الأحاديث الضعيفة والموضوعة: 12
الأول: حديث الأعمى 12
الثاني: حديث أبي سعيد: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك … 15
الثالث: حديث بلال بنحو حديث أبي سعيد 17
الرابع: حديث أبي أمامة بنحوه 17
(98/290)
الخامس:حديث ابن عباس: الكلمات التي تلقى آدم 18
السادس:حديث أنس: لما ماتت فاطمة بنت أسد أم علي 18
السابع: حديث أنه كان يستشفع بصعاليك المهاجرين … 19
الثامن: حديث: لما اقترف آدم الخطيئة … 19
التاسع: توسلوا بجاهي … 21
العاشر : " إذا أعيتكم الأمور " 22
الحادي عشر:" لولا عباد ركع " 23
الثاني عشر: " إذا انفلتت دابة أحدكم " 23
الثالث عشر: " إذا أضل أحدكم شيئا " 24
الرابع عشر: " اللهم إني أسألك بمحمد نبيك وإبراهيم خليلك " 25
الخامس عشر: حديث ابن عباس في حفظ القرآن 26
السادس عشر: قال داود عليه السلام: أسألك بحق آبائي 27
السابع عشر : حديث مالك الدار خازن عمر قال أصاب الناس قحط " 28
الثامن عشر: حديث عام الفتق 29
التاسع عشر: قصة الأعرابي الذي قال: " اللهم إن هذا حبيبك وأنا عبدك " 29
العشرون: قصة الأعرابي الذي قال: " أتيناك العذارء يدمى لبانها " 30
الواحد والعشرون: قصة سواد بن قارب 31
الثاني والعشرون: مرثية صفية 32
الثالث والعشرون:قصة العتبي 33
الرابع والعشرون:قصة وبن الزبير وابن عمر ومصعب وعبد الملك عند الكعبة 34
الخامس والعشرون:" عن ابن عباس أوحى الله إلى عيسى آمن بمحمد " 35
السادس والعشرون: دعاء الشافعي عند قبر أبي حنيفة 36
السابع والعشرون:قصة مالك مع أبي جعفر المنصور 37
الشبه العقلية 38
الشبهة الأولى: قياس الخالق على المخلوق 38
الشبهة الثانية: التوسل لا مانع منه وإن لم يثبت 38
الشبهة الثالثة: قياس التوسل بالذات على التوسل بالعمل الصالح 39
الشبهة الرابعة: قياس التوسل على التبرك 39
نص محاكمة التجانية الشهيرة في مدينة بوتلميت 40
قصيدة ولد ابنُ في الرد على التجانية 41
قصيدة محمد بن حبيبا 42
قصيدة محمد عبد الله بن أحمذي 43
أرجوزة أدييج الكمليلي في الرد على التجانية 44
ردود العلامة باب بن الشيخ سيديا 45
قصيدة محمد محمود بن أحمذي 46
ردود محمد بن أبي مدين عليكم 47
(98/291)
أرجوزة الشيخ أحمد بن حبيب الرحمن 49
ردود العلامة آب ولد أخطور 50
أرجوزة ابن بدح في الرد عليكم 50
رد العلامة محمد رشيد رضا عليكم 52
رد العلامة بخيت المطيعي 52
قصيدة محمد ناصر السنة 53
قصيدة محمد مولود ولد أحمد فال المباركي 54
أكثر من عشرة أمثلة من تحريفات مفتاح وتلبيساته 57
الرد على قواعد مفتاح في الجرح والتعديل 59
المؤلفات في مصطلح الحديث 59
علاقة التجانية بالنصرانية 63
خدمة التجانية للمستعمر الفرنسي 64
احتقار التجاني لكل الأولياء 65
الرد على دفاع مفتاح التجاني عن شيخه 67
عزوه للحديث الضعيف بصغة الجزم 67
اعترافهم بقتل وسجن ومحاكمة أسلافهم من ضلال المتصوفة 69
من الحالات التي تجوز فيها الغيبة 71
ضعف حديث جابر وأبي طلحة عند أبي داود 72
ترجمة التجاني مغالطات مكشوفة 73
التجاني يفضل نفسه على كل الأنبياء والأولياء 73
التجاني منسوب إلى أخواله " بنو توجين " 75
التجاني يزوِّر العملات 75
جواهر المعاني مسروق من كتاب المقصد الأحمد 75
التجاني يشهد على نفسه بالجهل وأنه ما شم رائحة الإسلام..................77-78
تكفير أكثر من خمسين عالما لابن عربي الحاتمي 79
تعقيبات على ترجمة البكري 91
ملاحظات على ترجمة البسطامي 95
مفتاح يحذف من كلام الذهبي في ترجمة البسطامي 95
مفتاح التجاني يمدح رسالته في تصحيح حديث الضرير 97
أكثر من عشرة أمثلة على أغلاطه وأخطائه في هذه الرسالة 97
رمتني بدائها وانسلت 100
مفتاح التجاني ينكر أن الإيمان بالله وكتابه ورسوله من قواعد الإسلام 101
التضايق من السؤال علامة للعجز عن الجواب 103
التجانية تقول بأن كل الكفار لا يعبدون إلا الله وإن عبدوا الأوثان في الظاهر 103
ابن عربي يدافع عن الكفار 104
تسمية أهل السنة حشوية هي علامة زنادقة المبتدعة 104
علاقة التجانية بالفلسفة 104
الكلام على وحدة الوجود 107
الرد على قول التجانية بأن الله يحب الكفار ويحبونه 113
(98/292)
دفاع التجانية عن عبدة الأوثان 115
مفتاح يحذف من كلام شيخه ما فيه حجة عليه 116
مفتاح يشير من غير قصد إلى جهل شيخه التجاني 117
التجلي عند التجانية هو وحدة الوجود 118
مفتاح يبتر من كلام شيخه التجاني ما سوى فيه بين الرسول والكافر 121
اعتذار مفتاح عن شطحات البسطامي بأنه كان فاقدا للوعي والتمييز 121
ابن عربي والتجاني وانياس يصرحون بأن البسطامي قال تلك الشطحات
في حال الوعي وكمال العقل 122
الكفر الصريح المتكرر صاحبه لا يتأول له 124
حذف مفتاح التجاني من كلام ابن عربي ما هو صريح في وحدة الوجود 126
هروب مفتاح التجاني من وحدة الوجود إلى وحدة الشهود 127
مشاييخ الصوفية يفضلون أنفسهم على الأنبياء 127
تفسير قوله تعالى: - { هو الأول والآخر والظاهر والباطن … - } الآية 127
تفسير قوله تعالى: - { كل شيء هالك إلا وجهه … - } الآية 128
تفسير قوله تعالى : - { ذلك بأن الله هو الحق … - } الآية 130
تفسير قوله تعالى : - { يمحو الله ما يشاء ويثبت … - } الآية 131
الرد على تعلقه بحديث من عادى لي وليا 132
الرد على تعلقه بحديث "كان الله ولم يكن شيء قبله " 134
الرد على تعلقه بقول الشاعر : ألا كل شيء ما خلا الله باطل 135
رد ابن القيم والذهبي والغزالي على وحدة الشهود 135
كلام عبيدة بن محمد الصغير حول وحدة الوجود 137
حكم القائلين بوحدة الوجود 138
المحظورات المترتبة على القول بوحدة الوجود 143
دعوة التجانية إلى الأمن من مكر الله 145
مفتاح يحذف من كلام شيخه ما هو حجة عليه 145
ثلاثون نصا من كتب التجانية تدعو إلى الأمن من مكر الله 146
ادعاء التجانية معرفة الغيب المطلق 152
التجاني يسأل الكاهنة سنيورة عن الغيب 155
الآيات والأحاديث الدالة على اختصاصه تعالى بالغيب المطلق 156
من أقوال العلماء في كفر مدعي علم الغيب 158
عجز مفتاح عن الرد على ثلاثة نصوص حول علم الغيب 159
الفراسة ليست حجة شرعية 160
(98/293)
الآية ليست صريحة في هذا الموضوع 160
الحديث الذي استدل به طرقه كلها ضعيفة 162
أنواع الفراسة 166
الإحتجاج بالرؤى والمنامات 168
رؤيا غير الأنبياء ليست بحجة شرعية إجماعا 168
الإلهام ليس بحجة عند أهل العلم 174
الإلهام وسيلة إلى القول بوحدة الوجود 176
ادعاء العلم اللدني حيلة لإلغاء الشرع 178
نصوص التجاني في ادعاء الوحي 179
رد أهل العلم على ذلك 180
ادعاء التجانية رؤيته يقظة بدعة صوفية 184
رؤية النبي - - صلى الله عليه وسلم - يقظة مستحيلة شرعا 184
رؤية النبي - - صلى الله عليه وسلم - يقظة مستحيلة عقلا 185
الرد على تعلقه بحديث من رآني في المنام فسيراني في اليقظة 185
الرد على ادعائه أن هذه الرؤية من باب الكرامة 186
من نسب إليهم مفتاح هذه الرؤية أربعة أنواع 187
ادعاء التجانية رؤيته - - صلى الله عليه وسلم - يقظة تقليد للنصارى 188
رؤيته - - صلى الله عليه وسلم - يقظة لم ترد في آية ولا حديث 189
تفضيل صلاة الفاتح على القرآن الكريم ستة آلاف مرة 192
معنى صلاة الفاتح هو وحدة الوجود 192
نصوص كتبهم الصريحة في تفضيل صلاة الفاتح على القرآن وغيره من الكتب المنزلة192
تفضيل شيء على القرآن يعتبر استهزاء به والمستهزئ به كافر 193
ادعاؤهم أن صلاة الفاتح من كلام الله 194
من زاد حرفا في كلام الله فهو كافر 195
الرد على شبهة: أن ما يقرأ هو معنى كلام الله فقط 195
الرد على شبهة : أن العدد يرد لمجرد التكثير 196
الرد على شبهة : أن المزية لا تستلزم التفضيل 196
الرد على شبهة :أن صلاة الفاتح أفضل في حق العاصي من تلاوة القرآن 196
الرد على شبهة :أن ما ورد في فضل الصلاة على النبي - - صلى الله عليه وسلم - أكثر مما
ورد في فضل القرآن 198
مفتاح يسرق الأحاديث من جلاء الأفهام لابن القيم 198
كيف تكون صلاة الفاتح كلام الله وهي مبدوءة ب"اللهم صل على سيدنا محمد "؟!199
تفضيلهم صلاة الفاتح على جميع الصلوات 199
(98/294)
تفضيلهم صلاة الفاتح على عبادة الجن والإنس والملائكة 199
صلاة الفاتح لا توجد كاملة في حديث صحيح ولا ضعيف 200
خطورة الكذب على الله ورسوله 200
تفضيل كلام على كلام الله كتفضيل شيء على الله 200
ادعاؤهم أن صلاة الفاتح جاءت في صحيفة من نور مكتوبة بقلم القدرة 201
ادعاؤهم أن صلاة الفاتح من كلام الله كالأحاديث القدسية 201
مفتاح لا يفرق بين الكلمات الشرعية والكلمات الكونية 202
اتهام التجانية لرسول الله - - صلى الله عليه وسلم - بالكتمان 203
من اتهمه - - صلى الله عليه وسلم - بالكتمان فهو كافر إجماعا 203
الآيات الشاهدة له - - صلى الله عليه وسلم - بالبلاغ 204
الرد على استدلال مفتاح على كتمانه - - صلى الله عليه وسلم - بحديث " ايتوني بكتاب اكتب لكم
كتابا لا تضلوا بعده" 205
الرد على استدلال مفتاح على كتمانه - - صلى الله عليه وسلم - بحديث رفع تعيين ليلة القدر 207
الرد على استدلال مفتاح على كتمانه - - صلى الله عليه وسلم - خص بعض الصحابة ببعض الأحكام 208
الرد على استدلال مفتاح على كتمانه - - صلى الله عليه وسلم - بحديث أنس " أسر إلي رسول الله - - صلى الله عليه وسلم -" .209
الرد على استدلال مفتاح على كتمانه - - صلى الله عليه وسلم - بحديث الجرابين 210
الرد على استدلال مفتاح على كتمانه - - صلى الله عليه وسلم - بأن حذيفة كان صاحب السر 210
الرد على استدلال مفتاح على كتمانه - - صلى الله عليه وسلم - بقول البخاري باب من خص بالعلم قوما211
الرد على استدلال مفتاح على كتمانه - - صلى الله عليه وسلم - بأنه - - صلى الله عليه وسلم - إذا أخبر أحدا بأجر كثير
على عمل قليل استكتمه 212
ادعاء التجاني صلاحية أصحابه لتحمل ما عجز عنه أصحاب النبي - - صلى الله عليه وسلم - 214
حكم انتقاص الصحابة واحتقارهم 214
ادعاء التجانية أن الكفار ينعمون في النار 216
حذف مفتاح لبداية كلام شيخه بسبب ما فيه من الكفر البواح 216
(98/295)
انكار الوعيد كفر 217
الرد على ادعائه أكل أهل النار ما يشتهون من الثمار والمآكل 218
الرد على ادعائه تخفيف العذاب عن أهل النار 219
الرد على استدلاله على تخفيف العذاب عن الكفار بآيتين 219
الرد على استدلاله على تخفيف العذاب عن الكفار بين النفختين 220
الرد على استدلاله على تخفيف العذاب عن الكفار بعرض آل فرعون
على النار في الدنيا 221
مفتاح ينسب إلى شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم القول بفناء النار كذبا وبهتانا 222
سلف التجانية في هذه المسألة هو ابن عربي 223
إنما انكرت التجانية عذاب الكفار لاعتقادهم وحدة الوجود 224
فهرس المراجع 246
صورة الصفحة الأولى من خطبة كتاب المقصد الأحمد انظر ملحق كتاب التجانية لعلي بن محمد الدخيل الله
الصورة الصفحة الثانية من خطبة كتاب المقصد الأحمد
صورة الصفحة الثالثة من خطبة كتاب المقصد الأحمد
صورة الصفحة الرابعة من خطبة كتاب المقصد الأحمد
صورة الصفحة 154 من كتاب المقصد الأحمد
صورة الصفحة (155) من كتاب المقصد الأحمد
صورة الصفحة (156) من كتاب المقصد الأحمد
صورة الصفحة (157) من كتاب المقصد الأحمد
صورة الصفحة (158)من كتاب المقصد الأحمد
صورة الصفحة الأولى من خطبة كتاب جواهر المعاني
صورة الصفحة الثانية من خطبة كتاب جواهر المعاني
صورة الصفحة الرابعة من خطبة كتاب جواهر المعاني
صورة الصفحة الخامسة من خطبة كتاب جواهر المعاني
صورة الصفحة السادسة من خطبة كتاب جواهر المعاني
صورة الصفحة (105) كتاب جواهر المعاني
صورة الصفحة (106) من كتاب جواهر المعاني
صورة الصفحة (107) من كتاب جواهر المعاني
صورة الصفحة (108) من كتاب جواهر المعاني
صورة الصفحة (109) من كتاب جواهر المعاني
صورة الصفحة (110) من كتاب جواهر المعاني
(98/296)
بناء الإنسان في الفكر الصوفي الإسلامي قراءة أوليّة في الأدب الصوفي (135 - 142)
محمد سعيدي
جامعة مستغانم
غير مجد في هذا البحث الموجز التطرق إلى تعاريف التصوف وتتبع مفاهيمه، فهي كثيرة ومتشعبة وقد تتشعب بتشعب المدارس الصوفية وتتعدد بتعدد الرجال الصوفية في المدرسة الواحدة وقد استقلت بحوث ضافية بهذه المهمة1. ولكن تمت مقدمات لابد منها أضعها بين يدي القارئ ونحن بصدد تبيان تجليات بناء الإنسان في المنظومة الصوفية :
1- إن نفرا من الأدباء، والشعراء منهم بصفة أخص، حسبوا التصوف تمسكا بالرموز واستعارة لأسماء وألقاب كبار الصوفية فراحوا يحشدونها تباعا وهم لا يزيدون أن يلتحفوا مسوحا من الثقافة الصوفية الإسلامية لا غير، ولا يعيشون تجارب ولا يتذوقون وُجدا أو بتعبير آخر فإنهم يميلون إلى استثمار المعجم الصوفي ولا يتجاوزونه، فتغدو صوفيتهم مصطنعة وذابلة غير ذات إشعاع. وكثيرا ما تتجرد تلك المضامين الصوفية الحقّة عند هؤلاء الشعراء من مدلولها الصوفي ذي المنبت الإسلامي المثقل بالرموز والظلال الإسلامية.
فليس من التصوف في شيء تلك الكتابات الذاتية والتهويمات الوجدانية التي تطفح بها إبداعات أدبية، شعرية ونثرية معاصرة يكتب أصحابها تحت تأثيرات نفسية مختلفة يستجيبون فيها لذواتهم ولنوازعهم وميولهم.
(99/1)
وأعتقد أن الحكم النقدي الذي أطلق في العصر الحديث على جمع من الشعراء بكونهم "شعراء متصوفين" أو "شعراء ذوي نزعات واتجاهات صوفية"، لا يستند على فيض دراسة ولا يقوم على تحليل موضوعي مستفيض ولم يسلك نهج الاستقراء للإبداعات العربية والإسلامية والموازنة بينها وبين غيرها من الإبداعات العالمية، وهناك "حقيقة هامة لابد للدارسين في حقول الآداب العربية والفلسفية من أن يعرفوها هي أن النقد القديم استثنى التراث الصوفي من الدراسات الفنية ولا تزال هذه النظرة سائدة حتى الآن إلا في القليل النادر"2. فنحن بحاجة ماسة إلى دراسات جادة وجديدة تمحق الاختلاف بين النقاد حول المصطلحات الأدبية والعلمية والمعرفية بعامة وتنير سبيل الباحثين والدارسين بغية وضع الأمور في نصابها وقوالبها3. ففي الكثير من الدراسات النقدية المعاصرة يكتنف مصطلحَ "أدب التصوف" الكثيرُ من الغموض والإبهام حتى أضحى بعض الدارسين يلصقه عبثا بكل مبدع غارق في ذاتيته هائم في خياله. وإذا كان "التصوف يحلق بجناحين أحدهما الفلسفة والثاني الأدب بل إنه يمكن القول بأن التصوف أقرب إلى الأدب من إلى الفلسفة"4 فمن الحيف والقصور إذن أن يظل حبيس الأحكام الانطباعية بلا تفسير موضوعي وبلا سبر لأغواره الفكرية والفنية والرمزية ومن الشطط أن يخلط الدارسون والباحثون شعراء صوفيين بآخرين يحسبون على التصوف…
ولنأخذ - على سبيل المثال - الشعر الصوفي والشعر الرومانسي ومدى الاشتباه، إن لم نقل الاضطراب الذي قد يقع فيه غير قليل من النقاد في تفسير التجربة الشعرية وما يلحقها من إبداع شعري صوفي أو رومانسي، كلٌّ على حدة، وإلحاقهما بتياريهيا أو باتجاهيهما أو بمدرستيهما بسبب ما يحيط هذين الشعرين من تشابه ولاسيما في جانب الصور و الأخيلة5. ومع ذلك يبقى الشعر الرومانسي هو غير الشعر الصوفي، فالأول استجابة للذات نحو الذات، أما الثاني فهو استجابة للسمو نحو السمو، للذات نحو العلو.
(99/2)
2- يجب الوقوف موقف الدارسين المحللين أمام تلك الآراء المتناثرة في بطون كتب المستشرقين، ولا نسلم بموضوعيتها بله صحتها، فلقد كان للمستشرقين اليد الطولى في إبداء الكثير من النظريات والآراء النقدية حول تراثنا الإسلامي، ومنه التصوف... آراء أقل ما يقال عنها إنها لا تستند إلى الدراسة الشمولية التي تقوم على المنهج العلمي سبيلا، وعلى الموضوعية وسيلة وكانوا سببا في توجيه الفكر الإسلامي وجهة تتباين والأصول الإسلامية. ولا عجب فقد قام نفر من هؤلاء المستشرقين بتأليف "دائرة المعارف الإسلامية"، وفيها من الآراء والأخطاء ما لا يخفى على دارس منصف وما تزال هذه الآراء تسري عند تلامذتهم من الغربيين والعرب على حد سواء ممن تأثروا بهم إلى حد النقل الحرفي من كتبهم ومن هؤلاء المستشرقين نجد آربري, جب, مرجيلوت, نيلكوس من إنجلترا، وجولد تسهير من المجر وغيرهم.
3- غير صحيح تلك المبالغات التي مفادها أن التصوف الإسلامي يستمد أصوله من مؤثرات خارجية, أجنبية عنه ونحن إذ لا تنكر التأثير والتأثر بين الثقافات الإنسانية فإنا - في مجال التصوف - نقف موقف ريبة من هذا الرأي. فالتصوف مقامات "والمقام هو قيام العبد بين يدي الله عز وجل فيما يقام فيه من المجاهدات والرياضات والعبادات"6 والصوفي المسلم لم يجاوز في كل مقاماته حدود القرآن وسيرة الرسول (ص)، فمقامات الزهد والحب والتوكل والتوبة والذكر وغيرها تجد في القرآن الكريم والحديث الشريف مرتكزاتها، فهما الاثنان منبتها. وإن رابعة العدوية وهي شهيدة العشق الإلهي كانت أول من نادت في شعرها بحب الله بعيدا عن طمع في جنة أو خوف من نار، ولما تعلن عقيدة الحب في تقربها وتبتلها لله بقولها.
عرفت الهوى مذ عرفت هواك
وقمت أناجيك يا من ترى
أحبك حبين حب الهوى
فأما الذي هو حب الهوى
وأما الذي أنت أهل له
فلا الحمد في ذا ولا ذاك لي ... وأغلقت قلبي عمن سواك
خفايا القلوب ولست أراك
(99/3)
وحبا لأنك أهل لذاك
فشغلي بذكرك عمن سواك
فكشفك للحجب حتى أراك
ولكن لك الحمد في ذا وذاك
فلم تكن تحتاج في حبها هذا إلى اكثر من آيتين. الأولى، هي قوله تعالى : "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله"7. والثانية، هي قوله تعالى : "يا أيها الذين آمنوا من يرتدد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين"8. ولنقس على مقام الحب كل المقامات الصوفية فلا حياد فيها عن القرآن الكريم.
4- إن الأدب الصوفي على كثرته وثرائه يحتاج اليوم، وأكثر من ذي قبل إلى آليات قراءة ومناقشة وتحليل وغربلة بغية فك رموزه وتصفيته من شوائب علقت به على مر العصور. ذلك أن القراءة المتباينة والمتناقضة للنص الواحد قد جرّت ويلات على كبار الصوفية، فالشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي هو شيخ العارفين وإمام الصوفيين عند نفر من النقاد والدارسين. وهو على العكس من ذلك خارج عن جادة الصواب وينعت بأبشع النعوت عند آخرين.
والحلاج كذلك، هو الولي، التقي، النقي، الورع، عند أقوام. وهو نفسه الزنديق الملحد عند أقوام آخرين. والغريب أننا واجدون النص الواحد عند هؤلاء الصوفية الأقطاب يكون محل تفسير وتأويل بغير ضوابط منهجية فتنجرّ من وراء ذلك أحكام نقدية متباينة.9
ثانيا، بناء الإنسان : معنى البناء : ورد في لسان العرب لابن منظور: البَنْيُ نقيض الهدم. بنى البَنَّاءُ البناء بنيا وبناء وبِنًى. وقد تكون البناية في الشرف. يقول الشاعر العربي :
متى يبلغ البنيان تمامه ... إذا كنت تبنيت وغيرك يهدم
وبنى الرجلَ : اصطنعه. يقول الشاعر :
يبني الرجالَ وغيره يبني القرى ... شتان بين قرى وبين رجال10
(99/4)
معنى الإنسان عند الصوفية : يذكر الجرجاني تعريفا شاملا للإنسان بقوله : "الإنسان هو الحيوان الناطق.. والإنسان الكامل هو الجامع لجميع العوالم الإلهية، والكونية الكلية، والجزئية. وهو كتاب جامع للكتب الإلهية والكونية، فمن حيث روحه وعقله كتاب عقلي مسمى بأم الكتاب، ومن حيث قلبه كتاب اللوح المحفوظ، ومن حيث نفسه كتاب المحو والإثبات، فهو الصحف المكرمة المرفوعة المطهرة، التي لا يمسها ولا يدرك أسرارها إلا المطهرون من الحجب الظلمانية. فنسبة العقل الأول إلى العالم الكبير وحقائقه بعينها نسبة الروح الإنساني إلى البدن وقواه، وإن النفس الكلية قلب العالم الكبير كما أن النفس الناطقة قلب الإنسان، وكذلك يسمى العالم بالإنسان الكبير".11
وقد شاع عند المتصوفة مفهوم الإنسان الكامل والمقصود به الرسول (ص). يقول الشيخ الجيلي في كتابه الإنسان الكامل في معرفة الأوائل والأواخر، وفي الباب الستين الذي يعنونه "بالإنسان الكامل وأنه محمد (ص) وأنه مقابل للحق والخلق"12 ويقول "اعلم حفظك الله أن الإنسان الكامل هو القطب الذي تدور عليه أفلاك الوجود من أوليه إلى آخره، وهو واحد منذ كان الوجود إلى الآبدين فاسمه الأصلي الذي هو له محمد وكنيته أبو القاسم ووصفه عبد الله ولقبه شمس الدين..."13
ومن هذه المعاني اللغوية للبناء والمفاهيم الصوفية للإنسان، يمكن أن نستخلص أن الإنسان كيان ووجود قابل لأن يُصطنع ويُبنى لبنة لبنة، وجزءا جزءا. وكما ينمو جسده ذاتيا فإن روحه قابلة للسمو إن هو تعهدها بالرعاية والسقاية شأنها شأن الجسد، سواء بسواء. كما أن محور عملية البناء في الوجود بأكمله هو الإنسان.
ففي الوظائف الثلاثة : الخلافة والعمارة والعبادة يكون الإنسان هو قطب الراحة الذي عليه مدار هذه الوظائف العظمى. إذن ليس غريبا أن يكون أدب الصوفية كله وبلا استثناء منصبّا على الإنسان بغية بنائه.
(99/5)
5- تجليات البناء : إن أهم مرتكز يستند عليه الصوفية في بناء الإنسان هو الروح وتهذيب النفس. فالإنسان روح وجسد متكاملان، إلا أنه لم يُكرَّم إلا بعد النفخ بالروح : "إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين ,فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين..."14
وأهم ما يقاس به الإنسان الفرد والجماعة الإنسانية في مساعيها الحضارية هو روحانياتها، وإرثها الروحي ولذلك كان الشاعر العربي يصدر عن رؤية كونية لما قرر هذه الحقيقة قبل قرون فقال :
يا خادم الجسم كم تشقى لخدمته
أقبل على النفس واستكمل فضائله ... أتطلب الربح فيما فيه خسران
فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان15
وأول ما يسعى إليه الصوفية في أدبهم هو تبيان سبيلهم وإجلاء الغموض الذي قد يكتنف نهجهم فيعرّفون التصوف. يقول أحدهم :
ليس التصوف لبس الصوف ترقعه
ولا صياح ولا رقص ولا طرب
بل التصوف أن تصفو بلا كدر
وأن تُرى خاشعا لله مكتئب ... ولا بكاؤك إن غنى المغنون
ولا اضطراب كأن قد صرت مجنون
وتتبع الحق والقرآن والدين
على ذنوبك طول الدهر محزونا16
وأكتفي بهذين النموذجين الشعريين على سبيل الاستشهاد والتمثيل وما يقتضيه مقام المداخلة. لكني أكاد أجزم أن الأدب الصوفي كله شعر ونثره يتجه هذا الاتجاه، حيث الدعوة إلى الإصلاح والتربية وإعلاء شأن العقل الإنساني إلى أسمى مراتبه حتى امتزاجه بالنقل في أرقى منزلته.
ولما يلتحم الشعر الصوفي بنثره، يتكون لدينا ديوان أدبي طافح بالمبادئ السامقة الرفيعة، التي تعد تفسيرا عمليا للقواعد الإسلامية التي تنبثق من القرآن الكريم والسنة الشريفة. ففي الأبيات السالفة الذكر يتحدد مفهوم التصوف عند أصحابه على أنه تقوى ووفاء وعفة وصفاء وعلم واقتداء...، وما هي إلا خلال بانية تؤسس للأخلاق باعتبارها جوهر الحضارة.
(99/6)
وجماع القول وصفوته، فإن التصوف وما يحتويه من أدب : شعره ونثره، وما يزخر به من ابتهالات وأدعية ومدائح وتوجيهات، ونصائح يعد بحق رافدا من روائد الثقافة الإسلامية في كل أبعادها، الدينية والفنية والأخلاقية والاجتماعية والإنسانية، وغيرها من القيم التي ترمي إلى بناء الإنسان. والأدب الصوفي أدب رساليّ، لم يُقل أو يُنظم لذاته بل لغاية سامية هي إعلاء الإنسان إلى مستوى عقيدته، فيكون فاعلا حضاريا في خلافته لربه وعبادته لخالقه وتعميره لأراضه.
الهوامش :
1- ينظر على سبيل المثال : د. عبد الرحمان بدوي : تاريخ التصوف الإسلامي من البداية حتى القرن الثاني، الكويت، وكالة المطبوعات، ط. 2، 1978، ص 5 وما بعدها.
2- محمد بن عبد الجبار النفري : المواقف والمخاطبات، تح، آرثر أربي، تقديم وتعليق د. عبد القادر محمود، مصر، الهيئة المصرية للكتاب، 1985، ص 11
3- من المحاولات الجادة في هذا المجال ما كتبه د. محمد مفتاح في كتابه : "دينامية النص" وفي الفصل الربع منه الذي يحمل عنوان "سيرورة النص الصوفي". إذ إنه يبين أركان أربعة لكل كتابة : 1- الغرض المتحدث عنه، 2- المعجم التقني، 3- كيفية استعماله، 4- المقصدية، حتى يقال عنها إنها كتابة صوفية أو غيرها... ينظر، د. محمد مفتاح : دينامية النص، بيروت المركز الثقافي العربي، ط. 2، 1990، ص 129
4- محمد بن عبد الجبار النفري : المواقف والمخاطبات، مرجع سابق، ص 13
5- لابد من الإشارة عند التفريق بين المصطلحات، وتسمية الإبداع باسمه، ما قام به د. محمد مندور من تسمية الأدب المهجري بالأدب المهموس، على الرغم من النفحات الروحية التي تكسوه فتجعله قريبا من الأدب الصوفي، ولكنه لم يجرؤ على وسمه بهذه الصفة بل جعله أدبا مهموسا. ينظر، د. محمد مندور: في الميزان الجديد، تونس، مؤسسة ع. بن عبد القادر، ط. 1، 1988، ص 77 وما بعدها.
(99/7)
6- ينظر، د. عبد المنعم الحفني : معجم مصطلحات الصوفية، بيروت، دار المسيرة، ط. 2، 1987، ص 248
7- سورة آل عمران، الآية : 31
8- سورة المائدة، الآية : 54
9- ينظر، الشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي : ذخائر الأعلاق شرح ترجمان الأشواق، تح، خليل عمران المنصور، بيروت، دار الكتب العلمية، ط. 1، 2000، ص 35-36
10- ينظر، لسان العرب لابن منظور، مادة : بني، ومادة : هدم.
11- علي بن محمد الشريف الجرجاني : كتاب التعريفات، بيروت، مكتبة لبنان، 1985، ص 39-40
12- ينظر، الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي : الإنسان الكامل في معرفة الأوائل والأواخر، تح، أبو عبد الرحمان صلاح بن محمد بن عويضه، بيروت, دار الكتب العلمية, ط. 1، 1998، ص 207. ينظر كذلك، د. عبد الرحمان بدوي : الإنسان الكامل في الإسلام.
13- المصدر نفسه، ص 210
14- سورة الحجر، الآية 29
15- البيتان للشاعر أبى الفتح البستي، ينظر د.عمر فروخ : تاريخ الأدب العربي، ج.3، بيروت, دار العلم للملايين، ط.4، 1984، ص 49
16- ينظر، د.عبد المنعم خفاحي : الأدب في التراث الصوفي مصر, القاهرة، دار غريب للطباعة، ص 25-26
(99/8)
كتاب
تبرئة الشيخين الامامين
من تزوير اهل الكذب
******
من تأليف
العالم العامل ، والاستاذ الفاضل ، الشيخ سليمان بن سحمان
من علماء نجد الاعلام
أثابه الله تعالى ونفع به
آمين
****
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له آله الأولين والآخرين ، وقيوم السموات والأرضين ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخليله الصادق الأمين ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين .
( أما بعد ) فاني قد وقفت سنة الف وثلاثمائة وثلاثين بعد الهجرة النبوية على منظومة وشرحها تنسب إلى الأمير محمد بن اسمعيل الصنعاني رحمه الله تعالى أرسلها إلينا بعض الاخوان وهي بقلم محمد بن حسين بن محسن الانصاري اليماني فلما تأملتها علمت يقينا أنها موضوعة مكذوبة على الامير محمد بن اسمعيل الصنعاني وذلك ان اعترضه على الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى بذلك اعتراض جاهل يتمعلم يصان عنه كلام الامير محمد بن اسمعيل الصنعاني لعلو قدره ن وعظم فضله وامامته ، وتمام رغبته في اتباع السنة وذم البدع وأهلها ، فكيف يجوز ان ينسب إليه مثل هذا الكلام الذي لا يقوله إلا جاهل لا يعرف الادلة الشرعية ، والاحكام المعلومة النبوية ؟ وهل يقول مثل هذا الاعتراض الا جاهل فلو لم يكن عن الامير محمد قول يناقض هذا لعلمنا أنه لا يقوله لأنه يناقض ما ذكره في ( تطهير الاعتقاد ) وفي غيره من كتبه .
وقد بلغني ان الذي وضع هذا النظم وشرحه رجل من ولد ولده وهو اللائق به لعدم معرفته ورسوخه في العلم فاستعنت الله على رد أفكه وعدوانه وكذبه وظلمه وبهتانه ، ليعلم الواقف عليها براءة الامير محمد بن اسمعيل منها وانها موضوعة مكذوبة عليه .
(100/1)
قال شارح النظم لما بلغت هذه الابيات نجداً وصل غلينا بعد أعوام من بلوغها رجل عالم يسمى الشيخ مربد بن أحمد التميمي كان وصوله في شهر صفر عام ست وسبعين ومائة والف وأقام لدينا ثمانية أشهر وحصل بعض كتب ابن تيمية وابن القيم بخطه وفار تنافي عشرين من شوال سنة رجع إلى وطنه وصل من طريق الحجاز مع الحجاج وكان من تلامذة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي وجهنا إليه الابيات وأخبرنا ببلوغها ولم يأت بجواب عنها وكان قد تقدم في الوصول غلينا بعد بلوغها الشيخ الفاضل عبد الرحمن النجدي ووصف لنا من حال ابن عبد الوهاب أشياء أنكرناها من سفك الدماء ونهب الأموال وتجاريه على قتل النفوس ولو بالاغتيال وتكفيره الامة المحمدية في جميع الاقطار إلى آخره .
(100/2)
( والجواب ) أن نقول قد كان من المعلوم عند الخاص والعلم أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب قد نشأ يفي أناس قد اندرست فيهم معالم الدين ووقع فيهم من الشرك والبدع ما عم وطم في كثير من البلاد إلا بقايا متمسكين بالدين يعلمهم الله تعالى وأما الاكثرون فعاد المعروف بينهم منكراً والمنكر معروفاً ، والسنة بدعة والبدعة سنة ، نشأ على هذا الصغير وهرم عليه الكبير ففتح الله بصيرة شيخ الاسلام بتوحيد الله الذي بعث الله به رسله وأنبياءه فعرف الناس ما في كتاب ربهم من أدلة توحيده الذي خلقهم له وما حرم الله عليهم من الشرك الذي لا يغفره الله إلا بالتوبة منه فقال لهم ما قاله المرسلون لاممهم ( أن اعبدوا الله مالكم من إله غيره ) فحجب كثيراً منهم عن قبول هذه الدعوة ما اعتادوه ونشأوا عليه من الشرك والبدع فنصبوا العداوة لمن دعاهم إلى توحيد ربهم وطاعته ولمن استجاب له وقبل دعوته وأصغى إلى حجج الله وبيناته كحال من خلا من أعداء الرسل كما قال تعالى ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين وكفى بربك هادياً ونصيراً ) وقال تعالى ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الانس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً )
(100/3)
إذا تحققت ما ذكرته لك من حال الشيخ رحمه الله تعالى ودعوته إلى توحيد الله بأنواع العبادة وترك عبادة ما سواه وما كان عليه أهل نجد قبل دعوته إلى دين الله ورسوله فاعلم ان هذا الرجل الذي يسمي مربد بن أحمد رجل من أهل حريملا لا يعرف بعلم ولا دين ولا كان من تلامذة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى ولم يكن له قدم صدق في هذا الدين ولا معرفة له بل كان ممن شرق بهذا الدين لما أظهره الله ودخل الناس في دين الله أفواجاً وكان قد ألف ما كان عليه قومه من الشرك بالله من دعاء الاولياء والصالحين وغير ذلك مما كان عليه أهل الجاهلية وداخله بعض الحقد والحسد فأوجب له ذلك تلفيق ما موه به من الأكاذيب والترهات على الشيخ محمد رحمه الله وفر إلى صنعاء لما دخل اهل نجد في دين الله ولم يكن له في نجد مساعد على هذه الاكاذيب وكذلك الرجل الاخر المسمى بعبد الرحمن النجدي لم يكن من أهل العلم والدين ولا يعرف له نسب ينتمي إليه بل كان من غوامض الناس الخاملين وقد انقرض عصر الدرعية وبعده بأعوام لم نسمع لهذين الرجلين بخبر ولم نقف لهما على أثر وكان قد دخل أهل اليمن في ولاية المسلمين وعرفوا صحة هذا الدين ولم يشتهر هذا النظم عن الامير محمد بن اسماعيل الصنعاني رحمه الله ولا هذا الشرح ولا ثبت هذا الرجوع عنه (1) ولا ظهر ولا اشتهر في تلك المدد المديدة والسنين العديدة ، حتى جاء هذا المزور فوضع هذه المنظومة وجعل عليها هذا الشرح اللائق به ، فلله الحمد وله المنة حيث كان نظامه واعتراضه بهذه المثابة ، التي لم تكن على طريق الحق والاصابة ، بل كان مبناه على شفا جرف هار من الاكاذيب والترهات ، التي لا يصغى إليها إلا القلوب المقفلات ، ولا يغتر بها إلا أهل الجهالات والضلالات
__________
(1) اشار في هذا وما قبله إلى القصيدة التي كان الامير مدح فيها الشيخ محمد بن عبد الوهاب في عصره وأرسلها إليه ومطلعها * سلام على نجد ومن حل في نجد * كما سيأتي .
(100/4)
( افمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء ، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ) ومن جملة هذه الاكاذيب ما ذكره عن عبد الرحمن النجدي من الاوضاع التي لا تجدي أن شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله يسفك الدماء وينهب الاموال ويتجارى على قتل النفوس ولو بالاغتيال وتكفير الامة المحمدية في جميع الاقطار وهذا كله كذب وسيأتي الجواب عن ذلك إن شاء الله تعالى.
( فصل )
وأما قوله فبقي معنا ترد فيما نقل الشيخ عبد الرحمن النجدي حتى وصل الشيخ مربد بن احمد وله نباهة ووصل ببعض رسائل ابن عبد الوهاب التي جمعها في وجه تكفير أهل الإيمان وقتلهم ونهبهم وحقق لنا أحواله إلى آخر ما قال .
( فالجواب ) أن يقال قد كان من المعلوم أن هذا الرجل كما وصفنا حاله أولاً أنه لا يوثق بنقله ولا يعول عليه لنقصان دينه وعقله ، فأما ما ذكر من تكفيره لأهل الايمان وقتلهم ونهبهم فكذب وبهتان ، وزور وعدوان ، فلم يكفر رحمه الله إلا عباد الاوثان من دعاة الاولياء والصالحين وغيرهم ممن أشرك بالله وجعل له أنداداً بعد اقامة الحجة ووضوح المحجة وبعد أن بدوه بالقتال فحينئذ قاتلهم وسفك دماءهم ونهب أموالهم ومعه الكتاب والسنة واجماع سلف الامة وأئمتها وقد وافقه الامير محمد بن اسماعيل على ذلك وأقره عليه .
( واما قوله ) وحقق لنا أحواله وأفعاله وأقواله .
(100/5)
( فالجواب ) أن يقال قد تقرر عند الخاصة والعامة أن ما ذكره هذا المفتري من حال الشيخ وأفعاله وأقواله إذا تأملها المنصف تحقق يقينا أنه لا حقيقة لها وغنما هي كسراب بقية يحسبه الظمآن ماء حتى إذا ما جاءه لم يجده شيئاً ، وقد ظهر كذب هذا وأظهر الله هذا الدين وبلغ مشارق الارض ومغاربها وانتشرت هذه الدعوة فلم تبق ارض إلا وقد بلغتهم وأقروا بها ودخلوا في دين الله وعرفوا صحة هذا الدين وأنه على ما كان عليه السلف الصالح والصدر الاول في الفروع والاصول ؛ ولكن هؤلاء الملاحدة ينفرون الناس عن الدخول فيه ( يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ) واظهره الله وهو كارهون ، وحيل بين القوم وبين ما يشتهون ( وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون ) .
( وأما قوله ) فرأينا أحوال عرف من الشرع شطراً ولم يمعن النظر .
(100/6)
( فالجواب ) ان يقال هذا قول جاهل ( جهله ) مركب لا يدري ولا يدري أنه لا يدري فهل يقول عاقل فضلاً عن العالم انه عرف احوال الشيخ ورآها وهو لم يذكر مما عرف ولا مما رأى شيئاً يخالف كتاب الله وسنة رسوله أو كلام العلماء فبماذا عرفها ورآها ؟ أبخير هؤلاء الزنادقة المفترين الذين لا يعول على قولهم ونقلهم رجل يؤمن بالله واليوم الآخر ؟ أم عرف ذلك من رسائل الشيخ ومصنفاته ؟ فإن كان عرفها من رسائل الشيخ ومصنفاته فهلا ذكرها بلفظها في هذا الاعتراض حتى يتبين للمنصف صدقه أو كذبه ، وهل هو من أهل العلم الراسخين أو من الجهلة المتمعلين ؟ فهذه كتب الشيخ ومصنفاته موجودة معلومة ليس فيها ولله الحمد والمنة شيء مما ذكره هؤلاء الزنادقة ( الذين يصدون عن سبيل الله من امن به ويبغونها عوجا ويسعون في الأرض فساداً والله لا يحب المفسدين ) ولا آمن أن يكون هذا الرجل المسمى مربداً قد ادخل في رسائل الشيخ التي زعم أنه اتاهم بها من الكذب والزور ما هو اللائق بعقله ودينه والله عند لسان كل قائل وقلبه ، وهو المطلع على نيته وكسبه وحسبنا الله ونعم الوكيل .
(100/7)
نعم قد ذكر هذا المعترض ما نقله الشيخ محمد رحمه الله عن شيخ الاسلام ابن تيمية قدس الله روحه من إجماع الصحابة رضي الله عنهم على قتال أهل الردة وإنهم لم يفرقوا بين ما نعي الزكاة وغيرهم ولا بين المقر بها والجاحد لها بل سموهم كلهم أهل الردة ، وكذلك ذكر إجماع التابعين مع بقية الصحابة على كفر المختار بن أبي عبيدو على قتله ، وإجماع التابعين على كفر الجعدين درهم وعلى قتله وعلى كفر العبيدين ملوك مصر وقتالهم وزعم أن هذا كله لا إجماع فيه ، وزعم أن من فعل كما فعل أهل الجاهلية من كفار قريش وغيرهم من دعاء الانبياء والأولياء والصالحين والالتجاء إليهم والاستغاثة بهم وطلب الشفاعة منهم أن كفره كفر عمل لا يخرج من الملة وانهم قد آمنوا بالله ورسوله لا تباح دماؤهم وأموالهم كما ستقف على كلامه إن شاء الله تعالى .
( وأما قوله ) ولا قرأ على من يهديه نهج الهداية ويدله على العموم النافعة ويفقهه فيها .
( فالجواب ) أن يقال أما الهداية فبيد الله تعالى لا يملكها أحد سواه وقد قال رحمه الله في رسالته إلى محمد بن عبد الله بن عبد اللطيف وأما ما ذكر لكم عني فإني لم آته بجهالة ولله الحمد والمنة وبه القوة بل أقول ( انني هداني ربي إلى صراط مستقيم * دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ) ولست ولله الحمد ادعو إلى مذهب صوفي أو فقيه أو متكلم أو إمام من الأئمة الذين اعظمهم مثل ابن القيم أو الذهبي أو ابن كثير أو غيرهم ، بل ادعو إلى الله وحده لا شريك له وادعو إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي وصى بها أول أمته وآخرها – إلى آخرها فهو ولله الحمد على صراط مستقيم . وقد بذل الجد والجهد في الدعاء إليه .
وأما أسباب الهداية من القراءة على العلماء والرحلة في طلب العلم وغير ذلك من الاسباب فقد ذكر علماء نجد طرفاً منهم الشيخ أبو بكر حسين بن غنام رحمه الله تعالى قال في تاريخه ما ملخصه :
(100/8)
(( وكان مولده رحمه الله سنة خمس بعد المائة والالف من الهجرة النبوية في بلد العيينة من أرض نجد ونشأ بها وقرأ القرآن بها حتى حفظه وأتقنه قبل بلوغه العشر وكان حاد الفهم سريع الادراك والحفظ يتعجب أهله من فطنته وذكائه ، وبعد حفظ القرآن اشتغل وجد في الطلب وأدرك بعض الأرب قبل رحلته لطلب العلم وكان سريع الكتابة ربما كتب الكراسة في المجلس . قال أخوه سليمان وكان والده يتعجب من فهمه ، ويعترف بالاستفادة منه مع صغر سنه ، ووالده مفتي تلك البلاد وجده مفتي البلاد النجدية ، آثاره وتصنيفه وفتاواه تدل على علمه وفقهه وكان جده إليه المرجع في الفقه والفتوى ، وكان معاصراً للشيخ منصور البهوي الحنبلي خادم المذهب اجتمع به بمكة . وبعد بلوغ الشيخ سن الاحتلام قدمه والده في الصلاة ورآه أهلا للإمامة ثم طلب الحج إلى بيت الله الحرام ، فأجابه والده إلى ذلك المقصد والمرام ، وبادر إلى قضاء فريضة الاسلام ، وأداء فريضة الاسلام ، وأداء المناسك على التمام ، ثم قصد المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، وأقام بها قريباً من شهرين ن ثم رجع إلى وطنه قرير العين ، واشتغل بالقراءة في الفقه على مذهب الامام أحمد رحمه الله ثم بعد ذلك رحل يطلب العلم ، وذاق حلاوة التحصيل والفهم ، وزاحم العلماء الكبار ورحل إلى البصرة والحجاز مراراً واجتمع بمن فيها من المشايخ والعلماء الاخيار ، وأتى إلى الاحساء وهي إذ ذاك آهلة بالمشايخ والعلماء فسمع وناظر وبحث واستفاد ، وساعدته الاقدار الربانية بالتوفيق والامداج ، وروي عن جماعة منهم الشيخ عبد الله بن إبراهيم النجدي ثم المدني وأجازه من طريقين وأول ما سمع منه الحديث المسلسل بالاولية كتب السماع بالسند المتصل إلى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى عليه وسلم (( الراحمون يرحمهم الرحمن فارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )) وسمع منه مسلسل الحنابلة بسنده إلى
(100/9)
أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إذا اراد الله بعبده خيراً استعمله )) قالوا كيف يستعمله ؟ قال (( يوفقه للعمل الصالح قبل موته )) وهذا الحديث من ثلاثيات أحمد رحمه الله . وطالت إقامة الشيخ ورحلته إلى البصرة وقراً بها كثيراً من الحديث والفقه والعربية وكتب من الحديث والفقه واللغة ما شاء الله في تلك الأوقات وكان يدعو إلى توحيد ويظهره لكثير ممن يخالطه ويجالسه ويستدل عليه ، ويظهر ما عنده من العلم وما لديه ، وكان يقول ان الدعوة كلها لله لا يجوز صرف شيء منها إلى سواه ، وربما بمجلسه اشارات الطواغيت أو شيئاً من كرامات الصالحين الذين كانوا يدعونهم ويستغيثون بهم ويلجئون إليهم في المهمات ن وكان ينهى عن ذلك ويزجر ، ويورد الأدلة من الكتاب والسنة ويحذر ، ويختبر أن محبة الاولياء والصالحين إنما هي متابعتهم فيما كانوا عليه من الهدى والدين وتكثير أجورهم بمتابعتهم على ما جاء به سيد المرسلين ، وأما دعوى المحبة والمودة مع المخالفة لسنته ولطريقته فهي دعوى مردودة غير مسلمة عند النظر والحقيقة ن ولم يزل على ذلك رحمه الله .
ثم رجع إلى وطنه ووجد والده قد انتقل إلى بلد حريملا فاستقر فيها ، يدعو إلى السنة المحمدية ويبديها ن ويناصح من خرج عنها ويفشيها ، حتى رفع الله شأنه ورفع ذكره ، ووضع له القبول ، وشهد له بالفضل ذووه من أهل المعقول والمنقول ن وصنف كتابه المشهور ( بالتوحيد ) وأعلن بالدعوة إلى الله العزيز الحميد ، وقرأ عليه هذا الكتاب المفيد ، وسمعه كثير ممن لديه من طالب ومستفيد ، وشاعت نسخه في البلاد ، طار ذكره في الغور والانجاد ، وفاز بصحبته واستفاد ، من جردالة – وسلم من الاشرار والبغي والفساد ، وكثر بحمد الله محبوه وجنده وصار معه عصابة من فحول الرجال ، وأهل السمت والكمال ، يسلكون معه الطريق ويجاهدون كل فاسق وزنديق )) .
(100/10)
فهذا بعض ما ذكره علماء وقته من حاله وأقواله وأفعاله وقراءته ورحلته لطلب العلم ومزاحمته للعلماء والمشايخ الكبار . فأين هذا من قول هؤلاء الزنادقة الجهلة الذي لا يعرفون بعلم ولا فضيلة ولا دين بل كان حظهم من ذلك الصد عن سبيل الله من آمن به ويبغونها عوجاً وحسبنا الله ونعم الوكيل .
واما قوله بل طالع بعضاً من مؤلفات الشيخ أبي العباس ابن تيمية ومؤلفات تلميذه ابن القيم الجوزية وقلدهما من غير اتقان مع أنهما يحرمان التقليد .
( فالجواب ) أن نقول نعم قد طالع الشيخ رحمه الله مؤلفات شيخ الاسلام ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية وأسام ثاقب فكره في رياض تلك المؤلفات ، وورد من غير معين تلك الحياض الصافيات ، فازداد بها علماً وإيماناً ، وتحقيقاً وإتقاناً ، وأما دعوى التقليد لهما فلا حقيقة لذلك بل كان مقتدياً بهما ومتبعا لهما على ما أوضحا من الدليل من الكتاب والسنة وأقوال سلف الامة ، ونعم المقتدي بهما فانهما كانا على الصراط المستقيم .
وقوله ولما حققت لنا أحواله ورأينا في الرسائل أقواله .
( فنقول ) لم تتحقق على الحقيقة أحواله ، ولم تر بعين البصيرة ما في تلك الرسائل من أقواله ، اللهم إلا أن يكون هذا الرجل قد أدخل فيها مالاً ينبغي مما يصدق نزويره وبهتاته ، فاغتر بها من أصغى إلى هذيانه وعدوانه ، فلا مانع من ذلك لما انطوى عليه من عداوة أهل الاسلام وارادة التنفير والصد عن سبيل الله وليس ببدع ولا مستنكر من هؤلاء الزنادقة .
وأما قوله وذكر لي أنه أنما أعظم شأنه بوصول الابيات التي وجهناها إليه .
(100/11)
( فأقول ) لا جرم ان هذا القول لا يقول ه الامير بن اسماعيل الصنعاني رحمه الله ولا يليق بحاله وجلالته وامامته وورعه وزهده وأنه لا يتشبه بما لم يعط فإن هذا الاكان ولا يكون ن وقد رفع الله قدر الشيخ بما علمه من العلم وما حباه من العقل ووضع له القبول في قلوب الناس قبل أن تصل إليه هذه المنظومة وهذه المقالة من هذا الشارح تدل على قلة عقله وعدم علمه ورغبته فيما عند الله فإنه إنما قال هذا ليترفع به ويتكثر به وهذا ليس من شأن العلماء العاملين والأئمة المحققين .
وأما قوله فإنه تعين نقض ما قدمناه وحل ما أبرمناه .
( فالجواب ) أن نقول وهذا مما يدل على أن هذا الكلام ليس من كلام الامير محمد بن إسماعيل فإنه كلام متناقض ينقضض آخره أوله لأنه ذكر في آخر النظم أنه لم يرجع عما قاله أولاً وأنه الحق وانما أنكر القتل والنهب وتكفير المسلمين وهذه الدعوى تخالف ما قاله في أول نظمه وتنافيه فعلمنا قطعا أن هذا النظم والشرح مكذوب موضوع عليه .
( وأما قوله ) ولما أخذ علينا الشيخ مربد ذلك تعين علينا لئلا نكون سببا في شيء من هذه الامور التي ارتكبها ابن عبد الوهاب المذكور كتبت أبياتاً وشرحتها إلى آخره .
( والجواب ) ان نقول وهذا أيضاً من نمط ما قبله فإنا قد بينا أولاً أن دعوة الشيخ رحمه الله إلى دين الله ورسوله ودخول الناس في هذا الدين أفواجاً حتى بلغ مشارق الارض ومغاربها لم تتوقف على ما ذكره في هذه الأبيات التي أثنى بها على الشيخ محمد رحمه الله وإنما استفاد هو منها ثناء المسلمين عليه بموافقته على الحق فإنه ذكر فيها أنه لم يكن معه على هذه الطريقة أحد ولم يتابعه فيها أهل بلده ووطنه بل كلهم مخالفون له فكيف يجوز مع ذلك أن يقول بما قال ولا حقيقة له وهذا مما يرزي به ولو كان ما ذكر حقاً وصدقاً فالله المستعان .
( وأما قوله ) واكثرت من النقل عن ابن القيم وشيخه لأنهما عمدة الحنابلة .
(100/12)
( فالجواب ) ان يقال كان الرجل المفتري على العلماء ما لم يقولوه يعرض بأن في كلام ابن القيم وشيخه شيخ الاسلام ابن تيمية ما يخالف ما قاله الشيخ محمد بن عبد الوهاب ويرد عليه وهذا كذب فإنه ليس في كلام الشيخ محمد رحمه الله ما يخالف ما قالاه وغنما يتكثر هذا بما ليس عنده وما لا حقيقة له ليوهم من لا علم له بمدارك الاحكام وكلام الائمة الاعلام انه قد أخذ على الشيخ محمد في كلامه ما يخالف كلام الشيخين والله عند لسان كل قائل وهو المطلع على نيته وكسبه .
( قال ) المعترض فيما زور على الامام الامير محمد بن اسماعيل الصنعاني رحمه الله تعالى
رجعت عن النظم الذي قلت في النجدي
ظننت به خيراً وقلت عسى عسى
فقد خاب فيه الظن لا خاب نصحنا
وقد جاءنا من أرضه الشيخ مربد
وقد جاء من تأليفه برسائل
ولفق في تكفيرهم كل حجة
تجاري على اجرا دما كل مسلم
وقد جاءنا من ربنا في براءة
فاخواننا سماهم الله فاستمع ... فقد صح لي عنه خلاف الذي عندي
نجد ناصحاً يهدي الانام ويستهدي
وما كل ظن للحقائق لي يهدي
فحقق من أحواله كل ما يبدي
يكفر أهل الارض فيها على عمد
تراها كبيت العنكبوت لدى النقد
مصل مزك لا يحور عن العهد
براءتهم من كل كفر ومن جحد
لقول الآله الواحد الصمد الفرد
( والجواب ) ومن الله نستمد الصواب .
ألا قل لذي جهل تهور في الرد
وفاه بتزوير وافك ومنكر
وزور نظما للامير محمد
لعمري لقد أخطأت رشدك فاتئد
وقد صح ان النظم هذا تقول
وما كان هذا النظم منظوم عالم
ولكنه جهل صريح مركب
وها أنا ذا أبدي مخازيه جهرة
لتعلم أن الفدم هذا مزور
يخالف ما قال الامير محمد
فازرى به من حيث يحسب أنه
وحسبك من هذا ضلالا وفرية
فجاء على تزويره بدلائل
إذا صح ما قلنا لديك فقوله
رجوع عن الحق الذي هو ذاكر
إلى الغني من كفر وشرك وبدعة
فلو صح هذا وهو لا شك باطل
لكان لعمري ضحكة وتناقضا
فدونك ما ابدى من المدح والثنا
( ففي واسألي عن عالم حل سوحها
(100/13)
( محمد الهادي لسنة أحمد
( لقد انكرت كل الطوائف قوله
( وما كل قول بالقبول مقابل
( سوى ما أني عن ربنا ورسوله
( وأما أقاويل الرجال فإنها
( لقد سرني ما جاءني من طريقه
( وقد جاءت الاخبار عنه بأنه
( وينشر جهلاً ما طوى كل جاهل
( ويعمر أركان الشريعة هادماً
( أعادوا بها معني سواع ومثله
( وقد هتفوا عند الشدائد باسمها
( وكم عقروا في سوحها من عقيرة
( وكم طائف حول القبور مقبل
فهذا هو المعروف من حال شيخنا
وسار مسير الشمس في كبد السما ولم يبق أرض ليس فيها مجدد
فقل للذي أبدى خزاية جهله
أعد نظراً فيما توهمت حشنه
ودعنا من القول المزور والهذا فقد وافق الشيخ الامام محمد
وظن به خيراً وقد كان أهله
وقد جاءهم من أرضه متهوك
ففاه ببهتان وافك مزور
وقد جهل ذا جهل وليس بعالم
وظن طريق الرشد غيا بزعمه
واعمهه نور الهدى حين ما بدا
فما غرهم من جهله وافترائه
إلى أن تولى ذلك العصر وانقضى
فساغ لديهم زخرف القول وارتضوا
وقد زعم المأفون أن رسائلاً
يكفر فيها الشيخ من كان مسلماً
ولفق في تكفيرهم كل حجة
وذا فرية لا يمتري فيه عاقل
وقد كان في الاعراض ستر لجهله
ليخدع مأفونا ومن كان جاهلاً
فما كفر الشيخ الامام محمد ولا قال في تلك الرسائل كلها
ولكنما تكفيره لمن اعتدى
ويدعو سوى الرحمن جل جلاله
وينسك للأموات بل يستغيثهم
وذلك اشراك به لاتخاذه
من الحب والتعظيم والخوف والرجا
فان كان عباد القبور لديكمو
وهم كل اهل الارض والكل مسلم
وما قد تلي من آية في ضلالهم
ملفقة ليست لديكم بحجة
فما فوق هذا من ضلال وفرية
( وقد انكرت كل الطوائف قوله
كما قاله أعني الامير محمداً
وقالوا كما قد قلتموه تحكماً
( تجاري على أجرا دما كل مسلم
ثكلتك هل هذا كلام محقق
فجرتم وجرتم بالاكاذيب والهذى
كقولك في منظوم مينك فرية
( وقد جاءنا عن ربنا في براءة
( فاخواننا سماهم الله فاستمع
أقول تأمل لا أبالك نصها
فقيها البيان المستنير ضياؤه
ولكن أهل الزيغ في غمراتهم
(100/14)
وآذانهم صم عن الحق والهدي
أليست لمن تابوا من الكفر والردى
وصلوا وزكوا واستقاموا على الهدى
فأين الدليل المستفاد بانهم
فما كفر الشيخ الامام محمد
ومن لم يتب من كفره وضلاله
وأجرى دماهم طاعة وتقربا
فما كل من صلى وزكى موحداً
وعدعنا من التمويه فالحق واضح
الا فأرونا يا ذوي الغي والهوي
وجيئوا بتطهير اعتقاد لسيد
نقابل ما قلتم بما في كتابه
لكي تعلموا ان الامير محمداً
وتستيقنوا ان الاكاذيب هذه
ويعلم أهل العلم بالله انكم
لكي تطمسوا أعلام سنة أحمد ... وأظهر مكنونا من الغي لا يجدي
وظلم وعدوان على العالم المهدي
وحاشاه من افك المزورذي الجحد
فلست على نهج من الحق مستبد
تقوله هذا الغبي على عمد
تقي نقي بالهدى للورى يهدي
ومنشئه عن منهج الرشد في بعد
وانقض ما يبديه بالحق والرشد
وأن الذي أبداه من جهله المردى
وقرر في ( التطهير ) تقرير ذي نقد
أشادله بيتا رفيعاً من المجد
على البعدا فضلاً عن الاب والجد
تعود على ما قال بالرد والهد
(( رجعت عن النظم الذي قلت في النجدي ))
عن السلف الماضين من كل ذي رشد
الى غير ذا من كل أفعال ذي الطرد
وزور وبهتان من الناظم المبدي
لما قال في منظومة عن ذوي المجد
وما قال في ذم المخالف والضد
به يهتدي من ضل عن منهج الرشد)
فياحبذا الهادي وياحيذا المهدي )
بلا صدر في الحق منهم ولا ورد )
ولا كل قول واجب الطرد والرد )
فذلك قول جل ياذا عن الرد )
تدور على قدر الادلة في النقد )
وكنت أرى هذى الطريقة لي وحدي)
يعيد لنا الشرع الشريف بما يبدى )
ومبتدع منه فرافق ما عندي )
مشاهد ضل الناس فيها عن الرشد)
يغوث وود بئس ذلك من ود )
كما يهتف المضطر بالصمد الفرد )
أهلت لغير الله جهراً على عمد )
ومستلم الاركان منهن باليد )
ودعوته للخلق بالحق والرشد
وطبق من غرب البلاد إلى الهند
على أثره يقفو ويهدي ويستهدي
وأبرز منظوما خليا من الرشد
فإنك لم تنطق بحق ولا رشد
ومن افكك الواهي ومن جهلك المردى
(100/15)
وصح له عنه خلاف الذي تبدى
وكان على حق وبالحق يستهدى
جهول يسمى مربداً وهو ذو جحد
وكان عن التحقيق والحق في بعد
وقد انكر التوحيد للواحد الفرد
وقد الف المأفون كفرانه المردي
وفر إلى صنعا وفاه بما يبدي
زخارف ما ابداه ذو الزور والحقد
وجاء اناس بعدهم من ذوي الطرد
من الظلم والعدوان أقوال ذي الجحد
أتاهم بها فيها التجاوز للحد
وفي زعمه كل الانام على عمد
تراها كبيت العنكبوت لدى النقد
على أنه زور من القول مستبدي
ولكنه ابدى مخازيه عن قصد
وليس على نهج من الحق والرشد
جميع الورى حاشاه من قول ذي الطرد
بتكفير أهل الأرض من كل مستهدي
وحاد عن التوحيد بالجعل للند
ويرجوه بل يخشاه كالنعم المسدي
ويندب من لا يملك النفع للعبد
مع الله مالوها شريكاً بما يبدي
ومن كل مطلوب من الله بالقصد
هم المسلمين المؤمنين ذوي الرشد
وما منهمو من كافر جاعل الند
ومن سنة للمصطفى خير من يهدي
وتلك كبيت العنكبوت لدى النقد
يجيء بها اهل العناد ذوو الطرد
بلا صدر في الحق منهم ولا ورد )
وقد كان ذا علم عليما بما يبدي
وهمطا وخرطا لا يفيد ولا يجدي
مصل مزك لا يحول عن العهد )
كعالم صنعا ذي الدراية والنقد
ووضع مجالات على العالم المهدني
عليه بما تبديه من جهلك المردى
براءتهم من كل كفر ومن جحد )
لقول الاله الواحد الصمد الفرد )
تجد منهلا عذبا الذ من الشهد
لمن كان ذا قلب شهيد وذا رشد
وفي غيهم لا يرعوون لمن يهدي
وأبصارهم عن رؤية الحق كالرمد
ولم يشركوا شيئاً بمعبودنا الفرد
فهم إخوة في الدين من غير مارد
إذا لم يتوبوا لم يكونوا ذوي جحد
سوى من دعا الاموات من ساكن اللحد
واشراكه بالسيد الصمد الفرد
إلى الله في قتل الملاحدة الله
فأبد دليلاً غير ذا فهو لا يجدي
وليس به لبس لدى كل مستهد
كلاماً سوى هذي الاكاذيب مستبعد
امام محق ذي الدراية والنقد
وما قاله في الاحتجاج على الضد
بريء من المنظوم والشرح والرد
ملفقة لفقتموها على عمد
بذلتم على تلفيقها غاية الجهد
(100/16)
بتزوير افاك جهول وذي حقد
( فصل )
ثم قال في شرحه لما ذكر من الابيات المتقدم ذكرها وقد أوجبناه عليها : قال الله تعالى في المشركين ( فان تابوا واقاموا الصلاة واتوا الزكاة فاخوانكم في الدين ) فقولنا براءتهم أي براءة كل مسلم مصل مزك .
( فالجواب ) ان نقول قد كان من المعلوم عند الخاصة والعامة ان الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى لما تبين في اظهار هذا الدين والدعوة اليه قد كان اهل عصره ومصره في تلك الازمان قد اشتدت غربة الاسلام بينهم وعفت أثار الدين لديهم وانهدت قواعد الملة الحنيفية وغلب على الاكثرين ما كان عليه أهل الجاهلية وانطمست اعلام الشريعة في ذلك الزمان وغلب الجهل والتقليد والاعراض عن السنة والقرآن وشب الصغير وهو لا يعرف من الذين إلا ما كان عليه اهل تلك البلدان وهرم الكبير على ما تلقاه عن الاباء والاجداد ، اعلام الشريعة مطموسة ونصوص التنزيل واصول السنة فيما بينهم مدروسة ، وطريقة الاباء والاسلاف مرفوعة الاعلام ، وأحاديث الكهان والطواغيت مقبولة غير مردودة ولا مدفوعة قد خلعوا ربقة التوحيد والدين وجدوا واجتهدوا في الاستغاثة والتعليق على غير الله من الاولياء والصالحين والاوثان والاصنام والشياطين وعلماؤهم ورؤساؤهم على ذلك مقبلون ، ومن بحر الاجاج شاربون ، وبه راضون ، وغليه مدى الزمان داعون ، قد اعشتهم العوائد والمألوفات ، وحبستهم الشهوات والارادات عن الارتفاع الى طلب الهدى من النصوص المحكمات والآيات البينات ، يحتجون بما رووه من الآثار الموضوعات والحكايات المختلفة والمنامات ن كما يفعله أهل الجاهلية وغبر الفترات ، وكثير منهم يعتقد النفع في الاحجار والجمادات ويتبركون بالآثار والقبور في جميع الاوقات ( نسوا الله فانساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون * الحمد لله الذي خلق السموات والارض وجعل الظلمات والنور ثم كفروا بربهم يعدلون * قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم
(100/17)
والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وان تقولوا على الله ما لا تعلمون )
( فأما بلاد نجد ) فقد بالغ الشيطان في كيدهم وجد ، وكانوا ينتابون قبر زيد بن الخطاب ، وبدعونه رغبا ورهباً بفصيح الخطاب ، ويزعمون أنه يقضي لهم الحوائج ، ويرونه من أكبر الوسائل والولائج ، وكذلك عند قبر يزعمون انه قبر ضرار بن الازور ، وذلك كذب ظاهر وبهتان ومزور ، وكذلك عندهم نخل فحال ، يبتابه النساء والرجال ن ويفعلون عنده أقبح الفعال والمرأة إذا تأخر عنها الزواج ، ولم ترغب فيها الازواج ، تذهب إليه فتضمه بيدها وتدعوه برجاء وابتهال وتقول : يا فحل الفحول : اريد زوجاً قبل الحول ، وشجرة عندهم تسمى الطرفية أغراهم الشيطان بها وأوحى اليهم التعلق عليها وانها ترجى منها البركة ، ويعقلون عليها الخرق ، لعل الولد يسلم من السوء وفي أسفل بلدة الدرعية غار في الجبل يزعمون أنه انفلق من الجبل لامرأة تسمى بني الامير اراد بعض الناس أن يظلمها ويضير ، فانغلق الغار ، ولم يكن له عليها اقتدار ، وكانوا يرسلون الى هذا المكان من اللحم والخبز ما بقتات به جند الشيطان – وفي بلدتهم رجل يدعي الولاية يسمى تاج ، يتبركون به ويرجون منه العون والافراج وكانوا يأتون غليه ويرغبون فيما عنده من المدد بزعمهم ولديه ، فتخافه الحكام والظلمة ويزعمون ان له تصرفا وفتكاً بمن عصاه وملحمة ، مع أنهم يحكون عنه الحكايات الشنيعة ، التي تدل على انحلاله عن أحكام الملة والشريعة ، وهكذا سائر بلاد نجد على ما وصفنا من الاعراض عن دين الله والجحد لاحكام الشريعة والرد .
(100/18)
ومن العجب ان هذه الاعتقادات الباطلة ، والمذاهب الضالة ، والعوائد الجائزة ، والطرائق الخاسرة ، قدفشت وظهرت ، وعمت وطمت ، حتى بلاد الحرمين الشريفين فمن ذلك ما يفعل عند قبر محجوب وقبة أبي طالب فيأتون قبره بالسماعات والعلامات للاستغاثة عند نزول المصائب ، وحلول النوائب ، وكانوا له في غاية التعظيم ، ولا ما يجب عند البيت الكريم ، فلو دخل سارق أو غاصب أو ظالم قبر أحدهما لم يتعرض له أحد لما يرون من وجوب التعظيم والاحترام والمكارم ومن ذلك ما يفعل عند قبر ميمونة أم المؤمنين رضي الله عنها في سرف وكذلك عند قبر خديجة رضي الله عنها يفعل عند قبرها ما لا يسوغ السكوت عنه من مسلم يرجو الله والدار الآخرة فضلاً عن كونه من المكاسب الدينية الفاخرة ن وفيه من اختلاط النساء بالرجال وفعل الفواحش والمنكرات وسوء الافعال ، ومالا يقره أهل الايمان والكمال ، وكذلك سائر القبور المعظمة المشرفة في بلد الله الحرام مكة المشرفة وفي الطائف قبر ابن عباس رضي الله عنهما يفعل عنده من الامور الشركية التي تشمئز منها نفوس الموحدين ، وتنكرها قلوب عباد الله المخلصين ن وتردها الآيات القرآنية وما ثبت من النصوص عن سيد المرسلين ، منها وقوف السائل عند القبر متضرعاً مستكيناً ، وإبداء الفاقة إلى معبودهم مستعيناً وصرف خالص المحبة التي هي محبة العبودية والنذر والذبح لمت تحت ذاك المشهد والبنينة وأكثر سوقتهم وعامتهم يلهجون بالاسواق : اليوم على الله وعليك يا ابن عباس فيستمدون منه الرزق والغوث وكشف الضر والبأس وذكر محمد بن حسين النعمي الزبيدي رحمه الله أن رجلاً رأى ما يفعل في الطائف من الشعب الشركية والوظائف فقال : أهل الطائف لا يعرفون الله إنما يعرفون ابن عباس فقال له بعض من يترشح للعلم : معرفتهم لابن عباس كافية لأنه يعرف الله فانظر إلى هذا الشرك الوخيم والغلو الذميم المباين للصراط المستقيم ووازن بينه وبين قوله ( وإذا سألك عبادي عني
(100/19)
فإني قريب اجيب دعوة الداع إذا دعان ) وقوله جل ذكره ( وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحداً ) وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود والنصارى باتخاذهم قبور أنبيائهم مساجد يعبد الله فيها فكيف بمن عبد الصالحين ودعاهم مع الله والنصوص في ذلك لا تخفى على أهل العلم والايمان ن وكذلك ما يفعل بالمدينة المشرفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام هو من هذا القبيل ، بالبعد عن منهاج الشريعة والسبيل . وفي بندر جدة ما قد بلغ من الضلال حده وهو القبر يزعمون انه قبر حواء ، وصفه لهم بعض الشياطين ، وأكثروا في شأنه الافك المبين ، وجعلوا له السدنة والخدم وبالغوا في مخالفة ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من النهي عن تعظيم القبور والفتنة بمن فيها من الصالحين . وكذلك مشهد العلوية بالغوا في تعظيمه وتوقيره وخوفه ورجائه . وقد جرى لبعض التجار أنه انكسر بمال عظيم لأهل الهند وغيرهم وذلك في سنة عشر ومائتين وألف فهرب إلى مشهد العلوي مستجيراً ولائذاً به مستغيثاً فتركه أرباب الاموال ولم يتجاسر أحد من الرؤساء والحكام على هتك ذلك المشهد والمقام واجتمع طائفة من المعروفين واتفقوا على تنجيمه في مدة سنين ن فنعود بالله من تلاعب الفجرة والشياطين .
(100/20)
واما بلاد مصر وصعيدها وأعمالها فقد جمعت من الامور الشركية ، والعبادات الوثنية والدعاوي الفرعونية ، ما لايتسع له كتاب ، ولا يدنو له خطاب ، لاسيما عند مشهد أحمد البدوي وأمثاله من العتقدين في المعبودين فقد جاوزوا بهم ما ادعته الجاهلية لآلهتهم وجمهورهم يرى له من تدبير الربوبية والتصريف في الكون بالمشيئة والقدرة التامة ما لم ينقل مثله عن أحد بعد الفراعنة والنماردة ، وبعضهم يقول يتصرف في الكون سبعة وبعضهم يقول أربعة وبعضهم يقول القطب يرجعون اليه وكثير منهم يرى ان الامور شورى بين عدد ينسبون اليه فتعالى الله عما يقول الظالمين علواً كبيراً ( كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا ) .
وقد استباحوا عند تلك المشاهد من المنكرات والفواحش والمفاسد ما لا يمكن حصره ولا يستطاع وصفه واعتمدوا في ذلك من الحكايات والخرافات والجهالات ما لا يصدر عمن له أدنى مسكة وحظ من المعقولات ، فضلاً عن النصوص والشرعيات ، وكذلك ما يفعل في بلدان اليمن ، جار على تلك الطرائق والسنن ففي صنعاء وبرع والمخا وغيرهما من تلك البلاد ما يتنزه العاقل عن ذكره ووصفه ن ولا يمكن الوقوف على غايته وكشفه ، وناهيك بقوم استخفهم الشيطان وعدلوا عن عبادة الرحمن إلى عبادة القبور والشياطين فسبحان من لا يعجل بالعقوبة على الجرائم ، ولا يهمل الحقوق والمظالم وفي حضرموت والشحر وعدن ويافع ما تستك عن ذكره المسامع يقول قائلهم : شيء لله يا عيدروس شيء لله يا محبي النفوس – وفي أرض نجران من تلاعب الشيطان وخلع زبقة الايمان ما لا يخفى على أهل العلم بهذا الشأن من ذلك رئيسهم المسمى بالسيد لقد أتوا من طاعته وتعظيمه وتقديمه وتصديره والغلو فيه بما أفضى بهم إلى مفارقة الملة والاسلام والانحياز إلى عبادة الاوثان والاصنام ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله … وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ) .
(100/21)
وكذلك حلب ودمشق وسائر بلاد الشام فيها من تلك المشاهد والنصب والاعلام ما لا يجامع عليه أهل الايمان والاسلام من اتباع سيد الانام وهي تقارب ما ذكرنا في الكفريات المصرية والتلطف بتلك الاحوال الوثنينة الشركية – وكذلك الموصل وبلاد الاكراد ظهر فيها من أصناف الشرك والفجور والفساد – وفي العراق من ذلك بحره المحيط بسائر الخلجان وعندهم مشهد الحسين قد اتخذه الرافضة وثناً بل ربا مدبراً وخالقاً ميسراً وأعادوا به المجوسية وأحيوا به معاهد اللات والعزى وما كان عليه أهل الجاهلية – وكذلك مشهد العباس ومشهد علي ومشهد أبي حنيفة ومعروف الكرخي والشيخ عبد القادر ن فإنهم افتتنوا بهذه المشاهد رامضتهم وسنتهم وعدلوا عن أسنى المطالب والمقاصد ولم يعرفوا ما وجب عليهم من حق الله الفرد الصمد الواحد وبالجملة فهم شر تلك الامصار وأعظمهم نفوراً عن الحق واستكباراً والرافضة يصلون لتلك المشاهد ويركعون ويسجدون لمن في تلك المعاهد وقد صرفوا من الاموال والنذور لسكان تلك الاجداث والقبور ما لا يحصل عشر معشاره للملك العلي الغفور ، ويزعمون ان زيارتهم لعلي وأمثاله أفضل من سبعين حجة لله تعالى وتقدس في مجده وجلاله ، ولآلهتهم من التعظيم والتوقير والخشية والاحترام ، ما ليس معه من تعظيم الله وتوقيره وخشيته وخوفه شيء للاله الحق والملك العلام . ولم يبق مما عليه النصارى سوى دعوى الولدية ، غير أن بعضهم يرى الحلول لأشخاص بعض البرية ( سبحان ربك رب العزة عما يصفون ) وكذلك جميع قوى الشط والمجرة على غاية من الجهل والمعروف في القطيف والبحرين من البدع الرفضية والاحداث المجوسية والمقامات الوثنية ، ما يضاد ويصادم أصول الملة الحنيفية . فمن اطلع على هذه الافاعيل وهو عارف بالايمان والاسلام وما فيهما من التفريع والتأصيل ، تيقن أن القوم قد ضلوا عن سواء السبيل ، خرجوا عن مقتضى القرآن والدليل . وتمسكوا بزخارف الشيطان ، وأحوال الكهان ، وما شابه هذا
(100/22)
القبيل . وازداد بصيرة في دينه ، وقوى بمشاهدة ايمانه ويقينه ، وجد في طاعة مولاه وشكره ، واجتهد في الانابة إليه ومداومة ذكره ، وبادر إلى القيام بوظائف أمره ، وخاف أشد الخوف على إيمانه من طغيان الشيطان وكفره ، فليس العجب ممن هلك كيف هلك إنما العجب ممن نجا كيف نجا .
إذا تحققت ما ذكرته له أيها المنصف من حال أهل تلك الازمان وما هم عليه من الشرك بالله من دعاء الصالحين الاولياء والاستغاثة بهم لتفريج الكربات واغاثة اللهفات وإزالة الشدات ومعافاة أولي العاهات والبليات وإخلاص الدعاء لهم في جميع الطلبات إلى غير ذلك من أنواع العبادات فما وجه الاستدلال بقوله تعالى ( فان تابوا وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ) على عدم تكفيرهم وقتالهم ونهب أموالهم إن كان يرى أن ما صدر من اهل تلك الازمان ممن أخذ ماله فيئاً وغنيمة هو الشرك الاكبر وعبادة الاصنام وهو صريح الرد على الله وعلى رسله وعلى أئمة الدين وان ما دعا اليه الشيخ وقرره وبينه هو توحيد رب العالمين ، الذي جاءت به الرسل . ونزلت به الكتب . وانهم قاموا أشد القيام في رده واطفائه وقاتلوا على ذلك بعد قيام الحجة واعتراف كثير منت علمائهم بانه الحق وانه دين الله فلا حرج حينئذ ولا إثم في أخذ تلك الاموال فيئاً وغنيمة اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وعملاً بدينه وشرعه وان كان ما عليه من اخذت أموالهم من عبادة الصالحين والشرك بالله والاعراض عن دينه وقتال اهله ومعاداة من قام به وهو الاسلام وهو الحق وهم مصيبون في ذلك على بينه من الله فالذم على من حكم على أموالهم بهذا الحكم والعيب له وتجهيله يتجه ولا يعاب فالكلام في الاصل الذي تفرع عنه أخذ الاموال وجعلها فيئاً وحينئذ فالمعترض بهذا لا يرى أن عبادة الصالحين ودعاءهم والتوكل عليهم والذبح وتسويتهم بالله في الحب والخوف والرجاء والتعظيم شرك وضلال يبيح الاموال والدماء بعد قيام الحجة فلذلك عرض بأخذ
(100/23)
الاموال وسفك الدماء بل ولا يرى ما كانت عليه البوادي من ترك دين الله والاعراض عما جاءت به الرسل وانكار البعث والرجوع في الدماء والاموال إلى ما حكمت به أسلافهم وعشائرهم مع الاستهزاء الصريح بدين الله ورسله مكفراً مبيحاً للقتال والمال . وشبهة الضال واخوانه من قبل انهم كانوا يقولون لا إله إلا الله ويصلون ويزكون ، والعلماء يكفرون بدون هذا من المكفرات ويرون ان أموال هؤلاء المرتدين فيء لا يختلفون في ذلك والله المستعان . نعم قد كان من بعض هؤلاء من دخل في الاسلام وبايع على ذلك ثم ارتد على عقبيه ونكث عهد الله وميثاقه وقاتل المسلمين وخرج عن طاعتهم فقاتلوه على ذلك لقوله تعالى ( وان نكثوا ايمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر انهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون ) .
( فصل )
قال الناظم
وقد قال خير المرسلين نهيت عن ... فما باله لم يننه الرجل النجدي
فالجواب ان نقول
وقولك في منظوم مينك ضلة
(( وقد قال خير المرسلين نهيت عن
أقول نهم هذي الاحاديث كلها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق