الأحد، 23 أغسطس 2015

الرد عى الصوفية التجانية=

الوجه الثاني:
لماذا لا ينقل هذه القواعد عن بعض مشاييخ التيجانية أم أنهم جاهلون بهذا الفن فاحتاج هو إلى أن يبحث في المزاد العلني عمن ينقل عنه هذه الأمور لا شك أن الجواب: نعم، لأنهم ينقلون عن الله مباشرة وعن رسوله - - صلى الله عليه وسلم - بلا واسطة في زعمهم فما فائدة علم مصطلح الحديث عندهم ؟!.
فأصل بأضغاث المنامات والهوى
ودع ذكر إسناد الحديث المشرف
فمالك والإسناد في عرض منهج
بحدثني قلبي عن الرب مكتف
الوجه الثالث:
لم تورد دليلا من كتاب أوسنة صحيحة ولا سقيمة ولا إجماع ولاقياس ولا قول صاحب ولا تابعي...
مع أن أدلة هذه القاعدة معروفة معلومة عند صغار الأطفال فأن جهلتها فاحضر معي دروسي في علم الحديث حتى يلقنها لك بعض صغار الطلبة الذين يحضرون هذه الدروس.
الوجه الرابع:
(98/80)
أن هذه القواعد أجنبية على موضوع البحث فأنا لم أنتقد أشخاصا وإنما انتقدت أفكارا وشتان ما بين انتقاد الشخص وانتقاد فكرته ولكن لا غرو إن لم تفرق بينهما فأنتم التيجانيون لا تفرقون بين الخالق والمخلوق بله الأفكار والأشخاص، وأذكر أني في بعض رحلاتي الدعوية في ولاية اترارزة تناظرت مع أحد مشايخكم فقال بأن الله هو كل شيء في الوجود لأنه لا يوجد إلا ظاهر أو باطن وقد قال تعالى - { هو الأول والآخر والظاهر والباطن - } فقلت له: حتى ما في المراحيض من النجاسات فقال:"إن لم تقل بأن ذلك هو الله فأنت مشرك " فقلت بل أنت هو تلك النجاسات فاستشاط غضبا وانتصر له أتباعه ؛ فقلت له: أترضى أن تصف الله بذلك وأنت لا ترضى به لنفسك فبهت الذي كفر ؟!.
الوجه الخامس:
(98/81)
أما قوله نقلا عن السبكي" فلا ينبغي أن يقبل قول مخالف في العقيدة.." فهذا اعتراف ضمني منه بمخالفته هو وأهل طريقته لعقيدة كل المسلمين وهذا حقيقة واضحة للعيان ؛ لأن عقيدتهم أقرب إلى عقيدة النصارى من عقيدة المسلمين فوحدة الوجود ووحدة الشهود أصولهما نصرانية انظر الصوفية معتقدا ومسلكا / د. صابر طعيمة ص 217 ومجلة الرسالة: مقال د. زكريا إبراهيم السنة 12 مجلد2 ص 620 وعقيدة الجذبة لا توجد إلا في الديانة النصرانية وما تعتقده النصارى من تأليه عيسى عليه السلام يعتقدونه هم في محمد - - صلى الله عليه وسلم - جواهر المعاني 2/233 والدرة الخريدة 4/203 وانظر الصوفية مسلكا ومنهجا ص 167 وما يضفونه من تقديس على مشايخهم أنهم لا يسألون عما يفعلون الرماح 1/323و327و334و341و379 وبغية المستفيد ص 300 ـ 301 وجواهر المعاني 1/118 مقتبس من تقديس النصارى للقسيسين والرهبان وما يعتقدونه من أن الشيخ التجاني هو ممد هذا الكون بغية المستفيد ص 225 والرماح 2/142 هو اعتقاد النصارى في البابا بل عندهم تثليث النصارى انظر شرح الهمزية لعلي حرازم ص 61. حتى أنهم أخذوا طقوس النصارى كأعياد المواليد... انظر مجلة الأزهر سنة 29 1/8-10 ومجلة الفتح العدد 257 بتاريخ 16 صفر 1350 هـ
بل وصل بهم الأمر إلى التعاون مع المستعمر النصراني الفرنسي عند احتلاله كثير من بلاد الإسلام وخير دليل على ذلك الخطبة التي ألقاها الشيخ سيد محمد الكبير خليفة الشيخ التيجاني آنذاك بين يدي الكونونل (سكوني ) الفرنسي الذي ترأس بعثة من الضباط قامت بنزهة استطلاعية في الجنوب الجزائري أقام لهم الخليفة التجاني مأدبة فاخرة قرئت فيها بالنيابة عنه خطبة طويلة يقول فيها:
" ففي سنة 1838 كان جدي سيد محمد الصغير قد أظهر شجاعة نادرة في مقاومة أكبر عدو لفرنسا الأمير عبد القادر الجزائري..." المصدر السابق
(98/82)
وكما قال:" وفي سنة 1864 م كان عمي سيدي أحمد مهد السبيل لجنود (الدوك دومال) وسهل عليهم السير إلى مدينة بسكرة وعاونهم على احتلالها " المصدر السابق .
وقال:" وفي سنة 1881م كان المقدم سي عبد القادر بن أحميدة مات شهيدا مع الكونونل (افلاتين) حيث كان يعاونه على احتلال بعض النواحي الصحراوية " المرجع السابق .
وقال:" وفي سنة 1894م طلب منا موسيو (جول كوميون) والي الجزائر العام يومئذ أن نكتب رسائل توصية فكتبنا عدة رسائل وأصدرنا عدة أوامر إلى أحباب طريقتنا في بلاد الهكار (الطوارق) و(السودان) يقصد بالسودان الدول الزنجية كمالي والسنغال... نخبرهم بأن حملة (فود ولامي )الفرنسية هاجمة على بلادهم ونأمرهم أن لا يقابلوها إلا بالسمع والطاعة وأن يعاونوها على احتلال تلك البلاد وعلى نشر العافية فيها المصدر السابق .
ويقول:" وفي سنة 1906-1907م أرسل موسيو (جونار)والي الجزائر العام يومئذ ضابطه المترجم مدير الأمور الأهلية بالولاية العامة سيدي (مورانت) برسالة إلى أبي المأسوف عليه سيدي البشير فأقام عنده في زاوية كوردان شهرا كاملا لأداء مهمة سياسية ولتحرير رسائل وأوامر أمضاها سيدي البشير والدي رئيس التجانية يومئذ ثم وجهت إلى كبراء مراكش وأعيانها وزعماء تلك البلاد وجلهم - أو قال أكثرهم - تجانيون من أحباب طريقتنا نبشرهم بالإستعمار الفرنسي ونأمرهم بأن يتقبلوه بالسمع والطاعة والإستسلام والخضوع التام وأن يحملوا الأمة على ذلك وأن يسهلوا على جيوش فرنسا تلك البلاد.
وفي الحرب العالمية الكبرى أرسلنا ووزعنا في سائر أقطار شمال إفريقية منشورات تلغرافية وبريدية استنكارا لتدخل الأتراك في الحرب ضد فرنسا الكريمة وضد حلفائها الكرام وأمرنا أحباء طريقتنا بأن يبقوا على عهد فرنسا وعلى ذمتها ومودتها.
(98/83)
وفي سنة 1913م إجابة لطب الوالي العام للجزائر أرسلنا بريدا إلى المقدم الكبير للطريقة التيجانية في السنغال سيد الحاج مالك عثمان سي نأمره بأن يستعمل نفوذنا الديني الأكبر هنالك في السودان لتسهيل مأمورية (كلوزيل) الوالي العام للجزء الشمالي من افريقية الغربية أي لكي يسهل عليه احتلال واحة شنقيط موريتانيا حاليا .
وفي سنة 1916م إجابة لطلب المارشال (ليوتي)عميد فرنسا في مراكش كان سيدي علي - صاحب السجادة الرئيس الذي كان قبلي - كتب مائة وثلاث عشرة رسالة توصية وأرسلها إلى الزعماء الكبار وأعيان المغاربة يأمرهم بإعانة فرنسا في تحصيل مرغوبها وتوسيع نفوذها... - إلى أن قال - وبالجملة فإن فرنسا ما طلبت من الطائفة التيجانية نفوذها الديني إلا وأسرعنا بكل فرح ونشاط بتلبية طلبها وتحقيق رغائبها وذلك كله لأجل عظمة ورفاهية وفخر حبيبتنا فرنسا النبيلة والله المسؤول أن يخلد وجودها بيننا لنتمتع برضاها الخالد" مجلة الأزهر سنة 29. 1/8-10 ومجلة الفتح العدد 257 القاهرة 16/صفر 1350 هـ
ولم يقاوم المستعمر الفرنسي منهم إلا عمر الفوتي وقد تبرأوا منه وخذلوه وقالوا بأنه غير ماذون بذلك كشف الحجاب ص 336 .
الوجه السادس:
قوله ناقلا عن السبكي:" لا شك أن من تكلم في إمام استقرت في الاذهان عظمته وتناقلت الرواة ممادحته فقد جر الملام على نفسه..."
(98/84)
أقول فكيف بمن تكلم في كل إمام أو ولي من أولياء الله واحتقره واستهزأ به بل جعله تحت قدميه ؟ ففي الرماح أن الشيخ التجاني قال ذات ليلة في مجلسه أين السيد محمد الغالي فجعل أصحابه ينادون أين السيد محمد الغالي على عادة الناس مع الكبير إذا نادى أحدا فلما حضر بين يدي الشيخ قال - - رضي الله عنه - وأرضاه وعنا به " قدماي هاتان على رقبة كل ولي لله تعالى " وقال سيد محمد الغالي وكان لا يخافه لأنه من أكابر أحبائه وأمرائهم يا سيدي أنت في الصحو والبقاء أو في السكر والفناء فقال - - رضي الله عنه - وأررضاه وعنا به:" أنا في الصحو والبقاء وكمال العقل ولله الحمد " وقال قلت ما تقول بقول سيدي عبد القادر - - رضي الله عنه - قدمي هذه على رقبة كل ولي لله تعالى فقال " صدق - - رضي الله عنه - يعني أهل عصره " وأما أنا فأقول: قدماي هاتان على رقبة كل ولي لله تعالى من لدن آدم إلى النفخ في الصور..." الرماح 2/405
وفي هذا الكلام السخيف غاية الإحتقار والإزدراء لجميع أولياء الله تعالى من الأنبياء فمن دونهم من أهل العلم والصلاح.
ادعاء مفتاح وجوب الرد عن التجاني
قال مفتاح التجاني:
" المحور الثاني:
وأما المحور الثاني المتعلق بوجوب الرد عن الشيخ فالدليل عليه من طريق النظر والإستدلال جاء في آيات كثيرة منها قوله تعالى - { وكان حقا علينا نصر المؤمنين - } وقد روى ابن أبي حاتم بسنده إلى أبي الدرداء في تفسيرها أن النبي - - صلى الله عليه وسلم - قال: " ما من أمرئ مسلم يرد عن عرض أخيه إلا كان حقا على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة ثم تلا هذه الآية " ومنها قوله تعالى - { ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز - } قال ابن جزي في تفسيرها (ج3 ص 42) ينصره أي ينصر دينه وأولياءه " ومنها قوله تعالى - { يأيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم - } .
(98/85)
وأما الدليل من السنة على وجوب الرد عن الشيخ فهو أكثر من أن يحصى أو يستقصى ويكفينا منه ما ساقه الإمام النووي في الأذكار (ص294-295) حيث بوب بقوله (باب أمر من سمع غيبة شيخه أو صاحبه أو غيرهما ) بردها وإبطالها ثم قال ( إعلم أنه ينبغي لمن سمع غيبة مسلم أن يردها ويزجر قائلها فإن لم ينزجر بالكلام زجره باليد فإن لم يستطع باليد ولا باللسان فارق ذلك المجلس فإن سمع غيبة شيخه أو غيره ممن له عليه حق أو كان من أهل الفضل والصلاح كان الإعتناء بما ذكرناه أكثر ثم استدل على وجوب الرد عنه بعدة أحاديث ) " اهـ بلفظه ص 4
قلت: ثم ذكر حديث عتبان في قصة مالك بن الدخشم وجزءا من حديث كعب بن مالك وحديث جابر وأبي طلحة عند أبي داود انظر ص 4-5 .
والرد عليه من أحد عشر وجها:
الوجه الأول:
أنه ورد في القرآن الكريم أكثر من مائة آية تتحدث عن هذا الموضوع ولم يستطع أن يذكر منها إلا ثلاثا ثم اختار الآيات التي يخبر الله فيها عن نفسه بنصرته للمؤمنين - { وكان حقا علينا نصر المؤمنين - } ، - { ولينصرن الله من ينصره - } وذلك إشارة منه إلى مذهبه الردي القائل بوحدة الوجود وعليه فلا فرق بين الخالق والمخلوق.
الوجه الثاني:
ذكر في تفسيير الآية الأولى حديثا ضعيفا ولما رأى سنده واضح الضعف حذفه وهذا غاية التدليس والتلبيس وإليك البيان:
قال ابن أبي حاتم تفسير ابن أبي حاتم9/3093 : " حدثني أبي حدثنا نفيل حدثنا موسى بن أعين عن ليث عن شهر بن حوشب عن أم الدرداء عن أبي الدرداء - - رضي الله عنه - ".
ولهذا الحديث علتان:
(98/86)
العلة الأولى: ليث هو ابن أبي سليم الكوفي قال أحمد:" مضطرب الحديث ولكن حدث عنه الناس " وقال يحي:" ضعيف " وقال ابن معين أيضا " لا بأس به " وقال ابن حبان:" اختلط في آخر عمره " وقال عبد الله بن أحمد:" حدثنا أبي قال:مارأيت يحي بن سعيد أسوأ رأيا في أحد منه في ليث ومحمد بن إسحاق، وهمام لايستطيع أحد أن يراجعه فيهم " وقال النسائي:" ضعيف " وإن وثقه بعض الأئمة فالجمهور على تضعيفه انظر التاريخ الكبير 7/247 والميزان 3/420 وقد لخص ابن حجر كلام العلماء فيه فقال:" صدوق اختلط جدا ولم يتميز حديثه فترك " التقريب ص 400
العلة الثانية:
شهر بن حوشب الأشعري قال أبو حاتم:" ليس بدون أبي الزبير ولا يحتج به " وقال أبوزرعة:" لا بأس به " وقال ابن عون:" إن شهرا تركوه " وقال ابن عدي والنسائي:" ليس بالقوي " وقال الفلاس:" كان يحي ابن سعيد لا يحدث عن شهر وكان عبد الرحمن يحدث عنه " ووثقه ابن معين وقال أحمد:" روى عن أسماء بنت يزيد أحاديث حسانا " واتهم بالسرقة من بيت المال " انظر التاريخ الكبير 4/258 والميزان 2/283 قال ابن حجر:" صدوق كثير الأوهام والإرسال " التقريب ص 210 وعندما ذكر الشوكاني الحديث في تفسيره أشار إلى تضعيفه فقال:" وهو من طريق شهر بن حوشب عن أم الدرداء عن أبي الدرداء" فتح القدير4/233 اهـ
الوجه الثالث:
(98/87)
ولجهله بعلم المصطلح لم يذكر الحديث بصيغة التمريض كما هي القاعدة عند المحدثين ولم يذكر إسناده مع أن الحديث في حكم شرعي هو وجوب الرد عن الشيخ قال بن الصلاح " إذا أردت رواية الحديث الضعيف بغير إسناد فلا تقل فيه قال رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - كذا وكذا وما أشبه هذا من الألفاظ الجازمة بأنه - - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك وإنما تقول فيه روي عن رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - كذا وكذا أو بلغنا عنه كذا وكذا أو ورد عنه أو جاء عنه أو روى بعضهم وما أشبه ذلك وهكذا الحكم فيما تشك في صحته وضعفه وإنما تقول قال رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - فيما ظهر لك صحته بطريقه الذي أوضحناه أولا" مقدمة ابن الصلاح ص 136
قال العراقي في ألفيته
وإن ترد نقلا لواه أو لما
يشك فيه لا بإسنادهما
فات بتمريض كيروى واجزم
بنقل ما صح كقال فاعلم فتح المغيث للسخاوي 1/330
وقال السيوطي في ألفيته
ومن روى متنا صحيحا يجزم
أو واهيا أو حاله لايعلم
بغير ما إسناده يمرض
وتركه بيان ضعف قد رضوا
في الوعظ أو فضائل الأعمال
لا العقد والحرام والحلال
قال الشارح" وحاصل المعنى أن من أراد رواية أو كتابة حديث ضعيف أو مشكوك في صحته بغير سنده فعليه أن يرويه أو يكتبه بصيغة التمريض كأن يقول روي عن رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - أو بلغنا عنه وما أشبه ذلك لئلا يغتر به من لا يعرفه لو ذكره بصيغة الجزم " إسعاف ذوي الوطر 1/336
الوجه الرابع:
أي غيبة فيما كتبت وإنما أشرت إلى بعض المسائل التي يجب نقاشها لخطورتها ولم أتكلم عن أشخاص بأعيانهم وإنما تكلمت عن المسائل التي ذكروا، وهنالك فرق كبير بين الحكم على القول والحكم على القائل فقائل الكفر مثلا قد لا يكون كافرا لإكراه أو غيره من الأعذار الشرعية المعتبرة.
الوجه الخامس:
(98/88)
أنكم معشر الصوفية تعترفون بأن العلماء في كل الأزمنة ينكرون عليكم بل قتلوا بعضكم بسبب الزندقة، قال الفوتي في الرماح "...وقد نفي أبو يزيد البسطامي من بلده سبع مرات بأمر الحسين بن عيسى لما تكلم أبو يزيد بعلوم لا عهد لأهل بلده بها في مقامات الأنبياء والأولياء ولم يعد البسطامي إلا بعد الحسين ثم بعد ذلك ألفه الناس وعظموه.
- وكذلك ذو النون المصري أخرجوه من مصر إلى بغداد مقيدا مغلولا وسافر معه أهل مصر يشهدون عليه بالزندقة.
- وأخرجوا محمد بن الفضل البلخي من بلخ لكون مذهبه مذهب أهل الحديث من إجراء آيات الصفات وأخبارها على ظاهرها بلا تأويل وتجسس على علم الله تعالى فيها ولما أخرجه أهل بلخ قال لهم: نزع الله من قلوبكم معرفته ولم يخرج بعد ذلك صوفي من بلخ مع أنها كانت أكثر بلاد الله صوفية.
وكذلك شهدوا على الجنيد بالكفر وكان يتكلم في علم التوحيد على رؤوس الأشهاد فصار يقرره في قعر بيته.
- وعقدوا على الشيخ ابن أبي جمرة مجلسا في الرد عليه حين قال: أنا أجتمع بالنبي - - صلى الله عليه وسلم - فلزم بيته ولم يخرج إلا إلى الجمعة حتى مات ورموه بالكفر وبالقول بإباحة الخمر واللواط وأنه لبس في الليل الغيار وهو يشبه الزنار وأتوا به مقيدا مغلولا من الشام إلى مصر.
- ورموا أبا مدين بالزندقة وأخرجوه من بجاية إلى تلمسان فمات ودفن بها.
- وأخرجوا الحكيم الترمذي حين صنف كتابه علل الشريعة وكتاب ختم الاولياء وانكروا عليه بسبب هذين الكتابين وقالوا إنه فضل الأولياء على الأنبياء وأغلظوا عليه فجمع الكتابين كليهما وألقاهما في البحر فابتلعتهما سمكة سنين ثم لفظتهما وانتفع بهما.
- ورموا سعد بن عبد الله بالقبائح وأخرجوه إلى مصر حتى مات.
- ورموا أبا سعيد الخراز بالعظائم والكفر بألفاظ وجدوها في كتبه.
- ورموا يوسف بن الحسين بالعظائم إلى أن مات لكنه لم يبال بهم لتمكنه.
(98/89)
- وأخرجوا أبا الحسن البوسنجي إلى نيسابور فلم يزل بها حتى مات.
- ورموا سمنون المحب بالعظائم ورشوا بغيا فادعت أنه كان يأتيها هو وأصحابه.
- وشهدوا على الشبلي بالكفر مرارا حتى أن من كان يحبه شهدوا عليه بالجنون وأدخلوه المارستان ليرجع الناس عنه وقال أحد مشايخ بغداد: لو لم تكن لله تعالى جهنم لخلقها للذين آذوا الشبلي وكفروه وقال: إن لم يدخل الشبلي الجنة فمن يدخلها.
- وأخرج أهل المغرب الإمام أبا بكر القابسي من المغرب مقيدا إلى مصر وأخذ وسلخ حيا وهو يقرأ القرآن بتدبر وخشوع وكاد أن يفتتن به الناس فرفع الامر إلى السلطان فقال: اقتلوه واسلخوه.
- وكذا سلخوا النسفي بحلب وكان ينظر إلى الذي يسلخه ويبتسم وعمل خمسمائة بيت من موشحات التوحيد وهم يسلخونه وذلك حين كان يقطعهم بالحجج فاحتالوا له بأن كتبوا سورة الإخلاص في ورقة وخاطوا عليها نعلا فأهدوها إلى الشيخ من طريق بعيدة فلبسها وهو لا يشعر وقالوا لنائب حلب إن النسفي كتب - { قل هو الله أحد - } وجعلها في طباق نعله، فبعث النائب إليه فاستخرج الورقة فسلم الشيخ لله تعالى ولم يذب عن نفسه وعلم أنه لا بد أن يقتل على تلك الصورة.
- وأخرجوا أبا القاسم البهرباذي من البصرة وأبا عبد الله صاحب أبي حفص الحداد.
- وشهدوا على أبي الحسن البصري بالكفر.
- وتكلموا في ابن شمعون بالكلام الفاحش حتى مات فلم يحضروا له جنازة.
- وتكلموا في الإمام أبي القاسم بن جميل بالعظائم إلى أن مات ولم يتزلزل عما فيه من الإشتغال بالعلم والحديث وصيام الدهر وقيام الليل وزهده في الدنيا حتى لبس الحصير.
- وقال أبو بكر السمطاني كان أبو دينار يحط على الجنيد وعلى رويم وعلى سحنون وابن عطاء الله تعالى وعلى مشائخ العراق وكان إذا سمع واحدا يذكرهم تغيظ وتغير.
- وأخرجوا أبا الحسن الشاذلي من المغرب إلى مصر ورموه بالزندقة والإلحاد وتحليل المحرمات.
(98/90)
وقتلوا الإمام أبا القاسم ابن قسي وابن حيان والجوني والمرجاني.
- وما زالوا ينكرون على ابن عربي الحاتمي وابن الفارض إلى وقتنا هذا.
وعقدوا على عز الدين ابن عبد السلام مجلسا في كلمة قالها في العقائد.
وحسدوا تقي الدين بن ليث الأغر وزوروا عليه كلاما في السلطان حتى هم بقتله ثم تداركه.
- وقال السيوطي ومما منّ الله تعالى علي به أنه قام لي عدو يؤذيني ويمزق عرضي لتكون لي أسوة بالأنبياء والأولياء " الرماح 2/512.طبعة دار الفكر 1421 وكاشف الألباس ص 63 ـ 64 ونحوه في الطبقات الكبرى للشعراني 1/15-17 اهـ بحروفه
الوجه السادس:
لو فرضنا أن ما قلناه غيبة فإن هؤلاء لا غيبة لهم لمجاهرتهم ببدعهم وضلالهم وقد جعل النووي هذا هوالخامس من المسائل التي تجوز فيها الغيبة فقال: " الخامس أن يكون مجاهرا بفسقه أو بدعته كالمجاهر بشرب الخمر ومصادرة الناس وأخد المكس وجباية الأموال ظلما وتولي الامور الباطلة فيجوز ذكره بما يجاهر به ويحرم ذكره بغيره من العيوب إلا أن يكون لوجوازه سبب آخر كما ذكرناه" رياض الصالحين ص 404 وانظر الأدكار ص341ـ 342 اهـ
قلت يستدل لذلك بحديث " بئس أخو العشيرة " البخاري ح 6131 ومسلم ح 2591 ونحن إنما ذكرنا ما نشروا في كتبهم مجاهرة منهم بالإثم والعدوان وإشاعة للفاحشة في الذين آمنوا.
الوجه السابع:
أنما قلناه يدخل في باب الإستعانة على تغيير المنكر قال النووي في المسائل التي تجوز فيها الغيبة "الثاني الإستعانة على تغيير المنكر فيقول لمن يرجو قدرته على إزالة المنكر فلان يعمل كذا فازجره عنه ونحو ذلك " رياض الصالحين 404 والأذكار ص 340ـ341 اهـ
قلت يستدل له بقوله تعالى - { وتعاونوا على البر والتقوى - } [ المائدة 02 ] ولحديث زيد بن أرقم حين بلغ رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - ما قاله ابن أبي فنزلت الآيات بتصديقه البخاري ح ( 4900 ) ومسلم ( 2772 ) .
الوجه الثامن:
(98/91)
أن ما قلناه هو أيضا هو من باب النصح للمسلمين وتحذيرهم من الشر قال النووي:" الرابع تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم "؛ قلت: يستدل له بحديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها قالت:" أتيت النبي - - صلى الله عليه وسلم - فقلت إن أبا الجهم ومعاوية خطباني، فقال رسول الله - - صلى الله عليه وسلم -: (( أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما وأبو الجهم فلا يضع العصا عن عاتقه…)) الحديث ومسلم ح ( 3697) .
الوجه التاسع:
أما استدلاله على وجوب الرد عن الشيخ بحديث عتبان، حيث قال النبي - - صلى الله عليه وسلم - لمن قال بأن مالك بن الدخشم منافق: ((لا تقل ذلك ألا تراه قد قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ))، فما أدري أجعل مالك بن الدخشم شيخا لرسول الله - - صلى الله عليه وسلم - أم جعل ابن الدخشم مدافعا عن رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - أم كيف استدل بهذا.؟
الوجه العاشر:
أن حديث عتبان وكعب بن مالك لا يدلان على الوجوب لأن الأول فعل والثاني تقرير وهذا يدل على السنية و الإستحباب لا الوجوب، لانه ليس في واحد منهما الأمر بالدفاع عن عرض المسلم.
الوجه الحادي عشر:
أما حديث جابر وأبي طلحة فعزاه إلى أبي داود مع أن إسناد أبي داود ضعيف ولغشه وتدليسه لم يذكر ما قال فيه لأن فيه إشارة إلى ضعفه؛ إذ قال رحمه الله بعد إخراجه للحديث: " قال أبو داود:يحي بن سليم هذا أبو زيد مولى النبي - - صلى الله عليه وسلم - وإسماعيل بن بشير مولى بني مغالة وقد قيل عتبة بن شداد موضع عقبة " سنن أبي دوود كتاب الأدب باب الرجل يذب عن عرض أخيه ح 4884 ص 689 فهذه هي العلة الأولى للحديث وهي الاختلاف الذي ذكره أبوداود.
(98/92)
أما العلة الثانية: فهي إسحاق بن الصباح الأشعثي وهو ضعيف قال الذهبي " ضعفه يحي والدارقطني وغيرهما وقل ما روى " الميزان 1/216 ولهذا قال في التقريب " مقبول " التقريب ص 41 أي حيث توبع وإلا فلين الحديث كما قال في مقدمة التقريب التقريب ص14 .
أما العلة الثالثة: فهي يحي بن سليم ابن زيد فإنه مجهول قال الذهبي: "ماعلمت أحدا روى عنه سوى الليث " الميزان 4/350 وقال ابن حجر " مجهول " التقريب ص 521 .
أما العلة الرابعة: فهي إسماعيل بن بشير المدني فإنه مجهول أيضا قال الذهبي:" إسماعيل بن بشير المدني عن أبي طلحة وجابر في إثم خذلان المسلم وعنه يحي بن سليم بن زيد لا يدرى من ذا " الميزان 1/243 .
وقال ابن حجر " إسماعيل بن بشير الأنصاري مولى بني مغالة ( بفتح الميم والمعجمة ) مجهول " التقريب ص45 فبان ضعف هذا الإسناد والله أعلم.
ترجمة التجاني مغالطات مكشوفة
قال مفتاح التجاني:
" المحور الثالث وأما المحور الثالث المتعلق بالترجمة عن الشيخ التجاني فهو - - رضي الله عنه - عنه أجل قدرا وأعظم شأنا من أن تستوفى الترجمة عنه في هذا المقام... إلخ " اهـ ص 06 -10
والرد عليه من وجوه ستة:
الوجه الأول:
(98/93)
اعلم أنهم يترضون على شيخهم لأنهم يعتقدون أنه يجالس النبي - - صلى الله عليه وسلم - في حال اليقظة بل لا يغيب عنه فهو بذلك من الصحابة بل يدعي أنه أفضل من الصحابة أجمعين، قال علي حرازم :"وسمعت منه - - رضي الله عنه - أن الإسم الخاص به إذا ذكره العارفون كلهم من لدن آدم إلى قيام الساعة سبعة وعشرون مائة سنة يذكرونه في كل يوم ألف مرة وجمعت تلك الاذكار كلها في تلك المدة كلها ما لحقوا مرة واحدة من ذكر سيدنا الخاص به " جواهر المعاني 1/54 وقال التجاني:" إن مقامنا عند الله في الآخرة لا يصله أحد من الأولياء ولا يقاربه من كبر شأنه ولا من صغر وإن جميع الأولياء من الصحابة إلى النفخ في الصور ليس فيه من يصل مقامنا " الرماح 2/399 ط دار الفكر 1421 .
زاد في موضع آخر " ولا يقاربه لبعد مرامه عن جميع العقول وصعوبة مسلكه على أكابر الفحول " الرماح 2/413 وقال:" قدماي هاتان على رقبة كل ولي لله تعالى من لدن آدم إلى النفخ الصور " الرماح 2/399 وبغية المستفيد ص 225 ؛ وقال " وليس لأحد من الرجال أن يدخل كافة أصحابه الجنة بغير حساب ولا عقاب ولو عملوا من الذنوب ما عملوا وبلغوا من المعاصي ما بلغوا إلا أنا وحدي " المرجع السابق 2/413
وقال علي حرازم:" وأخبره - - صلى الله عليه وسلم - بقوله عليه الصلاة السلام: بعزة ربي يوم الإثنين ويوم الجمعة ؛ لم أفارقك فيهما من الفجر إلى الغروب ومعي سبعة أملاك وكل من يراك في اليومين يكتب الملائكة اسمه في رقعة من ذهب ويكتبونه من أهل الجنة " جواهر المعاني 1/98 دار الكتب العلمية 1417 .
قال التجاني:"... وهذا غاية إدراك النبيين والمرسلين والأقطاب يصلون إلى هذا المحل ويقفون ثم استأثرت بألباس من الأنوار الإلهية أخرى وبها سميت عقلا ثم استأثرت بألباس من الأنوار الإلهية أخرى فسميت بسببها قلبا ثم استأثرت بألباس عن الأنوار الإلهية الأخرى فسميت بسببها نفسا " المرجع السابق 1/107 .
(98/94)
قال التجاني:" قال لي - - صلى الله عليه وسلم - لك في الجنة أربعون مقاما من مقامات الأنبياء "اهـ الدرة الخريدة 1/ 54
وقال صاحب بغية المستفيد " ومن ذلك الذي قصدت ذكره هنامما لسيدنا - - رضي الله عنه - من الكرامات المأثورة والمناقب المشهورة رؤيته واجتماعه بسيد الأنام عليه الصلاة والسلام في حال اليقظة والمشافهة لا في حال المنام وهي لدى الرجال الكاملين أجل مقصد وأسنى مرام ومن ذلك أيضا بلا شك ولا مين دوام شهوده له - - صلى الله عليه وسلم - بحيث لا تغيب عنه صورته الشريفة طرفة عين " بغية المستفيد ص 209 ط دار الجيل بيروت .
وقال أيضا " من كرامات هذا الإمام ما اشتهر بين الأتباع مما تلقاه عنه الخاصة من أصحابه الكرام من أن طائفة من أهل طريقته هذه الأحمدية المنخرطين في سلك سلسلة المحمدية لو اجتمع أقطاب هذه الأمة الشريفة ما وزنوا شعرة مما اختص به الواحد منه من المقامات الرفيعة والأحوال السامية المنيفة قلت أكبر تلاميذه علي حرازم يقول له التجاني:" سببه ما تمكن من نفسك من الميل إلى الراحات واقتحام ما تقدر عليه من الشهوات
" كشف الحجاب 88.
وقال عنه:" وقد سامحته وتجاوزت عنه في جميع ما أكل وأخذ من متاعي بعلمه أو بغير علمه ظاهرا وباطنا وفي جميع مخالفته لنا ظاهرا وباطنا " كشف الحجاب ص 95..
(98/95)
ومن أكبر تلاميذ التجاني أيضا محمد بن أبي النصر العلوي الذي كان خارجا مع محمد اكنوس لوادي فاس فمر على أحد أبواب فاس فوقفا بباب حانوت إنسان يبيع الفاكهة فقال لصاحب الحانوت بكم ذاك الجوز وذاك الثمر وأشار إلى شيء وراءه فالتفت ليناوله منه فصار يأخذ مما يليه من غير علم صاحب الحانون ويجعل منه في جيبه وكاد صاحبه يذوب حياء ثم ترك صاحب الحانوت بعد أن أظهر له أنه لم يصلح له ما أشار إليه. كشف الحجاب ص 160. فهؤلاء وأمثالهم هم الذين لو اجتمع أقطاب هذه الأمة الشريفة ما وزنوا شعرة من واحد منهم!!!. فكيف بقدوتهم وإمام سلسلتهم الآخد بأرسانهم وأزمتهم " بغية المستفيد ص 230 .
الوجه الثاني:
قوله " يرجع نسبه إلى الإمام محمد النفس الزكية بن عبد الله الكامل "
أقول من المعلوم أنه لم يدعي الشرف أحد من آبائه بل يعترفون أنهم برابرة ولم يستطع أن يسوق لنا أسماء آبائه إلى النبي - - صلى الله عليه وسلم - بل اكتفى بالوضع على النبي - - صلى الله عليه وسلم - أنه قال له: نسبك إلى الحسن بن علي صحيح جواهر المعاني 1/26 وما لفق صاحب الدرة الخريدة لا يسمن ولا يغني من جوع لأنه ما نسبه إلى كتاب معتمد.
وما الفرق بينك وبين من قال إنه رأى رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - وقال له: إن التجاني بربري وليس بشريف.
واعلم أن السبب في ادعائه الشرف هو أن الدولة العبيدية التي حكمت فترة طويلة إنما حكمت بادعاء الشرف فصارت عادة كلما أراد شخص أن يجعل لنفسه مكانة ومنزلة ادعى الشرف
فبان أن الذي يحويه من شرف
قد صح لكنه بالهاء لا الفاء
الوجه الثالث:
(98/96)
التجاني نسبة إلى (بني توجين) أصحاب (تاهرت) و(تاكدمت) من البربر إخوان (بني زبيان ) ملوك تلمسان و(بني مرين) ملوك المغرب الأقصى و(بنو توجين ) هم أخوال أحمد التجاني بحفة الزائر في تاريخ الجزائر ص 303 ط الثانية.الترجمانة الكبرى في المعمور برا وبحرا ص 460-461 فعلام يدل انتسابه لأخواله وتركه الإنتساب إلى آبائه ؟!.
الوجه الرابع:
أنه نقل عن صاحب شجرة النور الزكية قوله:" وله بالمغرب وما والاها أصحاب وأتباع كثيرون يتغالون فيه إلى حد يفوت الوصف ويعظمونه تعظيما بليغا " فانظر كيف أشار إلى غلوكم في شيخكم إلى حد يفوت الوصف ثم فات عليك ذلك فنقلته أم أن الله أراد أن يجعل تدبيركم تدميرا لكم.
الوجه الخامس:
من تلبيسك أنك لم تذكر سبب طرده من تلمسان إلى (أبي سمعون) لأنه قاصمة ظهرك ومهيض كسرك ولندع المؤرخ المغربي الشهير (الزياني ) هو أبو القاسم أحمد بن علي بن ابراهيم المؤرخ ولد بفاس سنة 1147هـ وكان سفيرا لبلاده في الإستانة سنة 1200هـ ومن كتبه
"الرحلة اكبرى"والترجمان المعرب عن دول المشرق والمغرب توفي بمدية فاس سنة 1249هـ كما في الأعلام للزركلي 6/6. يحكي لنا تفاصيل القصة فهو معاصر لذلك حيث يقول إن:" الباي محمد بن عثمان طرده - يعني أحمد التجاني - من تلمسان إلى أبي سمعون بسبب تدبيره الفضة وتدليسه على الناس فأقام بها مدة فعظم صيته وكثر فساده وعبثه فبلغ خبره الباي وهو أن عثمان بن محمد بن الباي محمد بن عثمان السابق الذكر كتب لأهل قرية (أبي سمعون) بالوعيد إن لم يطردوه فلما بلغه ذلك فر إلى المغرب في طائفة من أتباعه وتلاميذه " الترجمانة الكبرى في المعمور برا وبحرا ص 460- 461
فهو إنما كان مزورا للعملات مخادعا للمسلمين غاشا لهم وقد أشارت كتبكم إلى أنه كان يزور العملات بغية المستفيد ص 258 وكشف الحجاب ص 121و476 و477. ثم انتقل من تزوير العملات إلى التزوير في الديانات.
الوجه السادس:
(98/97)
- أما ما ادعاه له من العلم فلم نر برهانا عليه إلا ما في جواهر المعاني وهو - على مافيه - مسروق من كتاب (المقصد الأحمد) إلا أن (مؤلفه) غير فيه قليلا ثم نسبه إلى نفسه وإليك البيان:
1- سرق خطبته وهي خمس صفحات فنقلها بالحرف الواحد (انظر صورة الخطبتين في الملحق).
2- ترتيب أبواب جواهر المعاني كترتيب أبواب المقصد الأحمد وعناوين الأبواب متطابقة في الكتابين إلا أن (مؤلف ) جواهر المعاني أجملها في ستة أبواب وصاحب المقصد ذكرها في تسعة أبواب؛ وقد اعترف بهذا أحد أقطاب التيجاينة وهو أحمد سكيرج فقال " ولقد عثرت على ثلاث نسخ من هذا المقصد وقابلته مع جواهر المعاني فوجدت خطبته كخطبته وجل ترتيب أبوابه على ترتيبه " جناية المنتسب العاني لأحمد سكيرج (2/53) .
وإليك أبواب كل واحد من الكتابين:
أولا: أبواب كتاب المقصد الأحمد
الباب الأول: في نسبه وأبويه وعشيرته الأقربين إليه.
الباب الثاني: في نشأته وبدايته وأخذ طريق هدايته.
الباب الثالث:في مواجيده وأحواله ومقامه المتصف به وكماله.
الباب الرابع: في سيرته السنية وجمل من أخلاقه السنية.
الباب الخامس: في كرمه وسخائه وعظيم فتوته ووفائه.
الباب السادس: في علو همته وورعه وزهده وحريته.
الباب السابع: في دلالته على الله وجمعه عليه وسوقه الأقوام بحاله ومقاله إليه.
الباب الثامن: في كلامه وإشاراته وبعض ما سمعته من تقريراته.
الباب التاسع: في جملة من كراماته وبعض ما جرى من تصرفاته.
الباب العاشر: في شيخه الهمام ومشايخ شيخه الأعلام.
الباب الحادي العاشر: في أسانيد طريقته وتحرير رفعتها وتحقيقه.
الباب الثاني عشر: في بعض ما قيل فيه من القصائد الشعرية المنبئة عن محاسنه السوية. المقصد الأحمد 1/5-6
ثانيا : أبواب كتاب جواهر المعاني:
الباب الأول: في التعريف به وبمولده وأبويه ونسبه وعشيرته الأقربين إليه ونشأته وبدايته ومجاهدته وأخذ طريق رشده وهدايته وفيه ثلاثة فصول.
(98/98)
الباب الثاني: في مواجيده وأحواله ومقامه المتصف به وكماله وسيرته السنية وجمل من أخلاقه السنية وحسن معاملاته مع إخوانه وأهل مودته وفيه ثلاثة فصول.
الباب الثالث: في كرمه وسخائه وعظيم فتوته ووفائه وخوفه وعلو همته وورعه وزهده وموعظته وحريته ودلالته على الله وجمعه عليه وسوقه الأقوام بحاله ومقاله إليه وفيه ثلاثة فصول.
الباب الرابع: في ترتيب أوراده وأذكاره وذكر طريقته وأتباعه وفضل ورده وما أعده الله لتاليه وصفة المريد وحاله وما يقطعه عن أستاذه وكيفية الشيخ الذي يتبعه بسائر أقواله وأفعاله وكيفية السماع ومايتبعه من سائر لياليه وأيامه وأدعية شتى أجراها الله على لسانه كما هي عادته الكريمة على قلوب أهل عرفانه وفيه ثلاث فصول.
الباب الخامس: في ذكر أجوبته على الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وفي ذكر رسائله وكلامه وإشاراته وما سمعته من فيض علومه وتقريراته وفيه فصول.
الباب السادس: في جملة من كراماته وبعض ما جرى من تصريفاته وما اتفق لبعض أصحابه معه من مكاشفاته. جواهر المعاني 1/11
وتلاحظ معي أنه حذف الأبواب الثلاثة الأخيرة من (المقصد الأحمد) وما سوى ذلك فالتطابق فيه واضح إلا أنه دمج الباب الأول في الثاني الرابع في الثالث والسابع والسادس في الخامس.
3 - معظم الجزء الأول من (جواهر المعاني) منقول بالمعنى من (المقصد الأحمد) وكثير منه منقول بالحرف الواحد وإليك أمثلة على ذلك:
الجزء الأول من جواهر المعاني جواهر المعاني طبعة شركة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده المطبوعة بمصر سنة 1308 هـ
الجزء الأول من المقصد الأحمد المقصد الأحمد وهو مطبوع بالمطبعة الحجرية بفاس سنة 1351 هـ
الصفحة 2 -3
الصفحة 2 – 3
الصفحة 5- 7
الصفحة 3 – 5
الصفحة57
الصفحة 52 – 53
الصفحة 60
الصفحة 58
الصفحة67 – 68
الصفحة 79 – 80
الصفحة 76 -78
الصفحة 81 – 82
الصفحة 84 – 85
الصفحة 104
الصفحة 91 – 92
الصفحة 112 – 113
الصفحة 98 – 99
(98/99)
الصفحة 133 – 134
الصفحة100
الصفحة 135
الصفحة105 - 110
الصفحة 154 - 158
وانظر صور أمثلة من هذه الصفحات في الملحق.
- وقد شهد التجاني على نفسه بأنه عامي كما في رماح حزب الرحيم (2/422):" وقد أخبرني سيد محمد الغالي - - رضي الله عنه - أن الشيخ - - رضي الله عنه - وأرضاه وعنا به قال يوما في مجلسه من كان يحبني لله ورسوله فليحبني ومن كان يحبني لغرض فبالله الذي لا إله إلا هو أنا عامي صرف لم يكن لي شيء "اهـ
- بل شهد التجاني على نفسه أنه ما شم رائحة الإسلام فقال كما في الدرة الخريدة (1/84):" والله ما شممنا رائحة الإسلام، فقيل له أنت ترى رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - يقظة وتقول هذا فيقول كائن ذلك حقا لكن أمن أصاب إلخ " اهـ
ترجمة ابن عربي وبيان تكفير العلماء له
قال مفتاح التجاني:
" المحور الرابع المتعلق بالترجمة عن الشيخ محي الدين بن عربي فإنه رضي الله عنه قد شهد له الجمهور من علماء الأثر والفقه أنه بلغ رتبة المجتهد المطلق في العلوم النقلية والعقلية... " إلى آخر كلامه(ص 11- 14).
وقد اقتصر في هذه الترجمة على اليقل عن ابن حجر الهتمي الصوفي في فتاويه والشعراني في اليواقيت - وأطال النقل عنهما -كما نقل عن ابن العماد، فهؤلاء كل من نقل عنهم في هذه الترجمة.
والرد عليه من أكثر من أربعة أوجه:
الوجه الأول:
قوله:" قد شهد له الجمهور من علماء الأثر والفقه أنه بلغ رتبة المجتهد المطلق في العلوم النقلية والعقلية " اهـ
أقول بل شهدوا عليه بالكفر والزندقة والإلحاد وألفوا في ذلك التآليف الكثيرة ولهذا لم تستطع أن تنقل ترجمته من كتب التراجم وكتب التاريخ حتى اضطررت إلى النقل عن بعض كتب المتصوفين التي هي غير معتمدة عند علماء المسلمين وهأنذا أنقل تكفير العلماء المعتمدين له.
(98/100)
1- ممن ألف في تكفيره العلامة برهان الدين البقاعي وسمى كتابه " تنبيه الغبي على تكفير ابن عربي " قال في مقدمته:" وبعد فإني لما رأيت الناس مضطربين في ابن عربي المنسوب إلى التصوف الموسوم عند أهل الحق بالوحدة ولم أر من شفى القلب في ترجمته وكان كفره في كتابه الفصوص أظهر منه في غيره أحببت أن أذكر منه ما كان ظاهرا حتى يعلم حاله فيهجر مقاله ويعتقد انحلاله وكفره وضلاله وأنه إلى الهاوية مآبه ومآله " تنبيه الغبي على تكفير ابن عربي ص 21
2- شيخ الإسلام زين الدين العراقي له كراسة في تكفير ابن عربي يقول فيها:" قوله – يعني ابن عربي – في قوم نوح - { لا تذرن آلهتكم... - } كلام ضلال وشرك واتحاد وإلحاد فجعل تركهم لعبادة الأوثان التي نهاهم نوح عن عبادتها جهلا يفوت عليهم من الحق بقدر ما تركوا " تنبيه الغبي ص 52 وقال في نفس الكراسة:" وأما قوله - يعني ابن عربي - (فهو عين ما ظهر وعين ما بطن) فهو كلام مسموم ظاهره القول بالوحدة المطلقة وأن جميع مخلوقاته هي عينه ويدل على إرادته لذلك صريحا قوله بعد ذلك (وهو المسمى أباسعيد الخراز وغير ذلك من أسماء المحدثات) وكذا قوله بعد ذلك (والمتكلم واحد وهو عين السامع) وقائل ذلك والمعتقد له كافر بإجماع المسلمين " اهـ المصدر الساسق ص 64
3- ممن أفتى بكفره بدر الدين بن جماعة حيث قال ردا على قول ابن عربي أنه - - صلى الله عليه وسلم - هو الذي أذن له في تأليف كتابه الفصوص مانصه:" وحاشى رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - أن ياذن في المنام فيما يخالف أو يضاد قواعد الإسلام بل ذلك من وساوس الشيطان ومحنته وتلاعبه برأيه وفتنته وأما إنكاره - يعني ابن عربي - ما ورد في الكتاب والسنة من الوعيد فهو كافر به عند علماء التوحيد؛ وكذلك قوله في نوح وهود عليهما السلام قول لغو باطل مردود " اهـ انظر نص الفتوى في العلم الشامخ للمقبلي ص494
(98/101)
4- وقال شمس الدين الذهبي في ترجمته:" محمد بن علي بن محمد الحاتمي الطائي الأندلسي صاحب كتاب (فصوص الحكم)مات سنة 638هـ ورأيته قد حدث عن أبي الحسن بن الهذيل بالإجازة وفي النفس من ذلك شيء سمع منه التيسير لأبي عمرو الدامي شيخنا محمد بن أبي الذكر الصقلي المطرز بسماعه من أبي بكر بن أبي جمرة وبإجازته من ابن هذيل وروى الحديث عن جماعة ونقل رفيقنا أبي الفتح اليعمري وكان متثبتا قال سمعت الإمام تقي الدين بن دقيق العيد يقول سمعت شيخنا أبا محمد بن عبد السلام السلمي يقول وجرى ذكر أبي عبد الله بن عربي الطائي فقال: هو شيخ سوء شيعي كذاب فقلت له وكذاب أيضا ! قال نعم ؛ تذاكرنا بدمشق التزويج بالجن فقال هذا محال لأن الإنس جسم كثيف والجن روح لطيف ولن يعلق الجسم الكثيف الروح اللطيف ثم بعد قليل رأيته وبه شجة فقال: تزوجت جنية فرزقت منها ثلاثة أولاد فاتفق يوما أني أغضبتها فضربتني بعظم حصلت منه هذه الشجة وانصرفت فلم أرها بعد هذا أو معناه ؛ قلت نقله لي بحروفه ابن رافع من خط أبي الفتح " اهـ ميزان الإعتدال 3/629-630 ونقله الحافظ بن حجر في اللسان 5/352-353.
وقال الذهبي أيضا في ترجمة ابن عربي من السير:
" ومن أردأ تواليفه كتاب الفصوص فإن كان لا كفر فيه فما في الدنيا كفر نسأل الله العفو والنجاة " اهـ سير أعلام النبلاء 23/ 48
5- قال أبو زرعة ولي الدين العراقي في المسألة الحادية والعشرين من فتاويه المكية مانصه: " لا شك في اشتمال الفصوص المشهورة عنه على الكفر الصريح الذي لا شك فيه وكذلك فتوحاته المكية فإن صح صدور ذلك عنه واستمر إلى وفاته فهو كافر مخلد في النار بلا شك وقد صح عندي عن الحافظ المزي أنه نقل من خطه في تفسير قوله تعالى - { إن الذين كفروا سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون - } [ البقر 6 ]كلاما ينبو عنه السمع ويقتضي الكفر وبعض كلماته لا يمكن تأويلها " تنبيه الغبي ص 124
(98/102)
6- قال الإمام أبوعلي السكوتي:" وليحترز من مواضع كثيرة من كلام ابن عربي الطائي في فصوصه وفتوحاته المكية وغيرهما وليحترز أيضا من مواضع كثيرة من كلام ابن الفارض الشاعر وأمثاله مما يشيرون بظاهره إلى القول بالحلول والإتحاد لأنه باطل بالبراهين القطعية ثم قال وكل كلام وإطلاق يوهم الباطل فهو باطل بالإجماع فأحرى وأولى بطلانه إذا كان صريحا في الباطل فإن قالوا لم نقصد بكلامنا ورموزنا وإشاراتنا الإتحاد والحلول وإنما قصدنا أمرا آخر تفهم عنا قلنا لهم الله أعلم بما في الضمائر وما يخفى في السرائر وإنما اعترضنا نحن الألفاظ والإطلاقات التي تظهر فيها الإشارات إلى الإلحاد والحلول والإتحاد " كتابه ( نحت العوام فيما يتعلق بعلم الكلام) وعنه تنبيه الغبي ص 126-127
7- اتفق القضاة على تكفيره.
وذلك أن علامة زمانه علاء الدين محمد البخاري الحنفي ذكر عنده ابن عربي هذا فقال قاضي المالكية أنذاك شمس الدين محمد البساطي: يمكن تأويل كلامه، فقال له البخارى كفرت وسلم له أهل عصره ممن كان في مجلسه ومن غيرهم وما طعن أحد منهم فيه بكلمة واحدة وقد كان منهم حافظ العصر قاضي الشافعية شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني وقاض القضاة زين الدين عبد الرحمن التفهني وقاض القضاة محمود العيني الحنفي والشيخ يحي السيرامي الحنفي وقاضي القضاة محب الدين أحمد بن نصر الله البغدادي الحنبلي وزين الدين أبو بكر القمي الشافعي وبدر الدين محمد بن الأمانة الشافعي وشهاب الدين أحمد بن تقي المالكي وغيرهم من العلماء والرؤساء وما خلص البساطي من ذلك إلا بالبراءة من اعقاد الإتحاد ومن طائفة الإتحادية وتكفيره لمن يقول بقولهم. المصدر السابق ص 127-128 وكتاب الصوفية متعقدا ومنهجا ص 237
(98/103)
8- وألف في تكفيره جماعة منهم شهاب الدين أحمد بن يحي بن أبي حجلة التلمساني الحنفي والإمام سيف الدين عبد اللطيف بن بلبان الصوفي وقال في كتابه " وقد كتب كل من راقب الله تعالى وخشيه وامتنع كل من التبسه مخافة غيره وغشيه فالذي كتب قام لله تعالى بلوازم فرضه والذي امتنع فهو المسؤول عن ذلك في يوم عرضه فإن زعم أنه ترك خوف الفتنة من المخالفين فتلك محنة في الدين بما وجب على كل عامل من التبيين ". مصرع التصوف 137-138
9- وممن ألف في تكفيره وتكفير أمثاله القدوة العارف عماد الدين أحمد بن إبراهيم الواسطي وله ثلاثة كتب في هذا الموضوع:
أ- أشعة النصوص في هتك أستار الفصوص.
ب- لوامع الإسترشاد في الفرق بين التوحيد والإلحاد.
ج- البيان المفيد في الفرق بين الإلحاد والتوحيد." المصدر السابق ص 140
10- وممن كفره العلامة شمس الدين محمد بن يوسف الجزري:
قال عنه:" وحكمه بصحة عبادة قوم نوح للأصنام كفر وقوله إن الحق المنزه هو الخلق المشبه كلام باطل متناقض وهو كفر وقوله عن قوم هود وحصلوا في عين القرب افتراء على الله تعالى ورد لقوله فيهم وقوله زال البعد وصيرورة جهنم في حقهم نعيما كذب وتكذيب للشرائع وأما من يصدقه فيما قال فحكمه كحكمه في التضليل والتكفير إن كان عالما وإن كان ممن لا علم له فإن قال ذلك جهلا عرف بحقيقة ذلك ويجب تعليمه وردعه عنه مهما أمكن " انظر الفتوى في العلم الشامخ ص 495 .
11- وممن كفره الإمام القدوة برهان الدين إبراهيم بن معضاض الجعبري والعلامة زين الدين عمر بن أبي الحرم الكتاني الشافعي ومن جوابه قوله يعني ابن عربي في قوم هود كفر لأن الله تعالى أخبر في القرآن العظيم عن عاد أنهم كفروا بربهم والكفار ليسوا على صراط مستقيم فالقول بأنهم كانوا عليه مكذب لصريح القرآن ويأثم من سمعه ولم ينكره إذا كان مكلفا وإن رضي به كفر. المصدر السابق 496
(98/104)
12- ممن كفره أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي عند تفسير قوله تعالى - { لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم...ا - } [ المائة 17 ] مانصه: " ومن بعض اعتقاد النصارى استنبط من أقر بالإسلام ظاهرا وانتمى إلى الصوفية حلول الله في الصور الجميلة ومن ذهب من ملاحدتهم إلى القول بالإتحاد والوحدة كالحلاج والشعوذي وابن أحلى وابن عربي المقيم بدمشق وابن الفارض وأتباع هؤلاء كابن سبعين...وعد جماعة ثم قال وإنما سردت هؤلاء نصحا لدين الله -يعلم الله ذلك – وشفقة على ضعفاء المسلمين وليحذروا فهم شر من الفلاسفة الذين يكذبون الله ورسوله ويقولون بقدم العالم وينكرون البعث وقد أولع جهلة ممن ينتمي إلى التصوف بتعظيم هؤلاء وادعائهم أنهم صفوة الله وأولياؤه " البحر المحيط لأبي حيان 3/448 .
13- وممن كفره هو وأمثاله القاضي شيخ الإسلام تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي الشافعي فقال:" ومن كان من هؤلاء الصوفية المتأخرين كابن عربي وغيره فهم ضلال جهال خارجون عن طريقة الإسلام فضلا عن العلماء " تنبيه الغبي ص 143 ونقله الكمال الدميلي والتقي الحصني.
14- وممن أحرق كتب ابن عربي الحافظ تقي الدين الفاسي الذي ألف كتابا يرد به على ابن عربي قال فيه:" وقد أحرقت كتب ابن عربي غير مرة " مصرع التصوف ص143 وممن صنع ذلك من العلماء المعتبرين الشيخ بهاء الدين السبكي المرجع السابق 143 .
(98/105)
15- ومن العلماء الذين كفروه العلامة القاضي شرف الدين عيسى بن مسعود الزواوي المالكي شارح صحيح مسلم الذي قال:" وأما ما تضمنه هذا التصنيف - يعني الفصوص - من الهذيان والكفر والبهتان فهو كله تلبيس وضلال وتحريف وتبديل فمن صدق بذلك أو اعتقد صحته كان كافرا ملحدا صادا عن سبيل الله مخالفا لسنة رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - ملحدا في آيات الله مبدلا لكلماته فإن أظهر ذلك وناظر عليه كان كافرا يستتاب فإن تاب وإلا قتل وإن أخفى ذلك وأسره كان زنديقا فيقتل متى ظهر عليه ولا تقبل توبته إن تاب لأن توبته لا تعرف فقد كان قبل أن يظهر عليه يقول بخلاف ما يبطن فعلم بالظهور عليه خبث باطنه وهؤلاء القوم يسمون الباطنية لم يزالوا من قديم الزمان ضلالا في الأمة معروفين بالخروج من الملة يقتلون متى ظهر عليهم وينفون من الأرض وعادتهم التمصلح والتدين وادعاء التحقيق وهم على أسوأ طريق فالحذر كل الحذر منهم فإنهم أعداء الله وشر من اليهود والنصارى لأنهم قوم لا دين لهم يتبعونه ولا رب يعبدونه وواجب على كل من ظهر على أحد منهم أن ينهي أمره إلى ولاة المسلمين ليحكموا فيه بحكم الله تعالى ويجب على من ولي الأمر إذا سمع بهدا التصنيف البحث عنه وجمع نسخه حيث وجدها وإحراقها وأدب من اتهم بهذا المذهب أو نسب إليه أو عرف به على قدر قوة التهمة عليه حتى يعرفه الناس ويحذروه " العلم الشامخ ص 498
(98/106)
16- وممن كفره نور الدين علي بن يعقوب البكري الشافعي قال عن الفصوص:" وأما تصنيفٌ تذكر فيه هذه الأقوال ويكون المراد بها ظاهرها فصاحبها ألعن وأقبح من أن يتأول له ذلك بل هو كاذب فاجر كافر في القول والإعتقاد ظاهرا وباطنا وإن كان قائلها لم يرد ظاهرها فهو كافر في قوله ضال بجهله ولا يعذر في تأويله بتلك الألفاظ إلا أن يكون جاهلا بالأحكام جهلا تاما عاما ولا يعذر في جهله لمعصية لعدم مراجعة العلماء والتصانيف على الوجه الواجب من المعرفة في حق من يخوض في أمر الرسل ومتبعيهم أعني معرفة الأدب في التعبيرات على أن في هذه الألفاظ ما يتعذر أو يتعسر تأويله بل كلها كذلك " مصرع التصوف ص 144- 145
17 – وممن كفره نجم الدين محمد بن عقيل البالسي الذي قال:" من صدق هذه المقالة الباطلة أو رضيها كان كافرا بالله تعالى يراق دمه ولا تنفعة التوبة عند مالك وبعض أصحاب الشافعية ومن سمع هذه المقالة القبيحة تعين عليه إنكارها بلسانه بل يجب عليه منع قائلها بالضرب إن لم ينزجر باللسان فإن عجز عن الإنكار بلسانه أو بيده وجب عليه إنكار ذلك بقلبه وذلك أضعف الإيمان " المرجع السابق ص 146 – 147 .
(98/107)
18- وممن كفره العلامة أبو أمامة محمد بن علي بن النقاش المصري الذي قال:" وقد ظهرت أمة ضعيفة العقل نزرة العلم اشتغلوا بهذه الحروف وجعلوا لها دلالات واشتقوا منها ألفاظا واستدلوا منها على مدد وسموا أنفسهم بعلماء الحروف ثم جاءهم شيخ وقح من جهلة العالم يقال له البوني ألف فيه مؤلفات وأتى فيها بطامات ومن الحروف دخلوا للباطن وأن للقرآن باطن غير ظاهر بل وللشرائع باطنا غير ظاهرها ومن ذلك تدرجوا إلى وحدة الوجود وهو مذهب الملحدين كابن عربي وابن سبعين وابن الفارض ممن يجعل وجود الخالق هو الوجود المخلوق وقد لا يرضى هؤلاء بلفظ الإتحاد بل يقولون بالوحدة " تفسيره المسمى (السابق واللاحق) وعنه مصرع التصوف ص 147-148 اهـ ثم قال:" وهم متألهون للخيال معظمون له لا سيما ابن عربي منهم ويسميه أرض الحقيقة ولهذا يقولون بجواز الجمع بين النقيضين وهو من الخيال الباطل وقد علم المعتنون بحالهم من علماء الإسلام كالشيخ عز الدين بن عبد السلام وابن الحاجب وغيرهما أن الجن والشياطين تمثلت لهم وألفت كلاما يسمعونه وأنوارا يرونها فيظنون ذلك كرامات وإنما هي أحوال شيطانية لا رحمانية وهي من جنس السحر " اهـ المرجع السابق ص150
19- ومن العلماء الذين كفروه العلامة جمال الدين عبد الله بن يوسف بن هشام النحوي اللغوي الشهير الذي كتب على نسخة من كتاب الفصوص:
" هذا الذي بضلاله
ضلت أوائل معْ أواخر
من ظن فيه غير ذا
لينأ عني فهو كافر
هذا كتاب فصوص الظلم ونقيض الحكم وضلال الأمم كتاب يعجز الذم عن وصفه وقد اكتنفه الباطل من بين يديه ومن خلفه لقد ضل مؤلفه ضلالا بعيدا وخسر خسرانا مبينا لأنه مخالف لما أرسل الله به رسله وأنزل به كتبه وفطر عليه خليقته " المرجع السابق ص 150 .اهـ
(98/108)
20- ومنهم العلامة القاضي أبو زيد عبد الرحمن بن خلدون الذي قال:"... والطريقة الثانية وهي مشوبة بالبدع وهي طريقة قوم من المتأخرين يجعلون الطريقة الأولى وسيلة إلى كشف حجاب الحس لأنها من نتائجها ومن هؤلاء المتصوفة ابن عربي وابن سبعين وابن برجان وأتباعهم ممن سلك سبيلهم ودان بنحلتهم ولهم تآليف كثيرة يتداولونها مشحونة بصريح الكفر ومستهجن البدع وتأويل الظاهر لذلك على أبعد الوجوه وأقبحها مما يستغرب الناظر فيها من نسبتها إلى الملة أو عدها في الشريعة وليس ثناء أحد على هؤلاء حجة ولو بلغ المثني ما عسى أن يبلغ من الفضل لأن الكتاب والسنة أبلغ فضلا أو شهادة من كل أحد وأما حكم هذه الكتب المتضمنة لتلك العقائد المضلة وما يوجد من نسخها بأيدي الناس مثل الفصوص والفتوحات المكية لابن عربي والبد لابن سبعين وخلع النعلين لابن قسي وعين اليقين لابن برجان وما أجدر الكثير من شعر ابن الفارض والعفيف التلمساني وأمثالهما أن يلحق بهذه الكتب وكذا شرح ابن الفرغاني للقصيدة التائية من نظم ابن الفارض فالحكم في هذه الكتب وأمثالها اذهاب أعيانها متى وجدت بالتحريق بالنار والغسل بالماء حتى ينمحى أثر الكتاب لما في ذلك من المصلحة العامة في الدين بمحو العقائد المختلفة فيتعين على ولي الأمر إحراق هذه الكتب دفعا للمفسدة العامة ويتعين على من كانت عنده التمكين منها للإحراق " اهـ تنبيه الغبي على تكفير ابن عربي ص 150-152 والعلم الشامخ ص 500
(98/109)
21- وممن كفره العلامة شمس الدين محمد العيزرى الشافعي فقال عن الفصوص:" قال العلماء: جميع ما فيه كفر لأنه دائر مع عقيدة الإتحاد وهو من غلاة الصوفية المحذر من طرائقهم وهم شعبان: شعب حلولية يعتقدون حلول الخالق في المخلوق، وشعب اتحادية لا يعتقدون تعددا في الوجود في زعمهم أن العالم هو الله وكل فريق منهم يكفر الآخر ؛ وأهل الحق يكفرون الفريقين...ثم قال :ومنهم ابن الفارض صاحب الديوان وعد جماعة معه ثم قال :ذكر هؤلاء بالحلول والإتحاد جماعة من علماء الشريعة المتأخرين كالشيخ عز الدين بن عبد السلام وأبي عمرو بن الصلاح وابن دقيق العيد وشيخ الفقهاء الزين الكتاني وقاضي القضاة الشيخ تقي الدين السبكي وحكم بتكفيرهم القضاة الأربعة بدر الدين ابن جماعة والزين الحنفي والشرف الزواوي والسعد الحنبلي " اهـ العلم الشامخ ص 495
22- الحافظ الرحالة شمس الدين أبو عبد الله الموصلي الشافعي قال:" وفي كلام ابن عربي من الكفر الصريح الذي لايمكن تأويله شيء كثير يضيق هذا الوقت من وصفه ومنه تفسير اسمه العلي؛ بأن قال العلي على من ؟ وما ثم إلا هو !! وهو المسمى أبا سعيد الخراز " اهـ مصرع التصوف ص 154
23- قال القاضي شمس الدين محمد بن أحمد البساطي المالكي في أول كتابه في أصول الدين ؛" في المسألة السادسة في حدوث العالم مانصه: وخالفنا في ذلك طوائف الأولى الدهرية والثانية متأخرو الفلاسفة كأرسطو ومن تبعه من ضلال المسلمين وابن سينا والفارابي ومن حلى كلامه وزخرفه بشعار الصالحين كابن عربي وابن سبعين " اهـ المرجع السابق154- 155
(98/110)
24- ذكر شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني في ترجمة ابن الفارض مانصه:" وقد كنت سألت شيخنا سراج الدين عمر بن رسلان البلقيني عن ابن عربي فبادر بالجواب بأنه كافر، فسألته عن ابن الفارض فقال: لا أحب أن أتكلم فيه فقلت:ما الفرق بينهما والموضع واحد ؟ وأنشدته من التائية فقطع علي بعد إنشادي عدة أبيات بقوله هذا كفر، هذا كفر " اهـ لسان الميزان 4/365
25- وممن كفره أيضا العلامة برهان الدين السفاقيني صاحب الإعراب ونظم قصيدة طويلة رائعة في الرد عليه وعلى أمثاله يقول فيها:
فشيخهم الطائي في ذاك قدوة
يرى كل شيء في الوجود هو الحقا
وكم من غوي كابن سبعين مثله
وكلهم بالكفر قد طوقوا طوقا
وكالششتري القونوي وابن فارض
فلا برد الله ثراهم ولا أسقى تنبيه الغبي ص 160
26- وقال حافظ عصره وفريد دهره شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي بعد حط الحافظ سيف الدين بن المجد على الحريري الصوفي: " فكيف لو رأى الشيخ كلام ابن عربي الذي هو محض الكفر والزندقة لقال هذا الدجال المنتظر ولكن كان ابن عربي منقطعا عن الناس إنما يجتمع به آحاد الإتحادية لا يصرح بأمره لكل أحد ولم تشتهر كتبه إلا بعد موته ولهذا تمادى أمره فلما كان على رأس السبع مائة جدد الله لهذه الأمة دينها بهتكه وفضيحته ودار بين العلماء كتابه الفصوص وقد خط عليه الشيخ القدوة الصالح إبراهم بن معضاد الجعبري فيما حدثني به شيخنا ابن تيمية عن التاج البارنباري أنه سمع الشيخ إبراهيم يذكر ابن عربي قال: (كان يقول بقدم العالم ولا يحرم فرجا) وحكى عنه ابن تيمية أنه قال لما اجتمعت بابن عربي: رأيت شيخا نجسا يكذب بكل كتاب أنزله الله وبكل نبي أرسله الله " التاريخ الإسلامي للذهبي ج20 الورقة 57 إلى 62 اهـ
(98/111)
27- وذكر تقي الدين الفاسي في كتابه " تحذير النبيه والغبي من الإفتتان بابن عربي " عددا من العلماء الذين كفروه منهم أبو بكر بن محمد بن صالح الجيلي المعروف بابن الخياط الشافعي المفتي والمدرس بالمعينية والقاضي شهاب الدين أحمد بن علي الناشري الشافعي مفتي زبيد وفاضل اليمني شرف الدين إسماعيل بن أبي بكر المقري الشافعي الذي نظم قصيدة رائعة تبلغ ستا وسبعين بيتا يقول فيها:
حوتهن كتب حارب الله ربها
وغر بها من غر بين الحواضر
تجاسر فيها ابن العُريبي واجترا
على الله في ما قال كل التجاسر
فقال بأن العبد والرب واحد
فربي مربوب بغير تغاير
وأنكر تكليفا إذ العبد عنده
إله وعبد فهو إنكار فاجر
وقال تجلى الحق في كل صورة
تجلى عليها فهو إحدى المظاهر
فسبحان رب العرش عما يقوله
أعاديه من أمثال هذي الكبائر
فكذبه يا هذا تكن خير مؤمن
وإلا فصدقه تكن شر كافر العلم الشامخ ص 504والرد على القائلين بوحدة الوجود للقاري ص 141 -152
28- وممن كفر ابن عربي وأمثاله نادرة الزمان علاء الدين محمد بن محمد بن محمد البخاري الحنفي الذي صنف في ذلك رسالة سماها (فاضحة الملحدين وناصحة الموحدين ) ونقل عن القاضي عضد الدين تكفيرهم فإنه قال في وصفه لأبن عربي " يحكى عنه أنه كان كذابا حشاشا كأوغاد الأوباش " مصرع التصوف ص 164
29- وقال العلامة أبو عبد الله محمد بن عرفة التونسي عالم إفريقية وقد سئل عن ابن عربي وعن بعض كلامه فقال:" إن من نسب إليه هذا الكلام لا يشك مسلم منصف في فسقه وضلاله وزندقته" المرجع السابق ص 175 اهـ
30- وممن صنف في تكفير ابن عربي وأضرابه: بدر الدين حسين بن عبد الرحمن الأهدل اليمني الحسيني نسبا وبلدا وقد ألف كتابين الأول كشف الغطاء عن حقائق التوحيد وعقائد الموحدين والثاني: بيان حكم الشطح والنص على مروق ابن عربي وابن الفارض واتباعهما من الملحدين. انظر البدر الطالع للشوكاني 1/218-219
(98/112)
31- قال الحافظ عماد الدين إسماعيل بن كثير:" محي الدين بن عربي صاحب الفصوص وغيره محمد بن علي بن محمد بن عربي أبو عبد الله الطائي الأندلسي طاف البلاد وأقام بمكة مدة وصنف فيها كتابه المسمى (بالفتوحات المكية) في نحو عشرين مجلدا فيها ما يعقل ومالا يعقل وما ينكر ومالا ينكر وما يعرف وما لا يعرف وله كتابه المسمى بـ(فصوص الحكم )فيه أشياء كثيرة ظاهرها كفر صريح " البداية والنهاية 13/135 اهـ
32- وممن ألف في تكفيره الملا علي القارئ واسم كتابه (الرد على القائلين بوحدة الوجود) وهو مطبوع.
33- وممن ألف في تكفيره العلامة إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الحلبي (ت 945) واسم كتابه (تسفيه الغبي في تنزيه ابن عربي) طبع بتحقيق علي رضى.
34- وممن كفره جلال الدين السيوطي بعد أن كان يدافع عنه، قال في كتابه (التحبير):" ويحرم تحريما غليظا أن يفسر القرآن بما لا يقتضيه جوهر اللفظ كما فعل ابن عربي المبتدع الذي ينسب إليه كتاب الفصوص الذي هو كفر كله " اهـ التحبير في علم التفسير ص 537 تحقيق د/ زهير عثمان علي نور 1416 هـ
وقال في كتابه إتمام الدراية شرح النقاية:" ونعتقد أن طريق أبي القاسم الجنيد سيد الصوفية علما وعملا وصحبة طريق مقوم فإنه خال من البدع دائر على التفويض والتسليم والتبري من النفس بخلاف طريق جماعة من المتصوفة كابن عربي الطائي وأضرابه فإنها زندقة منافية للكتاب والسنة " مجلة الحكمة العدد 11 ص 297 اهـ
فهذه جماعةتزيد على الخمسين من أكابر الأئمة والقضاة وهم:
برهان الدين البقاعي
شيخ الإسلام زين الدين العراقي
بدر الدين بن جماعة
شيخ الإسلام بن حجر العسقلاني
ولي الدين العراقي
الإمام أبو علي السكوني
علاء الدين البخاري الحنفي
قاضي القضاة زين الدين التفهني
قاضي القضاة محمود العيني الحنفي
الشيخ يحي السيرامي الحنفي
قاضي القضاة محب الدين أحمد بن نصر الله الحنبلي
زين الدين أبو بكر القمني الشافعي
(98/113)
بدر الدين محمد بن الأمانة الشافعي
شهاب الدين أحمد بن تقي المالكي
شمس الدين محمد البساطي المالكي
شهاب الدين أحمد بن يحي التلمساني الحنفي
الإمام سيف الدين عبد اللطيف بن بلبان الصوفي
عماد الدين أحمد بن إبراهيم الواسطي
شمس الدين محمد بن يوسف الجزري
برهان الدين الجعبري
زين الدين عمر بن أبي الحرم الكتاني الشافعي
تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي
تقي الدين الفاسي المكي
بهاء الدين السبكي
الكمال الدميري
التقي الحصني
شرف الدين عيسى بن مسعود المالكي
نور الدين علي بن يعقوب البكري الشافعي
نجم الدين محمد بن عقيل الشافعي
العلامة محمد بن علي بن النقاش المصري
جمال الدين بن هشام النحوي
قاضي القضاة عبد الرحمن بن خلدون
شمس الدين محمد العيزري الشافعي
عز الدين بن عبد السلام
أبو عمرو بن الصلاح
أبو الفتح بن دقيق العيد
شيخ الفقهاء الزين الكتاني
شيخ الإسلام ابن تيمية الحراني
عماد الدين ابن كثير الدمشقي
الحافظ شمس الدين أبو عبد الله الموصلي
الإمام أبو حيان الأندلسي
سراج الدين البلقيني
برهان الدين السفاقيني
شمس الدين الذهبي
القاضي عضد الدين
أبو بكر بن محمد بن صالح المعروف بابن الخياط
شهاب الدين أحمد بن علي الناشري الشافعي
بدر الدين حسين بن عبد الرحمن الأهدل اليمني
شرف الدين إسماعيل بن أبي بكر المقرئ
أبو عبد الله محمد بن عرفة التونسي
الملا علي القارئ
جلال الدين السيوطي
إبراهيم بن محمد الحلبي
فهل يمكن بعد هذا العدد الكثير من علماء المسلمين الذين تدور عليهم الفتوى أن يدعى أن جمهور علماء الأثر والفقه يثنون عليه.
الوجه الثاني
(98/114)
قوله:" أن ابن عربي مكث ثلاثة أشهر على وضوء واحد" مهزلة تضحك الثكالى إذ هذا ضرب من الخرافات المستحيلة عقلا وعرفا وعادة ثم لو صحت لما كانت مدحا إذ لو كانت كذلك لكان رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - وصحبه والتابعون لهم بإحسان أحق بها وإنما الصواب أن هذا الزنديق مرت عليه هذه الأشهر ولم يتوضأ بل لم يتوضأ أكثر من ذلك لأن المرتد لا وضوء له وقد عرفت تكفير العلماء له.
الوجه الثالث:
أما قوله" أنه لما صنف كتابه الفتوحات المكية وضعه على ظهر الكعبة ورقا من غير وقاية عليه فمكث على ظهرها سنة لم يمسسه مطر ولا أخذ منه الريح ورقة واحدة مع كثرة الرياح والأمطار بمكة"
فنقول أولا: هذا كذب مفضوح لأن هذا الكتاب موجود وهو كسائر الكتب ومن كابر فليأتنا بنسخته نرش عليها ملء محجم من الماء ثم نرى ما يحدث.
ثانيا: هذه أصنام قريش كانت فوق الكعبة أزمانا طويلا لم تضرها الأمطار والرياح فهل هذا دليل على أنها على الحق ؟! ومانعلم له سلفا غيرهم.
الوجه الرابع:
قوله:" وسئل العماد بن كثير رحمه الله عمن يخطئ الشيخ محي الدين؛ فقال: أخشى أن يكون مخطؤه هو الخاطئ "
فالرد عليه من وجوه أولها أن هذا لم يثبت من طريق يحتج به لأن ناقله هو الشعراني الذي لو سلمنا ثقته فإخباره بهذا مردود لما تقرر في كتب المصطلح من أن رواية المبتدع لما يؤيد مذهبه مردودة. انظر مقدمة ابن الصلاح ص 149- 150 وتدريب الراوي 324- 325 والكفاية للخطيب 120- 121 وشرح ألفية السيوطي للأثيوبي1/362
ثانيهما: ما تقدم نقله عن ابن كثير من تكفيره لابن عربي.
ثالثها أن ابن كثير كان مع شيخ الإسلام ابن تيمية وأمثاله ممن يشدد النكير على ابن عربي ولم يخطئهم.
رابعها: أنه لو سلمنا جدلا ثبوته لتعين تأويله بأن مجرد تخطئة ابن عربي قليل في حقه إذ حقه التكفير فمخطئه خاطئ من هذه الحيثية.
تعقيبات على ترجمة البكري
قال مفتاح التجاني:
(98/115)
" المحور الخامس: وأما المحور الخامس المتعلق بالترجمة عن البكري فإنه - - رضي الله عنه - ترجمه جماعة من جلة العلماء..."ألخ (ص 15-18)
والرد على هذه الترجمة من ثلاثين وجها على سبيل البسط ترجع إجمالا إلى ستة أوجه.
الوجه الأول:
ما نقل عن البكري أنه قال:" إن لله عبدا بين أظهركم حاضرا معكم في مجلسكم هذا ينزل إليه في كل يوم ملك صبيحة يأمره بمكارم الاخلاق وينهاه عن مساوئها يعني نفسه "اهـ بلفظه. فهذا باطل:
أولا: من يدريه أنه ملك إذ الملك لو جاء في صورته الملائكية لما وسعته الأرض كلها بدليل أنه - - صلى الله عليه وسلم - لما رأى جبريل على صورته سد عنه الأفق البخاري بنحوه الأحاديث (4- 3238- 4922- 4923- 4924 – 4925 )
فإن قال: إن الملك جاءه في صورة بشر فكيف عرف أنه ملك، وقد قال تعالى: - { ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون - } [ الأنعام 09].
ثانيا: أنه قد نص غير واحد من العلماء كعز الدين بن عبد السلام وابن الحاجب وغيرهما أن الشياطين تتمثل لهؤلاء وألفت كلاما يسمعونه وأنوارا يرونها يظنون ذلك كرامات وإنما هي أحوال شيطانية لا رحمانية وهي من جنس السحر مصرع التصوف ص 148 .
وفي الرماح للفوتي ناقلا عن زين الدين مانصه: " والشيطان يجئ على صورة الصالحين كثيرا ولا يقدر على التمثل بصورة رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - " الرماح 1/363
ثالثا: الرسول إلى كافة الناس محمد - - صلى الله عليه وسلم - لا نبي آخر ولا ملك ؛ لهذا غضب رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - على عمر حينما رأى معه صحيفة من التوراة فقال له:" لو كان موسى حيا ثم اتبعتموه واتركتموني لضللتم " أحمد 3/387 والدارمي 1/115 وابن أبي عاصم في السنة 5/2وابن عبد البر 2/42.
وقال ابن حجر في الفتح 13/284" رواه أحمد وابن أبي شيبة والبزار ورجاله موثقون إلا أن في مجالد ضعفا"اهـ
(98/116)
وتعقبه الألباني في الإرواء 6/34 بقوله :" لكن الحديث قوي فإن له شواهد كثيرة "اهـ
رابعا: لم يصح عن أحد من الصحابة ولا التابعين ولا الأئمة المتبوعين أنه أتاه ملك وأمره بشيء أونهاه عن شيء آخر ؛ نعم قد يسمع بعضهم تسليم الملك دون أن يراه كما وقع للصحابي عمران بن حصين أو يراه على صورة بشر كما في حديث جبريل الطويل ولو لم يخبرهم النبي - - صلى الله عليه وسلم - أنه جبريل لماعرفوه أما أن يراه على صورته الملكية فلا يستطيع ذلك.
الوجه الثاني:
ما نقل عن الشعراني أنه قال: جاورت بمكة المشرفة مع الأستاذ سيدي محمد البكري الصديق في بعض مجاوراته وكنت كثير الملازمة له شديد الإتصال به بينما هو جالس بالحرم الشريف بباب إبراهيم وأنا عنده إذ جاء الخادم من منزله فطلب شيئا من النفقة ولم يكن معه إذ ذاك ماينفق فقال للخادم نرسل الآن إن شاء الله فمضى الخادم ثم عاد ولح في الطلب فأجاب الشيخ بما أجاب به أولا وتكرر ذلك من الخادم فنهض الشيخ للطواف وأنا معه وهو يقول:
صوح النبت فاسقه
قطرة من سحائبك
وأغثنا فإننا
في ترجي مواهبك
وما زال يكررها في الطواف وإذا بشخص هندي أقبل على الشيخ وقبل يده ورفع له من جيبه صرة من الدنانير وقال: ياسيدي هذه هدية لك أرسلها معي ملك الهند، فسجد الشيخ شكرا لله تعالى وانقلب إلى أهله مسرورا " اهـ
نقول لك يا مفتاح:
أولا هذه ليست كرامة إذ حصول المال الكثير للشخص قد يكون ابتلاء واستدراجا كما وقع لقارون قال الله تعالى - { أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لايشعرون - } [ المؤمنون 55 ].
ثانيا: كونه ترك أهله وليس عندهم شيء وجلس في الحرم تضييع لأهله وقد قال - - صلى الله عليه وسلم - " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت " صحيح مسلم في الزكاة باب النفقة على العيال والمملوك ح ( 2312 ) وأبو دود ح (1692) واللفظ له.
(98/117)
ثالثا: تركه للتكسب واعتماده على سؤال الناس وهداياهم مخالف للشرع والعقل والفطرة، ولو حصل الرزق بدون كسب لحصل لمريم وهي في حال الولادة قال الله تعالى - { وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا - } [ مريم 25 ].
رابعا:كان الأولى للشيخ أن يتكسب بعمل يده حتى يستغني عن الآخرين ففي الصحيحين أن رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - قال " ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود ليه السلام كان يأكل من عمل يده " البخاري في البيوع باب كسب الرجل وعمل يده ح ( 2072 ).
خامسا: اشتغاله في الطواف بإنشاد الأشعار الهزيلة التي ليس فيها إلا طلب المال يدل على انحطاط همته التي قصاراها أن يحصل على المال من أي وجه.
سادسا: عدم اشتغاله بالأذكار والأدعية في الطواف وإبدالها بهذه الأشعار جهل كبير وتقصير عظيم.
سابعا: تقبيل يده يدل على تكبره وإعجابه بنفسه وعلى تقديس أتباعه وأشياعه له وإطرائهم له.
ثامنا: سجوده عند مجيء المال يدل على امتلاء قلبه من محبة الدنيا وأنها همه الأكبر ومقصوده الأعظم.
الوجه الثالث:
قوله أنه حج سنة من السنين وزار قبر النبي - - صلى الله عليه وسلم - فلما جلس بين الروضة والمنبر خاطبه النبي - - صلى الله عليه وسلم - شفاها وقال له:" بارك الله فيك وفي ذريتك ".
أقول:
أولا: قولك جلس بين الروضة والمنبر باطل لأن الروضة هي ما بين المنبر وحجرة عائشة لقوله - - صلى الله عليه وسلم -:" ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة " البخاري ح ( 1195) و( 1196) ومسلم ح ( 1390 ) و( 1391 ) .
(98/118)
ثانيا: زعمه أن النبي - - صلى الله عليه وسلم - خاطبه كاذب فيه إذ لو كان مخاطبا أحدا لخاطب ابنته فاطمة مع شدة وجدها على فراقه أو أبا بكر أو غيره من الخلفاء ولخاطبهم في سقيفة بني سعادة أو عند وقعة الجمل وصفين وغيرها من الأمور المهمة إذ لا يعقل أن يكون النبي - - صلى الله عليه وسلم - يستطيع حقن دماء المسلمين ثم لا يفعل.
ثالثا من الذي قال له أنه النبي - - صلى الله عليه وسلم - لأنه إنما يسمع الصوت ولا يدري صوت من.
رابعا: لو وقع مثل هذا الحادث الجلل في هذا المكان المعمور دواما بالمسلمين خاصة في موسم الحج لتواتر ذكره وذاع واشتهر بين الناس أما وقد انفرد به تلميذه الشعراني فهيهات.
خامسا: مما يدل على بطلان زعمه هذا أنه لم يبارك فيه بل مات على بدعته وضلاله والمصطفى - - صلى الله عليه وسلم - مستجاب الدعاء.
الوجه الرابع:
عندما أراد أن يتبجح بعلمه ومعرفته لم يذكر أنه قرأ كتابا كاملا إلا الألفية والتنبيه للشرازي وأنه حضر بعض دروس والده في التفسير والحديث والفقه ؛ هل بهذا يكون علامة أساذ الأستاذين وشيخ الإسلام وإمام الأولياء والعارفين ؟!!.
الوجه الخامس:
وذكر في الترجمة " وقال - - رضي الله عنه - في الحجة الأخيرة: إن قدمت هذه المرة تكون شيخا مربيا فلما قدم تلقيته وقلت له يا والدي هل أنجزتني ما وعدتني فقال نعم،وزيادة عرضتك على رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - وقلت: مالولدي محمد فقال لو أخبرت قريشا بما لها عند الله بطرت " اهـ (ص 17).
أولا: قوله إن قدمت هذه المرة تكون شيخا مربيا هذا متناقض لأنه ما دام لا يعرف هل سيعود أم لا فكيف يعرف حال غيره وأنه سيكون شيخا مربيا فتنبه لهذا فهو واضح ؟.
ثانيا: قال تعالى - { وما تدري نفس مادا تكسب غدا - } [ لقمان 34 ] فكيف خرج البكري عن ذلك حتى علم حال ابنه في المستقبل.
(98/119)
ثالثا: قال تعالى - { عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول - } [ الجن 26 ] فهل هو من أدعياء النبوة والرسالة ؟.
رابعا: قال تعالى - { وما كان الله ليطلعكم على الغيب - } [ آل عمران 179 ] فمن الذي أطلعه هو على الغيب ؟.
خامسا: قوله تعالى على لسان رسله - - صلى الله عليه وسلم -: - { ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير.. - } [ الأعراف 188 ] فكيف علم الغيب الذي جهله سيد الأنبياء والمرسلين وإمام الحنفاء والمتقين محمد - - صلى الله عليه وسلم - ؟.
سادسا: قوله " عرضتك على رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - كلا بل عرضته على شياطينك، ثم هذه بدعة أحدثتها ؛ فأي الصحابة عرض ابنه على رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - بعد موته أو التابعين أو تابعيهم أهل القرون المزكاة.
الوجه السادس:
قوله ثم إن الله تعالى وله المنة والفضل أنعم علي بالتكلم على نقطة البسملة في الجامع الأزهري في ألفي مجلس ومائتا مجلس وفي الألف في افتتاح الإسم الجامع من آية الكرسي أكثر من ذلك " اهـ ص 18.
أولا: ألم تذكر قوله تعالى - { ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء - } [ النساء 49 ]وقوله تعالى - { فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى - } [ النجم 32 ] وقوله - - صلى الله عليه وسلم - في حديث عياض بن حمار " إن الله تعالى أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد " صحيح مسلم كتاب الجنة ونعيمها ح ( 7210 )
ثانيا: كم مجلس عقده رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - للكلام على نقطة الفاتحة ؟ نتحداكم أن تذكروا لنا مجلسا واحدا حولها أو حول الألف.
ثالثا: هل كتم رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - هذا العلم الكثير فنشرته أنت ؟ كتمه عن الصحابة أفضل هذه الأمة ونشرته أنت بين من لا يساوي صحابيا واحدا ؟.
(98/120)
رابعا: أين هذه العلوم الجليلة ؟ أم أننا نسمع جعجعة ولا نرى طحينا أم أنه مجرد تبجح وافتخار على المؤمنين ؟.
خامسا: ماهو الاسم الجامع ؟ وما الذي يجمعه ؟ هل تعني الإسم الأعظم الذي استأثر الله بعلمه ؟ أم هو اسم آخر ؟
سادسا:وأين آلاف التلاميذ الذين استوعبوا هذه العلوم الجليلة ؟! أم أنها إنما تدرس للعوام والجهال ؟.
ملاحظات على ترجمة البسطامي
قال مفتاح التجاني:
"المحور السادس وأما المحور السادس فهو المتعلق بأبي يزيد البسطامي - - رضي الله عنه - ..." اهـ ثم ذكر بعض ترجمة الذهبي له في الميزان والسير والعبر انظر ص 19.
والرد عليه من اثني عشر وجها:
الوجه الأول:
لقد حذفت من كلام الذهبي ما صرح فيه بأن ظاهر كلام البسطامي إلحاد، وهذا في قمة التلبيس والتدليس وإليك نص الكلام المحذوف قال الذهبي في السير (13/ 88 ) وجاء عنه أشياء مشكلة لا مساغ لها الشأن في ثبوتها عنه أو أنه قالها في حال الدهشة والسكر والغيبة والمحو فيطوى ولا يحتج بها إذ ظاهرها إلحاد مثل " سبحاني " "وما في الجبة إلا الله " ؛ " ما النار لأستندن إليها غدا وأقول اجعلني فداء لأهلها وإلا بلعتها ما الجنة لعبة الصبيان ومراد أهل الدنيا ما المحدثون إن خاطبهم رجل عن رجل فقد خاطبنا القلب عن الرب " وقال في اليهود:" ما هؤلاء هب هم لي أي شيء هؤلاء حتى تعذبهم " اهـ كلامه بحروفه.
الوجه الثاني:
وبعد أن حذفت من كلامه ماهو حجة عليك وقاصم لظهرك جاهرت بالكذب فقلت في آخر مانقلت عنه ما نصه (هذه عبارة الذهبي فيه).
لكي يفهم القارئ أنك نقلت عبارته كاملة تامة.
الوجه الثالث:
أما التشكيك في ثبوت هذه الكفريات فلا يصدر عن تجاني لأن أحمد التجاني أثبتها كلها أو معظمها في جواهر المعاني انظر جواهر المعاني 1/277 وكاشف الألباس ص 167و176 .
الوجه الرابع:
وأما تأويلها بأنه كان في حالة السكر والفناء فغايتها تنزيله منزلة المجانين المرفوع عنهم القلم وهذه رتبة لا يفرح بها.
(98/121)
الوجه الخامس:
هذه ضلالات كفرية صريحة لا تقبل التأويل وكل من تأولها فقد تعسف قال الحافظ ابن كثير مانصه: " وقد حكي عنه شطحات ناقصات وقد تأولها كثير من الفقهاء والصوفية وحملوها على محامل بعيدة وقد قال بعضهم إنه قال ذلك في حال الإصطلام والغيبة ومن العلماء من بدعه وخطاه وجعل ذلك من أكبر البدع وأنها تدل على اعتقاد فاسد كامن في القلب ظهر في أوقاته والله أعلم " اهـ كلامه بحروفه. البداية والنهاية 11/30
الوجه السادس:
لقد صرح الذهبي بإنكار أهل العلم عليه وطردهم له من بلده وأنتم معاشر التجانية أول من يعترف بذلك قال في الرماح: وقد نفي أبو يزيد البسطامي من بلده سبع مرات بأمر الحسين بن عيسى لما تكلم أبو يزيد بعلوم لا عهد لأهل بلده بها في مقامات الأنبياء والأولياء ولم يعد البسطامي إلا بعد الحسين ثم بعد ذلك ألفه الناس وعظموه " اهـ الرماح 2/512
الوجه السابع:
لو كانت هذه زلات وشطحات في حال غيبة العقل لما كثرت وتنوعت وتعددت فإن ذلك يقوى ما أشار إليه ابن كثير من أنها حقائق نابعة عن عقائد مكتومة في القلب.
الوجه الثامن:
لم اقتصرت في نقل ترجمته على عالم واحد هو الذهبي مع أنه قد ترجم له غير واحد من الكتب المعتمدة مثل حلية الأولياء (10/33-42) والمنتظم (5/28-29) ووفيات الأعيان (2/531) والبداية والنهاية (11/30) وشذرات الذهب (2/143) وغيرهم كثير ؟
الوجه التاسع:
لماذا أخرته وقدمت أحمد التجاني عليهم جميعا مع أنه متأخر عنهم هل لأنك تعتقد بأنه أفضل منهم ؟ بل هم تحت قدميه كما قال عن نفسه ؟.
الوجه العاشر:
صرح من تأول هذه الشطحات على أنها لا يحتج بها بل غايتها أن يسلم صاحبها ويبقى في دائرة الإسلام ولهذا قال الذهبي كما تقدم:" أو أنه قالها في حال الدهشة والسكر والغيبة والمحو فيطوى ولا يحتج بها إذ ظاهره إلحاد ".
الوجه الحادي عشر:
لم تذكر في الترجمة تاريخ مولده ولا وفاته وهذا غاية في التقصير.
الوجه الثاني عشر:
(98/122)
افترت الصوفية على البسطامي وأناطوا به الكثير من باطلهم قصد ترويجه لعموم المسلمين.
إطراء مفتاح لبحثه
قال مفتاح التجاني:
" أن من كان بمثابته من الجهل والتعصب لا يمكنه بوجه من الوجوه أن يقيم أو يقوم بحثي الأصولي المحكم المشبك بقواعد علم الصناعة الحديثية الذي لم يترك شاذة ولا فاذة لمن حاول تضعيف حديث الضرير إلا جعلها كرماد اشتدت به الرياح في يوم عاصف " اهـ ص 20
والرد عليه من وجوه ثلاث:
الوجه الأول:
أما شتمك لي فأنا لا أنتصر لنفسي وإنما انتصر لدين الله وأدافع عنه وشهادتك علي بالجهل والتعصب وغير ذلك من السب والشتم كتبت عليك وستسأل عنها بين يدي علام الغيوب.
الوجه الثاني:
إذا كنت جاهلا كما وصفت فلم لم تستطع الرد علي ليلة المناظرة فلجأت إلى ادعاء وجود بحث كتبته فأرسلنا له فلما قرئ ورددنا عليه ووقف حمارك في العقبة لجأت على ادعاء وجود أدلة أخرى لا يمكن أن تأتي بها الآن ولكن في المناظرة القادمة وكان ذلك أسلوبا ذكيا في الهروب لأنك لم تأت في الموعد الذي حددت للمناظرة.
الوجه الثالث:
أما البحث الذي بالغت في مدحه وإطرائه فهو صفحات قليلة لا تبلغ عدد أصابع اليدين وليس فيها إلا الطعن في أهل العلم والفضل مع ما شحنته به من التدليس والاغلاط الفاحشة والأوهام المنكرة وإليك أكثر من عشرة أمثلة على ذلك:
1- حاولت في البداية حصر الزيادات على الرواية الأصلية ولعل ما بقي عليك منها أكثر مما ذكرته فلم تذكر زيادة صلاة ركعتين وهي عند أحمد وابن ماجه والحاكم من طريق شعبة وعند النسائي من طريقي حماد وهشام الدستوائي.
2- غفلت عن رواية النسائي من رواية حماد والتي فيها " أن يقضي حاجتي أو حاجتي إلى فلان أو حاجتي في كذا وكذا " والظاهر أنك أهملت هذه الزيادة خوفا من تضعيف الحديث بسببها لأنك تعتبرمجرد الشك كاف في تضعيف الحديث كما قلت في تضعيفك لزيادة ((وشفعني فيه)).
(98/123)
3- ثم لم تذكر الزيادة التي روى أحمد (4/190- 191) بلفظ ((وإن شئت أخرت ذلك فهو أفضل لآخرتك )) هل حذفتها لأنها تدل على نكارة الحديث إذ لن يقدم الصحابي شيئا من أمر الدنيا على أمر الآخرة إلى غير ذلك من الألفاظ التي تركتها وقد تقدم الكلام عليها في أول هذا البحث.
4- قولك بأن اللفظ عام والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وأن النبي - - صلى الله عليه وسلم - معصوم من تأخير البيان عن وقت الحاجة إليه.
هذا دليل على الجهل المركب لأن الحديث ليس فيه لفظ من ألفاظ العموم أصلا وهذه العبارة هي كل ما ذكرت مما يتعلق بعلم الأصول ومع ذلك لم تستح فقلت بلسان المغرور المتبجح " بحثي الأصولي المحكم "
وتعظم في عين الصغير صغيرها وتصغر في عين العظيم العظائم
5- ذكرت القصة التي وقعت في زمن عثمان - - رضي الله عنه - ولم تذكر إسنادها لأنك تعلم ضعفها ففيه روح بن صلاح ضعفه الجمهور كما تقدم في هذا البحث.
6- ذكرت طرق الحديث ولم تشر إلى الإختلاف الواقع فيها لأنه مشعر بعدم ضبط أبي جعفر الذي لم يوصف إلا بالصدق لا بالضبط قال ابن حجر في التقريب:" صدوق من السادسة " تقريب التهديب ص 368 وقد ذكر في مقدمة التقريب أن هذه المرتبة لمن كان دون مرتبة ثقة أو عدل أو نحوها المرجع السابق ص 14 .
أما الإختلاف فلأن الحديث رواه شعبةوحماد عن أبي جعفر عن عمارة بن خزيمة وعن عثمان بن حنيف، ورواه هشام الدستوائي وروح بن القاسم عن أبي جعفر عن أبي أمامة بن سهل عن عثمان - - رضي الله عنه -.
7- قوله " أن هذا المحاضر ـ يعنى العلامة الشيخ محمد الحسن بن الددو ـ غير عبارة الترمذي (وهو غير الخطمي ) فأبدلها بقوله (وليس بالخطمي) " اهـ
قلت: بل ذلك في بعض النسخ بدليل قول حافظ الدنيا ابن حجر العسقلاني في التقريب مانصه " أبو جعفر عن عمارة ابن خزيمة قال الترمذي (ليس هو الخطمي) فلعله الذي بعده " المرجع السابق ص 554 .
(98/124)
8- وأما قولك:بأن (وهو غير الخطمي) تحرفت على النساخ وأن صوابها وهو عين الخطمي.
فهذا كلام من لا علاقة له بسنن الترمذي لأن الترمذي لم يقل في راو واحد " وهو عين فلان " ولكن يقول "وهو فلان "أو "واسمه فلان" ونحو ذلك وأنا أتحداك أن تذكر لي موضعا واحدا في سنن الترمذي قال فيه "وهو عين فلان".
ثم ادعاء الوهم والغلط بدون حجة أو برهان تحكم باطل ووقاحة شديدة وطرده يؤدي إلى إبطال الدين وقلب الحقائق ولا يمارس مثل هذا إلا المستشرقون.
9- قوله:" كذلك لفظ الاحتجاب لم يرد في شيء من طرق هذا الحديث بما في ذلك طريق القصة التي في خلافة عثمان فإن كان هذا المحاضر فهم الاحتجاب عن الناس من قول أبي أمامة فيها: فجاء البواب فأخذ بيده "
هذا كذب صراح وإفك مكشوف وتلبيس مفضوح لأنه في هذه القصة عند الطبراني وغيره:" أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان - - رضي الله عنه - في حاجة له وكان عثمان لا يلتف إليه ولا ينظر في حاجته " وفيها أيضا " ثم أن الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف فقال جزاك الله خيرا ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إلي " فهذا هو الإحتجاب المنسوب ظلما وعدوانا إلى عثمان - - رضي الله عنه - ولا شك أنه مما عملت يدا روح بن صلا ح المصري إذ كثير من فسقة المصريين كانوا حربا على عثمان حتى قتلوه كماهو معروف،وروح قد تقدم أنه صاحب مناكير.
اقصر بطرفك لا تطمح إلي به
فشأن من ليس يدري الجري أن يقفا
10- قوله أن عبارة ((وشفعني فيه )) ماتثبت لأن شعبة هو الذي تفرد بها دون سائر الرواة ونقل عنه الشك فيها.
قلت بل الشك ممن فوق شعبة فقد رواها عنه روح بدون شك عند أحمد (4/190-191) والحاكم عن طريق محمد بن جغفر بدون شك كما في المستدرك (1/519) ولكن لجهلك بمبادئ علم الحديث لا تستطيع أن تعرف ممن وقع الشك ثم ليس كل شك سببا لرد الرواية.
(98/125)
11- قوله " أن يكون الأعمى شافعا في النبي - - صلى الله عليه وسلم - وهذا مستحيل شرعا وعقلا " قلت: لم يقل باستحالته أحد بل كل مسلم يفعل ذلك في اليوم خمس مرات لأنه يسأل بعد كل أذان الوسيلة للنبي - - صلى الله عليه وسلم - وهي منزلة عالية في الجنة (( اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته)) صحيح البخاري كتاب الأدان باب الدعاء عند النداء ح ( 614 ) .
12- لم تتناول في بحثك العلل الحقيقية لهذا الحديث وهي اضطرابه سندا ومتنا ونكارة متنه إلى غير ذلك مما سبق ومع ذلك قلت عن بحثك " لم يترك شاذة ولا فاذة لمن حاول تضعيف حديث الضرير"
فدع عنك الكتابة لست منها ولو سودت وجهك بالمداد
رمتني بدائها وانسلت
قال مفتاح التجاني:
" ثانيها أن عدوله وإعراضه عن موضوع التوسل إلى اختلاق مسائل خارجة عنه إن دل على شيء إنما يدل على ضعف حجته وتعصبه لرأيه وتهربه من مواطن التحقيق ورغبته عن صحيح السنة " اهـ من ص 20
والرد عليه من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول:
يبدو أن سهام الرد أصابت منك مقتلا حتى فقدت صوابك فصرت تهرف بمالا تعرف وتهذي بمالا تضبط وتقول مالا تعقل وأنا أعذرك في ذلك لأن فيه تسلية لنفسك وتخفيف عليها.
لو لم تكن لي في القلوب مهابة
لم تكثر الأعداء في وتقدح
كالليث لما هيب حط له الزببى
وعوت لهيبه الكلاب النبح
يرمونني شزر العيون لأنني
غلست في طلب العلا وتصبحوا
الوجه الثاني:
أماتقديم النقاش حول الإيمان بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر ونحو ذلك مما هو محل إجماع بين المسلمين على مافيه خلاف بين المسلمين كالتوسل فصواب لثلاثة أمور:
أ- قوله تعالى - { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولانشرك به شيئا ولا يتخد بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمين - } [ آل عمران64 ].
(98/126)
ب- أن رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - لما أرسل معاذا إلى اليمن قال له: (( إنك ستأتي قوما أهل كتاب فإذاجئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله …)) 1 البخاري كتاب الزكاة (باب وجوب الزكاة) ح (1395) و(4347) واللفظ لها وغير ذلك من المواضع ومسلم في كتاب الإيمان (باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام)< 1/196 النووي. الحديث.
ج- أن مسألة التوسل مترتبة على هذه المسائل لأن الله هو الذي نتوسل إليه والرسول - - صلى الله عليه وسلم - هو الذي تريدون التوسل به والكتاب هو الذي تستدلون به على ذلك.
الوجه الثالث:
أنت تعلم في قرارة نفسك من المتهرب من مواطن التحقيق فإن كنت صادقا في قولك فتعال إلى مناظرة علنية في أي مكان شئت.
أليس الإيمان بالله وكتابه ورسوله من قواعد الدين ؟!
قال مفتااح التجاني:
" ثالثها أن قوله بأن الإيمان بالله والرسول - - صلى الله عليه وسلم - والقرآن والسنة قواعد هو أدل دليل على جهله المركب بمدلولات الألفاظ وتراكيب الكلام " ص 20.
الرد عليه من خمسة أوجه:
الوجه الأول:
بل هذا دليل على جهلك بلغة العرب قال ابن منظور مانصه:" والقاعدة أصل الأس والقواعد الإساس وقواعد البيت إساسه وفي التنزيل - { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل - } [ البقرة/127 ] وفيه - { فأتى الله بنيانهم من القواعد - } [ النحل/26 ] قال الزجاج: القواعد أساطين البناء التي تعمده " اهـ لسان العرب 3/361 وانظر القاموس المحيط ص 281-282 أفتنكر أيها المفتاح أن الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر من أسس الدين وقواعده فإن قلت: نعم كفرت، وإن قلت: لا، رجعت عن قولك الباطل السخيف وهما خطتا خسف لا بد من إحداهما.
الوجه الثاني:
(98/127)
كما يدل كلامك هذا على جهلك بالشرع قال - - صلى الله عليه وسلم -: " بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان " متفق عليه البخاري ح(8) ومسلم ح (16) قال ابن حجر قوله:" على خمس " أي دعائم صرح به عبد الرزاق في روايته، وفي رواية لمسلم على خمسة أي أركان اهـ فتح الباري ج1/275
قلت: انظر كيف جعل من قواعد الإسلام وأسسه وأركانه شهادة أن لا إله إلا الله
وهي الإيمان بالله وشهادة أن محمدا رسول الله وهي الإيمان برسول الله - - صلى الله عليه وسلم -.
الوجه الثالث:
أنه في صحيح مسلم (باب السؤال عن أركان الإسلام ) وفيه (باب أركان الإسلام ودعائمه العظام ) وذكر في هذا الباب الحديث السابق ثم روى فيه حديث أنس أن أعرابيا قال: يا محمد أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك قال: صدق، قال: فمن خلق السماء قال :الله ، قال فمن خلق الأرض، قال: الله، قال: فمن نصب هذه الجبال وجعل فيها ما جعل قال: الله، قال فبالذي خلق السماء وخلق الأرض ونصب هذه الجبال آلله أرسلك... الحديث صحيح مسلم كتاب الإيمان ح ( 10 ) فانظر كيف جعل الإيمان بالله ورسوله من أركان الإسلام ودعائمه التي هي القواعد كما تقدم عن أهل اللغة.
الوجه الرابع:
كما يدل كلامك هذا على جهلك بكتب طريقتك التيجاينة فإنها تستعمل القواعد لنفس المعنى، قال في بغية المستفيد مانصه:" قال الشعراني - - رضي الله عنه - مانصه: قلت: هذا كلام جاهل بأحوال الأئمة الأربعة الذين هم أوتاد الأرض وقواعد الدين والله أعلم " اهـ بغية المستفيد ص 113 .
فتأمل كيف جعل هؤلاء العلماء قواعد للدين، فكيف لا يكون رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - أولى منهم بذلك.
الوجه الخامس:
من تناقضك المخزي أنك وقعت فيما أنكرت وارتكبت ما عنه تنهى حيث قلت في صفحة 3 " وأما المحور الأول المتعلق بالقواعد التي تجب مراعاتها..."
(98/128)
انظر كيف أثبت في ص 3 ما أنكرته في ص 20 وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنك لم تتمكن من مراجعة أبواب البحث والتنسيق بينها بعد أن أنجز كلا منها من كان مكلفا به.
ومن العجائب والعجائب جمة
قرب الدواء وما إليه وصول
كالعيس في البيداء يقتلها الظما
والماء فوق ظهورها محمول
التضايق من السؤال علامة للعجز عن الجواب
قال مفتاح التجاني:
" وأما قوله في المسألة الأولى من المسائل التي تساءل عنها هل تعتقد أن الله هو الوجود المطلق وكل المخلوقات حتى الأوثان هي الله كما هو مسطور في كتبكم المعتمدة أو تعلم أن الله خالق كل شيء فالرد عليه من ثلاثة أوجه: أولها أن تلفظه بهذا السؤال الركيك المصدر بما يوهم التشكيك... إلخ " ص 21.
والرد عليه من أربعة أوجه:
الوجه الأول:
لقد أحرجك هذا السؤال حتى ارتبكت فلم تدر ما تقول لأن أشد شيء على المبتدع هوالسؤال فلجأت إلى الشتم والسب :
ويشتم أعلام الأئمة ضلة
ولا سيما أن أوردوه المضايقا
ويسهب في المعنى الوجيز دلالة
بتكثير ألفاظ تسمى الشقاشقا
الوجه الثاني:
قولك "...جملة فكل المخلوقات حتى الأوثان هي الله لا توجد في كتاب من كتب طريقتنا التيجانية على الجملة والتفصيل"
أقول بل هي موجودة في كتبكم وانكارك لها عجز ومكابرة
عجزت فأظهرت القبول كتابع عجوزا يصلي خلفها وهي حائض
وإليك أمثلة من ذلك:
أولا: قال التجاني في جواهر المعاني 1/137 مانصه:" قوله لا إله إلا أنا يعني لا معبود غيري وإن عبد الأوثان من عبدها فما عبدوا غيري ولا توجهوا بالخضوع والتذلل لغيري بل أنا الإله المعبود فيهم " اهـ
(98/129)
ثانيا: قوله قبل ذلك جواهر المعاني1/136 ما نصه:" المحبة الرابعة العامة وهي للكفار خاصة فإنهم يحبون الله محبة الألوهية لما هو عليه من كمال الألوهية وعمومها إلا أنهم مختلفون في هذه المرتبة، منهم من أحب الله تعالى مع معرفتهم بألوهيته كاليهود مثلا ومنهم من أحب الله تعالى غلطا منه بنسبة الأولوهية لغيره إلا أن الحق سبحانه وتعالى تجلى لهم في تلك الألباس لكمال ألوهيته فأحبوه وعبدوه من حيث لا يشعرون فلولا أنهم تجلى لهم في تلك الألباس وجذبهم بذلك التجلي إلى محبة ألوهيته ما كانوا يلتفتون إلى تلك الأوثان ولا أن يلموا بها فضلا عن أن يعبدوها وهم محبون لله عابدون له من حيث لا يشعرون " اهـ
انظر رحمك الله إلى هذا الدفاع المستميت عن عبدة الأوثان واليهود عليهم لعنة الله وقارنه بتهجم التيجانية على علماء المسلمين وتضليلهم إياهم لتعلم أنه لا علاقة لهم بالإسلام وإنما هم جزء ممن يدافعون عنه من الكفار.
ثالثا: وشيخ التجاني في هذه المسألة ابن عربي إذ يقول في الفصوص (ص72) مانصه:" - { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه - } [الإسراء 32 ] أي حكم فالعالم يعلم من عبد وفي أي صورة ظهر حتى عبد وأن التفريق والكثرة كالأعضاء في الصورة المحسوسة وكالقوى المعنوية في الصورة الروحانية فما عبد غير الله في كل معبود " اهـ
(98/130)
ولهذا يدافع عن قوم نوح فيقول كما في الفصوص (ص72-74): " - { مما خطيئاتهم - } [نوح 25 ] فهي التي خطت بهم فغرقوا في بحور العلم بالله وهو الحيرة - { فأدخوا نارا - } [نوح 25 ]في عين الماء في المحمدين، - { وإذا البحار سجرت - } [ التكوير 6 ]سجرت التنور إذا أوقدته - { فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا - } [ نوح 25 ] فكان الله عين أنصارهم... إلى أن قال: - { إنك إن تذرهم - } [ نوح 27 ]أي تدعهم وتتركهم - { يضلوا عبادك - } [ نوح 27 ] إلى الخير فيخرجوهم من العبودية إلى ما هم فيه من أسرار الربوبية فينظرون أنفسهم أربابا بعدما كانوا عند أنفسهم عبيدا فهم العبيد الأرباب " اهـ
وقال ابن عربي:
لقد صار قلبى قابلا كل صورة
فمرعى لغزلان وديرا لرهبانى
وبيت لأوثان وكعبة طائف
وألواح توراة ومصحف قرآنى
أدين بدين الحب أنى توجهت
ركائبه فالدين ديني وإيماني ابن عربي في ذخائر الأغلاق شرح ترجمان الاشواق ص 39
الوجه الثالث:
قوله:" وهو احتمال بعيد جدا لمغايرته معتقد أئمته في الحشو " اهـ
أقول هذه هي علامة زنادقة المبتدعة أنهم يسمون أهل السنة حشوية كما قال أبو حاتم: " وعلامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر وعلامة الزنادقة تسميتهم أهل السنة حشوية يريدون إبطال الآثار " شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي 1/ 107 اهـ
وقال الحاكم أبو عبد الله: " وعلى هذا عهدنا في أسفارنا وأوطاننا كل من ينسب إلى نوع من الإلحاد والبدع لا ينظر إلى الطائفة المنصورة إلا بعين الحقارة ويسميها الحشوية " اهـ معرفة علوم الحديث ص 4
الوجه الرابع:
أما قوله:" تساؤله هذا يعكس بجلاء مدى تأثره بمعتقد قدماء فلاسفة اليونان القائلين باتحاد العالم وخالقه "
(98/131)
قلت هذه هي عقيدتكم معاشر التيجانية وأماتأثركم بالفلسفة اليونانية فحقيقة ثابتة يقول الكاتب الصوفي أحمد توفيق عياد:" للتصوف الإسلامي شخصيته ففيه من مسحة الفارسية عاطفته وقوته فقوامه المحبة والتفاني ولكنه يمتاز بالحكمة المصبوغة بصبغة فلسفية وفيه من الهندية تجريده وفناؤه فقوامه الفناء في الله بالإستعلاء بالصفات البشرية بتزكية الصفات الإلهية في النفس " التصوف الإسلامي تاريخه ومدارسه وطبيعنه وأثره ص 23ـ-24
ومن أين جئتم بوحدة الوجود التي تبنون طريقتكم عليها والتي تقتضي أن الله تصدر عنه مخلوقاته وهذا الصدور لا يمس جوهر الله مطلقا فقد كان هذا النوع موجودا عند الفلاطونية المحدثة أو عند المدرسة الإسكندرية التي أسسها الفيلسوف افلوطين انظر خريف الفكر اليوناني د: عبد الرحمن بدوي 1/166
فوحدة الوجود مذهب قديم أخذت به البراهماتية والرواقية والفلاطونية المحدثة والصوفية مع اختلاف كل فلسفة في إلباس الثوب الذي ترى لهذه الفكرة إلا أنه يجمع بينها قاسم مشترك كما يقول أبو الفيض المنوفي :"وهي أنها وحدة لا يتميز فيها ما هو إلهي مما هو طبيعي أو أن الله والأشياء شيء واحد أو أنه يحل فيها أو يتوحد معها " انظر كتاب الوجود لمحمود أبو الفيض المنوف 1/118 اهـ
وأما الفلسفة فتقول بأن الروح الأعظم والعالم المادي واحد وكل ما في العالم يجري من ذلك الروح وإليه يعود وهو الموجود الساطع الذي يرى في قرص الشمس كما يرى في عين الإنسان، هو النور الوضاء الذي يضيء في الأرض وفي نفس الإنسان هو الذات العاقلة الخالدة السعيدة التصوف بين الحق والخلق لمحمد فهد سقفه 1/49-50 .
(98/132)
وأما الفلاطونية المحدثة فيقولون بأن الله واحد وأن العالم يفيض عنه كفيضان النور عن الشمس وأن للموجودات مراتب مختلفة إلا أنها لا تؤلف مع الله إلا موجودا واحدا المعجم الفلسفي د: جميل صليبا 2/569 ، ومن هذا أخذتم فكرة وحدة الوجود فالله عندكم هو الوجود كله ولا موجود غيره وما الفناء أو الإتحاد الذي يهدف إليه كل صوفي إلا تجريدا للشخصيات كلها ولمفردات الموجودات وفناء المخلوق في الخالق بل عوده إلى مصدر فيضه وتحقق ذاته فيه انظر دراسات في الفلسفة اليونانية والعربية لإنعام الجندي 1/283 .
وقد ذهب بعض الباحثين إلى أن البراهمة في الهند أول من وضع نظرية وحدة الوجود لاعتقادهم ظهور الكون وتجلي عناصره في الإله براهما وكان براهما جوهر العالم الفرد وكانت كافة الموجودات ومنها الإنسان تحمل جزءا أو جوهرا من براهما وكان هذا الإعتقاد عندهم مبدأ وحدة الوجود وتناسخ الأرواح قام عندهم على توجيه وتأثير معتقدهم في وحدة الوجود فانتشرت هذه العقيدة في إيران واليونان هدا هو الإسلام لمؤلفه فاروق الرملوجي 1/110 .
وقد فضحكم شيخ الإسلام إذ بين أن سلفكم هم متطرفو الفلاسفة فقال:" واعلم أن هذه المقالات لا أعرفها لأحد من أمة قبل هؤلاء على هذا الوجه ولكن رأيت في بعض كتب الفلسفة المنقولة عن أرسطو أنه حكى عن بعض الفلاسفة قوله: أن الوجود واحد ورد ذلك وحسبك بمذهب لا يرضاه متكلمة الصابئين " مجموع الفتاوى 2/171 اهـ
الكلام على وحدة الوجود:
ثم شرع مفتاح التجاني في مسألة وحدة الوجود فركز على إنكارها وتأول كلامهم في ذلك على غير وجهه وفيما يلي أنقل له عشرين نصا من النصوص الصريحة في وحدة الوجود من كتب التيجانية المعتمدة عندهم حتى يعلم أن هذه حقيقة لا مرية فيها إذ أحمد التجاني نفسه يصرح بها في غير ما موضع بل ويدافع عنها:
(98/133)
1- قال التجاني في جواهر المعاني (ج 1/57): " أن العارف بالله يصير حرفا من حروف الذات قيل له أن الحرف ذات والعارف ذات كيف يصير ذاتا واحدة ؟
قال معناه أن العارف يصير يتصرف بذاته كالحرف لا أنه يصير عين الحرف قيل له:ولماذا لم يتصرف بالأسماء العالية أو بعسكرة الأسماء ، قال - - رضي الله عنه -: أما الأسماء العالية فلا يعرفها ولا يطلع عليها إلا الفرد الجامع أما عسكرة الاسماء وغيرها من أسماء الله فيعرفها العارفون ولكن العارف يغلبه الحياء من الله أن يطلب حاجة بأسماء الله ولكن إذا أراد حاجة يوجه همته إليها فتقضى إن أراد قضاءها " اهـ
2- قال التجاني أيضا في جواهر المعاني (ج2/303):" وأما مرتبة الأحدية فلا توحيد فيها لأنها إن تجلت انمحق تحتها وذهب شعوره بنفسه وبفنائه فلا مشاهدة حينئذ إنما هو الحق بنفسه في نفسه لنفسه عن نفسه فأين الغير حتى تتجلى له الأحدية ولذا أجمع العارفون كلهم على أن التجلي بالأحدية غير ممكن كذلك الذات التجلي بها غير ممكن يعني الذات المطلقة الساذجة العارية عن النسب والإضافات إلا الفرد الجامع فإنه تتجلى له لأنه هو الحاجب بينها وبين الوجود والوجود كله عائش في ظله ولو زالت ظليته لانمحق الوجود كله في أسرع من طرفة عين " اهـ
(98/134)
3- قال التجاني في الجواهر (2/442- 443) " - { واقترب - } معناه قرب النسبة لا قرب المسافة ومعناه هو مناسبه العبد للحضرة الإلهية فإن الحضرة قلنا حقيقتها هي محق للغير والغيرية فلا أين ولا كيف ولا رسم ولا وهم ولا خيال ولا عقل وتمييز إلا الطمس والعمى حيث لم يعقل هنالك إلا الله بالله لله في الله عن الله فهذه هي نسبة الحضرة الإلهية وهذا هو القرب الحقيقي لا قرب المسافة والعبد وضع في أول نشأته لا يخوض إلا في وجود الكون كيف ما تقلب أو كيفما تحرك أو سكن هو في غيبة عن الله تعالى وهذا هو البعد عن الله لا بعد المسافة فإنها مستحيلة فإذا عرفت هذا وتحققته فالعبد إذا دخل الحضرة الإلهية لا يدخلها إلا بنسبتها وهي محو الغير والغيرية من قلبه فحينئذ يناسبها ويدخلها " اهـ
4- وقال أيضا في جواهر المعاني (2/421) " قوله (الساري) معناه أنه - - صلى الله عليه وسلم - سار في جميع الموجودات كسريان الماء في الأشجار لا قيام لها بدونه وتلك السراية منه - - صلى الله عليه وسلم - في الموجودات لا مطمع للعقل في دركها ولا أن يحوم حول حماها فما وصل إليها أحد من خلق الله ولا عرف لها كيفية ولا صورة وكل الوجود في حجاب عن هذا الإدراك يعني إدراك السراية منه في الموجودات فما أدركتها أكابر الملائكة العالين ولا أكابر الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام كلهم لم يشموا لها رائحة فمن دونهم أحرى وأولى لا يذوق منها شيئا وغاية السريان أنه - - صلى الله عليه وسلم - لو فقد سريانه في ذاته من ذوات الأكوان لصارت محض العدم من ساعتها " اهـ
(98/135)
5- وقال أيضا في جواهر المعاني (1/203): "وأما التعريف بباطن الألوهية فهو للصديقين والعارفين خرقوا أحجاب الظواهر وبلغوا من باطن الألوهية إلى رتبة حق اليقين فما الكون عندهم كله إلا صفات الله وأسماؤه حقيقة الإعتقاد فتجلى لهم سبحانه وتعالى بباطن أسمائه وصفاته وأفاض عليهم أسرارها فاختطفوا عن دائرة البشرية وصارت جميع حركاتهم وسكناتهم وجميع تقلباتهم وأحولهم وأفعالهم وأقوالهم بالله محضا وحيث كانوا بالله كانوا في جميع أمورهم لله في الله عن الله موتى عن جميع ما سواه " اهـ
6- وقال أيضا في جواهر المعاني (1/214):" اعلم أن أذواق العارفين في ذوات الوجود أنهم يرون أعيان الموجودات - { كسراب بقيعة - } الآية فما في ذوات الوجود كله إلا الله سبحانه وتعالى تجلى بصورها وأسمائها وما ثم إلا أسماؤه وصفاته فظاهر الوجود صور الموجودات وصورها وأسماؤها ظاهرة بصورة الغير والغيرية وهو مقام أصحاب الحجاب الذين حجبوا بظاهر الموجودات عن مطالعة الحق فيها وإنما مرتبة الصديقين الكون عندهم معتقد فقط والظاهر المحض إنما هو وجود الحق وحده في كل شيء فإذا رأيت ما يظهر من صور الموجودات على اختلاف أحواله وتباين أشكاله وتشتيت أموره من مذمومه ومحموده فما فيها إلا تجليات الحق سبخانه وتعالى بشؤونه قال جل جلاله: - { كل يوم هو في شأن - } وتلك الشؤون في الموجودات هي تجلياته فيها سبحانه وتعالى بضروب أموره واختلاف شؤونه " اهـ
(98/136)
7- وقال أيضا في جواهر المعاني (1/188):" واعلم أن حضرة الحق سبحانه وتعالى متحدة من حيث الذات والصفات والأسماء والوجود، والوجود كله بأسره متوجه إليه بالخضوع والتذلل والعبادة والخمود تحت سلطان القهر وامتثال الأمر والمحبة والتعظيم والإجلال فمنهم المتوجه إلى صورة الحضرة الإلهية نصا جليا في محو الغير والغيرية ومنهم المتوجه إلى الحضرة االعلية من وراء ستر كثيف وهم عبدة الأوثان ومن ضاهاهم فإنهم في توجههم إلى عبادة الأوثان وما توجهوا لغير الحق سبحانه وتعالى ولا عبدوا غيره لكن الحق سبحانه وتعالى تجلى لهم من وراء تلك الستور بعظمته وجلاله وجذبهم بحسب ذلك بحكم القضاء والقدر الذي لا منازع له فيه وهذا هو التوجه إلى الله كرها يقول سبحانه وتعالى - { ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها - } [ الرعد 15 ] فالوجود كله متوجه إلى حضرة الحق سبحانه وتعالى بصفة ما ذكرنا فردا فردا وإن الكفار والفجرة والمجرمين والظلمة فهم في ذلك التخليط الذي خالفوا فيه نصوص الشرع وصورة الأمر الإلهي فإنهم في ذلك ممتثلون لأمر الله تعالى ليسوا بخارجين عن أمره ومراده إلا أنهم خرجوا عن صورة الأمر الإلهي ظاهرا وغرقوا فيه باطنا " اهـ
8- واستمع يامفتاح إلى شيخك التجاني يدافع عن وحدة الوجود ويستدل لها قال علي حرازم:" ومن كلامه - - رضي الله عنه - في إيضاح وحدة الوجود وبيانها على مذهب القوم رضي الله عنهم وإبطال ما قال أهل الظاهر من إحالة الوحدة وبطلان ما ألزموه لمن قال بها قال - - رضي الله عنه - بيانها من وجهين:
(98/137)
الوجه الأول: أن العالم الكبير كذات الإنسان في التمثيل فإنك إذا نظرت إليها وجدتها متحدة مع اختلاف ما تركبت منه في الصورة والخاصية من شعر وجلد ولحم وعظم وعصب ومخ وكذلك اختلاف جوارحه وطبائعه التي ركبت فيه وبها قيام بنيانه فإذا فهمت هذا ظهر بطلان كل ما ألزموه من نفي الوحدة لإستلزام تساوي الشريف والوضيع واجتماع المتنافيين والضدين إلى آخر ما قالوه، قلنا لا يلزم ما ذكره هنا لأنه وإن كانت الخواص متباعدة فالأصل الجامع لها ذات واحدة كذات الإنسان سواء بسواء.
الوجه الثاني: اتحاد ذات العالم في كونه مخلوقا كله للخالق الواحد سبحانه وأثرا لأسمائه فلا يخرج فرد من أفراد العالم عن هذا الحكم وإن إختلفت أنواعه فالأصل الذي برز منه واحد فبهذا النظر هو متساو فيلزم اتحاده وإن اختلفت أجزاؤه كما ذكر في ذات الإنسان وإنما تختلف نسبه بحسب ما فصلته مشيئة الحق فيه من بين شريف ووضيع وعال وسافل وذليل وعزيز وعظيم الشأن وحقيره إلى آخر النسب فيه ولم تخرجه تفرقة النسب عن وحدة ذاتية كما أن ذات الإنسان واحدة ووحدتها لا تنافي إختلاف نسب أجزائها وإختصاص كل جزء بخاصيته فإن خاصية اليد غير خاصية الرجل وخاصيتها غير خاصية العين وهكذا سائر الخواص والأعضاء والأجزاء وإن ارتفاع وجهه في غاية الشرف وانخفاض محله في غاية الضعة والإهانة لم يخرج عن كون ذاته واحدة مع اختلاف الخواص وهو اتحاد وجوده من حيث فيضان الوجود عليه من حضرة الحق فيضا متحدا ثم تختلف خواصه وأجزاؤه بحسب ما نفصل ذلك الوجود فإنه يتحد في عين الجملة ويفترق في حال التفصيل مثاله في الشاهد مثال المداد فإن الحروف المتفرقة في المداد والكلمات المتنوعة والمعاني المختلفة التي دلت عليه صورة المداد لم تخرجه عن وحدة مداديته...."اهـ جواهر المعاني 2/297
9- نقل صاحب الرماح في أدب المريد مع شيخه ما نصه:
(98/138)
"...وأن لا يدخل عليه خلوة إلا بإذن ولا يرفع الستارة التي فيها الشيخ إلا بإذنه وإلا هلك كما وقع لكثير وألا يزوره إلا وهو على طهارة لأن حضرة الشيخ حضرة الله تعالى " رماح حزب الرحيم 1/323 اهـ
10- وفي بغية المستفيد ص 18 مانصه:" وكان الشيخ أبو مدين - - رضي الله عنه - يقول لأصحابه إذا سمع أحدا منهم يقول أخبرني فلان لا تطعمونا القديد يريد بذلك رفع همة أصحابه، يريد لا تحدثوا إلا بفتوحكم الجديد الذي فتح الله تعالى به على قلوبكم في كلام الله تعالى وكلام رسوله - - صلى الله عليه وسلم - فإن الواهب للعلم الإلهي حي لا يموت ليس له محل في كل عصر إلا قلوب الرجال " اهـ
11- وقال في كشف الحجاب (ص289) مانصه:"حدثني سيدي ومولاي العارف بالله أحمد العبدلاوي نفعني الله به والمحبين ببركته أن العارف بالله الولي الكبير مولاي محمد بن أبي النصر الشريف العلوي كان مارا بحومة الشرابليين من مدينة فاس صانها الله من كل باس، ولما بلغ لباب درب زقاق الرواح وجد سيدنا - - رضي الله عنه - هنالك واقفا والناس ينظرونه من الطرق الاربعة فلمارأى سيدنا سلم عليه وبقي واقفا بجنب سيدنا - - رضي الله عنه - حتى ذهب معه لدار سكناه هناك ثم قال لسيدنا - - رضي الله عنه - يا سيدي ما سبب إطالة وقوفك في ذلك المحل فقال له: - - رضي الله عنه - قيل لي من الحضرة الإلهية اخرج لعبادي في صورتي فمن رءاك رآني " اهـ
(98/139)
12- قال في كشف الحجاب نقلا عن شيخه ص 295 مانصه:" واعلم أنهم لو سألوني وقالوا لي من أين لك هذا ؟ لقلت من عند الله فإن قيل لي أبوحي أو برؤية أو بهاتف ؟ لقلت دفعت في ابتداء أمري إلى الحضرة الربانية دفعة واحدة مذ أنا يافع فصار أولى آخرى وآخرى أولى وبعضي كلي وكلي جزئي فكنت أنا هو من حيث أنا لا من حيث هو وحينئذ لو سئلت عن ألف ألف مسألة من أهم المسائل لأجبت عنها بجواب واحد إذ صرت كالمصباح لو شعلت مني جميع المصابيح ما نقصت من ضوئي شيء ولله الحمد " اهـ
13- وقال عبيدة بن محمد الصغير الشنقيطي عند شرحه لقول التجاني (إحاطة النور المطلسم):" مما يوحى إلى وحدة الوجود لتعلم صحة اعتقاد معتقدها وكماله ونقص اعتقاد منتقدها واعتلاله ولكن قد علم كل أناس مشربهم ومشرقهم ومغربهم " ميدان الفضل والإفضال ص66
14- وقال أيضا ص 66 مانصه :" والقائلون بوحدة الوجود أولو الذوق الصحيح والكشف الصريح وأهل هذا التصديق الجامع فإنهم قائلون بأن الله تعالى هو الوجود المطلق بالإطلاق الحقيقي " اهـ
15- وقال أيضا ص62 "... وأن هذا الإعتقاد ليس هو اعتقاد القائل بوحدة الوجود لأن ذلك اعتقاد صحيح شرعا يقبله العقل السليم بالوهب الإلهي والفيض الرحماني وإن لم يدركه بالنظر الفكري " اهـ
16- قال إبراهيم انياس:" والحضرات ثلاثة: ألوهية ونبوة وولاية والكل منهما عين الباقيتين حتى أن أنانية كل منهما أنانية الأخرى والأنانية كالأنانية...إلى أن قال: وقوله وابن جثماني كذلك جار على لسان الولاية إذ لا جثمان إلا من الولاية " جواهر الرسائل 1/120 اهـ
17- وقال أيضا:" بل ربما يكون رب العالمين في صورة رجل " اهـ المرجع السابق 2/10
18- وقال أيضا:" ولا فرق بين المعية والهوية هنا وقد علمت أن المعية بالذات وإذا بدت فلا معية" المرجع السابق 1/88 اهـ
(98/140)
19- قال علي حرازم:" الوجود الذي هو الظل الإضافي ظهر عن حقيقتين الحقيقة الأولى: الذات المقدسة، والحقيقة الثانية مرتبة الأولوهية والوجود ظهر عنها وإلى هذا المعنى الإشارة لقوله سبحانه وتعالى في مفتح الإنجيل قال: }باسم الإب والأم والإبن إلها واحدا{ فركبه الجهلة بكفرهم بحقيقته وقالوا إن الإله مركب من ثلاثة أقانيم، أقنوم العلم وأقنوم الحياة وأقنوم الكلمة وأقنوم العلم عندهم هي الذات المقدسة وأقنوم الحياة هي مريم وأقنوم الكلمة هو عيسى تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا إنما المعنى الذي أراده الحق في كلامه: }باسم الإب والأم والإبن إلها{ فالأب ههنا هو اسم الجلالة لأنه هو أبو الوجود كله فعنه ظهر الوجود لأنه عين مرتبة الألوهية والأم ههنا هي الذات المقدسة فإنها من تصرفها ظهر الوجود فإنها تصرفت في الوجود بحكم المشيئة والقدرة والكلمة بقوله: كن، فإنها بمنزلة الأم للوجود الذي وجد عن اسم الجلالة وعن الذات هو الوجود الظاهر وأدرجه مع قوله إلها واحدا لأنه تجلى في حقائق الوجود بكمال ذاته وبصور صفاته وأسمائه فلهذا قال: }باسم الإب والأم والإبن إلها واحدا{ فإن الوجود كله ما فيه إلا الألوهية المحضة لأنه صور الصفات والأسماء " شرح الهمزية لعلي حرازم ص 61 اهـ
(98/141)
20- قال إبراهيم انياس:" فلهذا العارفون أول مايهتمون للمريد به أن يجد الفناء في الله تبارك وتعالى ثم بعد ذلك يترقى حتى يصل بالشيخ لأنه صفة الله، المطلب من هذين الفنائَين أن العبد سوف يرجع إلى مقام لولا أنه التقى بالنبي - - صلى الله عليه وسلم - وبالشيخ ما عرفها بعد إذا مضى هذا يرجع إلى شهود الكائنات يشهد عدما موجودا في آن واحد مثال ذلك ما يشاهد في سينما، من لم يكن منكم ما رأى سينما العارفين أحب أن يراها ولو مرة واحدة فيشاهد الشيء ويتيقن أن هذا مفقود وهو موجود ولولا أنه موجود ما تراه وهو في الحقيقة غير موجود والكائنات كلها هكذا بمنزلة السينما فقط يشاهد شيئا موجودا مفقودا فبهذا تكون في الوجود وتعمل الخيرات وتعلم أنك لم تعمل شيئا وتجتنب السيئات على أنك لم تفعل شيئا الواحد الله تبارك وتعالى هو الفاعل " جواهر الرسائل 2/60
21- قال في جواهر المعاني (1/117):" واعلم أن سيدنا - - رضي الله عنه - سئل عن حقيقة الشيخ الواصل ما هو ؟ فأجاب - - رضي الله عنه - بقوله ( أما حقيقة الشيخ الواصل فهو الذي رفعت له جميع الحجب عن كمال النظر إلى الحضرة الإلهية نظرا عينيا وتحقيقا يقينيا فإن الأمر أوله محاضرة وهو مطالعة الحقائق من وراء ستر كثيف ثم مكاشفة وهو مطالعة الحقائق من وراء ستر رقيق ثم مشاهدة وهو تجلي الحقائق بلا حجاب لكن مع خصوصية ثم معاينة وهو مطالعة الحقائق بلا حجاب ولا خصوصية ولا بقاء للغير والغيرية عينا وأثرا وهو مقام السحق والمحق والدك وفناء الفناء فليس في هذا إلا معاينة الحق في الحق للحق بالحق
فلم يبق إلا الله لا شيء غيره
فما ثم موصول ولا ثم واصل
" اهـ
قال مفتاح التجاني:
(98/142)
" فتصرف هو فيه بجعله شذرة شذرة حيث أخر منه وقدم وتجاوز وبتر ليحرفه عنما وضع له وبيان ذلك أنه ساق منه ستة أسطر في مختم منشوره معلقا بها على مسألته السابعة التي هي الإخيرة عنده ثم تجاوز سطرين هما محل الإحتجاج عليه وهما: فهم - يعني عبدة الأوثان – محبون لله عابدون له من حيث لا يشعرون وهذه العبادة هي المعبر عنها بالسجود كرها قال سبحانه وتعالى: - { ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال - } " اهـ ص 23-24
والرد عليه من سبعة وجوه:
الوجه الأول:
قوله بأني قدمت وأخرت كذب محض لم يستطع أن يذكر له مثالا واحدا وأنا لا يلزمني أن أذكر كل كلامه إنما أذكر موضع الإحتجاج منه.
الوجه الثاني:
أما قوله بأني بترت هذين السطرين مدعيا أنهما محل الإحتجاج علي فهو ادعاء الساعي إلى حتفه بظلفه:
فكان كعنز السوء قامت بظلفها
إلى مدية تحت التراب تثيرها
فليس فيهما إلا الكفر البواح حيث ادعى أن الله يحب الكفار وأنهم يحبونه، وهذا مثل قول التجاني: "وهناك المحبة العامة منه سبحانه وتعالى وفي هذه المحبة جميع العوالم حتى الكفار فإنهم محبوبون عنده " جواهر المعاني 1/ 135 اهـ
(98/143)
وقد قال الله تعالى: - { فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين - } [آل عمران 32 ] وقال تعالى: - { ليجزي الذين ءامنوا وعملوا الصالحات من فضله إنه لا يحب الكافرين - } [الروم 45 ] وقال: - { إن الله يدافع عن الذين ءامنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور - } [الحج 38 ] وقال تعالى: - { ولا تعتدوا إن الله لايحب المعتدين - } [البقرة 190 ] وقال: - { وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد - } [البقرة 205 ] وقال: - { يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم - } [ البقرة 276 ] وقال تعالى: - { وأما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم والله لا يحب الظالمين - } [ 57 آل عمران ] وقال تعالى: - { وليعلم الله الذين ءامنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين - } [ 140 آل عمران ] وقال تعالى: - { إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا - } [ النساء 36 ] وقال: - { ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما - } [ 107 النساء ] قال تعالى: - { ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين - } [ 64 المائدة ] وقال: - { ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين - } [ 31 الأعراف ] وقال: - { ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين - } [ 55 الأعراف ] وقال: - { فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين - } [ 58 الأنفال ] وقال: - { لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين - } [ 33 النحل ] والآيات في الباب كثيرة معلومة.
الوجه الثالث:
إنما تركت هذين السطرين لأنهما يتعلقان بمسألة خارجة عن الموضوع الذي تكلمت عنه وهو وحدة الوجود مع أن فيهما من الكفر ما فيهما كمحبة الله الكفار ومحبة الكفار لله.
الوجه الرابع:
(98/144)
لو ذكرتهما في موضوع وحدة الوجود فلا يسعني حينئذ السكوت عنهما لأنه سكوت على الباطل فحذفتهما إذ لا تعلق لهما بكلامي وأشرت إلى حذفهما بوضع نقاط حذف.
الوجه الخامس:
استدلال التجاني على أن الكفار يعبدون الله بالسجود القدري الكوني من أبطل الباطل وأمحل المحال كما قيل:
أوردها سعد وسعد مشتمل
ما هكذا يا سعد تورد الإبل
الوجه السادس:
التجاني إنما يريد أن يثبت لعبدة الأوثان عبادتهم ويشرعها لهم لأنه قال: " فكل عابد أو ساجد لغير الله في الظاهر فما عبد ولا سجد إلا لله تعالى " ثم بين دليله بقوله "لأنه هو المتجلي في تلك الألباس " فهو يعتقد أن الله هو هذا الوجود بأصنامه وجميع مخلوقاته فلم يعرف الله كما أخبر تعالى عن نفسه وأخبر عنه نبيه - - صلى الله عليه وسلم - بأنه فوق عرشه بذاته بائن من خلقه وهو معهم بعلمه.
الوجه السابع:
ولذلك فتقصيرهم هو في عبادتهم لجزء من الوجود دون ماسواه ولهذا ينعمون في النار عند التجاني كما سيأتي.
قال مفتاح التجاني:
" ثم وضع نقاط استرسال، وتجاوز مرة أخرى أربعة أسطر فيها الحجة عليه مزيد تفصيل ما ساق من كلام الشيخ من هذه الفقرة وما تجوز منه هو قوله (وتعبده وتسبحبه خائفةمن سطوة جلاله سبحانه وتعالى ولو أنها برزت لعبادة الخلق لها وبرزت لها بدون تجليه فيها لتحطمت في أسرع من طرفة عين لغيرته سبحانه وتعالى لنسبة الألوهية لغيره تعالى قال سبحانه وتعالى لكليمه موسى عليه الصلاة والسلام - { إنني إنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني - } والإله في اللغة المعبود بالحق " اهـ ص 24.
والرد عليه من خمسة أوجه:
الوجه الأول:
(98/145)
أنه أثبت لعباد الأوثان الخوف من الله تعالى بقوله " خائفة من سطوة جلاله " والخائف من الله في أعلى مراتب الإيمان وهو آمن في جنان الخلد كما قال تعالى: - { وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى - } [ النازعات 41 ] وقال تعالى: - { ولمن خاف مقام ربه جنتان - } [ الرحمن 46 ].
الوجه الثاني:
انظر كيف نفى عن عباد الأوثان عبادة المخلوق وأخبر أنهم ما عبدوا إلا الخالق،كيف يقرر هذا ويقرر فيما سبق أن الوجود واحد فالأوثان عنده هي الله تعالى عنما يقول علوا كبيرا .
الوجه الثالث:
قوله:" ولو أنها برزت..لتحطمت في أسرع من طرفة عين " كذب مفضوح لأن الكفار في عصور كثيرة ما عبدوا إلا غير الله عز وجل وقد أمهلهم الله سبحانه وتعالى واستدرجهم زمنا طويلا ولم يهلكهم في طرفة عين كما قال تعالى: - { وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير - } [ الحج 48 ] وقال تعالى: - { ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين - } [ آل عمران 178 ] وقال: - { ولقد استهزئ برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا - } [ الرعد 32 ] وقال: - { فأمليت للكافرين ثم أحذتهم فكيف كان نكيري - } [ الحج 44 ]وقال: - { سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم أن كيدي متين - } [ القلم 45 ].
الوجه الرابع:
قوله:" والإله في اللغة المعبود بحق " جهل باللغة بعد ما تقدم من الجهل بالشرع لأن الإله لغة هو المعبود مطلقا، قال ابن منظور: ( الإله: الله عز وجل وكل ما اتخذ من دونه معبودا إله عند متخذه، والجمع آلهة والآلهة الأصنام ) وقال في القاموس (ألِه إلاهة وألوهة وألوهية عبد عبادة ومنه لفظ الجلالة واختلف فيه على عشرين قولا ذكرتها في المباسيط وأصحها أنه علم غير مشتق وأصله إله كفعال بمعنى مألوه،وكل ما اتخذ معبودا إله عند متخذه ) اهـ .
الوجه الخامس:
(98/146)
لقد وقعت أنت في ما رميتني به فحذفت من كلام التجاني في جواهر المعاني (1/188): " واعلم أن حضرة الحق متحدة..."
حذفت منه ما يفضح كذبك ويكشف عقيدتك؛ وهوقوله:" إن الكفار والفجرة والمجرمين والظلمة فهم في ذلك التخليط الذي خالفوا فيه نصوص الشرع وصورة الأمر الإلهي فإنهم في ذلك ممتثلون لأمر الله تعالى ليسوا بخارجين عن أمره ومراده إلا أنهم خرجوا عن صورة الأمر الإلهي ظاهرا وغرقوا فيه باطنا " اهـ
ترى فمن الذي يحذف من الكلام ما هو حجة عليه ؟!
ثم أشار مفتاح التجاني إلى جهل شيخه فقال:" ثانيها أن سجود وصلاة وتسبيح وإذعان جميع المخلوقات طوعا من المؤمنين وكرها من الكافرين جاء في إحدى عشرة آية محكمة احتج الشيخ التجاني بالآيتين السابقتين... " اهـ ص 24
والرد عليه من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول:
نبه على جهل شيخه الذي لم يستطع أن يذكر من هذه الآيات الإحدى عشرة إلا آيتين وهو وإن لم يقصد ذلك لكن الجاهل يجني على نفسه.
الوجه الثاني:
ثم ظاهر كلامه حصر آيات هذا الباب في إحدى عشرة آية وهذا باطل فقد بقيت عليه آيات كثيرة كقوله تعالى: - { يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم - } [الحشر 24 ] وكقوله تعالى: - { وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين - } [ 79 الأنبياء ] وكقوله: - { إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق والطير محشورة كل له أواب - } [ ص 18 ] وقال: - { والنجم والشجر يسجدان - } [ الرحمن 6 ]...إلخ
الوجه الثالث:
(98/147)
هذه الآيات كلها تتحدث عن القهر والتسيير القدري الكوني أما التجاني فيعني الجانب التشريعي ولهذا يقول في جواهر المعانى(1/188): "وإن الكفار والفجرة والمجرمين والظلمة فهم في ذلك التخليط الذي خالفوا فيه نصوص الشرع وصورة الأمر الإلهي فإنهم في ذلك ممتثلون لأمر الله تعالى ليسوا بخارجين عن أمره ومراده إلا أنهم خرجوا عن صورة الأمر الإلهي ظاهرا وغرقوا فيه باطنا " فانظر كيف دافع عن الكفار في مخالفتهم لنصوص الشرع واعتبرهم مصيبين فيما فعلوا معرضا عن الآيات فأي دليل على ماقاله ؟! وانظر كيف هدم كلام شيخك بيوت العنكبوت التي نسجتها أنت من التأويل والتحريف.
قال مفتاح التجاني:
" ثانيهما أن الله لولا أنه تجلى لهم في الأصنام بحكم القهر لما عبدوها ويجاب عنه بأن التجلي لفظ أطلقه الله على نفسه في محكم كتابه في قوله تعالى: - { فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا - } معنى تجلى ظهر وبان.اهـ ص 26
والجواب عنه من وجوه خمسة:
الوجه الأول:
هذا كفر صراح حيث جعل الله قاهرا للكفار على عبادة الأوثان والله يقول: - { قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله مالا تعلمون - } [ الأعراف 28 ] وقال: - { إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم - } [ الزمر 7 ] بل بين الله تعالى لهم طريق الحق وأمرهم بسلوكه والإستقامة عليه وبين لهم طريق الكفر ونهاهم عن سلوكه فاختاروا الكفر على الإيمان قال الله تعالى - { إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا - } [الإنسان 3 ] وقال: - { فهدينا النجدين - } [ البلد 10] وقال: - { ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها - } [ الشمس 3 ] .
الوجه الثاني:
(98/148)
هذه عقيدة الجبرية وسلفهم فيها الجهم بن صفوان السمرقندي الذين يقولون " إن التدبير في أفعال الخلق كلها لله تعالى وهي كلها اضطرارية كحركات المرتعش والعروق النابضة وحركات الأشجار وإضافتها إلى الخلق مجاز " شرح العقيدة الطحاوية ص 436 اهـ
الوجه الثالث:
وأما الآية التي أورد فهي قاصمة ظهره لأن الله عندما تجلى للجبل جعله دكا فلو تجلى لعبدة الأوثان لجعلهم دكا ومحقوا عن آخرهم.
الوجه الرابع:
أما تفسير التجلي الوارد في كلام التجاني بالتجلي اللغوي فهي مغالطة مكشوفة لأن التجاني نفسه صرح بمعنى التجلي عنده وهو وحدة الوجود لأنه تجلى ذات الله في مخلوقاته.
(98/149)
فقال التجاني ما نصه جواهر المعاني 1/215 :" إعلم أن عند الصديق بل كل صدّيق من العلم القطعي من عند الله بطريق الوحي التحقيقي بما أفاض عليه من العلوم وعرفه من حقائقها كأنه يقول له سبحانه وتعالى: أنا الواحد الحق الذي لا شيء غيرى وأتجلى في كل مرتبة بما أشاء من الشؤون سواء طابقة الأغراض أوخالفتها. فكأنه يقول لكل صديق إن تجلياتي في فلان لك لا أعطيك منه إلا صورة المحبة وإفاضة الخيرات منه وآثرتك منه على نفسه وكذا في فلان ولا أتجلى لك فيهم إلا بصورة المحبة والنعمة وبذل الخيرات وكذا في بلد كذا لا أتجلى لك فيهم إلا بصورة المحبة والتعظيم والإجلال وما ثم غيري إنما هم صوري لا شيء فيها فأحمدني وأشكرني على ذلك وإن فلانا مثلا لا أتجلى لك فيه إلا بصورة العداوة المحضة والشر البالغ والقهر والقتل فخف مني وأحذرني فيه ولا تأمن مكري فيه فإنى لا أفعل بك في تلك الصورة إلا شرا ولا ترى مني فيها إلا شرا وكذا في بني فلان لا ترى مني فيهم إلا شرا وهلاكا وضررا وكذا في بلد كذا لا ترى مني فيها إلا ذلا وإهانة وإنخفاضا وإستكانة ولا ترى مني فيهم ما تحب أصلا فخف مني وأحذرني في جميعهم ولا تأمن مكري فيهم وكن شديد الإحتراز مني فيهم فما ثم غيري في جميعهم فأنا المتجلي فيهم بشؤوني فإنك إن أمنت مني فيهم أهلكتك ". اهـ
(98/150)
وقال التجاني أيضا " وحقيقة التجلي هو الظهور وتجلي الحق بذاته في ذاته لذاته عن ذاته وهذا التجلي هو مرتبة كنه الحق ولا اطلاع لأحد عليه والتجلي الثاني تجليه لغيره في غيره بنفسه لنفسه عن نفسه فهذا التجلي هو الذي يدركه الخلق وكان تجلي المقادير الإلهية في صور الأكوان مطلقا إنما كان عن سبب وهو تعلق المشيئة وسبق الحكم منه سبحانه وتعالى وتعلق كلمة ( كن ) فهذ ا السبب هو الذي برزت به المقادير في صور الأكوان فإن تلك المقادير برزت لا عن ذاتها بذاتها وإنما برزت عن غيرها بغيرها فذلك السبب هو الذي تقدم عليها وبه وجدت أما تجلي الذات فلم يتقدمها شيء لأنها أجل من أن تكون منفعلة للمشيئة أو غيرها إنما تجلت بذاتها في الخلق " اهـ جوهر المعاني 2/341
فأنظر كيف صرح بأن تجلي الله بذاته في مخلوقاته تعالى الله عما يقول علوا كبيرا.
وجاء في الرماح مانصه:".... وذلك أن الله سبحانه وتعالى تجلى في كل مرتبة من مراتب خلقه بأمر وحكم لم يتجلى به في غيرها من المراتب وذلك التجلي تارة يكون كمالا في نسبة الحكمة الإلهية وتارة يكون صورته صورة نقص في نسبة الحكمة الإلهية فلا محيد لتلك المراتب من ظهور التجلي فيها بصورة ذلك النقص لأن ذلك ناشئ عن المشيئة الربانية وكل تعلقات المشيئة يستحيل تحولها لغير ما تعلقت به " الرماح 1 /326-327 اهـ
وفي كاشف الألباس نقلا عن ابن عربي:" ولذلك قال بعض العارفين في حق التلميذ الذي أستغنى بالله على زعمه عن رؤية أبي يزيد لأن يرى أبا يزيد مرة خير له من أن ير ى الله ألف مرة، فعبر أبو يزيد فقيل له هذا أبو يزيد فعندما وقع بصره عليه مات التلميذ فقيل لأبي يزيد في موته فقال رأى مالا يطيق لأنه تجلى له من حيث أنا فلم يطقه كما صعق موسى لأن الله من حيث أنا مجلاه أعظم من حيث المجلى الذي كان يشهده فيه ذلك المريد ".اهـ كاشف الألباس 172
(98/151)
وقال التجاني :" القطب المكتوم له تجل يضاهي تجليات الأنبياء يتجلى له الحق سبحانه وتعالى في كل لحظة مائة ألف تجل كل تجل يعطى فيه ما يعطى لجميع أهل الجنة مائة ألف مرة أو أكثر منها " الدرة الخريدة 1/27 اهـ
فهكذا ترى أن التجلي عندهم هو وحدة الوجود وهو الكفر الصراح.
الوجه الخامس:
لو سلمنا صحة ماقال من تجلي الله في مخلوقاته لكان كفرا بإجماع المسلين قال القاضي البساطي المالكي " ولكن دعوى تجلى الله بصورة ما مكفر بها شرعا بإجماع المسلمين " مصرع التصوف ص159
الوجه السادس:
ما قلته يا مفتاح هو حجة الكفار قديما قال تعالى: - { سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون - } [ الأنعام 148 ]
وقال تعالى: - { وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ المبين - } [ النحل 35 ]
قال مفتاح التيجاني:
" وأما إعتراضه على قول الشيخ التجاني في جواهر المعاني ج1 ص1 " فإن الحضرة القدسية في غاية الصفاء لا تقبل التلويث بوجه من الوجوه فإن من دخلها غاب عنه الوجود كله حتى نفسه تغيب عنه ففي هذه الحال لا نطق للعبد ولا هم ولا حركة ولا سكون لا رسم ولا كيف ولا أين ولا حد ولا علم فلو نطق العبد في هذا الحال لقال لا إله إلا أنا سبحاني ما أعظم شأني لأنه مترجم عن الله عز وجل وفي هذا الميدان قال أبويزيد قولته التي قال في وسط أصحابه وهم دائرون به قال: (سبحاني ما أعظم شأني ) فهابوا أن يكلموه... إلخ" اهـ ص 28
فالرد عليهم من أربعة عشر وجها:
الوجه الأول:
(98/152)
لقد بترت هذا الكلام عما قبله لأنه صريح في وحدة الوجود صراحة لا تقبل التأويل ونصه " وأما قولنا أن القرب قرب النسبة لا قرب المسافة وقولنا إن الخلق كله بالنسبة إلى الله في قربه منها كلها على حد سواء فالكافر والرسول على نسبة واحدة والحق في ذلك كله لا متصل ولا منفصل فهو قريب في غاية القرب وأبعد من كل بعيد وتلك الصفة تتبع حقيقة وجوده ولا يعرف الوجود المطلق ولا يصل عالم ولا غيره وأما النسبة المذكورة للرجال فإنها قرب النسبة فإن الحضرة القدسة في غاية الصفاء...إلخ " جواهر المعاني 2/239 اهـ فانظر كيف سوى بين الكافر والرسول !!
الوجه الثاني:
قوله ج1 ص1 باطل لأن هذا الكلام في الفصل الثاني من الباب الخامس فكيف يكون في الصفحة الأولى من ج1.؟!
الوجه الثالث:
ولا يفهم من كلامه إلا وحدة الوجود حيث قال:" فإن من دخلها غاب عنه الوجود الكله فلم يبق إلا الألوهية المحضة " فهذا في غاية الصراحة في وحدة الوجود وكذلك قوله:" ففي هذه الحال لا نطق للعبد " فهو صريح في أن هذا الناطق هو الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
وهذا مصرح به في قوله " لأنه مترجم عن الله عز وجل " وهل يحتاج الله إلى من يترجم عنه إلا إذا قصد به الوجود المطلق ؟.
الوجه الرابع:
غاية ما اعتذر به عن أبي يزيد البسطامي أنْ حشرة في زمرة المجانين فاقدي العقل وأنه مرفوع عنه القلم بسبب ذلك حيث قال:
" يعني أن العبد في هذه الحال الذي زال عنه فيه التمييز " ص 29.
الوجه الخامس:
فانظر رحمك الله كيف جعل هذا المقام الذي هو أشرف مقام عندهم وما أفنوا أعمارهم إلا من أجل تحصيله فقدا للوعي والتمييز !!
الوجه السادس:
أبو يزيد البسطامي كان قطب زمانه على حد قولكم وأنتم تعتقدون أن القطب هو روح الموجودات والمتصرف فيها فلا يتحرك منها ساكن إلا به لأنه خليفة الله في تصريف الكون فليت شعري من الذي صرف الكون حال فقد البسطامي للتمييز والوعي ؟!
(98/153)
قال عن القطب في جواهر المعاني:" هو الروح في جميع الموجودات فما في الكون ذات إلا وهو الروح المدبر لها ووالمحرك لها والقائم فيها ولا في كورة العالم مكان إلا وهو حال فيه متمكن منه " جواهر المعاني 2/339 اهـ
الوجه السابع:
أن ابن عربي وهو أدرى منك بالبسطامي قال بأنه قال ذلك في الصحو وأقره على ذلك زعيمكم في هذا العصر إبراهيم انياس إذ قال:" ومنها من ادعت ذلك على بصيرة وصحو وتحقق معرفة في مجلس لقرينة حال اقتضاها المجلس لما رأوا أن الحق عين قواهم وما هم هم إلا بقواهم وبقواهم يقولون ما يقولون فقواهم القائلة لاهم وهي عين الحق كما أخبر الحق وكما أعطاه الشهود بانخراق العادة في قولهم عندهم فقالوا: أنا الله وإني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدون؛ كأبي يزيد ممن نقل عنه مثل هذا مع صحوه وثبوته وعلمه بأن الحق هو الظاهر بأفعاله في أعيان الممكنات " ملحق كاشف الألباس ص 171 اهـ
فهل نصدقك في قولك أنه كان في حال الغيبة والمحو أم نصدق شيخك إبراهيم انياس الذي تبع ابن عربي في أنه قاله في حال الصحو والثبوت ؟! أليس هذا هو التناقض يا تجانية ؟! - { ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا - } [ النساء 82 ].

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق