السبت، 15 أغسطس 2015

الرد الفرقة الصوفية=فإن الله تعالى مستو على عرشه بائن من خلقه وهو مع الخلق بعلمه وليس بذاته وقولنا هو معهم بعلمه دلت عليه النصوص المحكمة مثل قوله تعالى: {ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم} فالله سبحانه وتعالى قد افتتح الآية بعلمه واختتمها بعلمه

والله سبحانه مع خلقه بعلمه أين ما كانوا
ومعيته سبحانه لها قسمان:
معية عامة للخلق يعلم سرهم ونجواهم ويحصي عليهم أعمالهم ويحيط بكل أمورهم
ومعية خاصه بالمؤمنين ينصرهم ويعينهم ويسددهم ويوفقهم.
ويستمر الطنطاوي قائلا:
"كنت أسمع إلى أحد القراء فلما انتهى إلى قوله تعالى: { سنفرغ لكم أيها الثقلان} تساءلت: هل يمكن فهم هذه الآية إلا مؤولة .. "!
يعقب الشيخ خالد أهل السنة:
4 - قوله عن آية سورة الرحمن: {سنفرغ لكم أيها الثقلان} "هل يمكن فهم هذه الآية إلا مؤولة"
الاستدراك:
(/ 6)
أن الآية فسرها السلف على ظاهرها والكلام على حقيقته ومعناها [سنفرغ لحسابكم ومجازاتكم على أعمالكم أيها الأنس والجن]
وليس هو الفراغ الذي يقابله الشغل؛ بل الله فارغ وليس بالله شغل وهو وعيد من الله تعالى للعباد
وهذآ هو تفسير ابن عباس والضحاك وقتادة
قآل البخاري - رحمه الله- سنحاسبكم لا يشغله شيء عن شيء
وهو معروف في كلام العرب يقال: (لأتفرغن لك) وما به شغل بمعنى: (لآخذنك على غرتك) فهو وعيد وتهديد.
ويستمر الطنطاوي قائلا:
"وكذلك الأمر في {نسوا الله فنسيهم} أجل والله إني سلفي العقيدة، وأسأله تعالى أن ألقاه ثابتا عليها .. "
يعقب الشيخ خالد أهل السنة:
5 - وقوله: "وكذا الأمر في قوله تعالى {نسوا الله فنسيهم}"
الاستدراك:
إن النسيان الوارد في الكتاب والسنة له معنيان:
نسيان بمعنى الذهول عن شيء معلوم فهذا لا يوصف الله تعالى به إطلاقا لقوله تعالى: {لا يضل ربي ولا ينسى} وقوله تعالى: {وما كان ربك نسيا}
وهناك نسيان بمعنى (الترك) عن علم وقصد وهذا المعنى ثابت لله تعالى لقوله تعالى: {نسوا الله فنسيهم} وقوله : {فاليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا}
فالكلام على حقيقته
والراسخون في العلم يجمعون بين نصوص الباب كلها وينزلونها منازلها ويردون متشابهها إلي محكمها.
المجذوب: فيما يتعلق بموضوع الصفات .. أترون إطلاق التأويل على سائر الصفات أم على بعضها مما لا يمكن فهمه إلا مؤولا كشأن المعية والنسيان ..؟
ط: أنا أقول: إن القرآن أنزل بلسان عربي مبين، فما لا يفهمه العربي الفصيح لأول مرة إلا مؤولا فنحن نؤوله ..
م: لكن من أساليب العرب استعمالهم الكناية في التعبير عن مرادهم .. فقوله تعالى: { سنفرغ لكم أيها الثقلان} لا يفهمه العربي الفصيح إلا من خلال الكناية التي تعني سيأتي دورهم.
ط: هذا تأويل ..
(/ 7)
م: بل هو كناية التي تعدل عن التصريح إلى التصوير، فتؤدى من البلاغ مالا يؤديه الكلام المباشر.
ط: وما الفرق بين التفسير والتأويل .. التفسير من فسر، ومنه السفور، أي الوضوح. والتأويل من قولهم: آل إلى كذا أي صار إليه، ونقلوه إلى التعدية بالتشديد فأوله إليه: يعني صيره إلى المعنى الأول. وما دام هذا التأويل لا يخالف كلام الله ولا ينافي الوحدانية أولا، ويوافق ما يفهمه العربي السليم الطبع السليقي الفصيح ثانيا: فهو صحيح ولابد منه في مثل الأمور التي ذكرتها مما لا يفهم إلا التأويل.
م: طيب عندما أسمع ربي يذكر لنفسه عينا ويدا، ويذكر له رسوله قدما .. فلماذا أتعب نفسي وأدخلها في متاهات التأويل، ولا أكتفي بتصديق ما أخبر به دون تأويل ولا تعطيل .. أليس هذا هو الأفضل والأسلم ..؟!
أوليس هذا هو الفهم السليم لقوله تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} فهو ذو سمع وذو بصر؛ ولكن لا يمكن تشخيصهما، إذ ليس كمثله شيء فصار من الخطأ؛ بل الخطر أن يحاول متعسف إجراء التأويل على هذه الصفات، إن من المستحيل في عالم الحس أن تعرف سمعا أو بصرا أو قدما عن غير طريق الجوارح التي ألفناها، فلا يبقى أمام العقلاء سوى التسلم بوجودها كالتسليم بوجوده تبارك اسمه، دون تفسير ولا تأويل ولا تعطيل.
ط: يا سيدي لقد أجبت على ما سألتموني ولم أقل إلا الحق الذي أدين به الله وأرجوا أن ألقاه عليه، لكن الإشكال من أين جاء .. هذه الكلمات وضعت في اللسان العربي قبل نزول القرآن. وقد وضعت لمعان بشرية أرضية مادية، فهذه المعاني لا تراد قطعا ..
(/ 8)
م: ألفت نظركم إلى نقطة أنتم أدرى بها، تلك هي أن اللغة تبدأ في التعبير عن الأشياء المادية، فكلما ترقى الإنسان في مجال التطور ارتقى تعبيره إلى الأشياء المجردة البعيدة .. فإذا بهذه الألفاظ التي كان يستعملها العربي للأشياء المادية هي نفسها تتجه نحو الأشياء الأخرى ؛ ولكن يظل هناك ارتباط بين المعنى الجديد والمدلول القديم، ولا حاجة إلى ضرب الأمثال ..
؟ والان نرجو آن تزيدونا إيضاحا لموقفكم من الصوفية
ط: الصوفية، كذلك مررت بها في مراحل، قبل أيام كنت أقول لأحد إخواني: والله إن الصوفية هي الباب الكبير الذي تدفق منه علينا الفساد، والباب الآخر هو التشيع والشيوعية وكلها من أصل واحد.
في مقدمة كتابي الأول عن الشيخ محمد بن عبدالوهاب تحدثت عن الوهابية وكيف نشأنا على كراهتها، ثم أردت أن امتحن نفسي فتساءلت:؟!. هل أنا وهابي
لما أخرجت كتابي هذا بالشام رد علي الشيخ الجويجاتي وغيره بكتاب أكبر، لأني بنظرهم أصبحت وهابيا، وفي الرياض ردوا علي كذلك بأنت كنت في كتابي على مذهب الشاميين!
قلت قل تلك المقدمة: إذا كانت الصوفية هي إصلاح الباطن ومداواة أمراض القلوب، ودفع الرياء، والإخلاص، إلى آخر ما ذكر في الرسالة القشيرية فهذا هو لب الإسلام، الذي إذا خلت منه العبادة صارت مجرد حركات لا مردود لها في علاج النفوس.
أما التصوف الذي فيه وحدة الوجود، وفيه الادعاء بأن للقرآن ظاهرا هو غير الباطن، وفيه ما يدعونه بالحقيقة المحمدية، وما إلى ذلك من المفسدات فهو مرفوض تماما .. وقد سبق لي أن كتبت في مجلة الرسالة قبل أربعين سنة أن كفر أبي جهل وأبي لهب إذا قيس بكفر محيي الدين بن عربي لكان في مستوى الإيمان .. ومن يومها شرع عمي الشيخ عبدالقادر وحسني بك العظمة ومجموعة من المشايخ يناقشونني ويشددون علي النكير.
(/ 9)
م: نحن على علم بهذا كله؛ ولكن الذي نسجله الآن سيقرؤه كثيرون فمن الضروري أن يطلعوا من خلاله على الحقيقة بشيء من التفصيل.
ط: إن التصوف الذي يتحدث عنه ابن القيم في (مدارج السالكين) وفي (اصطلاح الصوفية) والذي كتب عنه آخرون من أصحاب العقيدة الصحيحة لا اعتراض عليه.
م: نحن متفقون على أن كل سلوك يؤدي إلى تزكية النفس وما يستتبعها من التوهج الروحي مادام منسجما مع خط الكتاب والسنة فهو مقبول ومنشود، أما أن يتحول هذا كله تخرصات هندية ويونانية تنتهي إلى القول بالاتحاد والحلول ووحدة الوجود فذلك هو الضلال البعيد "
أعدها
المنهج - شبكة الدفاع عن السنة
العائدون
العائدون إلي العقيدة
موقع صحوة الشيعة
موقع مهتدون
الملل النحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية
(/ 10)
عمر الأشقر يحذر من: [دعوة جديدة وخطرة]
ينبه أحد كبار علماء الأردن الدكتور عمر الأشقر في ختام رسالته القيمة [نظرة في تاريخ العقيدة] محذرا من بعض الدعوات الخطيرة والتي يحاول أعداء الله أحيائها، ودعم من يقوم بها، ولفت نظر مستشرقيهم لإحيائها حيث يقول :
"وإنني ألفت نظر رجال الفكر إلى خطورة ما يقوم به المستشرقون وبعض الذين غرر بهم من أبناء المسلمين من أحياء الفكر المعتزلي الكلامي هنا وهناك، وتحبيب الناشئة من أبناء المسلمين به، وهناك فريق آخر يحاول أن يحيي الفكر الفلسفس الاستشراقي الذي ينادي بوحدة الوجود والمتمثل في كتب ابن عربي والحلاج وابن الفارض وابن سبعين وغيرهم.
إن المنهج الفلسفي الكلامي والمنهج الفلسفي الصوفي كلاهما لم يستطيعا أن يقيما الأمة من عثارها في الماضي، بل كانا من أسباب البلاء الذي أصاب الفكر الإسلامي، وقد أحدثا شرخا هائلا في هذا الفكر، وقد أحدث علماء الكلام في الماضي من الخلاف والفرقة والانقسام ما يكفي بعضه لهجر هذا المنهج، وقد أقعد المنهج الصوفي المسلمين عن الجهاد ومحاربة الشر وكان من أسباب الضياع الذي أصاب المسلمين.
لم يفلح المنهجان في إصلاح حال الأمة، ولم يستطيعا أن يصدا هجمات الخصوم الفكرية والعقائدية، فأحرى بهما أن . لا يستطيعا إصلاح حال الأمة في الحاضر، وان لا يستطيعا مواجهه العقائد ألتي يموج بها القرن العشرين في شرق العالم وغربه
إن الذين يحاربون المنهج الإيماني القرآني النبوي الذى يتمثل في المنهج السلفي أحد رجلين:
(/ 2)
إما جاهل بهذا المنهج لا يعلم حقيقته، وإما عدو حاقد لا يريد بالأمة خيرا.
وبعض هذين الصنفين لجأ إلى تحريف المنهج الخير إذ بدأ يكتب في المنهج ليحرفه ويفسده، ولكن باطل هؤلاء لا يروج على من عرف المنهج والسبيل.
وفي الختام أقول كما قال إمام دار الهجرة أنس بن مالك "لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها" وأقول كما قال الله تعالى: {قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين}
{سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين} "
قلت:
! جزى الله الشيخ الدكتور عمر على ما تفضل به، ووالله له الواقع الماثل، دون أن نذكر بأسماء من يحاولون إحياء هذين التيارين .. ولكن وما دخن المعتزلة إلا من أدعياء العقلنة والفكر الغوغائي .. والتيار الآخر هم الصوفية بتياراتها، وخاصة التيار المدعوم من قبل الأعداء والذي روج لبعض دعاته بشكل يدعو للاستغراب! وأراد أن يجددها وثنية على ملة عمرو بن لحي .. أولئك أهل الأهواء الذين أتخذوا أهوائهم دينا والعياذ بالله بصدرون منه ويرجعون إليه .. قاتل الله الهوى. .
انتقائها ونقلها علق عليها
المنهج - شبكة الدفاع عن السنة
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلي العقيدة
الملل النحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية
(/ 3)
عند الصوفية
بقلم - شوقي عبد الصادق عبد الحميد
الحمد لله الموصوف بكل كمال، والمنزه عن كل نقص، مستو على عرشه، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله عبده حق العبادة، وخافه حق الخوف، ورجاه حق الرجاء، وبعد:
فقد تكلمنا عن مكانة النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه، كبشر اصطفاه ربه وأكرمه بالوحي والرسالة، وكان فضل الله عليه عظيما، وعند المؤمنين؛ اتبعوه وبلغوا عنه وأحسنوا صحبته وعظموه دون أن يعبدوه، ثم تعرضنا لتفريط المنافقين، وإخوانهم الكافرين في حقه بعدما بان لهم أنه الحق من ربهم، حيث هموا بقتله وسمه والانتقاص من دعوته وأتباعه، وها نحن نعرض إفراط المتصوفين في حقه، وإنزاله في غير ما أنزله ربه، متشبهين في ذلك بالنصارى، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: "لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، إنما أنا عبد الله، فقولوا: عبد ورسوله الله ".
(/ 2)
فنجد طائفة من الصوفية تعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو قبة الكون، وأنه المستوي على العرش، وأن السماوات والأرض والعرش والكرسي وكل الكائنات خلقت من نوره، وأنه أول موجود، وهذه عقيدة ابن عربي- الذي يعتقد عقيدة وحدة الوجود وأنه ليس في الكون شيء إلا الله- ومن جاء بعده، فيقول القاشاني شارح "فصوص الحكم" لابن عربي: "إن محمدا أول التعينات التي تعينت به الذات الأحدية قبل كل تعين فظهر به ما لا نهاية من التعينات، فهو واحد فرد في الوجود لا نظير له، وليس فوقه إلا الذات الأحدية المطلقة المنزهة عن كل تعين وصفة واسم ورسم وحد ونعت فله الفردية المطلقة، ومن هذا يعلم أن الاسم الأعظم لا يكون إلا له دون غيره من الأنبياء .. ". {شرح الفصوص للقاشاني (ص 266)}. إلى آخر ما قال.
ويقول ابن عربي أيضا في الفتوحات المكية (2-97): "الحقيقة المحمدية أو الروح المحمدي هو المظهر الكامل للذات الإلهية والأسماء والصفات".
ويقول أيضا: "الحقيقة المحمدية أو الإنسان الكامل، فالإنسان على صورة الحق من التنزيه والتقديس عن الشوب في حقيقته، فهو المألوه المطلق، والحق سبحانه هو الإله المطلق، وأعني بهذا كله الإنسان الكامل ". {الفتوحات (2-603)}.
ويقول الجيلي في كتابه "الكهف والرقيم" وسبقه في ذلك الحلاج يقول- مستدلا بحديث موضوع ومكذوب لا أصل له، ولا يصح عقلا ولا نقلا- ونص كلامه: "وكل ما في القرآن فهو في الفاتحة، وكل ما في الفاتحة فهو في بسم الله الرحمن الرحيم، وكل ما في بسم الله الرحمن الرحيم فهو في الباء، وكل ما في الباء فهو في النقطة التي تحت الباء ". وفي كتاب آخر له سماه "حقيقة الحقائق" يقول عن حقيقة النقطة: "ولقد درجت في بعض معارج الغيب فأشهدني الحق تعالى صورة النقطة في عالم القدس عنه، فإذا هي على صورة الحقيقة المحمدية".
(/ 3)
فانظر أيها القارئ الموحد كيف بنيت مثل هذه العقيدة على الباطل من الأحاديث؛ لأنه من المعلوم أن القرآن لما كتب في عهد الرسول وأصحابه لم يكن منقطا ولا مشكلا ولا محزبا ولا مجزءا، وأن واضع النقط على الحروف العربية هو أبو الأسود الدؤلي في نهاية القرن الأول الهجري ، وكيف غاب ذلك عن الرسول وفحول الصحابة كابن عباس ترجمان القرآن، فإذا بان لك أيها الموحد بطلان الحديث، فما بني على باطل فهو باطل.
ويقول الجيلي أيضا في كتابه "الإنسان الكامل" (2-38): "اعلم أن الله تعالى لما خلق النفس المحمدية من ذاته- وذات الحق جامعة للضدين- خلق الملائكة العالمين من حيث صفات الجمال والنور والهدى من نفس محمد صلى الله عليه وسلم، وخلق إبليس وأعوانه من حيث صفات الجلال والظلمة والضلال من نفس محمد صلى الله عليه وسلم ..
ويقول فيه أيضا (2 -26): "ولما خلق الله تعالى العالم من نور محمد صلى الله عليه وسلم كان المحل المخلوق منه إسرافيل قلب محمد صلى الله عليه وسلم كما سيجيء بيان خلق جميع الملائكة وغيرهم كل من محل منه".
فانظر هداك الله لا يجد الجيلي أي غضاضة في أن يثبت أن إبليس خلق أيضا من محمد صلى الله عليه وسلم، وهناك ما يسمى بالطريقة المحمدية، ولها كتاب أوراد يسمى "نفحات في الصلاة على الرسول الأعظم"، وفي وردها يقول شيخ الطريقة: "اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد الذي خلقت نوره من نور ذاتك بلا واسطة، وخلقت من نوره جميع مكوناتك فكل به قائم، الذي فتقت به رتق الوجود، وأحييت به الكائنات، وعين عنايتك الأزلية الأبدية ومبدأ الأشياء ظاهرا وباطنا، ونهايتها سرا وعلانية الذي لاح جماله في القدم وأشرق نوره في الوجود بلا عدم، نور الله الذي لا يطفأ ". {انظر عقائد الصوفية للشيخ المراكبي (ص 99)}.
(/ 4)
وبهذه العقيدة يضرب الصوفية بنصوص القرآن والسنة عرض الحائط ولا يقيمون وزنا لما صح وتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالله تعالى يقول: ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا. {الكهف: 51}
وروى البخاري وغيره عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء". وفي رواية أخرى: "كان الله ولم يكن قبله شيء، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السماوات والأرض".
فالعرش والماء خلقا قبل السماوات والأرض.
وعند مسلم عن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وكان عرشه على الماء". فترتيب الخلق هو خلق الماء والعرش ثم القلم، ثم اللوح، وكل هؤلاء خلقن قبل السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وإذا كانت نظرية قدم نور النبي صلى الله عليه وسلم تفترض خلق كل شيء من نور محمد صلى الله عليه وسلم الذي هو من نور الله فحديث أبي هريرة يقول: قلت: يا رسول الله، إني إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني، فأنبئي عن كل شيء، فقال: "كل شيء خلق من ماء". ولو كان كلام الصوفية صحيحا لقال الرسول صلى الله عليه وسلم: كل شيء خلق من نوري. {انظر عقائد الصوفية للمراكبي}.
(/ 5)
وهذا صريح القرآن: أولم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون {الأنبياء: 30}. وقال صلى الله عليه وسلم عن نفسه: "أنا دعوة إبراهيم، وبشر بي عيسى، ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاء له قصور بصرى من أرض الشام". فقد دعا الخليل بقوله: ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم {البقرة: 129}، وبشر عيسى ببعثه فقال: ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد ... {الصف: 6}، فكيف يكون خلق الأنبياء من نوره وهو دعوة إبراهيم المستجابة !!
ويقول الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق: "المعتدلون منهم يعتقدون أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب كله ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماوات، ففي كتاب" دلائل الخيرات "(ص 49) وهو مصحف الصوفية: "محمد بحر أنوارك، ومعدن أسرارك، ولسان حجتك، وعروس مملكتك، وإمام حضرتك"
وفيه أيضا (ص 147) وصف للرسول صلى الله عليه وسلم بأنه "شجرة الأصل النورانية، ولمعة القبضة الرحمانية، صاحب القبضة الأصلية، ومعدن الأسرار الربانية، وخزائن العلوم الاصطفائية ".
وإليك تصريحا آخر للبوصيري يقول فيه:
وإن من جودك الدنيا وضرتها *** ومن علومك علم اللوح القلم
ويقول أيضآ:
وكل آي أتى الرسل الكرام بها *** فإنما اتصلت من نوره بهم
(/ 6)
فالبيت الأول يجعل الدنيا والآخرة منة ونفحة، ومن نفحات الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن ما سطر وكتب في اللوح المحفوظ هو بعض من علم الرسول وليس كل علمه، والبيت الثاني يجعل الصوفية علم الرسل الكرام كلهم مأخوذا من ذات الرسول النورانية قبل أن توجد ذاته الترابية - كما تزعم الصوفية- يعارضون بهذا المعتقد صريح القرآن وصحيح السنة، ففي القرآن: قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون {النمل: 65}، وقوله: ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون {ص: 69}، وقوله: قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون {يونس: 16}، وقوله: قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون {الأعراف: 188}، فالقرآن يقول إن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يدري شيئا عن القرآن قبل الوحي، والبوصيري يقول إنه يعلم أكثر مما في اللوح المحفوظ، فأي القولين نصدق ؟! وبأي القولين نؤمن ؟!
وإذا كان الرسول يعلم الغيب كله- كزعم الصوفية- ويعلم ما في اللوح، فلماذا لم ينطق ببراءة عائشة رضي الله عنها إلا بعد نزول الوحي الذي مكث شهرا؟ ولماذا لم يعرف الحكم في أسرى بدر إلا بعد نزول القرآن؟ ولماذا لم يقبل توبة الثلاثة الذين خلفوا إلا بعد نزول القرآن والذي مكث خمسين يوما؟
(/ 7)
وهذا أيها القارئ إفراط في منزلة الرسول #؛ بناه الصوفية على أن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم في قبره كحياته في الدنيا، وليست حياة برزخية لها أحكامها، وعلمها عند الله تعالى، فها هو ابن عربي القطب الأكبر في هذا الضلال يقول في مطلع كتابه " فصوص الحكم "{ص 47}" أما بعد، فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مبشرة أريتها في العشر الآخر من المحرم سنة سبع وعشرين وستمائة بمحروسة دمشق، وبيده صلى الله عليه وسلم كتاب، فقال لي: هذا كتاب فصوص الحكم خذه واخرج به إلى الناس ينتفعون به ". فقلت: السمع والطاعة لله ولرسوله وأولي الأمر منا كما أمرنا.
والكتاب مكتظ بالضلالات، ونقدم لك أيها الأخ الموحد تقرير ابن عربي عن النار بأنها دار السعادة والهناء، فيقول:
وإن دخلوا دار الشقاء فإنهم على لذة *** فيها نعيم مباين
نعيم جنات الخلد فالأمر واحد *** وبينهما عند التجلي تباين
يسمي عذابا من عذوبة طعمه *** وذاك له كالقشر والقشر صاين
. {انظر الفصوص: ص 99}
فانظر حفظك الله بالتوحيد- يسوي ابن عربي بين نعيم الجنة فيجعله كعذاب النار؛ لأن الأمر واحد في زعمه، وأن العذاب من العذوبة، والنار قشرة تخفي وراءها النعيم المقيم لأهل النار، فهل مثل هذا يعطيه الرسول له ويترك للأمة القرآن والسنة بما فيها من وصف للنار وأهلها؟
ويقول الشعراني عن محمد معصوم أحد أئمة الطريقة النقشبندية أنه يقول عن نفسه: غلب علي وقت الوداع والسفر من المدينة المنورة الحزن والبكاء، فرأيت سيد المرسلين، قد خرج من حجرته المطهرة وخلع علي خلعة فاخرة وتاجا مثل تاج الملوك مكللا بأحسن الجواهر وظهر لي أن هذه خلعه خاصة من خلع ذاته.
(/ 8)
فانظر أيها الموحد إلى هذا الغلو الفاضح، فدعوى أن النبي صلى الله عليه وسلم يرى يقظة ليست صحيحة لعدم قيام الدليل عليها، بل الدليل على غير ذلك، يقول تعالى: إنك ميت وإنهم ميتون {الزمر: 3}، ويقول أيضا: ثم إنكم بعد ذلك لميتون (15) ثم إنكم يوم القيامة تبعثون {المؤمنون: 15، 16}، فدل ذلك على أنه ليس هناك خروج من القبور قبل يوم القيامة: يوم يقوم الناس لرب العالمين {المطففين: 6}، ويكون الرسول صلى الله عليه وسلم أولنا وأول الناس ؛ لما رواه مسلم في صحيحه في كتاب الفضائل "باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:" أنا سيد ولد آدم "عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنه القبر، وأنا أول شافع وأول مشفع ".
وإليك أخي الموحد طائفة من الأحاديث الموضوعة والباطلة حول هذا الغلو والإفراط في الرسول صلى الله عليه وسلم، منها:
"". لولاك ما خلقت الأفلاك
"أنا من الله، والمؤمنون مني، والخير في وفي أمتي إلى يوم القيامة ".
"أنا خاتم النبيين، لا نبي بعدي إلا أن يشاء الله".
"كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث".
حديث "إحياء أبويه عليه السلام وإيمانهما به".
"أنا مدينة العلم وعلي بابها".
"إن الورد خلق من عرق النبي صلى الله عليه وسلم أو عرق البراق ".
"سمعت الله من فوق العرش يقول للشيء كن فلا تبلغ الكاف النون إلا يكون الذي يكون".
"لما أسري بي إلى السماء سقط من عرقي فنبت منه الورد".
"لما عرج بي رأيت مكتوبا على ساق العرش: لا إله إلا الله محمد رسول الله، أيدته بعلي، نصرته بعلي ".
أنا عرب بلا عين- أي رب- أنا أحمد بلا ميم أي أحد "". لا أساس له من الصحة. {انظر فتاوى اللجنة الدائمة (1-311)}.
(/ 9)
فظهر لك أيها القارئ الموحد أن أعدل المناهج هو منهج سلفنا الصالح المحبين للرسول غير مفرطين ولا مفرطين، أحبوه من غير أن يعبدوه، ونصروه دون أن يخذلوه، ورووا عنه دون أن يكذبوه، فرضي الله عنهم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
مجلة التوحيد [ متابعات]
2003/01/08
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلي العقيدة
الملل النحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية
(/ 10)
عودة أبو حامد الغزالي إلي السنة
الغزالي محطة من محطات الفكر الصوفي، قد أرسى قواعد التصوف وعلومه في كتبه، لا سيما كتابه "إحياء علوم الدين" ... وبما أن الغزالي حجة الإسلام كما يقال، فقد أصبح للتصوف حجة عند المتصوفة، وهذا مشعر باعتقاد الصوفية العصمة في الغزالي، وكتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم هما حجة الإسلام؛ إذ الغزالي من البشر، وقد عودنا آن نستغفر الله عند خواتم العديد من كتبه من كل زلل او خطأ ظنه صوابا
إن حياة الغزالي العلمية مرت على مراحل متعددة.
فقد خاض الفلسفة، ثم رجع عنها، ورد عليها.
وخاض بعد ذلك الكلام، وأتقن أصوله ومقدماته، ثم رجع عنه بعد أن ظهر له فساده.
وبعد إعراضه عن الكلام وذمه إياه سلك مسلك الباطنية، وأخذ بعلومهم، ثم رجع عن ذلك، وأظهر بطلان عقائد الباطنية وتلاعبهم بالنصوص.
ومثل هذا في التصوف، ذاك الصنف الرابع والأخير الذي رامه منقذا من الضلال.
بهذه السطور بدأ أبو عبيدة عبدالرحمن دمشقية كتابه القيم [أبو حامد الغزالي عقيدته وتصوفه] .. ثم بدأ يغوص ويسبر عقيدة وتصوف أبو حامد - رحمه الله- .. ولعدم التكرار أحيلك عليه ..
لقد عاصر الغزالي زمنا كثرت فيه الآراء والمذاهب والفرق، وكان من أبرز ما عاصره آنذاك:
علم ​​الكلام والفلسفة والباطنية والتصوف، هذا الرباعي الذي يشطح بصاحبه بعيدا عن الهدي النبوي .. وقد عكف الغزالي - كما أسلفنا- على دراسة كل واحدة منها.
وهذه العلوم على اختلافها وتداخلها في عقله أحدثت عنده شكا في كل العلوم.
(/ 2)
وهذا الخليط جعله مضطربا في باب الاعتقاد .. ومازال حائرا .. حتى وفقه الله للرجوع إلى الحق في كثير من المسائل ..
فهو من أبرز الراجعين عن منهج التأويل: ويمتاز بأنه يكثر من نقد علم الكلام وأهله حتى وهو في أعمق مراحل التصوف، غير أنه قبيل موته - وفقه الله- ليعلن استنكاره الشديد لطريق التأويل وعلم الكلام وأنه بدعة مذمومة ومخالفة للسلف. ووصف التأويل بصفته اللائقة به (التعطيل) وأفتى بحرمة خوض العلماء والوعاظ في التأويل، حكاه عنه المرتضى الزبيدي. وأوضح أن (علاج وهم التشبيه) أسهل من علاج التعطيل، إذ لا يكفي أن يقال مع هذه الظواهر {ليس كمثله شيء}.
أنظر إلجام العوام عن علم الكلام 96 و 107 و 108 ط الجندي، وأنظر إتحاف السادة المتقين 2/83.
يقول الجامي - رحمه الله-: (وللإمام الغزالي مؤلفات كثيرة في مختلف العلوم، ومما يتصل ببحثنا هذا من مؤلفاته كتاب اللطيف (إلجام العوام عن علم الكلام) الذي أشاد فيه [كما سبق] بمذهب السلف وتحدث عن حقيقته مبينا أنه هو الحق وأن من خالف السلف فهو مبتدع لأنه مذهب الصحابة والتابعين، وقد أخذ من الرسول عليه الصلاة والسلام مباشرة، فكل خير في إتباعهم وكل شر في الابتداع بعدهم، وقد تحدث فيه بإسهاب عن مذهب السلف وحقيقة مذهب السلف هو الإتباع دون الابتداع.
وللغزالي رسالة سماها (بغية المريد في رسائل التوحيد) وهي جملة رسائل مفيدة وجليلة ومشتملة على الكثير من المعاني اللطيفة وما يجب على المخلوق للخالق جل شأنه وعلى ما يجب معرفته على كل إنسان من علم التوحيد.
وقد تحدث فيها عن تنزيه الخالق وأنه لا يشبهه شيء ولا يشبه شيئا وكل ما خطر بالبال والوهم والخيال من التكييف والتمثيل فإنه سبحانه منزه عن ذلك.
(/ 3)
وقد نص في هذه الرسالة على نفي شبه خطرة وهي: ما قد يتوهمه بعض الناس من أن إثبات الاستواء على العرش يلزم منه أن العرش يحمل الرب سبحانه وتعالى الله عما زعموا علوا كبيرا، وهو من جملة الأخطاء التي يتورط فيها أولئك الذين لا يكادون يفهمون صفات الله سبحانه وتعالى إلا كما يفهمون صفات خلقه من التحديد والإحاطة بالحقائق.
وفي نفي هذا الوهم يقول الإمام الغزالي: "وليس العرش بحامل له سبحانه؛ بل العرش وحملته يحملون لطفه وقدرته، وأنه تقدس عن الحاجة إلى مكان قبل خلق العرش وبعده، وأنه يتصف بالصفات التي كان عليها في الأزل "
وقال في موضع آخر من الرسالة نفسها: "وهو سبحانه مقدس من صفات المخلوقين، منزه وهو في الدنيا معلوم وفي الآخرة مرئي، كما نعلمه في الدنيا بلا مثل ولا شبه، لأن تلك الرؤية لا تشابه رؤية الدنيا {ليس كمثله شيء} [بغية المريد في رسائل التوحيد]) انتهى كلامه رحمه الله كما في [الصفات الإلهية في الكتاب والسنة النبوية في ضوء الإثبات والتنزيه] ص166-167.
والإمام الغزالي - في الحقيقة- لم يسلم من الاضطراب نظرا لتأثره لخوضه الفلسفة .. ولكن كلامه في الإلجام وبغية المريد جيد بالجملة في زاوية نقد التأويل وتسميته له بالتعطيل.
وكذلك التصوف فلم تكن آرائه في آخر مراحل حياته مطابقة تماما لما كان عليه في المراحل الأولى والمتوسطة، والدليل قوله "الحق مذهب السلف، وأن من خالفهم في ذلك هو مبتدع" إلجام العوام ص 62.
لكنها مراحل يبدو فيها عدم الثبات وكثرة التقلب وعم الوضوح حتى في آخر مراحل حياته .. لكنه روي أنه أقبل في أواخر عمره على الأحاديث الصحاح، فاتخذ لنفسه معلمين يحفظ عليهما الصحيحين، وكان يسمع في آخر حياته صحيح البخاري من أبي سهل محمد عبدالله الحفصي، وسنن أبي داود من القاضي أبي الفتح الحاكمي الطوسي. انظر طبقات السبكي 4/110.
(/ 4)
ويحكي تلميذه - عبدالغافر الفارسي- آخر مراحل حياته قائلا: (وكانت خاتمة أمره إقباله على حديث المصطفى ومجالسة أهله ومطالعة الصحيحين اللذين هما حجة الإسلام ولو عاش لسبق الكل في ذلك الفن بيسير من الأيام)
قال ابن كثير: (ثم عاد إلى بلده طوس فأقام بها ، وابتنى رباطا، واتخذ دارا حسنا، وغرس فيها بستانا أنيقا، وأقبل على تلاوة القرآن وحفظ الأحاديث الصحيحة ... ويقال إنه مال في آخر عمره إلى سماع الحديث والتحفيظ للصحيحين) البداية والنهاية 12/174.
فعسى أن يكون كذلك .. شتان بين مذهب الهذيان .. من فلسفة اليونان .. وخوض علم الكلام .. وباطنية يحبها الشيطان .. وصوفية تبعد عن الهدى والقرآن .. وبين مذهب أهل الحديث .. والبعد عن التأويل والتحريف .. والعيش بين الكتاب والسنة.
فرحمه الله رحمة واسعة .. هذا هو الحجة .. على من يصمه بالحجة .. فالإتباع سيد المقام .. وقاطع الكلام .. وجامع الشمل على سنة نبي الأنام .. عليه الصلاة والسلام.
أعده
المنهج - شبكة الدفاع عن السنة
العائدون
العائدون إلي العقيدة
موقع صحوة الشيعة
موقع مهتدون
الملل النحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية
(/ 5)
غلو في فهم التوحيد !!!
أ.د. جعفر شيخ إدريس
عبادة الله وحده لا شريك له هي لب لباب رسالة الإسلام من لدن نوح عليه السلام إلي محمد صلى الله عليه سلم، فلا نجاة لأحد لا يحقق هذا التوحيد فيأتي الله بقلب سليم من أمراض الشرك. (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء). هذه حقيقة لا شك فيها. والحقيقة الثانية -وهي حقيقة محزنة- هي أن جماهير كبيرة من المنتسبين إلى الإسلام لم تعد تحقق هذا التوحيد، فلا بل من دعوتهم إلى هذا الأصل الأصيل قبل دعوتهم إلى فروع العبادات ومكارم الأخلاق واجتناب المحرمات. لكن بعض إخواننا -عفا الله عنهم- غلو في تعظيم التوحيد غلوا يكاد يجعلهم يهونون من شأن شرائع الإسلام الأخرى، ويكاد يغري المستمع إليهم بالأمن والنجاة ما دام قد حقق كلمة التوحيد مهما ارتكب بعد ذلك من ذنوب. وهذا خطأ عظيم. نعم إن أمور الحلال والحرام العملية أقل شأنا من التوحيد، لكنها هي في نفسها عظيمة، وهي كلها مرتبطة بالعقيدة أوثق رباط.
فالإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. والانغماس في شهوات الخمر والميسر والزنا وأكل الربا، واتباع النفس هواها في ظلم العباد وأكل أموال الناس بالباطل وبخسهم أشياءهم، كل هذا ذو تأثير عظيم على التوحيد مهما كان في بداية الأمر قويا وخالصا.
وإذا كان الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فكيف يأمن من يظل إيمانه في نقص مستمر؟ والذنوب من شأنها أن تحدث في النفس غفلة يقسو بها القلب قسوة قد تزيل عنه حقيقة الإيمان. (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتو الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون) [الحديد: 16] والمعروف أن الشهوات تفتح باب الشبهات فينتقل صاحبها من ارتكاب المحرمات إلى حبها ثم الضيق بالتشريع الذي حرمها، والميل إلى شبهات الذين يكرهون تحريمها من شياطين الإنس والجن:
(/ 1)
(إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم. ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم. فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم. ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم) [محمد: 25-27]
وعن عبد الله بن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره:
لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين. أخرجه مسلم
إن التوحيد ليس مجرد قناعة فكرية، وما هو بمجرد استقامة لغوية، وإنما هو حال وعمل قلبي يحتاج إلى رعاية دائمة وغذاء مستمر وهو إنما يتغذى بالاجتهاد في الطاعات واجتناب المحرمات.
اللهم أدم علينا نعمة الإيمان بك ووفقنا لطاعتك واجتناب مساخطك والغفلة عن ذكرك.
- -------------
المصدر: مجلة منار السبيل
السنة الرابعة، العدد الثاني، جمادى الآخرة 1416 ه، الموافق نوفمبر 1995 م
نقله أبو عمر المنهجي - شبكة الدفاع عن السنة
(/ 2)
فتوى ابن قدامة في الصوفية
ذم ما عليه مدعو التصوف من الغناء، والرقص، وضرب الدف، وسماع المزامير، ورفع الأصوات المنكرة بمآ يسمونه ذكرا وتهليلا بدعوى إنهآ من أنوع القرب إلي الله تعالى
الحمد لله وصلي الله على محمد آله سلم ..
ما تقول السادة الفقهاء - أحسن الله توفيقهم - فيمن يسمع الدف والشبابة والغناء ويتواجد (1)، حتى إنه يرقص. هل يحل ذلك أم لا؟ مع اعتقاده أنه محب لله، وأن سماعه وتواجده ورقصه في الله؟.
وفي أي حال يحل الضرب بالدف؟ هل هو مطلق؟ أو في حالة مخصوصة؟.
وهل يحل سماع الشعر بالألحان في الأماكن الشريفة، مثل المساجد وغيرها؟
أفتونا مأجورين، رحمكم الله.
(/ 2)
قال الشيخ الإمام العالم الأوحد شيخ الإسلام، موفق الدين، أبو عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي رضي الله عنه: الجواب وبالله التوفيق: أن فاعل هذا مخطئ ساقط المروءة، والدائم على هذا الفعل مردود الشهادة في الشرع، غير مقبول القول: ومقتضى هذا: أنه لا تقبل روايته لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شهادته برؤية هلال رمضان، ولا أخباره الدينية. وأما اعتقاده محبة الله عز وجل، فإنه يمكن أن يكون محبا لله سبحانه، مطيعا له في غير هذا، ويجوز أن يكون له معاملة مع الله سبحانه، وأعمال صالحة في غير هذا المقام. وأما هذا فمعصية ولعب، ذمه الله تعالى ورسوله، وكرهه أهل العلم، وسموه: بدعة، ونهوا عن فعله، ولا يتقرب إلى الله سبحانه بمعاصيه، ولا يطاع بارتكاب مناهيه، ومن جعل وسيلته الى الله سبحانه معصيته، كان حظه الطرد والإبعاد، ومن اتخذ اللهو واللعب دينا، كان كمن سعى في الأرض الفساد، ومن طلب الوصول إلى الله سبحانه من غير طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته فهو بعيد من الوصول إلى المراد.
(/ 3)
وقد روى أبو بكر الأثرم قال: سمعت أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - يقول: "التغبير محدث" (2) وقال أبو الحارث: سألت أبا عبد الله عن التغبير وقلت: إنه ترق عليه القلوب. فقال: "هو بدعة" وروى غيره أنه كرهه، ونهى عن إسماعه. وقال الحسن بن عبد العزيز الجروي: سمعت الشافعي محمد بن إدريس يقول: "تركت بالعراق شيئا يقال له التغبير، أحدثته الزنادقة، يصدون الناس به عن القرآن". وقال يزيد بن هارون: "ما يغبر إلا فاسق، ومتى كان التغبير؟". وقال عبد الله بن داود: "أرى أن يضرب صاحب التغبير". والتغبير: اسم لهذا السماع، وقد كرهه الأئمة كما ترى. ولم ينضم إليه هذه المكروهات من الدفوف والشبابات، فكيف به إذا انضمت إليه واتخذوه دينا؟ فما أشبههم بالذين عابهم الله تعالى بقوله: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية} قيل المكاء التصفير، والتصدية: التصفيق. وقال الله سبحانه لنبيه: {وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا}.
(/ 4)
ومن المعلوم أن الطريق الى الله سبحانه إنما تعلم من جهة الله تعالى بواسطة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن الله تعالى رضيه هاديا ومبينا، وبشيرا ونذيرا، وأمر باتباعه، وقرن طاعته بطاعته، ومعصيته بمعصيته، وجعل اتباعه دليلا على محبته، فقال سبحانه: { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا} وقال سبحانه: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم}. ومن المعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان شفيقا على أمته، حريصا على هداهم، رحيما بهم، فما ترك طريقة تهدي إلى الصواب إلا وشرعها لأمته، ودلهم عليها بفعله وقوله، وكان أصحابه عليهم السلام من الحرص على الخير والطاعة، والمسارعة إلى رضوان الله بحيث لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا سابقوا اليها، فما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من صحابته انه سلك هذه الطريقة الرديئة، ولا سهر ليلة في سماع يتقرب به إلى الله سبحانه، ولا قال: من رقص فله من الأجر كذا ، ولا قال: الغناء ينبت الإيمان في القلب، ولا استمع الشبابة فأصغى إليها وحسنها، أو جعل في استماعها وفعلها أجرا. وهذا أمر لا يمكن مكابرته، وإذا صح هذا لزم أن لا يكون قربة إلى الله سبحانه، ولا طريقا موصلا إليه، ووجب أن يكون من شر الأمور، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها" وهذا منها .
وقال عليه الصلاة والسلام: "كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة". وقد سمى الأئمة هذا بدعة بما ذكرناه.
(/ 5)
فأما تفصيل هذه المسموعات من الدف والشبابة وسماع كل واحد منهما منفردا: فإن هذه جميعها من اللعب، فمن جعلها دأبه، أو اشتهر بفعلها أو استماعها، أو قصدها في مواضعها، أو قصد من أجلها فهو ساقط المروءة، ولا تقبل شهادته، ولا يعد من أهل العدالة، وكذلك الرقاص. وأغلظها الشبابة، فإنه قد روي فيها الحديث الذي يرويه سليمان بن موسى عن نافع قال: كنت مع ابن عمر في طريق فسمع صوت زامر يرعى، فعدل عن الطريق وأدخل إصبعيه فى أذنيه ثم قال: يا نافع، هل تسمع؟ هل تسمع؟ قلت: نعم، فمضى ثم قال: يا نافع، هل تسمع؟ قلت: لا، فأخرج يديه من أذنيه، قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل. رواه الخلال في "جامعه" عن عوف بن محمد المصري عن مروان الطاطري عن سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى. ورواه أيضا عن عثمان بن صالح الأنطاكي عن محمود بن خالد عن أبيه عن المطعم بن المقدام عن نافع.
(/ 6)
وسئل أحمد عن هذا الحديث، فقال: يرويه سليمان بن موسى عن نافع عن ابن عمر. وهذا مبالغة من النبي صلى الله عليه وسلم في تحريمه، لسد أذنيه وعدوله عن الطريق ولم يكتف بأحدهما عن الآخر. ولأنها من المزامير، وما بلغنا عن أحد من العلماء الرخصة في المزمار، فهي كالطنبور، بل هي أغلظ؛ فإنه ورد فيها ما لم يرد فيه. وأما الغناء فقد اختلف العلماء فيه. وكان أهل المدينة يرخصون فيه، وخالفهم كثير من أهل العلم، وعابوا قولهم. قال عبد الله بن مسعود: "الغناء ينبت النفاق في القلب". وقال مكحول: "من مات وعنده مغنية لم يصل عليه". وقال معمر: "لو أن رجلا أخذ بقول أهل المدينة في السماع - يعني الغنا - وإتيان النساء في أدبارهن - وبقول أهل مكة في المتعة والصرف، وبقول أهل الكوفة في المسكر، كان شر عباد الله". وسئل مالك بن أنس عما يترخص فيه أهل المدينة من الغناء فقال: "إنما يفعله عندنا الفساق"، وكذلك قال إبراهيم بن المنذر الخزامي. وعلى كل حال فهو مكروه وليس من شأن أهل الدين. فأما فعله في المساجد فلا يجوز، فإن المساجد لم تبن لهذا. ويجب صونها عما هو أدنى منه، فكيف بهذا الذي هو شعار الفساق ومنبت النفاق ؟! وأما الدف فهو أسهل هذه الخصال. وقد أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في النكاح وجاءت الرخصة فيه في غير النكاح أيضا. ولا يتبين لي تحريمه إلا أن يكون الضارب به رجلا يتشبه بالنساء، فيحرم لما فيه من تشبه الرجال بالنساء. أو يضرب به عند الميت، فيكون ذلك إظهارا للسخط بقضاء الله والمحاربة له، فأما إن خلا من ذلك فلست أراه حراما بحال.
(/ 7)
وقد كان أصحاب عبد الله بن مسعود يخرقون الدفوف ويشددون فيها، وذكره أحمد عنهم ولم يذهب إليه؛ لأن السنة وردت بالرخصة فيه، وهي أحق ما اتبع. فقد روي عن عياض بن غنم صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم - وقد شهد عيدا بالأنبار - فقال: ما أراكم تقلسون؟ كانوا يقلسون في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلونه. قال يزيد بن هارون: التقليس: ضرب الدف
قآل أنس بن مالك: مر النبي صلى الله عليه وسلم بجوار من بني نجار وهن يضربن بدف لهن وهن يقلن: نحن جوار من بني النجار وحبذا محمد من جار. فقال: "الله يعلم أني أحبكم". وروي أن امرأة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إني نذرت إن سلمك الله ان أضرب على رأسك بالدف، فقال: "إن كنت نذرت فافعلي وإلا فلا" أو كما جاء. وفي الجملة فإنه وإن رخص فيه للاعب، فإنا نعتقده لعبا ولهوا. فأما من يجعله دينا، ويجعل استماعه واستماع الغناء قربة وطريقا إلى الله سبحانه، فلا يكاد يوصله ذلك إلا إلى سخط الله ومقته وربما انضم إلى ذلك النظر إلى النساء المحرمات أو غلام جميل يسلبه دينه، ويفتن قلبه، ويخالف ربه في قوله سبحانه {وقل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} فكان دليلا على تسامحه في المخالفة لقوله {ويحفظوا فروجهم} ولم يكن ذلك أزكى لهم. ومن ابتلي بمخالفة أول الآية فليبادر إلى العمل بآخرها {وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون}.
(/ 8)
وقد قال بعض التابعين: "ما أنا بأخوف على الشاب الناسك من سبع ضار أكثر من الغلام الأمرد يقعد إليه وقال أبو سهل:" سيكون في هذه الأمة قوم يقال لهم: اللائطون على ثلاثة أصناف: صنف ينظرون، وصنف يصافحون، وصنف يعملون ذلك العمل "وعن الحسن بن ذكوان أنه قال:".. لا تجالسوا أولاد الأغنياء فإن لهم صورا كصور النساء، وهم أشد فتنة من العذارى "ولا ينبغي لأحد ان يغتر بنفسه أو يثق بما يظن في نفسه من صلابة دينه، وقوة إيمانه، فإن من خالف حدود الله تعالى ونظر إلى ما منعه الشرع من النظر إليه، نزعت منه العصمة، ووكل إلى نفسه، وكيف يغتر عاقل بذلك، وقد علم ما ابتلي به داود نبي الله عليه السلام، وهو أعبد البشر، ونبي من أنبياء الله تعالى، يأتيه خير السماء، وتختلف إليه الملائكة بالوحي، ومع ذلك وقع فيما وقع فيه من الذنب بسبب نظرة نظرها وبعض عباد بني إسرائيل عبد الله سبعين عاما ثم نظر الى امرأة فافتتن بها وبرصيصا العابد، كان هلاكه بسبب النظر، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول لعلي عليه السلام.: "لا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى وليست لك الأخرى". وهو من سادات هذه الأمة، ومحله من الدين والعلم والمعرفة بالله تعالى وبحقه وحدوده وحرماته محله، فمن أنت ايها المغرور الجاهل بنفسه؟ انظر أين أنت من هؤلاء المذكورين، وقد روى أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تركت فتنة بعدي أضر على الرجال من النساء" وجاء في الأثر: "إن النظرة سهم مسموم من سهام إبليس". وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "العينان تزنيان وزناهما النظر" وقال الفضيل بن عياض: "الغناء رقية الزنى"، فإذا اجتمعت رقية الزنى وداعيته ورائده فقد استكملت أسبابه. وقد روي عن عمر بن عبد العزيز انه قال: "إنه بلغني عن الثقات من حملة العلم أن حضور المعازف واستماع الأغاني واللهج بها ينبت
(/ 9)
النفاق في القلب كما ينبت العشب الماء ".
ولعمري لتوقي ذلك بترك حضور تلك المواطن أيسر على ذي الذهن من الثبوت على الإيمان مما ينبت النفاق في قلبه، وهو حين يفارقها لا يعتقد احتواء أذنيه على شيء مما ينتفع به. فمن أحب النجاة غدا، والمصاحبة لأئمة الهدى، والسلامة من طريق الردى، فعليه بكتاب الله فليعمل بما فيه، وليتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته فلينظر ما كانوا عليه، فلا يعدوه بقول ولا فعل، وليجعل عبادته واجتهاده على سننهم، وسلوكه في طريقهم، وهمته في اللحاق بهم، فإن طريقهم هو الصراط المستقيم، الذي علمنا الله سبحانه سؤاله، وجعل صحة صلاتنا موقوفة على الدعاء به فقال سبحانه معلما لنا: {اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} آمين فمن شك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان على الصراط المستقيم فقد مرق من الدين، وخرج من جملة المسلمين، ومن علم ذلك، وصدق ورضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، وعلم أن الله تعالى قد أمرنا باتباع نبيه بقوله سبحانه: {واتبعوه لعلكم تهتدون} وغير ذلك من الآيات.
(/ 10)
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" وقوله عليه الصلاة والسلام: "خير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها". فما باله يلتفت عن طريقه يمينا وشمالا. ينصرف عنها حالا فحالا ويطلب الوصول إلى الله سبحانه من سواها، ويبتغي رضاه فيما عداها. أتراه يجد أهدى منها سبيلا، ويتبع خيرا من رسول الله صلى الله عليه وسلم دليلا؟ كلا، لن يجد سوى سبيل الله سبحانه إلا سبيل الشيطان، ولن يصل من غيرها إلا إلى سخط الرحمن، قال الله تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون}. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خط خطا مستقيما فقال: "هذا سبيل الله" وخط من ورائه خطوطا فقال: "هذه سبل الشيطان، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه، من أجابهم اليها قذفوه في النار" أو كما جاء الخبر.
فأخبر أن ما سوى سبيل الله هي سبل الشيطان، من سلكها قذف في النار، وسبيل الله التي مضى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولياؤه والسابقون الأولون، واتبعهم فيها التابعون بإحسان الى يوم الدين {رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم}، فمن سلكها سعد، ومن تركها بعد. وطريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته وأخلاقه وسيرته وما كان عليه في عبادته وأحواله مشهور بين أهل العلم، ظاهر لمن أحب الاقتداء به واتباعه، وسلوك منهجه، والحق واضح لمن أراد الله هدايته وسلامته و {من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا}
(/ 11)
ثبتنا الله وإياكم على صراطه المستقيم، وجعلنا وإياكم ممن يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم، خالدين فيها أبدا إن الله عنده أجر عظيم.
فيا أيها الآدمي المسكين المخلوق لأمر عظيم، الذي خلقت من أجله الجحيم وجنات النعيم، إذا أنت أصغيت إلى الملاهي بسمعك، ونظرت إلى محارم الله ببصرك، وأكلت الشبهات بفيك، وأدخلتها إلى بطنك، ورضيت لنفسك برقصك ونقصك، وأذهبت أوقاتك العزيزة في هذه الأحوال الخسيسة، وضيعت عمرك الذي ليست له قيمة، في كسب هذه الخصال الذميمة، وشغلت بدنك المخلوق للعبادة، بما نهى الله عنه عباده، وجلست مجالس البطالين، وعملت أعمال الفاسقين والجاهلين، فسوف تعلم إذا انكشف الغطاء، ونزل القضاء، ماذا يحل بك من الندم يوم ترى منازل السابقين، وأجور العاملين، وأنت مع المخلفين المفرطين، معدود في جملة المبطلين الغافلين، قد زلت بك القدم ، ونزل بك الالم، واشتد بك الندم، فيومئذ لا يرحم من بكى، ولا يسمع من شكى، ولا يقال من ندم، ولا ينجو من عذاب الله إلا من رحم. . أيقظنا الله وإياكم من سنة الغفلة، واستعملنا إياكم لما خلقنا له برحمته
الحمد لله وحده، وصلي الله على سيدنا محمد آله صحبه سلم تسليما كثيرا
تمت الفتيا
(الشبكة الإسلامية)
----------------
هوامش :
(1) الدف: اطار خشبي، مشدود عليه من وجه واحد جلد رقيق. فإذا شد عليه من الوجهين، فهو الطبل. الشبانة المزمار من قصب، وكإنها سميت بذلك لأنها تشب شهوة النفس، أي تثيرها. والتواجد: التمايل من الطرب. واستماعه بمعنى الوجود في المكان من الاغلاط الشائعة - هذه الأيام - ولا وجه لها ويغني عنها لفظ الموجود.
(/ 12)
(2) المغبرة: قوم يغبرون بذكر الله، أي يهللون ويرددون الصوت بالقراءة ونحوها، سموا بذلك لأنهم يرغبون الناس في الغابرة أي الباقية - في زعمهم - والحق آن الترغيب بالآخرة بمآ جاء عن الله رسوله من الوعظ الإرشاد والرقائق المباحة
نقله أبو عمر المنهجي - شبكة الدفاع عن السنة
أرباب الطريقة
منوعات
من كلام الأئمة
كتب عن الصوفية
جولات مع الصوفية
شبهات وردود
صوتيات عن الصوفية
فرق الصوفية
شخصيات تحت المجهر
العائدون إلي العقيدة
الملل النحل
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية
(/ 13)
فتوى ابن قدامة في الصوفية
ذم ما عليه مدعو التصوف من الغناء، والرقص، وضرب الدف، وسماع المزامير، ورفع الأصوات المنكرة بمآ يسمونه ذكرا وتهليلا بدعوى إنهآ من أنوع القرب إلي الله تعالى
الحمد لله وصلي الله على محمد آله سلم ..
ما تقول السادة الفقهاء - أحسن الله توفيقهم - فيمن يسمع الدف والشبابة والغناء ويتواجد (1)، حتى إنه يرقص. هل يحل ذلك أم لا؟ مع اعتقاده أنه محب لله، وأن سماعه وتواجده ورقصه في الله؟.
وفي أي حال يحل الضرب بالدف؟ هل هو مطلق؟ أو في حالة مخصوصة؟.
وهل يحل سماع الشعر بالألحان في الأماكن الشريفة، مثل المساجد وغيرها؟
أفتونا مأجورين، رحمكم الله.
(/ 2)

قال الشيخ الإمام العالم الأوحد شيخ الإسلام، موفق الدين، أبو عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي رضي الله عنه: الجواب وبالله التوفيق: أن فاعل هذا مخطئ ساقط المروءة، والدائم على هذا الفعل مردود الشهادة في الشرع، غير مقبول القول: ومقتضى هذا: أنه لا تقبل روايته لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شهادته برؤية هلال رمضان، ولا أخباره الدينية اما اعتقاده محبة الله عز وجل، فأنه يمكن آن يكون م حبا لله سبحانه، مطيعا له في غير هذا، ويجوز أن يكون له معاملة مع الله سبحانه، وأعمال صالحة في غير هذا المقام. وأما هذا فمعصية ولعب، ذمه الله تعالى ورسوله، وكرهه أهل العلم، وسموه: بدعة، ونهوا عن فعله، ولا يتقرب إلى الله سبحانه بمعاصيه، ولا يطاع بارتكاب مناهيه، ومن جعل وسيلته الى الله سبحانه معصيته، كان حظه الطرد والإبعاد، ومن اتخذ اللهو واللعب دينا، كان كمن سعى في الأرض الفساد، ومن طلب الوصول إلى الله سبحانه من غير طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته فهو بعيد من الوصول إلى المراد. (/ 3) وقد روى أبو بكر الأثرم قال: سمعت أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - يقول: "التغبير محدث" (2) وقال أبو الحارث: سألت أبا عبد الله عن التغبير وقلت: إنه وترق عليه القلوب فأجابته: "هو بدعة" وروى غيره أنه كرهه، ونهى عن إسماعه. وقال الحسن بن عبد العزيز الجروي: سمعت الشافعي محمد بن إدريس يقول: "تركت بالعراق شيئا يقال له التغبير، أحدثته الزنادقة، يصدون الناس به عن القرآن". وقال يزيد بن هارون: "ما يغبر إلا فاسق، ومتى كان التغبير ".؟ قآل عبد  الله بن داود: "أرى أن يضرب صاحب التغبير". والتغبير: اسم لهذا السماع، وقد كرهه الأئمة كما ترى ؟ ولم ينضم إليه هذه المكروهات من الدفوف والشبابات، فكيف به إذآ انضمت إليه واتخذوه دينا فما أشبههم بالذين عابهم الله تعالى بقوله: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية} قيل المكاء التصفير، والتصدية: التصفيق قآل الله سبحانه لنبيه: {وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا                                       . حتى إنه ويرقص هل يحل ذلك أم لا؟ مع اعتقاده أنه محب لله، وأن سماعه وتواجده ورقصه في الله؟ وفي أي حال يحل الضرب بالدف؟ هل هو مطلق؟ أو في حالة مخصوصة؟ وهل يحل سماع الشعر بالألحان في الأماكن الشريفة، مثل المساجد وغيرها؟ أفتونا مأجورين، رحمكم الله. (/ 2) قال الشيخ الإمام العالم الأوحد شيخ الإسلام، موفق الدين، أبو عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي رضي الله عنه: الجواب وبالله التوفيق: أن فاعل هذا مخطئ ساقط المروءة، والدائم على هذا الفعل مردود الشهادة في الشرع، غير مقبول القول: ومقتضى هذا: أنه لا تقبل روايته لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شهادته برؤية هلال رمضان، ولا أخباره الدينية اما اعتقاده محبة الله عز وجل، فإنه يمكن أن يكون محبا لله سبحانه، مطيعا له في غير هذا، ويجوز أن يكون له معاملة مع الله سبحانه، وأعمال صالحة في غير هذا المقام. وأما هذا فمعصية ولعب، ذمه الله تعالى ورسوله، وكرهه أهل العلم، وسموه: بدعة، ونهوا عن فعله، ولا يتقرب إلى الله سبحانه بمعاصيه، ولا يطاع بارتكاب مناهيه، ومن جعل وسيلته الى الله سبحانه معصيته، كان حظه الطرد والإبعاد، ومن اتخذ اللهو واللعب دينا، كان كمن سعى في الأرض الفساد، ومن طلب الوصول إلى الله سبحانه من غير طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته فهو بعيد من الوصول إلى المراد. (/ 3) وقد روى أبو بكر الأثرم قال: سمعت أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - يقول: "التغبير محدث" (2) وقال أبو الحارث: سألت أبا عبد الله عن التغبير وقلت: إنه وترق عليه القلوب فأجابته: "هو بدعة "وروى غيره أنه كرهه، ونهى عن إسماعه. وقال الحسن بن عبد العزيز الجروي: سمعت الشافعي محمد بن إدريس يقول: "تركت بالعراق شيئا يقال له التغبير، أحدثته الزنادقة، يصدون الناس به عن القرآن". وقال يزيد بن هارون: "ما يغبر إلا فاسق، ومتى كان التغبير؟ ". وقال عبد الله بن داود: "أرى أن يضرب صاحب التغبير". والتغبير: اسم لهذا السماع، وقد كرهه الأئمة كمآ ترى ولم ينضم إليه هذة المكروهات من الدفوف والشبابات، فكيف به إذا انضمت إليه واتخذوه ؟ دينا فما أشبههم بالذين عابهم الله تعالى بقوله: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية} قيل المكاء التصفير، والتصدية: التصفيق قآل الله سبحانه لنبيه: {وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا} (/ 4) ومن المعلوم أن الطريق الى الله سبحانه إنما تعلم من جهة الله تعالى بواسطة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن الله تعالى رضيه هاديا ومبينا، وبشيرا ونذيرا، وأمر باتباعه، وقرن طاعته بطاعته، ومعصيته بمعصيته، وجعل اتباعه دليلا على محبته، فقال سبحانه: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا} وقال سبحانه: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم} ومن المعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان شفيقا على أمته، حريصا على هداهم، رحيما بهم، فما ترك طريقة تهدي إلى الصواب إلا وشرعها لأمته، ودلهم عليها بفعله وقوله، وكان أصحابه عليهم السلام من الحرص على الخير والطاعة، والمسارعة إلى رضوان الله بحيث لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا سابقوا اليها، فما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من صحابته انه سلك هذه الطريقة الرديئة، ولا سهر ليلة في سماع يتقرب به إلى الله سبحانه، ولا قال: من رقص فله من الأجر كذا، ولا قال: الغناء ينبت الإيمان في القلب، ولا استمع الشبابة فأصغى إليها وحسنها، أو جعل في استماعها وفعلها أجرا. وهذا أمر لا يمكن مكابرته، وإذا صح هذا لزم أن لا يكون قربة إلى الله سبحانه، ولا طريقا موصلا إليه، ووجب أن يكون من شر الأمور، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها" وهذا منها. وقال عليه الصلاة والسلام: "كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" . وقد سمى الأئمة هذا بدعة بما ذكرناه (/ 5) فأما تفصيل هذه المسموعات من الدف والشبابة وسماع كل واحد منهما منفردا: فإن هذه جميعها من اللعب، فمن جعلها دأبه، أو اشتهر بفعلها أو استماعها، أو قصدها في مواضعها، أو قصد من أجلها فهو ساقط المروءة، ولا تقبل شهادته، ولا يعد من أهل العدالة، وكذلك الرقاص. وأغلظها الشبابة، فإنه قد روي فيها الحديث الذي يرويه سليمان بن موسى عن نافع قال: كنت مع ابن عمر في طريق فسمع صوت زامر يرعى، فعدل عن الطريق وأدخل إصبعيه فى أذنيه ثم قال: يا نافع، هل تسمع؟ هل تسمع؟ قلت: نعم، فمضى ثم قال: يا نافع، هل تسمع؟ قلت: لا، فأخرج يديه من أذنيه، قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه سلم فعل رواه الخلال في "جامعه" عن عوف بن محمد المصري عن مروان الطاطري عن سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى. ورواه أيضا عن عثمان بن صالح الأنطاكي عن محمود بن خالد عن أبيه عن المطعم بن المقدام عن نا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق