الأحد، 13 سبتمبر 2015

الرد على الاءشاعرة=معنى التفويض في اللغة

   التفويض لغة :   »   التسليم وترك المنازعة « ( )
» يُقال : فوّض إليه الأمر تفويضا إذا ردّه إليه ، وجعله الحاكم فيه «  ( ) .

  معنى التفويض في اصطلاح المُفوّضة

    من خلال كتاب » شرح جوهرة التوحيد « تحت قول اللقاني:

وكلُّ نص أوهمَ التشبيها     أوّله أو فوّض ورُمْ تنزيها

    نجد أنّ المفوّضة يقصدون بتفويض نصوص الصفات شيئين :
   الأول : القطع بأنَّ ظاهرها غير مراد .
   والثاني : عدم الخوض في تفسيرها .

وهم يزعمون أنّ هذا هو مذهب السلف في صفات الله  .
   ولكي تتضح لك صورة الأمر جليّة أُعطيك هذا المثال، إذا قلتَ للمفوّض :
 تؤمن بقوله تعالى:  الرحمن علىالعرش استوى  [ طه :5 ] .
ءأمنتم مَن في السماء أن يخسِف بكم الأرض  [ الملك:16] .
 تعرج الملائكة والروح إليه  [ المعارج:4] .
 بل رفعه الله إليه  [ النساء:158 ]
قال لك : نعم .
 ولكنه في حقيقة الأمر يُؤمن بألفاظ مجرّدة عن المعاني ؛ لأنه يقطع بأنّ ظاهرها غير مراد ، ولا يجوز الخوض في تفسيرها .
 ومضمون كلامهم  »  أنه ليس فوق السّماوات ربّ ، ولا على العرش إله ، وأنّ الملائكة لا تعرج إلى الله ، ولا تصعد إليه ، ولا تنزل من عنده ، وأنّ عيسى لم يُرفع إليه ، ومحمد   لم يُعرج به إليه ، وأنّ العباد لا يتوجهون بقلوبهم إلى إله هناك يدعونه ، ويقصدونه ، ولا يرفعون أيديهم من دعائهم إليه « ( )
فلا يكون الله على قولهم شيئاً قائماَ بنفسه موجوداً . ( ).
      » وفي كتاب السنّة لعبد الرحمن بن أبي حاتم عن سعيد بن عامر الضبعي  -  إمام أهل البصرة علما ودينا ، ومن شيوخ الإمام أحمد - أنه ذكر عنده الجهمية ، فقال:  هم شرّ قولا من اليهود والنصارى ، قد أجمع اليهود والنصارى مع المسلمين أنّ الله على العرش . وقالوا هم: ليس على العرش شيء .
 وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم أيضاً في كتاب الردّ على الجهمية : قال عبد الرحمن بن مهدي : أصحاب جهم يعتقدون أنّ الله لم يُكلم موسى ، ويريدون أن يقولوا : ليس في السماء شيء، وأنّ الله ليس على العرش .
أرى أن يُستَتابوا فإنْ تابوا ، وإلا قتلوا .
     وحكى عن عاصم بن علي -  شيخ الإمام أحمد والبخاري -  قال : ناظرت جهمياً فتبيّن من كلامه : أنه لا يؤمن أنّ في السماء ربّا  «  ( ).

    » وقال الإمام الشافعي رحمه الله : ولا تشتغل بالكلام فإنّي قد اطلعت من أهل الكلام على التعطيل « ( ).
     و» عن ابن المبارك : أنّ رجلا قال له : يا أبا عبد الرحمن قد خفتُ الله تعالى من كثرة ما أدعو على
الجهمية . قال : لا تخف ، فإنّهم يزعمون أنّ إلهك الذي في السماء ليس بشيء  «  ( ) .




الظاهر مراد عند السلف

    أخي المسلم الكريم ،
 المفوّض يقطع بأنّ ظاهر نصوص الصفات غير مراد لماذا ؟
  لأنه يعتقد أنّ ظاهرها كفر وضلال ، وهو التشبيه والتمثيل.

    وهذا الظنّ ليس من الحقّ في شيء ؛ لأنّ   الظاهر من النصوص هو : » ما يتبادر منها إلى الذهن من المعاني ، وهو يختلف بحسب السياق ، وما يُضاف إليه الكلام «  ( ).
    والظاهر من نصوص الصفات أنها مما يليق بجلال الله
وعظمته ، ولا تختص بصفة المخلوقين ( ) .
» ومن المعلوم أنّ من أبطل الباطل أن يجعل ظاهر كلام الله تعالى  وكلام رسوله  تشبيهاً وكفراً أو موهماً لذلك «  ( ).

  

     يقول الحافظ ابن رجب الحنبلي في كتابه  » فتح البـاري « :

»… وأمّا طريقة أئمة أهــل الحديث وسلف الأمّة فهي إقرار النصوص وإمرارها كما جاءت ، ونفــي الكيفيّة عنها والتمثيل ...ومن قال الظاهر منها غيــر مـراد، قيل له : الظاهر ظاهران ، ظاهر يليق بالمخلوقين ويختص بهم فهو غير مراد، وظاهر يليق بذي الجلال والإكـرام فهو مراد  ونفيه تعطيل ... وأنه ليس في كتاب الله ولا سنّة رسوله  الصحيحة ما ظاهره كفر أو تشبيه أو مستحيل ، بل كلّ ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله   فإنّه حقّ وصدق يجب اعتقاد ثبوته مع نفي التمثيل عنه «  ( ).

   ويقول الإمام الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله تعالى ـ :
    » وأمّا قوله تعالى   ثمّ استوى على العرش فللناس في هذا المقام مقالات كثيرة جداً، ليس هذا موضع بسطها وإنّما نسلك في هذا المقام مذهب السلف الصالح ، مالك والأوزاعي والثوري والليث بن سعد والشافعي وأحمد وإسحاق بن راهويه وغيرهم من أئمة المسلمين قديما وحديثا ، وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل . والظاهر المتبادر إلى أذهان المشبهين منفي عن الله ؛ فإنّ الله لا يُشبهه شيء من خلقه و ليس كمثله شيء وهو السميع البصير  بل الأمر كما قال الأئمة ، منهم نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري قال: من شبّه الله  بخلقه كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر. وليس فيما وصف الله به نفسه ، ولا رسوله تشبيه فمن أثبت لله تعالى ما وردت به الآيات الصريحة والأخبار الصحيحة على الوجه الذي يليق بجلال الله ، ونفى عن الله تعالى النقائص فقد سلك سبيل الهدى «  ( ) .

     وقال شيخ الإسلام في » الفتوى الحموية«  (ص 63 ) :
 
« واعلم أن من المتأخرين من يقول : مذهب السلف إقرارها على ما جاءت به مع اعتقاد أنّ ظاهرها غير مراد ، وهذا اللفظ مجمل فإنّ قوله ( ظاهرها غير مراد) يحتمل أنه أراد بالظاهر نعوت المخلوقين وصفات المحدثين ، مثل أن يراد بكون الله قِبل وجه المُصلي أنه مستقر في الحائط الذي يُصلي إليه ، وأنّ الله معنا ظاهره أنه إلى جانبنا ونحو ذلك ، فلا شكّ أنّ هذا غير مراد .  ومن قال إنّ مذهب السلف أنّ هذا غير مراد فقد أصاب في المعنى ، لكن الخطأ بإطلاق القول بأن هذا ظاهر الآيات والأحاديث . فإنّ هذا المحال ليس هو الظاهر على ما قد بيّنّاه في غير هذا الموضع ، اللهم إلا أن يكون هذا المعنى الممتنع صار يظهر لبعض الناس ، فيكون القائل لذلك مصيبا بهذا الاعتبار ، معذوراً في هذا الإطلاق ، فإنّ الظهور والبطون قد يختلف باختلاف أحوال الناس ، وهو من الأمور النسبية. وكان أحسن من هذا أن يبيّن – لمن اعتقد أنّ هذا هو الظاهر – أنّ هذا ليس هو الظاهر ، حتى يكون قد أعطى كلام الله وكلام رسوله حقّه لفظا ومعنى . وإن كان الناقل عن السلف أراد بقوله ( الظاهر غير مراد عندهم ) أنّ المعاني التي تظهر من هذه الآيات والأحاديث مما يليق بجلال الله وعظمته ولا تختص بصفة المخلوقين، بل هي واجبة لله أو جائزة عليه جوازاً ذهنياً أو جوازا خارجياً غير مراد . فهذا قد أخطأ فيما نقله عن السلف ، أو تعمّد الكذب «.

% ويقول الإمام محمد الأمين الشنقيطي ـ رحمه الله ـ  ( ) :
  » اعلم …  أنه غلط في هذا خلق لا يحصى كثرة من المتأخرين ، فزعموا أن الظاهر المتبادر السابق إلى الفهم من معنى الاستواء واليد مثلاً : في الآيات القرآنية هو مشابهة صفات الحوادث . وقالوا يجب علينا أن نصرفه عن ظاهره إجماعاً ؛ لأن اعتقاد ظاهره كفر ؛ لأن من شبّه الخالق بالمخلوق فهو كافر ، ولا يخفى على أدنى عاقل أنّ حقيقة معنى هذا القول؛ أنّ الله وصف نفسه في كتابه بما ظاهره المتبادر منه السابق إلى الفهم الكفر بالله والقول فيه  بما لا  يليق به جل وعلا.
    والنبي  الذي قيل له  وأنزلنا إليك الذِكر لتبيّن للناس ما نزل إليهم لم يبين حرفاً واحداً من ذلك مع إجماع من يُعتدّ به من العلماء ، على أنه  لا يجوز في حقّه تأخير البيان عن وقت الحاجة إليه ، وأحرى في العقائد ولا سيّما ما ظاهره المتبادر منه الكفر والضلال المبين حتى جاء هؤلاء الجهلة من المتأخرين ، فزعموا أنّ الله أطلق على نفسه الوصف بما ظاهره المتبادر منه لا يليق، والنبي  كتم أن ذلك الظاهر المتبادر كفر وضلال يجب صرف اللفظ عنه ، وكل هذا من تلقاء أنفسهم من غير اعتماد على  كتاب أو سنّة ، سبحانك هذا بهتان عظيم ! ولا يخفى أنّ هذا القول من أكبر الضلال ومن أعظم الافتراء على الله جل وعلا، ورسوله  ، والحق الذي لا يشكّ فيه أدنى عاقل أن كل وصف وصف الله به نفسه ، أو وصفه به رسوله   ، فظاهره المتبادر منه السابق إلى فهم من في قلبه شيء من الإيمان ، هو التنزيه التام عن مشابهة شيء من صفات الحوادث. فبمجرد إضافة الصفة إليه جل وعلا يتبادر إلى الفهم أنّه لا مناسبة بين تلك الصفة الموصوف بها الخالق، وبين شيء من صفات المخلوقين، وهل ينكر عاقل ، أنّ السابق إلى الفهم المتبادر لكل عاقل : هو منافاة الخالق للمخلوق في ذاته ، وجميع صفاته ، لا والله لا ينكر ذلك إلا مكابر . والجاهل المفتري الذي يزعم أن ظاهر آيات الصفات ، لا يليق بالله ؛ لأنه كفر وتشبيه ، إنما جرّ إليه ذلك تنجيس قلبه ، بقذر التشبيه بين الخالق والمخلوق ، فأداه شؤم التشبيه إلى نفي صفات الله جل وعلا ، وعدم الإيمان بها ، مع أنه جل وعلا، هو الذي وصف بها نفسه ، فكان هذا الجاهل مشبها أولا ، ومعطلا ثانيا . فارتكب ما لا يليق بالله ابتداءً وانتهاءً ، ولو كان قلبه عارفا بالله كما ينبغي، معظما لله كما ينبغي ، طاهرا من أقذار التشبيه ، لكان المتبادر عنده السابق إلى فهمه : أن وصف الله جل وعلا، بالغ من الكمال ، والجلال ما يقطع أوهام علائق المشابهه بينه وبين صفات المخلوقين ، فيكون قلبه مستعداً للإيمان بصفات الكمال ، والجلال الثابتة لله في القرآن والسنّة الصحيحة ، مع التنزيه التام عن مشابهة صفات الخلق على نحو قوله:  ليس كمثله شيء وهو السميع البصير  «  اهـ .

% ويقول العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ   :
  » والواجب في النصوص إجراؤها على ظاهرها بدون تحريف ؛ لقوله تعالى :  وإنه لتنزيل ربّ العالمين ، نزل به الروح الأمين ، على قلبك لتكون من المنذرين ، بلسان عربي مبين 
[ الشعراء:192-195].
وقوله:  إنّا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون 
[ الزخرف:3 ].
وقوله : اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء  [ الأعراف :3] .
 فإذا كان الله تعالى أنزله باللسان العربي من أجل عقله وفهمه، وأمرنا باتباعه ، وجب علينا إجراؤه على ظاهره بمقتضى ذلك اللسان العربي ، إلا أن تمنع منه حقيقة شرعية .
  … ولا يمكن أن يخاطب الله عباده بما يريد منهم خلاف ظاهره بدون بيان كيف وقد قال :  يريد الله  ليبيّن لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم [ النساء :26]
وقال:  يبين الله لكم أن تضلوا  [  النساء: 176] . ويقول عن رسوله :  وأنزلنا إليك الذكر لتبيّن للناس ما نزل إليهم 
 [ النحل: 44] . ويقـول:  وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم
[ الشورى :52 ] . ومن خاطب غيره بما يريد منه خلاف ظاهره بدون بيان فإنه لم يبين له ولم يهده «  ( ) .


السلف يفوضون الكيف ليس المعنى


  يقول تعالى :  كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب  [ ص :29] . ويقول :  أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً  [ النساء :82 ] . ويقول سبحانه :  أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها  [  محمد: 24 ] ، ويقول   : » خيركم من تعلم القرآن وعلمه  » ( ) .
فحثّ الله على تدبّر القرآن كله ولم يستثن شيئاً منه ، ووبّخ من لم يتدبره ، وبين أن الحكمة من إنزاله أن يتدبره الذي أنزل إليهم ويتعظ به أصحاب العقول ، ولولا أن له معنى يعلم بالتدبر  لكان الحثّ على تدبره من لغو القول ، ولكان الاشتغال بتدبره من إضاعة الوقت ، ولفاتت الحكمة من إنزاله ، ولما حسن التوبيخ على تركه .
    والحث على تدبّر القرآن شامل لتدبّر جميع آياته الخبرية العلمية والحكمية العملية ، فكما أننا مأمورون بتدبر آيات  الأحكام لفهم معناها والعمل بمقتضاها، إذ لا يمكن العمل بها بدون فهم معناها ، فكذلك نحن مأمورون بتدبر آيات الأخبار لفهم معناها ، واعتقاد مقتضاها ، والثناء على الله تعالى بها ، إذ لا يمكن اعتقاد ما لم نفهمه ، أو الثناء على الله تعالى به « ( ) .
   ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية  :
» لا يجوز أن يكون الله أنزل كلاماً لا معنى له ، ولا يجوز أن يكون الرسول    وجميع الأمّة لا يعلمون معناه ، كما يقول ذلك من يقوله من المتأخرين ، وهذا القول يجب القطع بأنه خطأ «  ( )  »  فإنهم [ أي السلف ] فسّروا جميع القرآن ، وقال مجاهد: 
عرضت المصحف على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته أقفه عند كل آية وأسأله عنها ، وتلقوا ذلك عن النبي ×  كما قال أبو عبد الرحمن السلمي : حدّثنا الذين كانوا يُقرئوننا القرآن عثمان بن عفان ، وعبدالله بن مسعود وغيرهما ، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي   عشر آيات ، لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ، قالوا فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعاً . وكلام أهل التفسير من الصحابة والتابعين شامل لجميع القرآن إلا ما قد يشكل على بعضهم فيقف فيه ، لا لأنّ أحداً من الناس لا يعلمه ، لكن لأنه هو لم يعلمه «  ( ) .
     »   وأيضاً فالكلام إنما المقصود به الإفهام ، فإذا لم يقصد به ذلك كان عبثاً وباطلاً، والله تعالى قد نزّه نفسه عن فعل الباطل والعبث ، فكيف يقول الباطل والعبث ويتكلم بكلام ينزله على خلقه لا يريد به إفهامهم « ( ).
     ويقول رحمه الله تعالى »  وأما التفويض فمن المعلوم أن الله أمرنا بتدبّر القرآن ، وحضنا على عقله وفهمه فكيف يجوز مع ذلك أن يراد منّا الإعراض عن فهمه ومعرفته وعقله » . إلى أن قال : »  فعلى قول هؤلاء يكون الأنبياء والمرسلون لا يعلمون معاني ما أنزل الله عليهم من هذه النصوص ، ولا الملائكة ، ولا السابقون الأولون ، وحينئذ فيكون ما وصف الله به نفسه في القرآن ، أو كثير مما وصف الله به نفسه لا يعلم الأنبياء معناه، بل يقولون كلاماً لا يعقلون معناه ».
 قال : « ومعلوم أن هذا قدح في القرآن، والأنبياء إذ كان الله أنزل القرآن وأخبر أنه جعله هدى وبيانا للناس ، وأمر الرسول أن يبلغ البلاغ المبين ، وأن يبين للناس ما نزل إليهم ، وأمر بتدبر القرآن وعقله ، ومع هذا فأشرف ما فيه وهو ما أخبر به الرب عن صفاته ، أو عن كونه خالقا لكل شيء وهو بكل شيء عليم ، أو عن كونه أمر ونهى ، ووعد وتوعّد ، أو عمّا أخبر به عن اليوم الآخر لا يعلم أحد معناه فلا يعقل ، ولا يتدبّر ، ولا يكون الرسول بيّن للناس ما نزل إليهم ، ولا بلغ البلاغ المبين ، وعلى هذا التقدير فيقول كل ملحد ومبتدع : الحق في نفس الأمر ما علمته برأيي وعقلي ، وليس في النصوص ما يناقض ذلك ؛ لأن تلك النصوص مشكلة متشابهة ، ولا يعلم أحد معناها وما لا يعلم أحد معناه لا يجوز أن يستدلّ به ، فيبقى هذا الكلام سدا لباب الهدى والبيان من جهة الأنبياء ، وفتحا لباب من يعارضهم ويقول إن الهدى والبيان في طريقنا لا في طريق الأنبياء ؛ لأنّا نحن نعلم ما نقول ونبينه بالأدلة العقلية ، والأنبياء لم يعلموا ما يقولون ، فضلا عن أن يبينوا مرادهم ، فتبين أن قول أهل التفويض الذين يزعمون أنهم متبعون للسنّة والسلف من شر أقوال أهل البدع والإلحاد »  ( ).
      ويقول ابن جرير الطبري ـ رحمه الله ـ :
» فإذ كان تفاضل مراتب البيان ، وتباين درجات الكلام، بما وصفنا قبل – وكان الله تعالى ذِكره وتقدّست أسماؤه ، أحكم الحكماء ، وأحلم الحلماء ، كان معلوماً أن أبين البيان بيانه ، وأفضل الكلام كلامه ، وأن قدرَ فضْل بيانه، جلّ ذكره ، على بيان جميع خلقه ، كفضله على جميع عباده .
     فإذ كان كذلك – وكان غير مبين منّا عن نفسه مَنْ خاطب غيره بما لا يفهمه عنه المخاطب – كان معلوماً أنه غير جائز أن يخاطب جل ذكره أحدا من خلقه إلا بما يفهمه المخاطب ، ولا يرسل إلى أحد منهم رسولا برسالة إلا بلسان وبيان يفهمه المرسل إليه ؛ لأن المخاطب والمرسل إليه ، إن لم يفهم ما خوطب به وأرسل به إليه ، فحاله – قبل الخطاب وقبل مجيء الرسالة إليه وبعده – سواء ، إذ لم يفده الخطابُ والرسالة شيئاً كان به قبل ذلك جاهلا .
 والله جلّ ذكره يتعالى عن أن يخاطب خطاباً أو يرسل رسالة  لا توجب فائدة لمن خوطب أو أرسلت إليه ؛ لأن ذلك فينا من فعل أهل النقص والعبث ، والله تعالى عن ذلك متعال .
 ولذلك قال  جل ثناؤه في محكم تنزيله :
  وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبيّن لهم 
 [ إبراهيم: 4] ، وقال لنبيّه محمد :  وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبيّن لهم الذي اختلفوا فيه وهدىً ورحمة لقوم يؤمنون 
[ النحل: 64] . فغير جائز أن يكون به مهتدياً، من كان بما يُهدى إليه جاهلاً «  ( ) .

ما  هو التأويل الذي لا يعلمه إلا الله
وهل نصوص الصفات من المتشابهات ؟

       قال العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ :
 » والشبهة التي احتج بها أهل التجهيل هي وقف أكثر السلف على ( إلا الله) من قوله تعالى : فأمّا الذين في قلوبهم زيغ فيتّبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كلّ من عند ربّنا 
[ آل عمران : 7 ] .
    وقد بنوا شبهتهم عل مقدمتين :
      الأولى : أن آيات الصفات من المتشابه .
      الثانية : أن التأويل المذكور في الآية : هو صرف اللفظ عن ظاهره إلى المعنى الذي يخالف الظاهر فتكون النتيجة أن لآيات الصفات معنى يخالف ظاهرها لا يعلمه إلا الله .
     
  والرد عليهم من وجوه :
الأول : أن نسألهم ماذا يريدون بالتشابه الذي أطلقوه على آيات الصفات  أيريدون اشتباه المعنى وخفاءه أم يريدون اشتباه الحقيقة وخفاءها ؟
فإن أرادوا المعنى الأول – وهو مرادهم – فليست آيات الصفات منه ؛ لأنها ظاهرة المعنى ، وإن أرادوا المعنى الثاني فآيات الصفات منه ؛ لأنه لا يعلم حقيقتها وكيفيتها إلاّ الله تعالى . وبهذا عرف أنه لا يصحّ إطلاق التشابه على آيات الصفات بل لا بدّ من التفصيل السابق.

الثاني : إن قولهم :إن التأويل المذكور في الآية هو صرف اللفظ عن ظاهره إلى المعنى الذي يُخالف الظاهر غير صحيح ، فإن هذا المعنى للتأويل اصطلاح حادث لم يعرفه العرب والصحابة الذين نزل القرآن بلغتهم وإنما المعروف عندهم أن التأويل يراد به معنيان :
     إمّا التفسير ويكون التأويل على هذا معلوماً لأولي العلم كما قال ابن عباس رضي الله عنهما : أنا من الراسخين في العلم الذين يعلمون تأويله وعليه يحمل وقف كثير من السلف على قوله تعالى :  والراسخون في العلم  من الآية السابقة.
     وإمّا حقيقة الشيء ومآله وعلى هذا يكون تأويل ما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر غير معلوم لنا ؛ لأن ذلك هو الحقيقة والكيفية التي هو عليها وهو مجهول لنا كما قاله مالك وغيره في الاستواء وغيره وعليه يحمل وقف جمهور السلف على قوله تعالى:  وما يعلم تأويله إلاّ الله  من الآية السابقة « ( ) .

الاشتراك في المعنى الكلي

»  ما من شيئين إلا وبينهما قدر مشترك  يشتركان فيه ، وقدر مختص يتميز به كل واحد عن الآخر فيشبهان من وجه ويفترقان من وجه .
     فالحياة ( مثلا ) وصف مشترك بين الخالق والمخلوق قال الله تعالى:  وتوكّل على الحيّ الذي لا يموت  [ الفرقان:58] ، وقال :  يُخرج الحيّ من الميّت ويُخرج الميّت من الحيّ  [الروم:19] ، لكن حياة الخالق تختصّ به فهي حياة كاملة من جميع الوجوه لم تسبق بعدم ولا يلحقها فناء ، بخلاف حياة المخلوق فإنها حياة ناقصة مسبوقة بعدم متلوّة بفناء ، قال الله تعالى  كل من عليها فان ، ويبقى وجه ربّك ذو الجلال
 والإكرام  [ الرحمن:  26-27] .
      فالقدر المشترك ( وهو مطلق الحياة ) كلي لا يختص بأحدهما دون الآخر ، لكن ما يختص به كل واحد ويتميز به لم يقع فيه اشتراك وحينئذٍ لا محذور من الاشتراك في هذا المعنى الكلي ، وإنمّا المحذور أن يجعل أحدهما مشاركاً للآخر فيما يختص به .
      ثم إنّ إرادة ذلك – أعني نفي مطلق التشابه – تستلزم التعطيل المحض ، لأنه إذا نفى عن الله تعالى صفة الوجود ( مثلا ) بحجة أن للمخلوق صفة وجود فإثباتها للخالق يستلزم التشبيه على هذا التقدير ، لزم على نفيه أن يكون الخالق معدوماً، ثم يلزمه على هذا اللازم الفاسد أن يقع في تشبيه آخر وهو تشبيه الخالق بالمعدوم لاشتراكهما في صفة العدم فيلزمه على قاعدته – تشبيهه بالمعدوم – فإن نفى عنه الوجود والعدم ، وقع في تشبيه ثالث أشد وهو تشبيهه بالممتنعات ؛ لأن الوجود والعدم نقيضان يمتنع انتفاؤهما كما يمتنع اجتماعهما « ( ).

ومن خلال هذا البيان يتبين لنا معنى كاف التشبيه في مثل قوله  :
» لا يتوضأ أحدكم فيُحسن وضوءه فيسبغه، ثم يأتي المسجد لا يُريد إلا الصلاة فيه ، إلا تبَشبش الله إليه ، كما يتبشبشُ أهلُ الغائب بطلعته  «  ( ) .

وصيغة التفضيل في مثل قوله   :»» »اللَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ سَقَطَ عَلَى بَعِيرِهِ وَقَدْ أَضَلَّهُ فِي أَرْضِ فَلاةٍ  «    
متفق عليه ، واللفظ للبخاري      .
فيكون الاشتراك في المعنى الكلي دون المعنى المختص.

     ومن ذلك تتجلى لنا فائدة بسط النبي  أصابعه وقبضها، حين قال :
 » يأخذ الله عزّ وجلّ سمواته وأرضيه بيديه فيقول : أنا الله أنا الملك «  رواه مسلم .
    ومما يزيد هذا المعنى وضوحاً أن نصوص الوحي وصفت اليد بالقبض والطيّ والبسط والمسك والهزّ ، وذكرت الأصابع ، واليمين والكفّ .

يقول تعالى  وما قدروا الله حقّ قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامه والسموات مطويات بيمينه [ الزمر:67]

وقال سبحانه  وقالت اليهود يَدُ الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء   [المائدة : 64 ] .

    وقال  » يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه
 ثم يقول : أنا الملك ، أين ملوك الأرض ؟   «          
 رواه البخاري ومسلم.
    وعن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ  قال :

»  جاء حَبرٌ إلى النبي  فقال : يا محمد، أو يا أبا القاسم ،
إنّ الله تعالى يمسك السموات يوم القيامة على إصبع ، والأرضين على إصبع ، والجبال والشجر على إصبع ، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع ،
 ثم يهزُّهنّ فيقول : أنا الملك أنا الملك
فضحك رسول الله  ؛ تعجباً مما قال الحبر تصديقاً له
ثم قرأ   وما قدروا الله حقّ قدره
والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه
سبحانه وتعالى عمّا يشركون   «
رواه البخاري ومسلم.

   وقال  : » إن المقسطين عند الله على منابر من نور على يمين الرحمن عزّ وجلّ وكلتا يديه يمين ، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا «    رواه مسلم .

   وقال  : » ما تصدّق أحد بصدقة من طيّب – ولا يقبل الله إلاّ الطيب – إلا أخذها الرحمن بيمينه وإن كانت تمرة، فتربو في كفّ الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل، كما يُربّي أحدكم فَلوَّهُ أو فَصيله «   رواه مسلم .
     ومن أقرّ بأن لله تعالى يدا ، وأنه يقبضها ويبسطها ويهزّها متى شاء ، وكيف شاء وأنّ له أصابع ، فقد تخلص من التعطيل الذي مشى عليه الجهمية من المفوضة والمؤولة .

     وقد وصف الله تبارك وتعالى وجهه بالجلال والإكرام فقال:ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والإكرم [ الرحمن:27 ]
وأخبر الرسول  أن الله سبحانه لو كشف عن نفسه الحجاب لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ( ) وكان صلى الله عليه وسلم يسأل الله لذة النظر إلى وجهه ( ) .

     فهل يُقال بعد كلّ هذا البيان ، والإيضاح نحن لا نفهم المعنى المراد من الوجه ، واليد .

     وقد أخبر  أنّ الله سبحانه يضع قدمه وفي رواية أخرى رجله في النار فقد ورد في» الصحيحين » عن أبي هريرة مرفوعاً :
»  فأمّا النار فلا تمتليء حتى يضع الله تبارك وتعالى رجله تقول : قط قط ، فهنالك تمتليء ويُزوى بعضها إلى بعض «  .

     وفيهما أيضاً – عن أنس بن مالك مرفوعاً :
» لا تزال جهنّم تقول : هل من مزيد ؟ حتى يضع فيها ربّ العزّة  تبارك وتعالى قدَمَه ، فتقول : قط قط  وعزّتك ، ويُزوى بعضها إلى بعض «   .

     فلاحظ أخي المسلم ، الوضع للقدم ، والبسط لليد ، والجلال والإكرام للوجه ؛ فأين مذهب التفويض من ذلك؟! .

ما دلّ عليه القرآن والسنّة فهو حقّ

      يقول الإمام ابن قدامة المقدسي رحمه الله :

» واعلم أنّ دلالة الألفاظ على المعنى تنحصر في المطابقة والتضمّن واللزوم ، كدلالة لفظ البيت على معنى البيت ، والتضمن كدلالته على السقف ، ودلالة لفظ الإنسان على الجسم ، واللزوم كدلالة لفظ السقف على الحائط إذ ليس جزءاً من السقف لكنه لا ينفكُّ عنه فهو كالرفيق الملازم «  ( ) .

   ويقول العلامة ابن عثيمين  ـ رحمه الله ـ :
» دلالة أسماء الله تعالى على ذاته وصفاته تكون بالمطابقة وبالتضمن وبالالتزام .
     مثال ذلك : ( الخالق ) يدل على ذات الله ، وعلى صفة الخلق بالمطابقة ، ويدل على الذات وحدها ، وعلى صفة الخلق وحدها بالتضمن ، ويدل على صفتي العلم والقدرة بالالتزام .
     ولهذا لمّا ذكر الله خلق السموات والأرض قال : لتعلموا أنّ الله على كل شيء قدير وأنّ الله قد أحاط بكل شيء علما 
 [ الطلاق : 12] ...
     واعلم أنّ اللازم من قول الله تعالى وقول رسوله
 إذا صحّ أن يكون لازما فهو حقّ وذلك ؛ لأن كلام الله ورسوله حقّ ، ولازم الحقّ حقّ ؛ ولأن الله تعالى عالم بما يكون لازما من كلامه ، وكلام رسوله فيكون مراداً « ( ) .

    ويقول الإمام عبد الرحمن السعدي :
       »  الدلالة نوعان : لفظيّة ومعنوية عقلية ، فإن أعطيت اللفظ جميع ما دخل فيه من المعاني فهي دلالة مطابقة ؛ لأن اللفظ طابق المعنى من غير زيادة ولا نقص، وإن أعطيته بعض المعنى فتسمّى دلالة تضمن ؛ لأن المعنى المذكور بعض اللفظ وداخل في ضمنه .
 وأمّا الدلالة المعنوية العقلية فهي خاصة العقل والفكر الصحيح ؛ لأن اللفظ بمجرده لا يدل عليها ، وإنّما ينظر العبد ويتأمّل في المعاني اللازمة لذلك اللفظ الذي لا يتم  معناها بدونه وما يشترط له من الشروط ، وهذا يجري في جميع الأسماء الحسنى ، كلّ واحد منها يدل على الذات وتلك الصفة دلالة مطابقة ، ويدل على الذات وحدها أو على الصفة وحدها دلالة تضمن ، ويدل على الصفة الأخرى اللازمة لتلك المعاني دلالة التزام .
 مثال ذلك ( الرحمن) يدل على الذات وحدها وعلى الرحمة وحدها  دلالة تضمن ، وعلى الأمرين دلالة مطابقة، ويدل على الحياة الكاملة والعلم المحيط والقدرة التامة ونحوها دلالة التزام ؛ لأنه لا توجد الرحمة من دون حياة الراحم وقدرته الموصلة لرحمته للمرحوم وعلمه به وبحاجته  «  ( ).

    ومن خلال هذا الإيضاح ، يتضح لنا أنّ القول بأن الله سبحانه وتعالى فوق السماء بذاته بائن من خلقه ، وأنه يأتي ويجيء بذاته ، وأن له يدين وعينين ذاتيتين حقيقيتين ، ونحو ذلك ، قد دلّ عليه القرآن والسنّة الصحيحة ، وما يدل عليه القرآن والسنّة فهو حقّ .

 ومما يزيد الأمر وضوحاً ما قاله العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله رحمة واسعة – في مقدمته لمختصر العلو (17) :

» ومن هذا العرض يتبين أن هاتين اللفظتين : ( بذاته ) و( بائن ) لم تكونا معروفين في عهد الصحابة  ، ولكن لمّا ابتدع الجهم وأتباعه القول بأن الله في كل مكان، اقتضى ضرورة البيان أن يتلفظ هؤلاء الأئمة الأعلام ، بلفظ ( بائن ) دون أن ينكره أحد منهم .
     ومثل هذا تماما قولهم في القرآن الكريم إنه غير مخلوق، فإن هذه الكلمة لا تعرفها الصحابة أيضا ، وإنما كانوا يقولون فيه : كلام الله تبارك وتعالى ، لا يزيدون على ذلك ، وكان ينبغي الوقوف فيه عند هذا الحد ، لولا قول جهم وأشياعه من المعتزلة : إنه مخلوق ، ولكن إذا نطق هؤلاء بالباطل ، وجب على أهل الحق أن ينطقوا بالحق ولو بتعابير وألفاظ لم تكن معروفة من قبل ، وإلى هذه الحقيقة أشار الإمام أحمد رحمه الله تعالى حين سئل عن الواقفة الذين لا يقولون في القرآن إنه مخلوق أو غير مخلوق  هل لهم رخصة أن يقول الرجل: ( كلام الله ) ثم يسكت؟ قال: ولم يسكت ؟! لولا ما وقع فيه الناس كان يسعه السكوت ، ولكن حيث تكلموا فيما تكلموا ، لأي شيء لا يتكلمون ؟! سمعه أبو داود منه كما في (مسائله) ( ص 263-264 ) «  .
      وقال الشيخ عبدالله الغنيمان في » شرحه لكتاب التوحيد من صحيح البخاري « ( 1/245 ) :
    » وبعض الناس يظن أن إطلاق الذات على الله تعالى كإطلاق الصفات ؛ أي أنه وصف له ، فينكر ذلك بناء على هذا الظن ، ويقول هذا ما ورد ، وليس الأمر كذلك، وإنما المراد التفرقة بين الصفة والموصوف ، وقد تبين مراد الذين يطلقون هذا اللفظ ؛ أنهم يريدون نفس الموصوف وحقيقته ؛ فلا إنكار عليهم في ذلك ؛ كما وضحه كلام شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم «  ( ) .

إبطال نسبة التفويض إلى السلف الصالح

   السلف أجروا نصوص الصفات على ظواهرها ، من غير تشبيه ، ولا تكييف . وعلموا » أن الله تعالى خاطب العباد بما يفهمون من حيث أصل المعنى ، أما الحقيقة والكنه الذي عليه ذلك المعنى فهو مما استأثر الله تعالى بعلمه فيما يتعلق بذاته وصفاته «  ( ) .
        وأما من زعم أن مذهب السلف التفويض فإن ما تواتر عن السلف من إثبات معاني نصوص الصفات يبطل قوله دع الفطرة والعقل السليم

وإليك من كلام السلف ، والأئمة ما يدل على أن مذهبهم، الإيمان بألفاظها ، وفهم معانيها ، على الوجه الذي يليق بجلال الله وجماله وكماله :

%  قال الإمام الحافظ الخطيب البغدادي :
» أمّا الكلام في الصفات فإن ما روى منها في السنن الصحاح مذهب السلف إثباتها وإجراؤها على ظواهرها ونفي الكيفية والتشبيه عنها  «  ( ) .
% وقال شيخ الإسلام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني ( 373-449 هـ ) في كتابه »   عقيدة السلف أصحاب الحديث «  (ص 37 ) :
» وعلماء الأمة وأعيان الأئمة من السلف رحمهم الله لم يختلفوا في أن الله تعالى على عرشه، وعرشه فوق سماواته يثبتون له من ذلك ما أثبته الله تعالى، ويؤمنون به ويصدقون الـربّ جلّ جلاله في خبره ، ويطلقون ما أطلقه سبحانه وتعالى من استوائه على العرش ، ويُمرّونه على ظاهره ويكلون علمه  إلى الله «  .

%  وقال عبد الرحمن بن  أبي حاتم : » سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك ؟
فقالا : أدركنا العلماء في جميع الأمصار – حجازا وعراقا وشاما ويمنا – فكان من مذهبهم : … وأنّ الله عز وجل على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله  بلا كيف ؟ أحاط بكل شيء علماً  ليس كمثله شيء وهو السميع البصير  « ( ) .

%  وقال الإمام الحافظ ابن قدامة المقدسي ( 541-620 هـ) في كتابه » صفة العلو لله الواحد القهّار «  ص 12 :
 » إنّ الله تعالى وصف نفسه بالعلو في السماء ، ووصفه بذلك رسوله محمد خاتم الأنبياء  ، وأجمع على ذلك جميع العلماء من الصحابة الأتقياء ، والأئمة من الفقهاء « .

%  وقال الإمام الحافظ أبو عمر يوسف بن عبدالله بن محمد بن عبدالبر النمري القرطبي ( 368 –463 هـ) في الجزء السابع من كتابه » التمهيد«  ( ص 129) :
  » وفيه دليل [ يعني حديث النزول ] على أن الله   في السماء على العرش من فوق سبع سموات ، كما قالت الجماعة « .
    وفي (ص 145) قال رحمه الله :
  « أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنّة ، والإيمان بها ، وحملها على الحقيقة لا المجاز إلا أنهم لا يكيفون شيئاً من ذلك ، ولا يحدون فيه صفة محصورة . وأمّا أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلها والخوارج ، فكلهم ينكرها ، ولا يحمل شيئاً منها على الحقيقة ، ويزعمون أن من أقرّ بها مشبه ، وهم عند من أثبتها نافون للمعبود ، والحق فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله وسنّة رسوله ، وهم أئمة الجماعة والحمدلله ».

% ويقول الحافظ الكبير إمام الأئمة محمد بن إسحق ابن خزيمة المتوفى سنة 311 في كتابه : » التوحيد وإثبات صفات الربّ «  ص (10) :
   » ( باب ذكر إثبات وجه الله): … فأثبت الله لنفسه وجها وصفه بالجلال والإكرام وحكم لوجهه بالبقاء ونفى الهلاك عنه ، فنحن وجميع علمائنا من أهل الحجاز وتهامة واليمن والعراق والشام ومصر مذهبنا أنا نثبت لله ما أثبته الله لنفسه نقر بذلك بألسنتنا ونصدّق بذلك بقلوبنا من غير أن نشبه وجه خالقنا بوجه أحد من المخلوقين وعزّ ربنا عن أن نشبهه بالمخلوقين وجلّ ربّنا عن مقالة المعطلين وعزّ عن أن يكون عدماً كما قاله المبطلون «  .
% وقال الشيخ الإمام أبو عبد الله عبد الله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي المتوفى سنة 386 في كتابه
    « الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة » :
     » وأجمع المسلمون من الصحابة والتابعين ، وجميع أهل العلم من المؤمنين أن الله تبارك وتعالى على عرشه فوق سماواته بائن من خلقه « ( )  .
% وقال أنس  :
 » فكانت زينب تفخر على أزواج النبي  تقول زوجكن أهليكن وزوّجني الله تعالى من فوق سبع سموات «  ( ) .
%  وقال ابن مسعود  » العرش فوق الماء والله فوق العرش لا يخفى عليه شيء من أعمالكم « ( ) . 
%   ويقول الإمام البخاري في » صحيحه«  » كتاب التوحيد، باب وكان عرشه على الماء ، وهو ربُّ العرش العظيم «  : قال أبو عالية : استوى إلى السماء : ارتفع . وقال مجاهد ، استوى : علا على العرش .
% ويقول إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله :
» ولا نرضى أن يقول : كلام الله ويسكت حتى نقول : إنه غير مخلوق «  ( ) .
%    و» حبس هشام بن عبد الملك رجلا في التجهم فتاب فجيء به إلى هشام ليمتحنه فقال : الحمد لله على التوبة أتشهد أن الله على عرشه بائن من خلقه قال : أشهد أن الله على عرشه ولا أدري ما بائن من خلقه فقال : ردوه إلى الحبس فإنه لم يتب «  ( ) .
%   وقال شيخ الإسلام ابن تيمية
في »  الفتوى الحموية «  (ص 23) : روى أبو بكر البيهقي في
 » الأسماء والصفات «  بإسناد صحيح عن الأوزاعي قال :
      كنّا – والتابعون متوافرون – نقول : إنّ الله - تعالى ذكره – فوق عرشه ، ونؤمن بما وردت به السنّة من الصفات «  .
% وقال رحمه الله أيضا (ص 64 ) :
    » فما يمكن أحداً قط أن ينقل عن واحد من السلف
ما يدل – لا نصاّ ولا ظاهراً – أنهم كانوا يعتقدون أنّ الله ليس فوق العرش ، ولا أن الله ليس له سمع وبصر ويدّ حقيقية ، وقد رأيت هذا المعنى ينتحله بعض من يحكيه عن السلف ويقولون: إن طريقة أهل التأويل هي في الحقيقة طريقة السلف ، بمعنى أن الفريقين اتفقوا على أن هذه الآيات والأحاديث لم تدل على صفات الله سبحانه وتعالى ، ولكن السلف سكتوا عن تأويلها ، والمتأخرون رأوا المصلحة في تأويلها لمسيس الحاجة إلى ذلك ، ويقولون: الفرق أن هؤلاء يعينون المراد بالتأويل ، وأولئك لا يعينون لجواز أن يراد غيره ، وهذا القول على الإطلاق كذب صريح على السلف ، أمّا في كثير من الصفات فقطعاً ، مثل أن الله تعالى فوق العرش ، فإن من تأمل كلام السلف المنقول عنهم الذي لم يحك هنا عشره علم بالاضطرار أن القوم كانوا مصرحين بأن الله فوق العرش حقيقة ، وأنهم ما اعتقدوا خلاف هذا قط ، وكثير منهم صرّح في كثير من الصفات بمثل ذلك .
      والله يعلم أني بعد البحث التام ومطالعة ما أمكن من كلام السلف ما رأيت كلام أحد منهم يدل – لا نصاً ولا ظاهراً ولا بالقرائن – على نفي الصفات الخبرية في نفس الأمر، بل الذي رأيته أن كثيراً من كلامهم يدل – إمّا نصّاً وإمّا ظاهراً – على تقرير جنس هذه الصفات ، ولا أنقل عن كل واحد منهم إثبات كل صفة ، بل الذي رأيته أنهم يثبتون جنسها في الجملة ، وما رأيت أحداً منهم نفاها ، وإنما ينفون التشبيه وينكرون على المشبهة الذين يشبهون الله بخلقه ، مع إنكارهم على من ينفي الصفات أيضاً ، كقول نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري : من شبه الله بخلقه فقد كفر ، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر ، وليس ما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيهاً  «  .

ما هو التشبيه في مفهوم السلف

اعلم  – رعاك الله – أن التشبيه عند السلف هو أن يُقال: يد كيد ، وسمع كسمع .
وأما من رمى من يثبت الصفات الواردة في الكتاب والسنة الصحيحة بالتشبيه ، فهو جهمي معطل .

    قال الإمام الحافظ الترمذي رحمه الله تعالى في » سننه«  تحت » باب ما جاء في فضل الصدقة « من أبواب الزكاة :
   » وقد قال غيرُ واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ونزول الرّب تبـارك  وتعالى كلَّ ليلةِ إلى السماء الدنيا ، قالوا : قد تثبتُ الروايات في هذا ويُؤمًنُ بها ولا يُتَوَهمُ ولا يُقال كيف .    
    هكذا روي عن مالك بن أنس وسفيان بن عيينه وعبدالله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث: أمرّوها بلا(كيف) ، وهكذا قول أهل العلم من أهل السنّة والجماعة.
    وأمّا الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا هذا تشبيه.
    وقد ذكر الله تعالى في غير موضع من كتابه اليدَ والسمعً والبصرَ فتأوّلت الجهمية هذه الآيات وفسّروها على غير ما فسّر أهل العلم وقالوا إنّ الله لم يخلق آدم بيده ، وقالوا إنّما معنى اليد القوّة .
    وقال إسحق بن إبراهيم : إنّما يكون التشبيه إذا قال يدٌ كيدٍ أو مثل يدٍ أو سمع كسمع أو مثل سمع ، فإذا قال سمع كسمع أو مثل سمع فهذا تشبيه .
    وأمّا إذا قال كما قال الله يدٌ وسمعٌ وبصرٌ ولا يقول كيف ولا  يقول مثل سمع ولا كسمع فهذا لا يكون تشبيهاً وهو كما قال الله تبارك وتعالى في كتابه   ليس كمثله شيء وهو السميع البصير  ( ) .

%   وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم سمعت أبي يقول: » علامة الجهمية تسميتهم أهل السنة مشبهة « ( ) .


%  وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في » الفتوى الحموية«  (ص 64 ) :
  » فإنّ الجهمية والمعتزلة إلى اليوم يسمون من أثبت شيئاً من الصفات مشبهاً ، كذباً منهم وافتراء ، حتى إن منهم من غلا ورمى الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم بذلك، حتى قال ثمامة بن الأشرس من رؤساء الجهمية : ثلاثة من الأنبياء مشبهة : موسى حيث قال إن هي إلا فتنتك  [الأعراف:155 ]، وعيسى حيث قــال تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك [المائدة:116]، ومحمد حيث قال [ ينزل ربّنا ] وحتى إن جلّ المعتزلة تُدخل عامة الأئمة – مثل مالك وأصحابه والثوري وأصحابه والأوزاعي وأصحابه والشافعي وأصحابه وأحمد وأصحابه وإسحاق بن راهويه وأبي عبيد وغيرهم – في قسم المشبهة «  .

معنى قول بعض السلف ومن اتبعهم من الأئمة أمرّوها كما جاءت بلا تفسير

يخطئ بعض الناس ، فيظن  أنّ معنى هذا القول تفويض نصوص الصفات بالمعنى ، الذي يزعمه بعض الخلف – وهو القطع بأنّ ظاهرها غير مراد، وعدم الخوض في تفسيرها – وليس الأمر كذلك ؛ لما تواتر عنهم من إثبات معاني تلك النصوص .

     والحق – أخي المسلم – أنهم أرادوا بقولهم :
أمرّوها كما جاءت ، أي: على ظاهرها من غير تحريف ؛ فإنها جاءت ألفاظاً دالة على معاني .
 أمّا قولهم بلا تفسير ، فتارة يقصدون به بلا تفسير الكيف ، وتارة يقصدون به بلا تفسير الجهمية الذي هو التأويل .
     ومن أطلق منهم لفظ التفويض أراد تفويض الكيف، وإليك ما يرشدك إلى ذلك ويكشف لك عن وجه الحقيقة :

% في كتاب »  السنة«  لعبد الله بن أحمد بن حنبل ـ رحمهما الله ـ (ص 70 رقم 349 ) :
» سألت أبي عن قوم يقولون : لما كلم الله موسى لـم يتكلم بصوت فقال أبي: بلى تكلم بصوت هذه الأحاديث نرويها كما جاءت »  .
%   وفي كتاب »  التوحيد ومعرفة أسماء الله  وصفاته« للإمام الحافظ أبي عبدالله محمد بن إسحاق بن منده رحمه الله (310-395 هـ) ( )  » عن الوليد بن مسلم قال:
سألت سفيان الثوري ومالك بن أنس والأوزاعي والليث بن سعد عن هذه الأحاديث التي في الرؤية وأمثالها فقالوا:
    نؤمن بها وتمضي على ما جاءت  ولا نفسرها.اهـ

      هكذا قالوا – رحمهم الله تعالى – مع كونهم يثبتون رؤية الله في الدار الآخرة كما هو معلوم .
%   وقال إمام أهل السنة والجماعة في عصره أبو محمد الحسن بن علي البربهاري المتوفى سنة 329 هـ في كتابه » شرح السنة «  الذي ذكر فيه عقيدة السلف ( ص 83 ) : » فعليك بالتسليم والتصديق والتفويض . لا تفسر شيئاً من هذه بهواك فإن الإيمان بهذا واجب ، فمن فسّر شيئاً من هذا بهواه أو ردّه فهو جهمي «.
 مع قوله هذا قال في الكتاب نفسه (ص92 ) :
»  والإيمان بأن الله تبارك وتعالى هو الذي كلّم موسى بن عمران يوم الطور ، وموسى يسمع من الله الكلام بصوت وقع في مسامعه منه لا من غيره ، فمن قال غير هذا ، فقد كفر بالله العظيم «.
     فأين هذا الاعتقاد من عقيدة التفويض بالمعنى ، الذي ذكره بعض الخلف ، وزعم أنه مذهب السلف ، وما هو بمذهب السلف ، وما ينبغي أن يكون من مذهب السلف .

%   وفي »  سير أعلام النبلاء « للإمام الذهبي (10/505 )
عن العباس الّدوري : سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام – وذكر الباب الذي يُروى فيه الرؤية ، والكرسي موضع القدمين ، وضحك ربّنا ، وأين كان ربّنا – فقال : هذه أحاديث صحاح ، حملها أصحاب الحديث والفقهاء بعضهم عن بعض وهي عندنا حقّ لا نشكُّ فيها ، ولكن إذا قيل : كيف يضحك ؟ وكيف وضع قدمه ؟ قلنا: لا نفسّر هذا، ولا سمعنا أحداً يفسِّره .

     ثم قال الإمام الذهبي  رحمه الله :
  »   قلت: قد فسّر علماء السلف المهمّ من الألفاظ وغير المهم، وما أبقوا ممكناً ، وآيات الصفات وأحاديثها لم يتعرّضوا لتأويلها أصلاً ، وهي أهمّ الدينِ ، فلو كان تأويلها سائغاً أو حتماً ، لبادروا إليه ، فعُلمَ قطعاً أن قراءتها وإمرارها على ما جاءت هو الحقُّ ، لا تفسير لها غير ذلك ، فنؤمن بذلك ، ونسكت اقتداءً بالسلف ، معتقدين أنها صفات لله تعالى ، استأثر الله بعلم حقائقها ، وأنها لا تشبه صفات المخلوقين ، كما أنّ ذاته المقدّسة لا تماثل ذوات المخلوقين ، فالكتاب والسنّة نطق بها ، والرسول  بلغ ، وما تعرّض لتأويل، مع كون الباري قال :  لتبين للناس ما نُزّل إليهم 
 [النحل :44 ] ، فعلينا الإيمان والتسليم للنصوص ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم « .
   وقال الإمام الذهبي – أيضاً – في »  السير«  (19/449) :
»  قلت:
قد صار الظاهر اليوم ظاهرين :
أحدهما حق ، والثاني باطل 
فالحق أن يقول : إنه سميع بصير ، مريد متكلم، حيٌّ عليم ، كل شيء هالك إلاّ وجهه ، خلق آدم بيده ، وكلّم موسى تكليما ، واتخذ إبراهيم خليلا ، وأمثال ذلك ، فنمرّهُ على ما جاء ، ونفهم منه دلالة الخطاب كما يليق به تعالى ، ولا نقول : له تأويل يخالف ذلك .
     والظاهر الآخر وهو الباطل ، والضلال :
أن تعتقد قياس الغائب على الشاهد ، وتمثل البارئ بخلقه ، تعالى الله عن ذلك ، بل صفاته كذاته ، فلا عِدْلَ له ، ولا ضدَّ له ، ولا نظير له ، ولا مثل له ، ولا شبيه له ، وليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ، وهذا أمر يستوي فيه الفقيه والعاميّ ، والله أعلم «  .

%  وقال شيخ الإسلام في» الفتوى الحموية « (24-25) :

» وروى الخلال بإسناد كلهم أئمة ثقات عن سفيان بن عيينه قال : سئل ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن قوله  الرحمن على العرش استوى  كيف استوى؟ قال : الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، ومن الله الرسالة ، وعلى الرسول البلاغ المبين ، وعلينا التصديق. وهذا الكلام مروي عن مالك بن أنس تلميذ ربيعة بن أبي عبدالرحمن من غير وجه  ومنها ما رواه أبو الشيخ الأصبهاني وأبو بكر البيهقي عن يحيى قال : كنّا عند مالك بن أنس ، فجاء رجل فقال : يا أبا عبدالله  الرحمن على العرش استوى  كيف استوى ؟ فأطرق مالك برأسه حتى علاه الرُحَضَاء ( ) ثم قال : الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول  والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وما أراك إلاّ مبتدعاً . فأمر به أن يخرج .
     فقول ربيعة ومالك ( الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والإيمان به واجب ) موافق لقول الباقين (أمروها  كما جاءت بلا كيف ) فإنما نفوا علم الكيفية ولم ينفوا حقيقة الصفة ، ولو كان القوم قد آمنوا باللفظ المجرّد من غير فهم لمعناه على ما يليق بالله لما قالوا
(الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ) ولما قالوا ( أمروها  كما جاءت بلا كيف ) فإن الاستواء حينئذ لا يكون معلوماً بل مجهول بمنزلة حروف المعجم ، وأيضاً فإنه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا لم يفهم عن اللفظ معنى، إنما يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا أثبتت الصفات، وأيضاً فإن من ينفي الصفات الجزئية – أو الصفات مطلقاً – لا يحتاج إلى أن يقول ( بلا كيف ) فمن قال : إن الله ليس على العرش ، لا يحتاج أن يقول : بلا كيف .
     فلو كان مذهب السلف نفي الصفات في  نفس الأمر لما قالوا بلا كيف ، وأيضاً فقولهم (أمروها كما جاءت ) يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه ، فإنها جاءت ألفاظاً دالة على معاني ، فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال أمروا لفظها مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد . أو أمروا لفظها مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة ، وحينئذ تكون قد أمرت كما جاءت ، ولا يقال حينئذ (  بلا كيف ) ، إذ نفي الكيف عمّا ليس بثابت لغو من القول «  .

طريقة السلف هي الأعلم والأحكم
       
    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في » الفتوى الحموية «  (ص6 )
    : » ولا يجوز أيضاً أن يكون الخالفون أعلم من السالفين  كما قد يقوله بعض الأغبياء ممن لا يعرف قدر السلف، بل ولا عرف الله ورسوله والمؤمنين به حقيقة المعرفة المأمور بها ، من أن طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم ، وإن كانت هذه العبارة إذا صدرت من بعض العلماء قد يعني بها معنى صحيحاً ، فإنّ هؤلاء المبتدعين الذين يفضلون طريقة الخلف من المتفلسفة ومن حذا حذوهم على طريقة السلف ، إنما أتوا من حيث ظنّوا أن طريقة السلف هي مجرد الإيمان بألفاظ القرآن والحديث من غير فقه لذلك ، بمنزلة الأميين الذين قال الله فيهم   ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلاّ أماني [ البقرة : 78] وإن طريقة الخلف هي استخراج معاني النصوص المصروفة عن حقائقها بأنواع المجازات وغرائب اللغات ، فهذا الظن الفاسد أوجب تلك المقالات التي مضمونها نبذ الإسلام وراء الظهر .     
   وقد كذبوا على طريقة السلف وضلوا في تصويب طريقة الخلف فجمعوا بين الجهل بطريقة السلف في الكذب عليهم، وبين الجهل والضلال بتصويب طريقة الخلف .
     وسبب ذلك اعتقادهم أنه ليس في نفس الأمر صفة دلت عليها هذه النصوص بالشبهات الفاسدة التي شاركوا فيها إخوانهم من الكافرين  فلمّا اعتقدوا انتفاء الصفات في نفس الأمر – وكان مع ذلك لا بدّ للنصوص من معنى – بقوا مترددين بين الإيمان باللفظ وتفويض المعنى  وهي التي يسمّونها  طريقة السلف ، وبين صرف اللفظ إلى معان بنوع تكلف، وهي التي يسمونها طريقة الخلف، فصار هذا الباطل مركبا من فساد العقل والكفر بالسمع ، فإن النفي إنما اعتمدوا فيه على أمور عقلية ظنوها بينات وهي شبهات ، والسمع حرّفوا فيه الكلام عن مواضعه  فلمّا انبنى أمرهم على هاتين المقدمتين الكفريّتين الكاذبين كانت النتيجة استجهال السابقين الأولين واستبلاههم ، واعتقاد أنهم كانوا قوما أميين بمنزلة الصالحين من العامة لم يتبحّروا في حقائق العلم بالله ولم يتفطنوا لدقائق العلم الإلهي ، وأن الخلف الفضلاء حازوا قصب السبق في هذا كله
«  .
 

الرد على محرفي الاءسماء والصفات)الصوفية الاءشعرية)="باب إرضاء الله (تعالى) نبيه محمداً  في الشفاعة، يوم القيامة مرة بعد أخرى حتى يقر بأنه قد رضي بما قد أعطى في أمته من الشفاعة".
1- (418): حدثنا محمد بن أحمد بن زيد بعبادان، قال: عمرو بن عاصم، قال: حدثنا حرب بن سريج البزار، قال: قلت: لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، جعلت فداك، أرأيت هذه الشفاعة التي يتحدث بها أهل العراق، أحق هي؟ قال: شفاعة ماذا؟ قال: شفاعة محمد ، قال: حق والله، أي والله، لحدثني عمي محمد بن علي ابن الحنفيه، عن علي بن أبي طالب "أن رسول الله  قال: أشفع لأمتي، حتى يناديني ربي، فيقول: أرضيت يا محمد؟، فأقول: رب رضيت" ثم أقبل علي، فقال: إنكم تقولون، معشر أهل العراق: إن أرجى أية في كتاب الله سبحانه وتعالى (عز وجل) قل يا عبادي الذي أسرفوا على أنفسهم –قرأ إلى قوله جميعاً قلت: أنا لنقول ذلك، قال: ولكنا أهل البيت نقول، أن أرجى آية في كتاب الله تعالى: ولسوف يعطيك ربك فترضى.

(60) "باب ذكر البيان أن من قضاء الله (عز وجل)، إخراجهم من أهل النار من أهل التوحيد بالشفاعة، يصيرون فيها فحما يميتهم الله فيها إماتة واحدة، ثم يؤذن بعد ذلك في الشفاعة وصفة إحياء الله إياهم، بعد إخراجهم من النار، وقبل دخولهم الجنة بلفظة عامة مرادها خاص".
1- (419): حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقين قال حدثنا ابن عُلَيَّه.

2- (...): (وحدثنا (أبو) هاشم، زياد بن أبو، قال ثنا إسماعيل) عن سعيد بن يزيد عن أبي نَضْرة، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله : " أما أهل النار الذين هم أهلها، فإنهم لا يموتون، ولا يحيون، ولكن أناس أو كما قال تصيبهم النار، بقدر ذنوبهم –أو كما قال خطإياهم فيميتهم الله إماتة، حتى إذا صاروا فحما، أذن في الشفاعة، فجيء بهم، ضَبَائر، ضَبَائر يلقون في أنهار الجنة، فيقال: يا أهل الجنة! أفيضوا عليهم، قال: فينبتون كما تنبت الحِبَّة في حَمِيل السيل، فقال رجل من القوم: كأن رسول الله  قد كان بالبادية، وقال أبو هاشم: "فينبتوا على أنهار الجنة".
قال أبوبكر: (والصواب ما قاله الدورقي. قال: لنا أبو هاشم قال إسماعيل: الحبّة ما ينبذر من نبت الرجل من الحب فيبقى في الأرض، حتى تصيبه السماء من قابل فينبت.

3- (420): حدثنا أحمد بن عبدة، قال: ثنا محمد بن دينار عن أبي سلمة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ، بمثل حديث أبي هاشم، قال: "ولكن ناس تحطمهم ذنوبهم، فيميتهم الله فيها إماتة قال: فيجئ بهم ضبائر، ضبائر، حتى يلقون على أنهار الجنة فيفيضون عليهم".
قال أبوبكر: غير إني لا أقف، كيف قال أحمد هذه اللفظة فنبتوا أو فينبتوا، لإني خرجته في (التصنيف) في عقب حديث أبي هاشم بمثله.

4- (421): حدثنا محمد بن عبدالأعلى الصنعاني، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا أبو سلمة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله : "أما أهل النار، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ولكن أناسا تصيبهم النار عقوبة بذنوب عملوها، فيمتهم إماتة، حتى إذا كانوا فحماً، أذن في الشفاعة، فيجاء بهم ضبائر، ضبائر، قال: فيلقون على أنهار الجنة، ثم يقال: يا أهل الجنة، أفيضوا عليهم، قال: فيبيتون نبات الحبة تكون في السيل".

5- (...): حدثنا أبو بشر عقبة بن سنان البصري، قال: ثنا غسان بن مضر، عن سعيد بن يزيد، فذكر نحو حديث ابن عليه، وقال: ولكن أقوام أصابتهم النار بخطإياهم أو بذنوبهم، وقال فنبتوا".

6- (422): حدثنا نصر بن علي، قال: أخبرني أبي، قال: ثنا إسماعيل بن مسلم، قال: ثنا أبو المتوكل الناجي، عن أبي سعيدالخدري، عن نبي الله ، قال: يخرج أقوام من النار بعدما احترقوا، فكانوا فحما، يرش عليهم الماء، فينبتون كما تنبت الغُثاء في حَمِيل السيل، ثم يدخلون الجنة"

7- (423): وروى أبو عاصم، أخبرنا ابن جريح، قال: أخبرني أبو الزبير عن أبي سعيد الخدري، أنه سمع النبي  يقول: "يخرج من النار قوم قد احترقوا حتى صاروا كالحمم، ثم يرش عليهم أهل الجنة الماء، فينبتون نبات الغثاء في السيل".

8- (...): حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا أبو عاصم هذا مرسل، أبو الزبير لم يسمع من أبي سعيد شيئاً نعلمه.

9- (424): حدثنا محمد بن بشار، وقال: ثنا عثمان بن عمر، قال: ثنا يزيد بن أبي صالح، عن أنس بن مالك، أن رسول الله  قال: يخرج ناس من النار بعدما كانوا فحما، فيدخلون الجنة، فيقول أهل الحنة: ما هؤلاء؟ فيقال: هؤلاء الجهنميون.
قال أبوبكر: يزيد بن أبي صالح هذا لست أعرفه بعدالة ولا جرح.

(61) "باب ذكر البيان أن هؤلاء الذين ذكروا في هذه الأخبار أنهم يخرجون من النار، فيدخلون الجنة، إنما يخرجون من النار بالشفاعة في خبر ابن عليه، أذن بالشفاعة فجيء بهم".
1- (425): حدثنا بهذا الخبر أيضاً أحمد بن المقدام، قال: ثنا بشر –يعين ابن المفضل قال: ثنا أبومسلمة، عن نضرة عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله : "أما أهل النار الذين هم أهلها، فإنهم لا يموتون، ولا يحيون ولكن أناس أصابتهم النار بذنوبهم، أو قال، بخطاياهم، فأماتهم إماتة حتى إذا كانوا فحماً، أذن في الشفاعة، فيجاء بهم، ضبائر ضبائر، فبثوا على أنهار الجنة، ثم قيل: يا أهل الجنة! أفيضوا عليهم من الماء، فينبتون نبات الحِبَّة تكون في حَمِيل السيل".

2- (426): حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا أبي عدي عن سليمان التيمي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله : أما أهل النار الذين هم أهلها، فلا يموتون، ولا يحيون، وأما من يرد الله بهم الرحمة فتميتهم النار، فيدخل عليهم الشفعاء، فيأخذ الرجل الضبارة فيبثهم في نهر الحياة، أو الحيوان، أو الحياء، أو قال: نهر الجنة، فينبتون نبات الحبَّة في حميل السيل، فقال النبي : أو ما ترون الشجرة، تكون خضراء ثم تكون صفراء، أو قال تكون صفراء، ثم تكون خضراء؟ فقال رجل: كان رسول الله  كان من أهل البادية".

3- (427): حدثنا محمد بن عبدالأعلى، قال: ثنا المعتمر، عن أبيه قال: ثنا أبو نضرة، عن أبي سعيد الخدري، قال: خطبنا رسول الله خطبة أراه ذكر طولها قال: "أما أهل النار الذين هم أهلها، لا يموتون ولا يحيون، وأما ناس يريد الله بهم الرحمة فيميتهم، فيدخل عليهم الشفعاء، فيحمل الرجل منهم الضبارة، فيبثهم، أو قال: فيبثون على نهر الحياة، أو قال: الحيوان، أو نهر الحياء، فيبتون نبات الحبة في حميل السيل، قال: فقال رسول الله : ألم تروا إلى الشجرة تكون خضراء ثم تكون صفراء ثم تكون خضراء، قال: يقول القوم: كأن رسول الله  كان بالبادية".

4- (428): حدثنا عبدالوارث بن عبدالصمد، قال: حدثني أبي، قال: ثنا حبان، يعني ابن علي، قال: ثنا سليمان التيمي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله خطب، فأتى على هذه الآية: أنه من يأت ربه مجرماً فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى. ومن يأته مؤمناً قد عمل الصالحات … يريد الآية كلها، فقال النبي : "أما أهلها (الذين هم أهلها)، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، وأما الذين ليسوا من أهلها، فإن النار تميتهم إماتةً، ثم يقوم الشفعاء فيشفعون، فيجعلون ضبائر، فيؤتى بهم نهر، يقال له: الحيار، أو الحيوان، فيبتون فيه كما تنبت الغثاء في حميل السيل".

(62) "باب ذكر الدليل على أن النبي  إنما أراد بقوله فيصيرون فحماً، أي أبدأنهم خلا صورهم وآثار السجود منهم، أن الله (عز وجل) حرم على النار أكل أثر السجود من أهل التوحيد بالله، فنعوذ به من النار وعذابها".
1- (429): حدثنا محمد بن يحيى، قال: ثنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شعيب –وهو ابن أبي حمزة عن الزهري، قال: أخبرني سعيد بن المسيب، وعطاء بن يزيد الليثي، أن أبا هريرة _ أخبرهما، (أن الناس قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟) فذكر الحديث بطوله وقال: (حتى إذا أراد رحمة من أهل النار. أمر الملائكة أن يخرجوا من كان يعبدالله، فيخرجونهم، ويعرفونهم بآثار السجود وحرم الله على النار أن تأكل أثر السجود، فيخرجون من النار، وقد امتحشوا فيصب عليهم ماء الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد، ويبقى رجل بين الجنة والنار، وهو آخر أهل الجنة دخولا) ثم ذكر باقي الحديث خرجته في كتاب الأهوال.

2- (...): حدثنا محمد بن يحيى، قال: ثنا سلمان بن داود الهاشمي، قال: أخبرنا إبراهيم ابن سعد، عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثي، أن أب هريرة _ أخبره أن الناس قالوا: يا رسول الله.

3- (...): وحدثنا محمد، قال: ثنا عبدالرزاق، قال: أخبرنا معمر عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي هريرة _ قال: قال الناس: يا رسول الله، قال محمد بن يحيى، وساقا جميعاً الحديث بهذا الخبر، غير أنهما ربما اختلفا في اللفظ والشيء، والمعنى واحد.
قال أبوبكر: قدم محمد بن يحيى إسناد عبد الرزاق على إسناد حديث الهاشمي.

4- (430): حدثنا محمد، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله : "إذا خلص المؤمنون من النار، فأمثوا، فما مجادلة أحدكم لصاحبه في الحق، يكون له في الدنيا بأشد من مجادلة المؤمنين لربهم، في إخوانهم الذين أدخلوا النار.
قال: يقولون: ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا، ويصومون معنا ويحجون معنا، فأدخلتهم النار، فيقول: اذهبوا، فأخرجوا من قد عرفتم، فيأتونهم، فيعرفونهم بصورتهم، لا تأكل النار صورهم" فذكر الحديث بطوله، قد خرّجته في غير هذا الموضوع.

5- (431): حدثنا محمد، قال: ثنا جعفر بن عون، عن هشام بن سعد (عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد)، عن النبي  الحديث بطوله، وقال: "فيقول الله لهم: اذهبوا فمن عرفتم صورته، فأخرجوه، وتحرم صورتهم على النار".
قال أبوبكر: قد بينت معنى اللفظة التي في خبر عتبان بن مالك، عن النبي  "أن الله حرم النار على من قال لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله" في موضعه من هذا الكتاب.

(63) "باب ذكر البيان أن من قضى الله إخراجهم من النار، من أهل التوحيد الذين ليسوا بأهل النار، أهل الخلود فيها، يموتون فيها إماتة واحدة، تميتهم النار إماتة ثم يخرجون منها، فيدخلون الجنة، لا أنهم يكونون أحياء يذوقون العذاب، ويألمون من حرِّ النار (حتى) يخرجوا منها".
1- (432): حدثنا أحمد بن عبدة، قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: أخبرنا أبو سلمة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، بمثل حديث أبي هاشم، قال: "ولكن ناس تصيبهم النار بذنوبهم أو قال بخطاياهم قال: هكذا أبو نضرة فيميتهم إماتة، وقال: فيلقون على أنهار الجنة، فيقال لأهل الجنة أفيضوا" وقال: الحِبة بخفض الحاء، ولم يذكر تفسير ابن عليه، الحبة.

2- (433): حدثنا أبو الأشعث، قال: ثنا معتمر، عن أبيه، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد أن نبي الله  قال: "أما أهل النار الذين هم أهلها" فذكر الحديث بتمامه، قال أبوبكر في خبر أبي مسلمة، عن أبي نضرة عن أبي سعيد "حتى إذا كانوا فَحما، أذن لهم في الشفاعة" هذه اللفظة في خبر محمد بن دينار، قال: ثنا أبو مسلمة، حدثنا أحمد بن عبدة، قال: أخبرنا محمد بن دينار، فيه دلالة على أن قوله (عز وجل): ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له أي لمن يأذن الله له الشفاعة ممن يموت في النار، موتة واحدة" ممن ليس من أهلها، أهل الخلود فيها.
قد كنت بينت معنى قوله: ولا يشفعون إلا لمن ارتضى و إلا لمن أذن له في كتاب معاني القرآن في كتاب الأول.

3- (434): فحدثنا محمد بن يحيى، قال: ثنا هَوْذَة بن خليفة عن عوف، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي ، قال: "يخرج ضبارة من النار قد كانوا فحما، فيقال: بثوهم في الجنة، ورشوا عليهم من الماء فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، فقال رجل من القوم: يا رسول الله كأنما كنت من أهل البادية".

4- (435): حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا عوف، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي  قال: "يخرج ضبارة من النار، قد كانوا حميما، قال: بثّوها في الجنة، ورشوا عليهم من الماء، فينبتون كما تنبت الحِبَّة في حَمِيل السيل، فقال رجل من القوم: كإنما كنت من أهل البادية".

5- (436): حدثنا أبو موسى، ومحمد بن بشار، قالا: ثنا سالم بن نوح عن الجُرَيْري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله : "أما أهل النار الذين هم أهل النار، لا يموتون فيها ولا يحيون، وأما الذين يريد الله إخراجهم منها، فتميتهم النار إماتة، حتى يكونوا فحما، ثم يخرجون ضَبَائر، فيلقون على أنهار الجنة، ويرش عليهم من مائها، فينبتون كما تنبت الحِبّة، في حميم السيل".
قال بندار: يعين الحبّة، وقال أبو موسى: فيدخلون الجنة وقالا جميعاً: فيسميهم أهل الجنة الجهنميين فيدعون الله، فيذهب ذلك الاسم عنهم.

6- (437): حدثنا محمد بن بشار، وقال: ثنا عبد الوهاب، قال: ثنا سعيد بن إياس، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: "أما الذين يريد الله إخراجهم من النار، فإنه يميتهم، إماتة حتى يكونوا فحما وأما الذين لا يريد الله أن يخرجهم، فإنهم لا يموتون ولا يحيون ولا يخرجون، أي الذين يريد الله إخراجهم من النار ضبائر من السيل، فيسميهم أهل الجنة الجهنميين". قال: فبلغني في حديث آخر، أنهم يدعون ربهم، فيمحى عنهم ذلك الاسم.
قال أبوبكر: قد كنت أحسب زمانا، أن الاسم لا يقع على مثل هذه اللفظة، كنت أحسب زمانا، أن هذا من الصفات، لا من الأسامي كنت أحسب أن غير جائز أن يقال لأهل المحلة: أن هذا الاسم لهم وإن أهل المدينة، أو أهل قرية كذا، أو أصحاب السجون، إيقاع الاسم على مثل هذا، لأنه محال عندي، في قدر ما أفهم من لغة العرب أن يقال: أهل كذا اسمهم، أهل قرية كذا، أو أهل مدينة كذا، وإن اسم أهل السجون هذه صفات أمكنتهم، والاسم اسم الآدميين كمحمد وأحمد، والحسن والحسين، وغير ذلك، وقد أوقع في هذا الخبر الاسم على الجهنميين، يسمون الجهنميون نسبة لسان العرب وقد كنت أعلمت أصحابي مذ دهر طويل، أن الأسامي إنما وضعت بمعنيين:
أحدهما: للتعريف، ليعرف الفرق بين عبدالله وعبدالرحمن ويعلم من محمد، ومن أحمد، ومن الحسن ومن الحسين، فيفرق بين الاثنين، وبين الجماعة بالأسامي.
(وهذه الأسامي) ليست من أسماء الحقائق وقد يسمى المرء حسنا وهو قبيح، ويسمى محمود وهو مذموم، ويسمى المرء صالح وهو طالح.
والمعنى الثاني، هو أسامي الصفات على الحقائق إذا كان المرء صالحا، فقيل: هذا صالح، فإنما يراد صفته على الحقيقة، كذلك إنما يقال لمحمود المذهب، فلان محمود على هذه الصفة، كذلك يقال للعالم عالم، وللفقيه فقيه، وللزاهد زاهد، هذه أسامي على الحقائق وعلى الصفات.

7- (438): حدثنا أبو عبيد ابن أخي هلال، قال: ثنا فروة بن أبي المغراء قال: ثنا القاسم ابن مالك المزني، عن عبدالرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد بن المغيرة ابن شعبة قال: قال رسول الله : "يخرج قوم من النار، يدخلون الجنة، فيسمون في الجنة الجهنميون، فيسألون الله أن يمحى ذلك الاسم عنهم، فيمحاه عنهم".

(64) "باب ذكر خبر روى عن النبي  في إخراج شاهد أن لا إله إلا الله من النار".
أفْرَقُ أن يسمع به بعض الجهال، فيتوهم أن قائله بلسانه، من غير تصديق قلب، يخرج من النار، جهلاً، وقلة معرفة بدين الله، وأحكامه، ولجهله بأخبار النبي  مختصرها ومتقصاها، وإنا لتوهم بعض الجهال أن شاهد لا إله إلا الله، من غير أن يشهد أن لله رسلاً وكتباً، وجنة، ونارا وبعثا وحسابا، يدخل الجنة، أشد فَرَقاً إذ أكثر أهل زماننا، لا يفهمون هذه الصناعة، ولا يميزون بين الخبر المتقصى وغيره، وربما خفي عليهم الخبر المتقصى. فيحتجون بالخبر المختصر، يترأسون قبل التعلم قد حرموا الصبر على طلب العلم، ولا يصبروا حتى يستحقوا الرئاسة فيبلغووا منازل العلماء.

1- (439): حدثنا أبو حفص عمرو بن علي، والعباس بن عبدالعظيم العنبري، وعمر بن حفص الشيباني، وأبو الأزهر، حوثرة بن محمد قالوا: ثنا حماد بن مَسعدة، قال: ثنا عمران العَمّي، عن الحسن، عن أنس بن مالك عن النبي  قال: "ما زلت أشفع إلى ربي، ويشفعني حتى قلت: أي ربي. شفعني فيمن قال لا إله إلا الله فقال: يا محمد هذه ليست لك ولا لأحد، وعزتي وجلالي ورحمتي لا أدع في النار أحداً، قال: لا إله إلا الله".
هذا حديث عمرو بن علي، وقال عمر بن حفص، فقال: "إنما ذلك لين وعزتي وجلالي ورحمتي، لا أدع في النار عبداً قال لا إله إلا الله" وقال أبو الأزهر عن عمران العمي وقال: "ولا لأحد هي لي، قلا يبقى في النار أحد قال لا إله إلا الله، إلا أهرج منها" وفي خبر حماد بن زيد، عن معبد بن هلال، في آخر الخبر، وفي ذكر الزيادة التي زادها الحسن، عن أنس، عن النبي : "فأقول: أي رب، ائذن لي، فيمن قال لا إله إلا الله قال: فيقال: ليس ذلك لك، ولكن وعزتي وجلالي وكبريائي، وعظمتي، لأخرجن منها من قال لا إله إلا الله".

2- (440): حدثناه أحمد بن عبدة، قال ثنا حماد، قال: ثنا معبد بن هلال العَنَزِيُّ، خرجته بطوله، في باب آخر.
قال أبوبكر: "حتى قلت" يريد أن أقول، وقال العباس يرفعه إلى النبي  قال: "حتى أقول: أي رب –وقال أنا وعزتي وحلمي ورحمتي".

(65) "باب ذكر البيان أن النبي  يشفع للشاهد لله بالتوحيد الموحد لله بلسانه إذا كان مخلصا ومصدقا بذلك بقلبه، لا لمن تكون شهادته بذلك عن تصديق القلب".
1- (441): حدثنا محمد بن عبدالله بن عبدالحكم، قال: ثنا أبي وشعيب، قالا: ثنا الليث، عن يزيد  بن أبي حبيب عن سلم بن أبي الجعد، عن معاوية بن معتب، عن أبي هريرة _ أنه سمعه يقول: "سألت رسول الله  ماذا رد إليك ربك، من الشفاعة، قال: والذي نفس محمد بيده، لقد ظننت أنك أول من يسألني عن ذلك من أمتي لما رأيت من حرصك على العلم، والذي نفسي بيده لما يهمني من القضاء فيهم على أبواب الجنة، أهم عندي من تمام شفاعتي، وشفاعتي لمن شهد أن لا إله إلا الله مخلصا يصدق قلبه لسانه، ولسانه قلبه".

2- (442): حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن وهب قال: أخبرني ابن لهيعة –وأنا أبرا من عهدته عن ابن أبي حبيب، عن أبي الخير، وعن سالم بن (أبي سالم) الجيشاني عن معاوية بن معتب عن أبي هريرة _ أنه سمعه يقول: "سألت رسول الله ، فذكر بمثل حديث الليث، وقال: "والذي نفسي بيده" في كلا الموضعين، وقال: "من تمام شفاعتي لهم، وقال –لمن شهد أن لا إله إلا الله، وإن محمداً رسول الله مخلصاً".
قال أبوبكر: إنما زاد "وأن محمداَ رسول الله" والباقي مثل لفظه.

3- (443): حدثنا يونس في عَقِبِه، قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي سالم، عن ابن معتب عن أبي هريرة _، عن رسول الله  هكذا ثنا بهما يونس، حعل متن الخبر كخبر ابن لهيعة (قال في خبر عمرو بن الحارث بمثله، لولا ذلك، لم أقدم ابن لهيعة على عمرو ابن الحارث ليس ابن لهيعة) رحمه الله من شرطنا ممن يحتج به.
قال أبوبكر: رواية الليث أوقع على القلب من رواية عمرو ابن الحارث إنما الخبر علمى، عن سالم بن أبي سالم كما رواه الليث، لا عن أبي سالم. اللهم إلا أن يكون سالم كنيته أبو سالم أيضاً.

4- (444): حدثنا علي بن حُجْر، قال: ثنا إسماعيل بن جعفر قال: أخبرنا عمرو –وهو ابن أبي  عمرو عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة _ قال: "قلت يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ فقال النبي : لقد ظننت يا أبي هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أولى منك، لما رأيت من حرصك على الحديث أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصا من نفسه".

(66) "باب ذكر خبر دال على حصة ما تأولت على صحة ما تأولت إنما يخرج من النار شاهد أن لا إله إلا الله، إذا كان مصدقا بقلبه بما شهد به لسانه إلا أنه كنى عن التصديق بالقلب بالخير، فعاند بعض أهل الجهل والعناد، وادعى أن ذكر الخير في هذا الخبر ليس بإيمان قلة علم بدين الله وجرأة في تسمية المنافقين مؤمنين".
1-    (445): حدثنا محمد بن يحيى رحمه الله، قال: ثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا شعبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك عن النبي  قال: "يقول الله: أخرجوا من النار من قال لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة. أخرجوا من النار من قال لا إله إلا اله، وفي قلبه من الخير ما يزن من برة، أخرجوا من النار من قال لا إله إلا الله، وفي قلبه من الخير ما يزن دودة، أخرجوا من النار من قال لا إله إلا الله، وفي قلبه من الخير ما يزن ذرة".

2-    (446): حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، قال: ثنا قتادة، عن أنس بن مالك، قال: "أخرجوا من النار من قال لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة" ثم ذكر بمثله ولم يذكر الدودة وقال في كلها: "وكان في قلبه من الخير".

3-    (...): وثنا بندار في عَقِبِه، قال: ثنا أبو داود عن شعبة، عن قتاده عن أنس، عن النبي  بمثل حديث محمد بن جعفر".

4-    (447): حدثنا محمد بن يحيى، قال: ثنا عبدالصمد، قال: ثنا هشام عن قتادة عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله : " يخرج من النار من قال لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن (شعير، ثم يخرج منها من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن) برة، ثم يخرج منها من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرة.

5-    (...): حدثنا محمد بن يحيى، قال: ثنا سعيد بن عامر، عن هشام الدستوائي بهذا الإسناد بمثله.

6-    (447): حدثنا أبو موسى، قال: ثنا ابن أبي عدي عن سعيد، عن قتادة عن أنس، أن النبي  قال: " يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخيرما يزن برة ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرة ".

7-    (448): حدثنا أبو موسى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة قال: ثنا قتادة، عن أنس قال: قال رسول الله  " أخرجوا من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرة، أخرجوا من النار من قال لا إله إلا الله، وكان في قلبه ما يزن شعيرة، أخرجوا من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه ما يزن برة ".

(67) " باب ذكر الأخبار المصرحة عن النبي  أنه قال: إنما يخرج من النار من كان في قلبه في الدنيا إيمان دون من لم يكن في قلبه في الدنيا إيمان ".
ممن كان يقر بلسانه بالتوحيد، خاليا قلبه من الإيمان، مع البيان الواضح أن الناس يتفاضلون في إيمان القلب، ضد قول من زعم من غالية المرجئة أن الإيمان لا يكون في القلب، وخلاف قول من زعم من غير المرجئة أن الناس إنما يتفاضلون في إيمان الجوارح، الذي هو كسب الأبدان، فإنهم زعموا أنهم متساوون في إيمان القلب الذى هو التصديق، وإيمان اللسان الذى هو الإقرار مع البيان أن للنبي  شفاعات يوم القيامة، على ما قد بينت قبل، "لا أن له شفاعة واحدة فقط.

1- (449): حدثنا الربيع بن سليمان، وإبراهيم بن عيسى بن عبدالله، كاتب الحارث بن مسكين، قالا: ثنا ابن وهب، وثنا أحمد بن عبدالرحمن بن وهب، قال: ثنا عمّي، قال: أخبرني مالك، عن عمرو بن يحيى بن عمارة، قال: أخبرني أبي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله : " يدخل أهل الجنة الجنة، يدخل من يشاء برحمته ويدخل أهل النار، النار، ثم يقول: انظروا من وجدتم في قلبه مثقال حبة، من خردل، من إيمان، فأخرجوه قال: فيخرجون منها حمما قد امتحشوا، فيلقون في نهر الحياة أو الحيا، فينبتون كما تنبت الحِبّة أو الحيّة، شك الربيع إلى جانب السيل، قال رسول الله : ألم تروها كيف تخرج صفراء ملتوية.
وقال إبراهيم بن عيسى: " يدخل الله أهل الجنة الجنة، وقال: الحبّة إلى جانب السيل، قال أحمد: الحبة، ولم يشك، وقال ثنا مالك.
قال أبوبكر: هذا الخبر مختصر، حذف منه أول القصة في الشفاعة، لمن أدخل النار، من أهل التوحيد، وذكر آخر القصة، والدليل على صحة ما ذكرت أن الخبر مختصر، خبر زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي  قال: " فيقول الله: انظروا من كان في قلبه زنة دينار من إيمان، أخرجوه " ثم ذكر زنة قيراط، ثم ذكر زنة مثقال حبة خردل، قد خرجت هذا الخبر، في غير هذا الباب، بتمامه.

2- (450): وقد حدثنا أيضاً بصحة ما ذكرت، يوسف بن موسى، قال: ثنا أبو معاوية، قال: ثنا عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان الفارسي، قال: (يأتون النبي : فيقولون: يا نبي الله، أنت الذى فتح الله بك، وختم بك، وغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قم فاشفع لنا إلى ربك فيقول: نعم، أنا صاحبكم فيخرج يحوش النار، حتى ينتهي إلى باب الجنة، فيأخذ بحلقة في الباب من ذهب، فيقرع الباب، فيقال: من هذا؟ فيقال: محمد قال: فيفتح له، قال: فيجئ حتى يقوم بين يدي الله، فيسأذن في السجود، فيؤذن له، قال: فيفتح الله له فيؤذن له فيفتح الله له من الثناء والتحميد، والتمجيد ما لم يفتحه لأحد من الخلائق، فينادى يا محمد! ارفع رأسك وسل، تعطه، ادع يجب، قال: فيرفع رأسه، فيقول: رب أمتي أمتي، ثم يستأذن في السجود فيؤذن له، فيفتح له من الثناء والتحميد والتمجيد، ما لم يفتح لأحد من الخلائق فينادى يا محمد ارفع رأسك، سل تعطه، واشفع تشفع، وادع تجب، قال: يفعل ذلك مرتين أو ثلاثا، فيشفع لمن كان في قلبه حبة من حنطة، أو مثقال شعيرة، أو مثقال حبة من خردل من إيمان) قال سلمان: فذلك المقام المحمود.
قال أبوبكر: وهذا الخبر أتم في قصة إخراج من يخرج من النار، من خبر يحيى بن عمارة، عن أبي سعيد الخدري، لأن في هذا الخبر ذكر مثقال حبة الحنطة، وحبة الشعير، وليس في خبر يحيى بن عمارة، عن أبي سعيد ذكرهما، وخبر عبيدالله بن أبي بكر، عن أنس، فيه أيضاً ذكر الشعير والبرة، وفيه أيضاً ذكر الذرة، لم يذكر فيه حبة الخردل، وهذه الأخبار تدل على صحة مذهبنا، أن الأخبار رويت على (ما) كان يحفظها رواتها، منهم من كان يحفظ بعض الخبر، ومنهم من كان يحفظ الكل، فبعض الأخبار رويت مختصرة، وبعضها متقصاة، فإذا جمع بين المتقصي (من الأخبار) وبين المختصر منها، بان حينئذ العلم والحكم.

3- (451): حدثنا خبر عبيدالله بن أبي بكر الذي ذكرت محمود بن غيلان، قال: ثنا المُؤَمَّل بن إسماعيل، قال: ثنا المبارك بن فضالة، قال: ثنا عبيدالله بن أبي بكر بن أنس، عن جده أنس بن مالك، قال: قال رسول الله : (يقول الله (عز وجل): أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال شعيرة من الإيمان، أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال برة من الإيمان، أخرجوا من النار من قال لا إله إلا الله، أو ذكرني أو خافني في مقام).

4- (452): حدثنا نصر بن مرزوق المصري، ثنا الخُصَيْب –يعني ابن ناصح قال: ثنا المبارك، عن بن أبي بكر، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله  (يخرج من النار) فذكر مثله، وقال في كلها يخرج من النار وقال: (قدر خردلة) مكان ذرة، وقال أخرجوا من النار من ذكرني يوما أو خافني في مقام، لم يذكر في هذا الموضع قول لا إله إلا الله) وروى أبو داود هذا الخبر مختصرا.

5- (453): حدثناه محمد بن رافع، قال: ثنا أبو داود، عن مبارك بن فضالة، وثنا عبدة بن عبدالله الخزاعي، قال: ثنا أبو داود الطيالسي، قال: ثنا مبارك بن فضالة عن عبيدالله بن أبي بكر بن أنس، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله : (يقول الله:اخرجوا من النار من ذكرني يوماً أو خافني في مقام).
 اختصر أبو داود هذا الحديث، ولم يذكر أول المتن، وذكر آخره.

6- (454): أخبرني محمد بن عبدالله بن عبدالحكم، أن أباه وشعيب بن الليث، أخبراه، قالا: أخبرنا الليث، عن ابن الهاد، عن عمرو –وهو ابن أبي عمرو عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله  يقول: (إني لأول الناس، تنشق الأرض عن جمجمته يوم القيامة ولا فخر، وأُعطى لواء الحمد ولا فخر، وأنا سيد النبيين يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول من يدخل الجنة يوم القيامة ولا فخر، سآتي باب الجنة، فيفتحون لي، فسأجد الله (تعالى) فيقول: ارفع رأسك يا محمد، وتكلم، يسمع منك، وقل: يقبل منك، واشفع، تشفع، فأرفع رأسي، فأقول: أمتي أمتي، يا رب، فيقول: اذهب إلى أمتك، فمن وجدت في قلبه مثقال حبة من شعيرة، من إيمان، فأدخله الجنة، فأقبل بمن وجدت في قلبه ذلك، فأدخلهم الجنة، وآتي الجبار، فأسجد له، فيقول: ارفع رأسك يا محمد، وتكلم يسمع منك، وقل، يقبل قولك، واشفع تشفع، فأقول: أمتي، أمتي، فيقول: اذهب إلى أمتك فمن وجدت في قلبه (مثقال نصف حبة، من شعير من الإيمان فأدخله الجنة، فأذهب فمن وجدت مثقال ذلك فأدخله الجنة، قال: فآتي الجبار: فأسجد له فيقول: أمتي، أمتي، أي رب، فيقول: اذهب، فمن وجدت في قلبه مثقال ذلك، فأدخلهم الجنة، وفرغ من الحساب، حساب الناس) ذكر الحديث.

7- (455): حدثنا بهذا الخبر أحمد بن عبدالرحمن بن وهب، قال: ثنا عمي، قال: ثنا عبدالرحمن بن سلمان يعني الحَجْري –عن عمرو بن أبي عمر، عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله ، فذكر بمثله، غير أنه قال: (وأنا سيد النبيين يوم القيامة، ولا فخر، وإني آتي باب الجنة، فآخذ بحلقتها فتقول الملائكة من هذا فأقول أنا محمد فيفتحون لي فأدخل فأجد الجبار تبارك وتعالى مستقبلي، فأسجد له، فيقول: ارفع رأسك يا محمد –فذكر بعض الحديث وقال –فأقبل بمن وجدت في قلبه ذلك، (فإذا الجبار مستقبلي، فأسجد له، فيقول: ارفع رأسك يا محمد –فذكر بعض الحديث وقال فمن وجدت في قلبه ذلك)، فإذا الجبار تبارك وتعالى مستقبلي، فأسجد له –وذكر الحديث إلى قوله وفرغ من حساب الناس، قال: أدخل من بقي من أمتي النار مع أهل النار، فيقول لهم أهل النار: ما أغني عنكم أنكم كنتم تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، فأنتم معنا، فيقول الجبار تبارك وتعالى: فبعزتي لأعتقهم من النار، فيرسل إليهم فيخرجون من النار، وقد امتحشوا، فيدخلون في نهر الجنة فينبتون فيه كما تنبت الحبة في غثاء السيل، ويكتب بين أعينهم هؤلاء عتقاء الله، فيذهب بهم، فيدخلون الجنة فيقال هؤلاء الجهنميون، فيقول الجبار: هؤلاء عتقاء الجبار).
قال أبوبكر: في هذا الخبر، خبر عمرو بن أبي عمرو، عن أنس، ذكر نصف حبة شعير، وليس في شيء من هذه الأخبار هذه اللفظة، وليس في هذا الخبر، ذكر البرة، وجائز أن يكون زنة نصف حبة شعير، زنة حبة حنطة.

8-    (456): حدثنا محمد بن يحيى الذهلي، قال: ثنا الخليل بن عمر قال: ثنا عمر –يعني ابن سعيد الأشج عن سعيد –يعين ابن أبي عروبة عن قتادة، عن أنس قال: قال رسول الله : (يخرج من النار من كان في قلبه ما يزن خردلة، ما يزن برة، ما يزن ذرة من الإيمان)
قال أبوبكر: ليس خبر قتادة عن أنس (أخرجوا من النار من قال لا إله إلا الله، وفي قلبه من الخير ما يزن برة) خلاف هذه الأخبار التي فيها، في قلبه من الإيمان ما يزن كذا، إذ العلم محيط أن الإيمان من الخير لا من الشر، ومن زعم من الغالية المرجئة أن ذكر الخير في هذا الخير ليس بإيمان، كان مكذبا لهذه الأخبار التي فيها، أخرجوا من النار من كان في قلبه من الإيمان كذا، فيلزمهم أن يقولوا: هذه الأخبار كلها غير ثابتة، أو يقولوا: إن الإيمان ليس بإيمان، أو يقولوا: أن الإيمان ليس بخير، وما ليس بخير فهو شر، ولا يقول مسلم: إن الإيمان ليس بخير، فافهمه لا تغالط.

9- (457): حدثنا أحمد بن عبدة، قال: ثنا حماد –يعني ابن زيد قال: ثنا معبد بن هلال العنزي، قال: انطلقنا إلى أنس بن مالك، في زمن الثمرة، ومعنا ثابت البناني، لهذا الحديث، فاستأذن ثابت، فأذن لنا، ودخلنا عليه، وأجلس ثابتاً معه على سريره أو قال على فراشه قال فقلت لأصحابنا لا تسألوه عن شيء إلا عن هذا الحديث، فإنا خرجنا له، قال ثابت: يا أبا حمزة، إن إخوانك من أهل البصره، جاؤك يسألونك عن حديث رسول الله  في الشفاعة، فقال: نعم، حدثنا محمد رسول الله ، قال: (إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم في بعض قال: فيؤتى آدم ‘ فيقال: آدم، اشفع في ذريتك قال: فيقول: لست لها، ولكن عليكم بإبراهيم، فإنه خليل الله، فيؤتى إبراهيم، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بموسى، فإنه كليم الله، فيؤتى موسى، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بعيسى، فإنه روح الله وكلمته، فيؤتى عيسى، فيقول: لست لها ولكن عليكم بممحمد، فأتى، فأقول: أنا لها فأنطلق، فأستأذن على ربي، فيؤذن لي عليه، فأقوم بين يديه، ويلهمني محامد، لا أقدر عليها الآن، فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر ساجداً، فيقال لي: يا محمد ارفع رأسك، وقل، يسمع، وسل، تعطه، واشفع، تشفع فأقول: يا رب أمتي، أمتي، قال: فيقال لي: انطلق فمن كان في قلبه إما إن قال مثقال برة، وإما أن قال: مثقال شعير من الإيمان فأخرجه منها، فأنطلق فأفعل، ثم أعود، فأحمده بتلك المحامد، وأخرّ ساجدا قال: فيقال لي: يا محمد ارفع رأسك، وقل: يسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع، فأقول: يا رب أمتي، أمتي، قال: فيقال لي: انطلق، فمن كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة خردل، من الإيمان، فأخرجه من النار، ثلاث مرّات، فأنطلق، فأفعل، قال معبد: فأقبلنا حتى إذا كنّا بظهر الجبَّان، قلت: لو ملنا إلى الحسن وهو مستخف في منزل أبي خليفة، قال: فدخلنا عليه، فقلنا: يا أبا سعيد، جئنا من عند أخيك أبي حمزة وحدثناه، حتى إذا فرغنا، قال: ما حدثكم إلا بهذا؟ قلنا: ما زادنا على هذا، قال: فقال الحسن: لقد حدثني منذ عشرين سنة، فما أدري أنسي الشيخ، أم كره أن يحدثكم فتتكلوا، قال: فقالوا: يا أبا سعيد، حدّثنا، فضحك، قال: (خلق الآنسان عجولا)، إني لم أذكره إلا وأنا أحدثكموه، كما حثكم منذ عشرين سنة ثم قال: فأقوم الرابعة، فأحمده بتلك المحامد، ثم أخرّ له ساجدا، قال: فيقال لي: ارفع رأسك، وقل، يسمع لك، وسل تعط، واشفع، تشفع، قال: فأرفع رأسي، فيقول ربي اذن لي فيمن قال لا إله إلا الله، قال فيقال: ليس لك ذلك ولكن وعزتي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال لا إله إلا الله".
قال أبوبكر: ليس في هذا الخبر زنه الدينار ولا نصفه وفي آخره زيادة ذكر أدنى من مثقال حبة من خردل.

9-    (458): حدثنا الحسين بن الحسن، قال: ثنا المعتمر بن سليمان عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك، قال: (يلقى الناس يوم القيامة من الحبس ما شاء الله أن يلقوه، فيقولون: انطلقوا بنا إلى آدم، فينطلقون إلى آدم، فيقولون: يا آدم اشفع لنا إلى ربك، فيقول: لست هناك، ولكن انطلقوا إلى خليل الله إبراهيم، فينطلقون إلى إبراهيم فيقولون، يا إبراهيم اشفع لنا إلى ربك، فيقول: لست هناك، ولكن انطلقوا إلى من اصطفاه الله برسالاته، فينطلقون إلى موسى، فيقولون: يا موسى اشفع لنا إلى ربك، فيقول: لست هناك، ولكن انطلقوا إلى من جاء اليوم مغفورا له، ليس عليه ذنب، فينطلقون إلى محمد ، فيقولون: يا محمد اشفع لنا إلى ربك فيقول: أنا لها، وأنا صاحبها، قال: فأنطلق حتى استفتح باب الجنة، قال: فيفتح، فأدخل، وربي (عز وجل) على عرشه فأخر ساجدا، وأحمده بمحامد، لم يحمده بها، أحد قبلي، واحسبه قال: ولا أحد بعدي، فيقال: يا محمد ارفع رأسك وقل، يسمع، وسل، تعطه، واشفع تشفع فأقول: يارب، يارب، فيقول: أخرج من كان في قلبه مثقال شعيرة من الإيمان، قال: فأخّر ساجدا، وأحمده بمحامد، لم يحمدها بها أحد قبلي وأحسبه قال: ولا أحد بعدي فيقال:يا محمد ارفع رأسك وقل، يسمع، وسل، تعطهن، واشفع، تشفع، فأقول: يارب، يارب فيقول: أخرج من النار من كان في قلبه مثقال شعيرة من إيمان قال: فأخر له ساجدا، وأحمده بمحامد لم يحمده بها أحد قبلي، وأحسبه قال: ولا أحد بعدي، فيقال يا محمد ارفع رأسك، وقل، يسمع، وسل، تعطه، واشفع تشفع، فأقول: يا رب، فيقول: أخرج من كان في قلبه أدنى شيء، فيخرج ناس من النار، يقال لهم الجهنميون، وإنه لفي الجنة) فقال له رجل: يا أبا حمزة أسمعت هذا من رسول الله ، قال فتغير وجه واشتدد عليه وقال ليس كل ما نحد ث سمعناه من رسول الله ‘ ولكن لم يكذب بعضنا بعضنا.
قال أبوبكر: ليس في الخبر ذكر عيسى ‘.
قال أبوبكر: لعله يخطر ببال من يسمع هذه الأخبار فيتوهم أن هذه اللفظة، (ليس كل ما نحدث سمعناه من رسول الله ) في عقب هذا الخبر، خلاف خبر معبد بن هلال الذي قال فيه: حدثنا محمد ، وخلاف خبر عمرو بن أبي عمرو، عن أنس قال: سمعت رسول الله ، وليس كذلك هو عندنا بحمد الله ونعمته، لأن في خبر عمرو ابن أبي عمرو، عن أنس حين ذكر سماعه من رسول الله ، ذكر في أول الخبر إني لأول الناس تنشق الأرض عن جمجمته، فذكر في الخبر كلاماً، ليس في رواية حميد، عن أنس، وكذلك في خبر معبد بن هلال، إذا كان يوم القيامة، ماج الناس بعضهم في بعض، فالتأليف بين هذه الأخبار أن النبي  حدث بعض أصحابه –أنس فيهم فسمع من النبي  بعض الخبر، واستثبت في باقي الخبر، واستفهمه ممن كان أقرب من النبي  في المجلس، وأكبر منه سناً، وأحفظ وأوعى للحديث منهظ، فروى الحديث بطولهن قد سمع بعضه، وشهد المجلس الذي حدث النبي  وبعضه ممن حفظه من النبي ، ووعاه عنه كما يقول بعض رواه الحديث: حدثني فلان، واستثبته من فلان، يريد خفي علي بعض الكلام، فثبتني فلان لأن قول من استفهم أنسا: أسمعت هذا من رسول الله ، ظاهره يدل على أن المستفهم إنما استفهمه أسمت جميع هذا الخبر من رسول الله ، وأجاب أنس، ليس كل ما نحدث سمعناه من رسول الله ، ولم يقل أنس: اللفظة، أنه ليس كل هذا الحديث سمعه من رسول الله ، ولم يقل أنس: لم أسمع هذا الحديث من رسول الله ، وقال غيره في أول الخبر: سمعت رسول الله ، لكان هذا كلاما صحيحا جائزا، إذ غير جائز في اللغة أن يقول القائل سمعت من فلان قراءة سورة البقرة، وقد سمع قراءته لبعضها، وكذلك جائز أن يقول القائل سمعت من فلان قراءة سورة البقرة، وإنما سمع بعضها لا كلها على ما قد أعلمت من مواضع من كتبنا أن الاسم قد يقع على الأشياء ذي الأجزاء أو الشعب على بعض الشيء دون بعض، كذلك اسم الحديث قد يقع على بعض الحديث كما يقع الاسم على الكل، فاهموه، لا تغالطوا.

10- (459): حدثنا محمد بن بشار بندار، ومحمد بن رافع، وهذا حديث بندار، قال: ثنا حماد بن مسعدة، قال: ثنا ابن عجلان عن جوثة بن عبيد، أن أنس بن مالك _ عن النبي  قال: (يؤتى آدم ‘، يوم القيامة، فيقال: واشفع لذريتك، فيقول: لست بصاحب ذلك، ائتوا نوحا، فإنه أول الأنبياء وأكبرهم، فيؤتى نوح فيقول: لست بصاحبه، عليكم بإبراهيم، فإن الله اتخذه خليلا فيؤتى إبراهيم فيقول: لست بصاحبه، عليكم بموسى، فإن الله كلمه تكليما، قال: فيؤتى موسى، فيقول: لست بصاحبه عليكم بعيسى، فإنه روح الله وكلمته، فيؤتى عيسى، فيقول: لست بصاحب هذا، ولكن أدلكم على صاحبه، ولكن ائتوا محمد ، وعلى جميع الأنبياء، قال: فأوتى، فأستفتح فإذا نظرت إلى الرحمن وقعت له ساجدا، فيقال لي: ارفع رأسك يا محمد، وقل، يسمع، واشفع، تشفع، وسل تعطه، فأقول: يا رب أمتي، قال: فيقال: اذهبوا، فلا تدعوا في النار أحدا في قلبه مثقال دينار إيمان إلا أخرجتموه، ويخرج ما شاء الله، ثم أقع الثانية ساجدا، قال: فيقال: ارفع يا محمد، فقل يسمع، واشفع تشفع، وسل تعطه، فأقول: أي رب، أمتي، قال: فيقال: اذهبوا فلا تدعوا في النار أحدا في قلبه نصف دينار إيمان إلا أخرجتموه قال: فيخرج بذلك ما شاء الله، قال: ثم أقع الثالثة ساجدا قال: فيقال: ارفع رأسك يا محمد، وقل، يسمع لك، واشفع، تشفع، وسل، تعطه، قال: فأقول: يارب، أمتي فيقول: اذهبوا فلا تدعوا في النار أحدا في قلبه مثقال ذرة إيمان إلا أخرجتموه، قال: فلا يبقى إلا من لا خير فيه –قال لنا بندر ائتوا عيسى، وقال: فيقول: لست بصاحب ذلك، وقال: مثقال ذرة من إيمان) سمعته من بندر مرتين، مرة في كتاب القواعد، ومرة في كتاب ابن عجلان.
قال أبوبكر: قد اختلفوا في اسم هذا الشيخ، فقال: بعضهم جوثة بن عبيد، ثنا يونس بن عبدالأعلى، قال: أخبرنا عبدالله بن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث أن يزيد بن أبي حبيب حدثه (أن جوثة) بن عبيد الأيلى، أنه سمع أنس بن مالك يقول: (أن الله تبارك وتعالى إذا قضى بين خلقه، فأدخل أهل الجنة، الجنة وأخل أهل النار، النار، سجد محمد ، فأطال السجود، فينادى ارفع رأسك يا محمد، اشفع، تشفع، وسل، تعطه، فيرفع رأسه، فيقول: يا رب، أمتي، فيقول الله تعالى، (عز وجل) للملائكة: أخرجوا لمحمد  من أمته من كان في قلبه قيراط من إيمان فيخرجون، ثم يسجد الثانية أطول من سجدته الأولى، قال: فيقال: ارفع رأسك، اشفع تشفع، وسل تعطه، فأقول: يا رب أمتي فيقول الله (عز وجل) للملائكة: أخرجوا من أمته من كان في قلبه مثقال شعيرة من إيمان، ثم يسجد الثالثة أطول من سجدته، فينادى ارفع رأسك، اشفع، تشفع، وسل تعطه فيقول: يا رب، أمتي، فيقول الله للملائكة: أخرجوا لمحمد  من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، فيعرضون عليه فيخرجونهم، قد اسودوا وعادوا كالنصال المحرقة، فيدخلون الجنة فينادى بهم أهل الجنة، فيقولون: من هؤلاء الذين آذانا ريحهم؟ فتقول الملائكة: هؤلاء الجهنميون، وقد أخرجوا بشافعة محمد ، فيذهب بهم إلى نهر الحيوان فيغسلون ويتوضأون، فيعودون أناسا من الناس غير أنهم يعرفون) فقلت: يا أبا حمزة، وما الحيوان؟ قال: نهر من أنهار الجنة، هو من أدناها.
قال أبوبكر: هذه اللفظة (قد اسودوا وعادوا كالنصال) من الجنس الذي أقول أن العود قد يكون بدءا، لأن أهل النار لم يكونوا سودا كالنصال، قبل أن يدخلوا النار، وإنما اسودوا بعد احترقوا في النار فمعنى قوله: (وعادوا كالنصال المحرقة) أي صاروا كالنصال المحرقة، فأوقع اسم العود، وإنما معناه صاروا.
قال أبوبكر: هذا الشيخ هو جَوْثَة بن عبيد، كما قاله عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، وقد وروى عياش بن عقبة الحضرمي عنه خبراً آخر، حدثناه أبو هاشم زياد بن أيوب، قال: ثنا أبو عبدالرحمن المقرى، قال: ثنا عياش بن عقبة الحضرمي، وكان من أفاضل من لقيت بمصر، قال: سمعت جوثة بن عبيد الأيلي يحدث عن أنس بن مالك قال: (سمعت رسول الله  يقول: (سيقرأ القرآن رجال لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية).

(72): باب ذكر البيان أن المقام الذي يشفع فيه النبي  لأمته هو المقام المحمود الذي وعده الله (عز وجل) في قوله: عسى أن يبعثك ربك مقاما محموداً.
وهذه اللفظة عندي من الجنس الذي قال بعض العلماء: عسى من الله واجب، لا على الشك والارتباب مما يجوز أن لا يكون.

1- (460): حدثنا إسماعيل بن حفص بن عمرو بن ميمون، قال: أخبرنا أبو أسامة، وثنا مسلم بن جنادة، قال: ثنا حماد –يعني أبا أسامة عن داود الأودي، عن أبيه عن أبي هريرة _، عن النبي ‘ في قوله: عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا. قال: (هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي) هذا لفظ إسماعيل.

2- (461): حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عثمان بن عمر قال: ثنا عبدالحميد بن جعفر، عن يزيد –وهو ابن أبي حبيب عن معاوية بن معتب، أو مغيث، شك عثمان عن أبي هريرة _، قال: (قلت: يا رسول الله ما رد إليك ربك في الشفاعة، قال: قد ظننت أنك أول من يسألني عنها من حرصك على العلم، وشفاعتي لأمتي من كان منهم يشهد أن لا إله إلا الله، يصدق قلبه لسانه أو لسانه قلبه).

3- (462): وروى رشدين بن كريب، عن أبيه عن ابن عباس في قوله: قوله: عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا. قال: المقام المحمود، مقام الشفاعة.

(...): حدثناه محمد بن يحيى، قال: ثنا مؤمل بن الفضل قال: ثنا عيسى بن يونس، عن رشدين.

4- (463): حدثنا محمد بن عبدالله بن عبدالحكم، قال: أخبرنا أبي، وشعيب، قالا: أخبرنا الليث، عن عبيدالله بن أبي جعفر قال: سمعت حمزة بن عبدالله يقول: سمعت عبدالله بن عمر يقول: قال رسول الله : (ما يزال الرجل يسأل، حتى يأتي يوم القيامة، ليس في وجهه مزعة لحم –وقال أن الشمس تدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن فبيناهم كذلك استغاثوا بآدم، فيقول: لست صاحب ذلك: ثم موسى، فيقول كذلك، ثم بمحمد  (فيشفع) بين الخلق، فيمشي، يأخذ بحلقة الجنة فيومئذ يبعثه الله مقاما محمودا يحمده أهل الجمع كلهم).

(73): (باب ذكر الدليل أن جميع الأخبار التي تقدم ذكري لها إلى هذا الموضع في شفاعة النبي  في إخراج أهل التوحيد من النار إنما هي ألفاظ عامة مرادها خاص).
قوله: (أخرجوا من النار من كان في قلبه وزن كذا من الإيمان) أن معناه بعض من كان في قلبه قدر ذلك الوزن من الإيمان، لأن النبي  قد أعلم أنه يشفع ذلك اليوم أيضاً غيره، فيشفعون، فيأمر الله أن يخرج من النار بشفاعة غير نبينا محمد  من كان في قلوبهم من الإيمان، قَدْرُ ما، أعلم أنه يخرج بشفاعة نبينا محمد ، اللهم إلا أن يكون من يشفع من أمة النبي ، إنما يشفع بأمره، كخبر آدم بن علي عن ابن عمر، وجائز، أن تنسب الشفاعة إلى النبي  لأمره بها، كما بينت في مواضع من كتبي، أن العرب تضيف الفعل إلى الآمر كإضافتها إلى الفاعل ومعروف أيضاً في لغة العرب الذين بلغتهم، خوطبنا أن يقال: أخرج الناس من موضع كذا وكذا، والقوم أو من كان معه كذا أو عنده كذا وإنما يراد بعضهم، لا جميعهم، لا ينكر من يعرف لغة العرب أنها بلفظ عام يريد الخاص، قد بينّا في هذا النحو من كتاب ربنا وسنة نبينا المصطفى ، في كتاب معاني القرآن وفي كتبنا المصنفة من المسند في الفقه، ما في بعضه الغنية والكفاية لمن وفق لفهمه، كان معنى الأخبار التي قدمت ذكرها في شفاعة النبي  عندي خاصة، معناها، أخرجوا من النار من كان في قلبه من الإيمان كذا، أي غير من قضيت إخراجهم من النار بشفاعة غير النبي ، من الملائكة والصديقين والشفعاء غيره ممن كان لهم أخوة في الدنيا يصلون معهم ويصومون معهم (ويحجون معهم، ويغزون معهم) قد قضيت إني أشفعهم فيهم، فأخرجوهم من النار بشفاعتهم، في خبر حذيفة بشفاعة الشافعين، قد خرجته قبل هذا الباب بأبواب.

1- (464): فحدثنا محمد بن يحيى، قال: ثنا جعفر بن عوف، ثنا هشام بن سعد، قال: ثنا زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، قال: (قلنا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة)؟ فذكر الحديث بطوله، وقال: ثم يضرب الجسر على جهنم، قلنا: وما الجسر يا رسول الله، بأبينا أنت وأمّنا؟ قال: (دحض مزلة) له كلاليب وخطاطيف، وحسكة تكون بنجد، عقيفاً يقال لها السعدان فيمر المؤمنون كلمح البرق، وكالطرف وكالريح وكالطير، وكأجود الخيل، والراكب: فناج مسلّم، ومخدوش مرسل ومكدوش في نار جهنم، والذي نفسي بيده ما أحدكم بأشد مناشد في الحق يراه من المؤمنين في إخوانهم إذا رأوا أن قد خلصوا من النار، يقولون: أي ربنا، إخواننا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا قد أخذتهم النار، فيقول الله لهم، اذهبوا فمن عرفتم صورته فأخرجوه وتحرم صورتهم، فيجد الرجل قد أخذته النار إلى قدميه، وإلى أنصاف ساقيه، وإلى ركبتيه، وإلى حقويه، فيخرجون منها بشراً كثيراً ثم يعودون، فيتكلمون فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال قيراط خير، فأخرجوه، فيخرجون منها بشرًا كثيراً، ثم يعودون، فيتكلمون، فيقول: اذهبوا، فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف قيراط من خير، فأخرجوه، فيخرجون بشراً كثيراً، ثم يعودون، فيتكلمون فلا يزال يقول ذلك (لهم، حتى يقول) اذهبوا، فأخرجوا من وجدتم في قلبه مثقال ذرة فأخرجوه) وكان أبو سعيد إذا حدث بهذا الحديث يزيد (يقول).
قل أبوبكر: لم أجد في كتابي يقول أن لم تصدقوا فاقرءوا: (أن الله لا يظلم مثقال ذرة –قرأ إلى قوله عظيماً) فيقولون: ربنا لم نذر فيها خيرا، فيقول: هل بقي إلا أرحم الراحمين، قد شفعت الملائكة، وشفع الأنبياء، وشفع المؤمنون فهل بقي إلا أرحم الراحمين، قال: فيأخذ قبضة من النار فيخرج قوماً قد صاروا حممة لم يعملوا له عمل خير قط، فيطرحوا في نهر يقال له نهر الحياة، فينبتون فيه، (والذي نفسي بيده كما تنبت الحِبّة في حَمِيْل السيل) ثم ذكر محمد بن يحيى باقي الحديث، خرجته بتمامه في كتاب الأهوال).

2- (465): (حدثنا محمد بن يحيى)، قال: ثنا عبدالرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن زيد بن أسلم بهذا الإسناد، فذكر نحو هذه القصة خرجته في باب آخر بعد، غير أنه لم يذكر الجسر، ولا صفة المرور عليه، وإنما قال: (إذا خلص المؤمنون من النار وأمنوا، فما مجادلة أحدكم لصاحبه في الحق يكون له في الدنيا) ثم ساق ما بعد هذا من الحديث.
قال أبوبكر: هذه اللفظة (لم يعملوا خيراً قط) من الجنس الذي يقول العرب: ينفي الاسم عن الشيء لنقصه عن الكمال والتمام، فمعنى هذه اللفظة على هذا الأصل، لم يعملوا خيرا قط، على التمام والكمال، لا على أوجب عليه وأمر به، وقد بينت هذا المعنى في مواضع من كتبي.

3- (466): حدثنا أبو موسى، قال: ثنا ربعي بن عليه، عن عبدالرحمن بن إسحاق، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال: قلنا: (يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة)؟ –فذكر الحديث بطوله حديث هشام بن سعد وقال: فما أحدكم في حق يعلم أنه حق له بأشد مناشدة منهم لإخوانهم الذين سقطوا في النار، يقولون: أي رب، كنا نغزو جميعاً، ونحج جميعاً، ونعتمر جميعاً، فما نجونا اليوم وهلكوا، قال: فيقول الله تبارك وتعالى: انظروا من كان في قلبه زنة دينار من الإيمان، فأخرجوه، قال: فيخرجون قال: ثم يقول: انظروا من كان في قلبه قيراط من الإيمان، فأخرجوه، قال: فيخرجون، قال: ثم يقول: انظروا من كان في قلبه مثقال حبة خردل من الإيمان، فأخرجوه –قال أبو سعيد: بيني وبينكم كتاب الله –قال عبدالرحمن: فأظنه يعيني قوله وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين قال: فيطرحون في نهر الحياة، فينبتون كما تنبت الحِبَّة في حَمِيْل السيل، ألم تروا ما يكون من النبت إلى الشمس يكون أخضر، وما يكون إلى الظل يكون أصفر، قال: يا رسول الله، كأنك قد رعيت الغنم؟ قال: نعم قد رعيت الغنم).

4- (467): حدثنا يونس بن عبدالأعلى، قال: ثنا يحيى –يعني ابن بكير قال: حدثني الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن زيد بن أسلم بهذا الإسناد بالخبر بطوله.

(74) (باب ذكر البيان أن الصديقين يتلون النبي  في الشفاعة يوم القيامة ثم سائر الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين، يتلون الصديقين، ثم الشهداء يتلون الأنبياء عليهم السلام أن صح الحديث).
1- (468): حدثنا أحمد بن سعيد الدرامي، وأحمد بن منصور المروزي قال الدرامي: حدثني، وقال المرزوي: أخبرنا النضر بن شميل، قال: أخبرنا أبو نَعامَة، قال: ثنا أبو هُنَيْدة البراء بن نوفل، عن والآن، عن حذيفة عن أبي بكر الصديق، قال: (أصبح رسول الله ‘ ذات يوم، فصلى الغداة، ثم جلس، حتى إذا كان من الضحى ضحك رسول الله ‘، ثم جلس مكانه، حتى صلى الأولى، والعصر والمغرب، كل ذلك، لا يتكلم حتى صلى العشاء الآخرة، ثم قام إلى أهله، فقال الناس لأبي بكر: سل رسول الله  ما شأنه، صنع اليوم شيئاً، لم يصنعه قط، فقال: نعم، (فسأله، فقال): عرض على ما هو كائن من أمر الدنيا والآخرة، يجمع الأولون والآخرون بصعيد واحد، ففظع الناس بذلك، حتى انطلقوا إلى آدم، والعرق يكاد يلجمهم، فقالوا: يا آدم، أنت أبو البشر، وأنت اصطفاك الله، اشفع لنا إلى ربك، فقال: لقد لقيت مثل الذي لقيتم، انطلقوا إلى أبيكم بعد أبيكم إلى نوح، أن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم (وآل عمران) على العالمين، فينطلقون إلى نوح فيقولون: اشفع لنا إلى بك، فأنت اصطفاك الله، واستجاب لك في دعائك، ولم يدع على الأرض من الكافرين ديارا، فيقول: ليس ذاكم عندي، انطلقوا إلى إبراهيم، فإن الله اتخذه خليلا، فيأتون إبراهيم، فيقول: ليس ذاكم عندي، ولكن انطلقوا إلى موسى، فإن الله كلمه تكليماً، فيقول موسى: ليس ذاك عندي، ولكن انطلقوا إلى عيسى بن مريم، فإنه كان يبرئ الأكمه والأبرص (ويحيى الموتى) فيقول عيسى: ليس ذاك عندي، ولكن انطلقوا إلى سيد ولد آدم، وأول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة، انطلقوا إلى محمد ، فليشفع لكم إلى ربكم، قال: فينطلق فيأتي جبريل ربه، فيقول الله تبارك وتعالى: ائذن له وبشره بالجنة، قال: فينطلق به جبريل، فيخرّ ساجداً قدر جمعة، ثم يقول الله (عز وجل): ارفع رأسك يا محمد، وقل، يسمع، واشفع، تشفع، قال: فيذهب، ليقع ساجداً، قال: فيأخذ جبريل بضبعيه، فيفتح الله عليه من الدعاء شيئاً لم يفتحه على بشر قط، فيقول: أي رب، جعلتني سيد ولد آدم، ولا فخر، وأول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة، ولا فخر، حتى أنه ليرد على الحوض أكثر مما بين صنعاء وأيلة، ثم يقال: ادع الصديقين، ليشفعوا، ثم يقال: ادع الأنبياء، قال: فيجئ النبي ومعه العصابة، والنبي ومعه الخمسة والستة والنبي وليس معه أحد، ثم يقال: ادع الشهداء، فيشفعون لمن أرادوا، فإذا فعلت الشهداء ذلك، قال: يقول الله تبارك وتعالى: أنا أرحم الراحمين، أدخلوا جنتي من كان لا يشرك بالله شيئاً، قال: فيدخلون الجنة قال فيقول الله تبارك وتعالى انظروا في النار هل تلقون من أحد عمل خيرا قط قال: فيجدون في النار رجلا، فيقال له: هل عملت خيرا قط؟ فيقول: لا، غير إني كنت أسامح الناس في (البيع والشراء) قال: فيقول الله (عز وجل): اسمحوا لعبدي كإسماحه إلى عبيدي، ثم يخرجون من النار رجلا آخر فيقال له: هل عملت خيرا قط؟ قال: لا، غير إني أمرت ولدى إذا أنا متّ فأحرقوني بالنار، ثم اطحنوني حتى إذا كنت مثل الكحل، فاذهبوا بي إلى البحر، فاذروني في الريح (والله لا يقدر على رب العالمين أبدا) فقال الله، لم فعلت ذلك؟ قال: من مخافتك، قال: فيقول تعالى: نظر إلى ملك أعظم ملك، فإن لك عشرة أضعاف ذلك، قال: فيقول أتسخر بي وأنت الملك! فذاك الذي ضحكت منه (من الضحى) هذا لفظ حديث أحمد بن منصور.
قال أبوبكر: إنما استثنيت صحة الخير في الباب، لإني في الوقت الذي ترجمت الباب لم أكن أحفظ في ذلك الوقت عن والان، خبراً غير هذا الخبر، فقد روى (عنه مالك بن عمير الحنفي، غير أنه قال: العجلي لا العدوي).

2- (...): حدثنا علي بن سعيد بن مسروق الكندي، قال: ثنا عبدالرحيم –يعني ابن سليمان، عن إسماعيل بن سميع الحنفي، …") عن مالك بن عمير الحنفي عن والآن العدوى قال: رجعت إلى داري فإذا شاة من غنمي لبون، قد ذبحت، وإذا النسوة مطبقات بها، فقلت: ما شأنها؟ فقالوا: عرض لها، فقلت: من ذبحها؟ قالوا: غلامك هذا، فقلت: والله ما يحسن يصلي ولا يحسن يدعو، وكان سبيا، فقالوا: إنا قد علمناه، وقد سمى، فما نزلت عن بغلتي، حتى أتيت عبدالله، فذكرت ذلك له فقال: كلها.

(75) (باب ذكر كثر من يشفع له الرجل الواحد من هذه الأمة مع الدليل على صحة ما ذكرت قبل أن يشفع يوم القيامة غير الأنبياء عليهم السلام).
1- (469): حدثنا أبو الخطاب زياد بن يحيى، قال: ثنا بشر.

2- (...): وثنا أحمد بن المقدام، قال: ثنا بشر بن المفضل قال: ثنا خالد، عن عبدالله ابن شقيق، قال: جلست إلى قوم أنا رابعهم، فقال أحدهم: سمعت رسول الله ‘ يقول: (ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من بني تميم قال: قلنا: سواك يا رسول الله، قال: سواي) قلت: أنت سمعت هذا من رسول الله ، قال: نعم، فلما قام قلت: من هذا، قال: هذا ابن أبي الجدعاء.

3- (470): حدثنا محمد بن الوليد، قال: ثنا محمد –يعني ابن جعفر قال: ثنا شعبة، قال: ثنا خالد، عن عبدالله بن شقيق عن رجل من أصحاب النبي ، يقال له ابن أبي الجدعاء، قال: سمعت رسول الله  يقول: (ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من بني تميم).
قال أبوبكر: قال محمد: هكذا يقال له ابن أبي الدعاء.

4- (471): حدثنا سَلْم بن جُنَادة، قال: ثنا أبو معاوية قال: ثنا داود، عن عبدالله بن قيس النّخَعي، عن الحارث بن أُقَيْش، قال: قال رسول الله : (ما من مسلِمَيْن يقدمان ثلاثة لم يبلغوا الحنث، إلا أدخلهم الله الجنة بفضل رحمته إياهم، قالوا: يا رسول الله، وذو الاثنين قال: وذو الاثنين، قال: وقال رسول الله : (أن من أمتي من سيعظم للنار، حتى يصير مثل أحد زواياها، وإن من أمتي من سيدخل الله بشفاعته الجنة –يعين أكثر من مضر).
قال أبوبكر: خرجت بعض طرق هذا الخبر في كتاب الجنائز.

5- (472): حدثنا المنذر بن الوليد الجارودي، قال: حدثني أبي، قال: ثنا شعبة، عن داود، عن عبدالله بن قيس، عن الحارث بن أقيش، عن رسول الله ، قال: (أن الرجل من أمتي ليدخل الجنة، فيشفع لكثير من مضر، وإن الرجل من أمتي ليعظم للنار، حتى يكون أحد زواياها، وما من مسلمين يقدمان أربعة من ولدهما إلا أدخلهما الله بفضل رحمته، فقالت امرأة: أو ثلاثة، قال: أو ثلاثة، قالت: أو اثنين، (قال: أو اثثنين).
قال أبوبكر: قد أعلمت أن اسم الأمة قد يقع على معنين:
أحدهما: من قد بعث النبي  إليه، وآخر، من أجاب النبي  إلى ما دعاه إليه، وهذا الرجل الذي خبر النبي  أنه يعظم من أمته، حتى بصير مثل أحد زوإياها يشبه أن يكون معناه من أمته ممن قد بعث النبي  إليهم، فلم يجيبوا إلى ما دعاهم إليه من الإيمان لا من أمته الذين أجأبوه، فآمنوا به، وارتكبوا بعض المعاصي.

6- (473): حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، قال: ثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن آدم بن علي، عن ابن عمر، قال: (يقول النبي  للرجل: يا فلان، قم فاشفع، فيقوم الرجل، فيشفع للقبيلة ولأهل البيت، وللرجل، وللرجلين على قدر عمله).
قال أبوبكر: إن للفظة التي في خبر أبي بكر الصديق _، قبل ذكر الأنبياء، معنين أحدهما: الصديقون من الأنبياء، أي الأفضل منهم، كما قال تعالى: ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض، فيكون منهم صديقون بعد نبينا المصطفى ، ثم يقال: ادع الأنبياء أي غير الصديقين الذين قد شفعوا قبل، والمعنى الثاني: أن الصديقين من هذه الأمة من يأمرهم النبي  بأن يشفعوا، فتكون هذه الشفاعة التي يشفعها الصديقون من أمة النبي  بأمره، شفاعة للنبي  مضافة إليه، لأنه الآمر، كما قد أعلمت في مواضع من كتبي، أن الفعل يضاف إلى الآمر، كأضافته إلى الفاعل، فتكون هذه الشفاعة مضافة إلى النبي ، لأمره بها، ومضافة إلى المأمور بها، فيشفع، لأنه الشافع بأمر النبي ‘.

7- (474): حدثنا إسحاق بن منصور، قال: ثنا عبدالرزاق، عن معمر قال: أخبرني ثابت البناني، أنه سمع أنس بن مالك يقول: قال النبي : (أن الرجل يشفع للرجلين والثلاثة والرجل للرجل).

8- (475): وروى مالك بن مغول، عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال: أن رسول الله  قال: (أن الرجل من أمتي ليشفع للفئام من الناس، فيدخلون الجنة بشفاعته).

(...): حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عثمان –يعين ابن عمر قال: ثنا مالك يعني ابن مغول.

9- (476): ورواه يعقوب بن إسحاق الحضرمي، (وزاد فيه زيادة –حدثناه بن حكيم، ثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي) قال: ثنا مالك بن مغول، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله : (أن في أمتي لرجالا يشفع الرجل منهم (في الفئام من الناس، ويدخلون الجنة بشفاعته)، (ويشفع الرجل منهم للرجال من أهل بيته، فيدخلون الجنة بشفاعته).

10- (477): حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن منصور، عن ربعي بن حِرَاش، قال: لقيت عبدالله بن سلام، فقال: إلا أحدثك حديثا أجده في كتاب الله (عز وجل): (أن الله يخرج قوماً من النار حتى أن إبراهيم خليل الرحمن يقول: أي رب حرقت بني فيخرجون).

11- (478): ورواه معاوية بن صالح، عن أبي عمران الفلسطيني، عن يعلي بن شداد، عن النبي  قال: (ليخرجن الله بشفاعة عيسى بن مريم  من جهنم مثل أهل الجنة).

(...): حدثنا أحمد بن عبدالرحمن بن وهب، قال: ثنا عمي، قال: أخبرني معاوية.
قال أبوبكر: لست أعرف أبا عمران الفلسطيني بعدالة ولا جرح.

12- (479): ورواه سلام بن مسكين، قال: ثنا أبو ظلال القسملي، عن أنس بن مالك، عن النبي ، قال: (يمكث رجل في النار، فينادى ألف عام: يا حنان، يا منان فيقول الله تبارك وتعالى: يا جبريل أخرج عبدي، فإنه بمكان كذا، وكذا، فيأتي جبريل النار، فإذا أهل النار منكبين على مناخيرهم، فيقول: يا جبريل اذهب، فإنه بمكان كذا، وكذا، فيخرجه، فإذا وقف بين يدي الله تبارك وتعالى، يقول الله تبارك وتعالى: أي عبدي، كيف رأيت مكانك، قال: شر مكان، وشر مقيل، فيقول (الرب سبحانه وتعالى): ردوا عبدي، فيقول: يا رب، ما كان هذا رجائي، فيقول (الرب سبحانه وتعالى) أدخلوا عبدي الجنة).

(...): ثناه أبو غسان مالك بن الخليل بن بشير بن نهيك، قال: ثنا مسلم –يعني ابن إبراهيم قال: ثنا سلام.

(76): (باب ذكر ما يعطي الله (عز وجل) من نعم الجنة وملكها تفضلاً منه (عز وجل)، وسعة رحمته آخر من يخرج من النار فيدخل الجنة ممن يخرج من النار حبوا وزحفا لا من يخرج منها بالشفاعة بعد ما محشتهم النار وأماتهم فصاروا فحما قبل أن يخرجه الله بتفضيله وكرمه وجوده).
1- (480): حدثنا يوسف بن موسى، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم عن عبيدة، عن عبدالله بن مسعود، قال رسول الله ، إني لأعلم آخر أهل النار خروجاً منها، وآخر أهل الجنة دخولاً، رجل يخرج من النار حبوا فيقول الله له: اذهب، فادخل الجنة، فيأتيها، فيخيل إليه أنها ملأى، فيرجع، فيقول: يا رب، وجدتها ملأى قال: فيقول الله تبارك وتعالى له: اذهب فادخل الجنة فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى، فيرجع، فيقول: يا رب وجدتها ملأى، قال: فيقول تبارك وتعالى: اذهب فادخل الجنة، فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها، (أو أن لك عشرة أمثال الدنيا).
قال: فيقول: أتسخر بي أو تضحك بي وأنت الملك؟ قال: فلقد رأيت رسول الله  ضحك، حتى بدت نواجذه قال: فكان يقال ذلك أدنى أهل الجنة منزلة".

2- (...): حدثنا الحسين بن عيسى، عن عبيدالله بن موسى عن إسرائيل عن منصور بهذا الإسناد مثله، وقال: فيقول: إن لك مثل الدنيا عشر مرار) لم يذكر ما بعده.

3- (...): حدثنا يوسف بن موسى، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش.

4- (481): وثنا طليق بن محمد الواسطي، قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبدالله، قال: قال رسول الله : (إني لأعرف آخر أهل النار خروجا من النار، رجل يخرج منها زحف، فيقال له: انطلق فادخل الجنة، فيذهب فيدخل الجنة، فيجد الناس قد أخذوا المنازل، قال: فيرجع، فيقول: يا رب، قد أخذ الناس المنازل فيقال له: أتذكر الزمان الذي كنت فيه؟ فيقول نعم، فيقال له: تمنه، فيتمنى، فيقال له، فإن لك الذي تمنيت وعشرة أضعاف الدنيا، فيقول: أتسخر بي وأنت الملك؟ قال: فلقد رأيت رسول الله  ضحك، حتى بدت نواجذه).

5- (482): حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني، قال: ثنا عفان، قال: ثنا عبدالواحد بن زياد، قال: ثنا الأعمش، عن إبراهيم عن علقمة، وعبيدة، عن عبدالله (يرفع الحديث قال): إني لأعلم آخر أهل النار خروجاً من النار، رجل يخرج من النار حبوا، فيقال له: ادخل الجنة، فيدخل وقد أخذ الناس مساكنهم، فيقول: أي رب لم أجد فيها مسكنا، فيقول الله له: ادخل الجنة، فإنا سنجعل لك فيها مسكنا، فيقول الله (عز وجل): فإن لك مثل الدنيا وعشرة أضعافها، قال: أي رب، أتسخر بي وأنت الملك؟ قال: فضحك رسول الله .حتى بدت نواجذه).

6- (...): حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني، (قال: ثنا أبو معاوي، قال: ثنا الأعمش عن إبراهيم …). عن عبيدة، عن عبدالله، عن النبي  نحوه، هكذا ثنا بحديث أبي معاوية قال: نحوه.

7- (483): حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني، والحسين بن عيسى البسطامي، قالا: ثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك، عن عبدالله بن مسعود، عن النبي ، قال: (أن آخر من يدخل الجنة لرجل يمشي على الصراط، فيتلبط مرة، وقال الزعفراني: فينكب مرة وقالا: فيمشي مرة وتسفعه مرة، فإذا جاوز الصراط، التفت، وقال الله تبارك وتعالى الذي نجاني منه –وقال الزعفراني منك –وقال جميعاً لقد أعطإني الله ما لم يعط أحداً من الأولين والآخرين فترفع له شجرة، لينظر إليها، فيقول، يارب، أدنني من هذه الشجرة، فأستظل بظلها، وأشرب من مائها فذكر الحديث بطوله، خرجته في كتاب ذكر نعيم الآخرة، وفي الخبر فيقول: (يا رب أدخلني الجنة، قال: فيقول الله تبارك وتعالى: ما يصريني منك؟ وقال الزعفراني ما يصريك أي عبدي، أيرضيك أن أعطيك من الجنة مثل الدنيا، ومثلها معها) ثم ذكر الحديث.
قال أبوبكر: روى هذا الخبر، حميد عن أنس، لم يذكر ابن مسعود في الإسناد، واختلف الناس أيضاً عنه في رفعه.

8- (484): فحدثنا محمد بن عمرو بن العباس، قال: ثنا ابن أبي عدي عن حميد، عن أنس، قال ابن أبي عدي: ثنا به مرتين مرة رفعه ومرة لم يرفعه، قال: إن آخر رجل يخرج من النار رجل يقول: يارب، أخرجني من النار، لا أسألك غيره، قال: فإذا خرج من النار رفعت له شجرة بعد ما يخرج على أدنى الصراط، فيقول: يا رب أدنني من هذه الشجرة، فأستظل بظلها، وأشرب من مائها، وآكل من ثمرها –فذكر الحديث بطوله وقال: يقول: يا ابن آدم مما يصريني منك، سلني من خيرات الجنة، فيسأله وهو ينظر إليها، فإذاانتهت نفسه قال أنس: فسمعت من أصحابنا من قال لك ما سألت وعشرة أضعافه، ومنهم من قال لك ما سألت ومثله معه قال: فيدخل الجنة، فلو نزل عليه جميع الناس، أو جميع ولد آدم، لأوسعهم طعاما وشرابا وخدما، لا ينقص مما عنده شيئاً، فيقول في نفسه: ما جعلني الله آخر أهل الجنة، إلا ليعطيني ما لم يعط غيري).

9- (485): حديثا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، قال: ثنا المعتمر قال: سمعت حميدا يحدث عن أنس: (أن آخر من يخرج من النار، وآخر من يدخل الجنة، رجل يقول له ربه عزوجل: يا ابن آدم، ما تسألني؟، ما تسألني؟، فذكر الصنعاني الحديث بطوله، قال: فلو نزل به جميع أهل الأرض، أو قال: جميع بني آدم، لأوسعهم طعاما وشرابا، وخدما لا ينقص مما عنده شيئاً).

10- (486): حدثني يوسف بن موسى، قال: ثنا علي بن جرير الخرساني، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن عمرو بن ميمون، أن ابن مسعود حدثهم أن رسول الله  قال: يكون في النار قوم، ما شاء الله، ثم يرحمهم، فيخرجهم، فيخرجون، فيكونون في أدنى الجنة، فيعتسلون في نهر الحيوان، ويسميهم أهل الجنة، الجهنميين، لو أضاف أحدهم أهل الدنيا لأطعهمهم وسقاهم وفرشهم ولحفهم قال عطاء: وأحسبه قال وزوجهم لا ينقصه الله شيئاً).
قال أبوبكر: خرجت خبر أبي عبيدة، عن مسروق عن ابن مسعود، مع تمام هذا الباب في كتاب ذكر نعيم الآخرة.

11- (487): حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، قال: ثنا المعتمر عن أبيه، قال ثنا أبو نضرة، عن أبي سعيد، أو جابر (أن نبي الله  خطب خطبة، فأطالها، وذكر فيها أمر الدنيا والآخرة، فذكر أن أول ما هلك بنو إسرائيل إن امرأة الفقير كانت تكلفه من الثياب أو الصبغ، أو قال: من الصيغة ما تكلف امرأة الغني، فذكر امرأة من بني إسرائيل كانت قصيرة واتخذت رجلين من خشب وخاتما له غلق وطبق، وحشته مسكا، وخرجت بين امرأتين طويلتين أو جسيمتين، فبعثوا إنسانا.
يتبعهم فعرف الطويلتين، ولم يعرف صاحبة الرجلين من خشب وذكر فيها أيضاً آخر أهل النار خروجا من النار، وإنه يرى شجرة، فيسأل أن يجعل تحتها، فيقال له: لعلك تسأل غيرها فيواثق أن لا يسأل غيرها، ثم يرى أخرى، فيسأل أن يؤذن فيها، فيقال: ألم تواثقني أن لا تسأل غير الذي أعطيتك، فيواثق أيضاً أن لا يسأل غيرها، ثم يسأل) قال أبو المعتمر: وأعجبني هذا أنه يواثق فلا يفي، وهو يعطى الذي يسأل، ونحوا من هذا أن شاء الله.

12- (488): روى حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة رضى الله عنهما، عن النبي ، قال: (أن آخر رجلين يخرجان من النار فيقول الله عزوجل لأحداهما: يا ابن آدم ما أعددت لهذا اليوم، هل عملت خيراقط رجوزتني أو خشيتني؟ فيقول: لا يارب فيؤمر به على النار فهو أشد أهل النار حسرة، قال: فيقال للآخر يا ابن آدم، ماذا أعددت لهذا اليوم هل عملت خيرا قط؟ فيقول: لا، يارب، غير إني ارجوك فترفع له شجرة، فيقول: يارب أقررني تحت هذه الشجرة لأستظل بظلها، وأشرب من مائها، وآكل من ثمرتها ويعاهده أن لا يسأله غيرها، فيقول، يا ابن آدم ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها، فيقول: بلى، ولكن هذه، فيقره تحتها، ويعاهده أن لا يسأله غيرها، قال: ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة وهي أحسن من الأولتين، وأغدق ماء، فيقول: يارب أدنني من هذه، ويعاهده أن لا يسأله غير هذا، فيدينه فيسمع أصوات أهل الجنة، فلا يتمالك فيقول: أي رب أدخلني الجنة، فيقول الله عزوجل: سل وتمنه فيسأل ويتمنى مقدار ثلاثة أيام من الدنيا، ويلقنه مالا علم له به،فيسأل ويتمنى، فإذا فرغ، قال: لك ما سألت، قال أبو سعيد: ومثله معه وقال الجريري وعشرة أمثاله معه، فقال أحدهما لصاحبه: حدث بما سمعت، وأحدث بما سمعت.
حدثناه محمد بن يحيى، قال: ثنا حجاج بن منهال، (قال: ثنا) حماد ولم ينسبه، فهو ابن سلمة.

13- (489): وحدثنا محمد،قال:ثنا موسى بن إسماعيل،قال:ثنا حماد،عن علي بن زيد،عن سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد الخدري،وأبي هريرة_ما،أن النبي قال بهذا الخبر،وقال في قول أبي سعيد، وأبي هريرة_ما، في اختلافهما،كما قال حجاج،وقال:(مقدار ثلاثة أيام من الدنيا).

14- (...): وحدثنا الحسن الزعفراني، قال:ثناعفان، قال:ثنا حمادبن سلمة.

15- (490): وثنا محمد بن يحي، قال: ثنا محمد بن كثير، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، أن رسول الله ‘ قال:(يطول يوم القيامة على الناس، فيقول بعضهم لبعض: انطلقوا بنا إلى آدم، أبي البشر، ليشفع لنا). الحديث.

(77): (باب ذكر البيان أن الرجل الذي ذكرنا صفته وخبرنا أنه آخر أهل النار خروجاً من النار ممن يخرج من النار زحفا لا ممن يخرج بالشفاعة وهو آخر أهل الجنة دخولا الجنة وإن من يخرج بالشفاعة يدخلون الجنة قبله وإن هذا الواحد يبقى بعدهم بين الجنة والنار ثم يدخله الله بعد ذلك الجنة بفضله ورحمته، ولا بشفاعة أحد، ويعطيه تفضلا منه، وكرما وجودا ما ذكر في الخبر من الجنة، مع الدليل على أن الله عزوجل يخرج من النار، ممن قد أحرقتهم النار خلا آثار السجود منهم، قبل القضاء بين جميع الناس).
1- (491): حدثنا محمد بن يحيى، قال: ثنا أبو اليمان، قال: ثنا شعيب عن الزهري، قال: أخبرني سعيد بن المسيب، وعطاء بن يزيد الليثي أن أبا هريرة رضى الله عنه أخبرهما، (أن الناس قالوا للنبي : يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فذكر الحديث بطوله، خرجته في كتاب الأهوال وفي الخير حتى إذا أراد الله رحمة من اراد من أهل النار أمر الله الملائكة أن يخرجوا من كان يعبد الله، فيخرجونهم ويعرفونهم بآثار السجود، وحرم الله على النار أن تأكل أثر السجود، فيخرجون من النار، قد امتحشوا، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد ويبقى رجل بين الجنة والنار وهو آخر أهل الجنة دخولا الجنة، مقبل بوجهه على النار، فيقول: يارب اصرف، وجهي عن النار، فإنه قد قشبني ريحها، وأحرقني ذكاؤها، فيقول الله سبحانه: فهل عسيت أن فعل ذلك بك أن تسأل غير ذلك فذكر بعض الحديث وقال: ثم يأذن الله في دخول الجنة، فيقال له: تمن، فيتمنى حتى إذا انتهت به الأماني، قال الله لك ذلك، ومثله معه، قال أبو سعيد لأبي هريرة رضى الله عنه، أن النبي  قد قال: قال الله تبارك وتعالى لك ذلك، وعشرة أمثاله وقال أبو هريرة: لم أحفظ من النبي  إلا قول لك ذلك ومثله معه) قال أبو سيعد: أشهد إني سمعته يقول: وعشرة أمثاله).

2- (...): حدثنا محمد بن يحيى، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثى، عن أبي هريرة رضى الله عنه.

3- (492): وثنا محمد، قال: ثنا سليمان بن داود الهاشمي قال: أخبرنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثي، أن أبا هريرة رضى الله عنه، أخبره قال: قال الناس يا رسول الله) وقال الهاشمي: إن الناس قالوا: يا رسول الله، قال محمد بن يحيى، وساقا جميعاً الحديث بهذا الخبر، غير أنهما ربما اختلفا في اللفظة، والشيء والمعنى واحد.

(78): (باب ذكر البيان أن النار إنما تأخذ من أجساد الموحدين وتصيب منهم على قدر ذنوبهم وخطإياهم وحوباتهم التي كانوا ارتكبوها في الدنيا مع الدليل على ضد قول من زعم ممن لم يتحر العلم ولا فهم أخبار النبي  أن النار لا تصيب أهل التوحيد ولا تمسهم وإنما يصيبهم حرها وأذاها وغمها وشدتها، مع الدليل على أنه قد يدخل النار بارتكاب المعاصي في الدنيا إذا لم يتفضل الله ولم يتكرم بغفرانها من كان في الدنيا يعمل الأعمال الصالحة من الصيام والزكاة والحج والغزو، وكيف يأمن يا ذوى الحجا النار من يوحد الله ولا يعمل من الأعمال الصالحة شيئاً).

1- (493): حدثنا مؤمل بن هشام اليشكر، قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق، قال: حدثني عبيدالله بن المغيرة بن معيقيب، عن سليمان بن عمرو بن عبيد العتواري أحد بني ليث وكان في حجرة أبي سعيد قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: سمعت رسول الله  يقول: (يوضع الصراط بين ظهراني جهنم، عليه حسك السعدان، ثم يستجيز الناس، فناج مسلم مخدوج به، ثم ناج ومحتبس ومنكوس فيها، فإذا فرغ الله من القضاء بين العباد، يفقد المؤمنون رجالا كانوا معهم في الدنيا، يصلون صلاتهم ويزكون زكاتهم، ويصومون صيامهمم ويحجون حجهم، ويغزون غزوهم، فيقولون، أي ربنا عباد من عبادك كانوا معنا في الدنيا، يصلون صلاتنا ويزكون زكاتنا، ويصومون صيامنا، ويحجون حجنا، ويغزون غزونا لا نراهم؟ قال: فيقال: اذهبوا إلى النار، فمن وجدتم فيها منهم، فأخرجوه، فيجدونهم قد أخذتهم على قدر أعمالهم فمنهم من أخذتهم إلى قدميه، ومنهم من أخذته إلى ساقيه ومنهم من أخذته إلى ركبتيه، ومنهمم من أخذته إلى ثديه، ومنهم من أخذته إلى عنقه، ولم تغش الوجه، فيستخرجونهم منها، فيطرحونههم في ماء الحيا، قيل: وما ماء الحيا يا نبي الله؟ قال: غسل أهل الجنة، فينبتون فيها كما تنبت الزرعة في غثاء السيل ثم يشفع الأنبياء فيمن كان يشهد أن لا اله إلى الله مخلصاً، فيستخرجونهم منها، ثم يتجلى الله برحمته على من فيها، فما يترك فيها عبد في قلبه مثقال ذرة من الإيمان، إلا أخرجه منها).

2- (494): وحدثنا محمد بن يحيى، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: ثنا معمر، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري عن النبي ، بطوله، أمليته في كتاب الأهوال، وفي الخبر (فيعرفونهم بصورهم، لا تأكل النار صورهم فمنهم نم أخذته النار إلى انصاف ساقيه، ومنهم من أخذته إلى كعبيه، فيخرجونهم قال أبوبكر: وقال هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم في هذا الخبر، في هذا الإسناد فيجد الرجل قد أخذته النار إلى قدميه، والى أنصاف ساقيه، والى ركبتيه والى حقويه فيخرجون منها بشراً كثيراً) خرجته أيضاً في كتاب الأهوال، وفي خبر أبي مسلمة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد عن النبي  (ولكن أقواماً تصيبهم النار بذنوبهم وبخطإياهم) قد أمليته قبل.

3- (...): حدثنا بشر بن معاذ العقدى، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد.

4- (495): وحدثنا أبو موسى، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا سعيد عن قتادة، عن أبي نضرة، عن سمرة بن جندب، أن رسول  قال: (منهم من تأخذه النار إلى كعبيه، ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه إلى حجزته، ومنهم من تأخذه إلى ترقوته) هذا حديث يزيد بن زريع، لم يذكر أبو موسى الكعبين، وقال في أحدهما: (حقوية) وقال الاخر: (حجزته).
قال أبوبكر: قد روينا اخباراً عن النبي  يحسب كثير من أهل الجهل والعناد انها خلاف هذه الاخبار التي ذكرناها مع كثرتها وصحة سندها وعدالة ناقليها في الشفاعة، وفي إخراج بعض أهل التوحيد من النار بعدما ادخلوها بذنوبهم وخطاياهم وليست بخلاف تلك الاخبار عندنا، بحمد الله ونعمته، واهل اجلهل الذين ذكرتهم في هذا الفصل صنفنان:
صنف: منهم الخوارج والمعتزلة، أنكرت اخراج أحد من النار ممن يدخل النار، وأنكرت هذه الاخبار التي ذكرناها في الشفاعة.
الصنف الثاني: الغالية من المرجئة التي تزعم أن النار حرمت على من قال لا اله إلا الله، تتأول هذه الاخبار التي رويت عن النبي  في هذه اللفظة على خلاف تأويلها.
فأول ما نبدأ بذكر الاخبار، بأسانيدها، والفاظ متونها ثم نبين معانيها بعون الله ومشيئته، ونشرح ونوضح انها ليست بمخالفة للاخبار التي ذكرناها في الشفاعة، وفي اخراج من قضى الله اخراجهم من أهل التوحيد من النار.
فمنها الاخبار المأثورة عن النبي : (لا يدخل النار أحد في قلبه مثقال حبة من خردل، من ايمان).

5- (496): حدثناه أبو كريب محمد بن العلاء بن كريب، ثنا أبوبكر بن عياش، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبدالله، قال: قال رسول الله : (لا يدخل الجنة أحد في قلبه مثقال حبة خردل من كبر) وقال مرة: (شرك، ولا يدخل النار أحد في قلبه مثقال حبة خردل من ايمان).

6- (497): حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا أبو داود: ثنا شعبة عن ابان بن تغلب، عن فضيل، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبدالله بن مسعود، عن النبي ، قال: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر).

7- (..): حدثنا أحمد بن عبدالله بن علي بن سويد بن منجوف، قال: ثنا روح، قال: ثنا شعبة بهذا الإسناد مثله سواء.

8- (498): وحدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا يحيى بن حماد، قال: ثنا شعبة، قال: أخبرنا أبان بن تغلب، عن فضيل بن عمرو، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبدالله، عن النبي، قال: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من ايمان.

9- (499): حدثنا محمد بن يحيى، قال: ثنا حرمي بن حفص بن عمارة العتكي قال: ثنا عبد العزيز بن مسلم، قال: ثنا سليمان الأعمش بمثل حديث أبي بكر ابن عياش في إسناده، وقال: (مثقال حبة خردل من كبر) ولم يشك.

10- (...): حدثناه أبو موسى، قال: ثنا عيسى بن إبراهيم، قال: ثنا عبد العزيز بن مسلم، عن الأعمش بهذا الخبر مرفوعاً.

11- (500): (ومنها أيضاً) وما حدثنا أيضاً عن علي بن عيسى البزاز البغدادي، قال: ثنا عبد الوهاب –يعني ابن عطاء قال: أخبرنا سعيد عن قتادة، عن مسلم بن يسار، عن حمران بن ابان، عن عثمان بن عفان _، عن عمر بن الخطاب _، قال: (سمعت رسول الله  يقول: إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد حقا من قلبه، فيموت على ذلك إلا حرم على النار، لا اله إلا الله).

12-(501): حدثنا محمد بن ابان، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري قال: ثنا محمود بن الربيع، عن عتبان بن مالك، قال: قال رسول الله : (لن يوافي عبد يوم القيامة وهو يقول لا اله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله، إلا حرم على النار (قال الزهري: ثم نزلت بعد ذلك فرائض وأمور، نرى أن الامر انتهى إليها، فمن استطاع أن لا يفتر فلا يفتر.
قال أبوبكر:فاسمعوا الدليل البين الواضح أن النبي  إنما اراد بقوله في هذا الخبر (حرم على النار) أي حرم على النار أن تأكله، لا أنه حرم على النار أن تؤذيه أو تمحشه أو تمسه، لأن النار إذا اكلت ما يلقى فيها، يصير المأكول نارا، ثم رمادا، واهل التوحيد وإن دخلوا النار بذنوبهم وخطإياهم لا تأكلهم النار اكلا يصيرون جمراً ثم رمادا، (بل يصيرون فحما، كما ذكرنا في الاخبار التي قدمنا ذكرها في أبواب الشفاعات، والشي إذا احترق كله فصار جمراً، بعد احتراق الجميع، يصير بعد الجمر رمادا) لا يصير فحما، إذا احترق احتراقا ناعما، فافهموا هذا الفصل، لا تغالطوا فتصدوا عن سواء السبيل، ولك ما يذكر من الاخبار، من هذا الجنس على هذاا لمعنى، فأفهموه.

13- (502): حدثنا محمد بن يحيى، قال: ثنا سليمان بن داود الهاشمي قال: ثنا إبراهيم –يعني ابن سعد عن ابن شهاب، قال: أخبرني محمود بن ربيع الآنصاري، أنه عقل رسول الله ، وعقل مجة مجها رسول الله من دلو من بئر، كانت في دارهم، في وجهه فزعم محمود أنه سمع عتبان بن مالك الآنصاري، وكان ممن شهد بدرا مع رسول الله ‘ فذكر محمد بن يحيى الحديث بطوله وفي الخبر فقال رسول الله : (فإن الله قد حرم على النار أن تأكل من قال لا اله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله).

14- (503): حدثنا محمد بن أبي صفوان الثقفي، قال: ثنا بهز بن أسد قال: ثنا حماد ابن سلمة، قال: ثنا ثابت، عن أنس قال: ثنا عتبان بن مالك أنه عمي، فأرسل إلى رسول الله ، فذكر الحديث وفيه (فابن لي مسجدا أو خط لي مسجدا) فجاء رسول الله ، وجاء قومه، وتغيب رجل منهم، يقال له (مالك الدخشمي، أو) مالك بن الدخشم، قالوا: يا رسول الله انه، وانه، يقعون فيه، قال: فقال رسول الله : (أليس يشهد أن لا اله إلا الله، وإني رسول الله؟ قال: إنما يقولها متعوذا، قال: والذي نفسي بيده، لا يقولها أحد صادقا إلا حرمت عليه النار).

15- (..): حدثنا عبد الوارث بن عبدالصمد، قال: ثنا أبي قال: ثنا حماد.

16- (504): وثنا محمد بن يحيى، قال: ثنا محمد بن كثير، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن انس، أن عتبان بن مالك عمى، فأرسل إلى رسول الله  (أن تعال فخط لي مسجداً في دارى، فجاء رسول الله  واجتمع إليه قومه، وتغيب مالك بند الدخشم فذكروا مالكا، فوقعوا فيه فقالوا: يا رسول الله، إنه منافق، فقال رسول الله : (أليس يشهد أن لا اله إلا الله، وإني رسول الله؟ قالوا: بلى، إنما يقولها تعوذا، قال: والذي نفسي بيده لا يقولها أحد صادقا، إلا وجبت له الجنة وحرمت عليه النار). وهذا حديث محمد بن يحيى.

17- (...): حدثنا محمد بن يحيى قال: ثنا محمد بن عبدالله الخزاعي: قال: أخبرنا حماد، عن ثابت، عن انس، عن عتبان بن مالك أنه عمى، فبعث إلى النبي  أن ائتني، فصل في داري، لعلي اتخذ مصلاك مسجدا فذكر بمثله.

18- (506): وثنا محمد، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن ثابت، عن انس، عن عتبان بن مالك الآنصاري، وكان ضريراً، فقال: (يارسول الله: تعال، فصل في دارى حتى اتخذ مصلاك مسجدا) بمثله، غير أنه قال: إلاحرمت عليه النار، ولم يقل: وجبت له الجنة.

19- (507): حدثنا عبدالله بنا هاشم، قال: ثنا بهز –يعني ابن أسد ثنا سليمان بن المغيرة، قال: ثنا ثابت، عن انس، أن عتبان بن مالك، اشتكى عينيه، فبعث إلى رسول الله ، فذكر له ما أصابه، وقال:يا رسول الله تعال صل في بيتي، حتى اتخذه مصلى، فجاء رسول الله ، ومن شاء الله من أصحابه، فقام رسول الله  يصلى وأصحابه يتحدثون ويذكرون ما يلقون من المنافقين، وأسندوا عظم ذلك إلى مالك بن الدخشم فانصرف رسول الله ‘ وقال: أليس يشهد أن لا اله الله وإني رسول الله؟ قال قائل: بل،وما هو من قلبه، فقال رسول الله ‘: (من شهد أن لا اله إلا الله وإني رسول الله، فلم تطعمه النار، أو قال: لن يدخل النار).

20- (508): حدثنا زيد بن أخزم، قال ثنا عبدالصمد، قال سليمان بن المغيره، عن ثابت، عن أنس بن مالك، عن عتبان بن مالك أن النبي  قال: (من مات وهو يشهد أن لا اله إلا الله، وإن محمداً رسول الله، فحرام على النار أن تطعمه).
قال أبوبكر: هذا الخبر،كأن أنس بن مالك سمعه من محمود بن الربيع، عن عتبان بن مالك، ثم سمعه من عتبان، فأمر ابنه بكتابته، كذلك حدثنا عتبة بن عبدالله قال: ثنا عبدالله بن المبارك، قال: أخبرنا سليمان بن المغيره، عن ثابت، عن انس، قال: ثنا محمود بن الربيع، عن عتبان بن مالك، حديثه في ابن الدخشم، قال انس: فقدمت المدينة، فلقيت عتبانا، قال انس: فأعجبني هذا الحديث فقلت لابني: اكتبه، فكتبه.

21- (509): فحدثنا محمد بن يحيى، قال: ثنا عبد الرزاق قال: ثنا معمر، عن الزهري، قال: حدثني محمود بن الربيع عن عتبان بن مالك، قال: اتيت رسول الله ، فقلت: إني قد انكرت بصرى، وإن السيول تحول بيني وبين مسجد قومي. ولوددت انك جئت، فصليت في بيتي مكانا اتخذه مسجداً، فقال النبي : افعل أن شاء الله، قال: فمر النبي  على أبي بكر، فاستتبعه، فانطلق معه، فاستأذن، فدخل (على) فقال:وهو قائم اين تريد أن أصلي؟ قال: فأشرت له حيث أريد، قال: ثم حبسته على خزير صنعناه له، فسمع به أهل الوادي –يعني به أهل الدار فثأبوا إليه حتى امتلأ البيت، فقال رجل: اين مالك بن الدخشم، فقال رجل: إن ذلك رجل منافق، لا يحب الله ولا رسوله، فقال النبي : لا تقول، وهو يقول لا اله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله فقال: يا رسول الله، أما نحن، فنرى وجهه، وحديثه الىالمنافقين، فقال النبي : أيضاً لا تقول، وهو يقول لا اله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله، قال: بلى، يا رسول الله، قال:فلن يوافي عبد، يوم القيامة، يقول لا اله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله،الا حرم على النار)قال محمود: فحدثت بهذا الحديث نفرا فيهم أبو أيوب الآنصاري، فقال ما اظن رسول الله  قال: ما قلت، قال: فآليت أن رجعت إلى عتبان بن مالك أن أسأله، فرجعت إليه، فوجدته شيخاً كبيراً امام قومه، وقد ذهب بصره، فجلست إلى جنبه، فسألته عن هذا الحديث فحدثنيه كما حدثنيه اول مره قال معمر: فكان الزهري إذا حدث بهذا الحديث، قال: ثم نزلت فرائض وأمور، نرى أن الامر انتهى إليها، فمن استطاعان لا يفتر، فلا يفتر.

22- (510): ثنا محمد بن يحيى، قال: ثنا إسحاق بن عيسى بن الطباع قال: أخبرني مالك، عن الزهري، عن محمود بن الربيع، الأنصاري، أن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى وانه قال: يا رسول الله (انه يكون المطر والظلمة والسيل،وانا رجل ضرير البصر، فصل يا نبي الله، في بتي مكانا، اتخذه مصلى فجاءه رسول الله ، وقال: اين تحب أن أصلي؟ فأشار إلى مكان من البيت، فصلى فيه رسول الله )
قال أبوبكر: رواه مالك مختصراً، ولم يزد على هذا.

23- (511): حدثنا محمد بن يحيى، قال: ثنا سليمان بن داود الهاشمي قال: أخبرنا إبراهيم –يعني ابن سعد عن ابن شهاب، قال: أخبرني محمود بن ربيع الأنصاري، أنه عقل رسول الله ، وعقل مجة مجها رسول الله ، من دلو من بئر كانت في دارهم، في وجهه فزعم محمود أنه سمع عتبان بن مالك الآنصاري وكان ممن شهد بدرا مع رسول الله  يقول: (كنت أصلي لقومي بني سالم فكان يحول بيني وبينهم واد وإذا جاءت الامطار، قال: فيشق علي أن اجتازه قبل مسجدهم، فئجت رسول الله ، فقلت له: إني قد انكرت من بصرى وإن الوادي الذي بيني وبين قومي يسيل إذا جاءت الامطار، فيشق على اجتيازه، فوددت انك تأتيني، فتصلي في بيتي، فثاب رجال منهم حتى كثر الرجال في البيت فقال رجل منهم: اين مالك بن الدخشن أو الدخشم لا اراه؟ فقال رجل منهم: ذلك منافق لا يحب الله ولا رسوله، فقال رسول الله  لا تقل ذلك، إلا تراه يقول لا اله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله، فقال: الله ورسوله أعلم، أما نحن، فوالله لا نرى وده وحديثه إلا إلى المنافقين، فقال رسول الله : فإن الله قد حرم على النار أن تأكل من قال لا اله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله) قال محمود بن ربيع: فحدثتها قوماً، فيهم أبو أيوب الآنصاري، صاحب رسول الله . في غزوته التي توفي فيها ويزيد بن معاوية عليهم بأرض الروم فأنكرها على أبو أيوب، فقال: والله ما أظن رسول الله  قال ما قلت قط، فكبر ذلك علي، فجعلت لله علي، لئن سلمني حتى اقفل من غزوتي أن، اسأل عنها عتبان بن مالك أن وجدته حيا في مسجد قومه، فقفلت، فأهللت من ايلياء بعمرة، ثم سرت، حتى قدمت المدينة، فأتيت بني سالم، فإذا عتبان بن مالك شيخ أعمى، يصلي بقومه فلما سلم من الصلاة، سلمت عليه، وأخبرته، من أنا ثم سألته عن ذلك الحديث، فحدثنيه كما حدثنيه اول مرة قال محمد الزهري: ولكنا ادركنا الفقهاء وهم يرون أن ذلك كان قبل أنت تنزل موجبات الفرائض في القرآن فإن الله قد اوجب على أهل هذه الكلمة التي ذكرها رسول الله  وذكر أن النجاة بها فرائض في كتابه، نحن نخشى أن يكون الامر صار إليها، فمن استطاع أن لا يفتر، فلا يفتر).

24- (512): حدثنا محمد بن يحيى، قال: ثنا أبو صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني محمود بن الربيع الآنصاري، قال محمد بن يحيى بهذه القصة إلا أنه قال: اين مالك بن الدخشن؟ وزاد قال ابن شهاب: ثم سألت الحصين بن محمد الآنصاري وهو أحد بني سالم، وكان من سراتهم عن حديث محمود بن الربيع، فصدقة بذلك.

25- (513): حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا ابن أبي عدي، قال: أخبرنا شعبة، عن خال وهو الحذاء، عن الوليد أبي بشر، عن مران بن ابان، عن عثمان، عن النبي ، قال: (من مات وهو يشهد أن لا اله إلا الله، دخل الجنة).

26- (....): حدثناه محمد بن عباد الواسطي، قال: ثنا موسى بن داود، قال: ثنا شعبة بهذا الإسناد، بمثله قال: (وهو يقول لا اله إلا الله دخل الجنة).

27- (514): حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله : (من مات وهو يشهد أن لا اله إلا الله، وان محمداً رسول الله، صادقاً من قلبه دخل الجنة) قال شعبة: لم أسأل قتادة اسمعه من أنس أو لا.

28- (515): حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، قال: ثنا المعتمر، عن أبيه، عن انس، أنه ذكر له أن النبي ‘ قال لمعاذ: " من لقي الله لا يشرك به شيئاً، دخل الجنة، قال: يا نبي الله: افلا ابشر الناس؟ قال: لا، إني اخاف أن يتكلوا".

29- (516): حدثنا أبو الاشعث، قال: ثنا المعتمر، عن أبيه قال: ثنا أنس بن مالك قال: (ذكر لي أن رسول الله ‘ قال لمعاذ بن جبل: من لقى الله لا يشرك به شيئاً، دخل الجنة، فقال: يا رسول الله، أفلا ابشر الناس؟ قال: إني اخاف أن يتكلوا).

30- (...): حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سليمان –يعني التيمي عن أنس قال: ذكر لي أن النبي ‘ قال لمعاذ، لم اسمعه منه بمثله.

31- (...): حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، قال: ثنا بشر ابن المفضل، قال: ثنا التيمي، عن أنس قال: ذكر لي أن النبي  قال لمعاذ: (من لقي الله) بمثله.

32- (...): حدثنا أبو موسى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، قال: سمعت أبا حمزة وهو جارهم يحدث أن انسا قال: قال رسول الله  لمعاذ بن جبل: (أعلم أنه من مات، وهو يشهد أن لا اله إلا الله، دخل الجنة).
قال أبوبكر: قرأت على بندار أن ابن أبي عدي حدثهم عن شعبة عن صدقة، عن أنس بن مالك، عن معاذ بن جبل، قال: قال رسول الله : (من مات يشهد أن لا اله إلا الله، دخل الجنة).
قال أبوبكر: صدقة، هذا رجل من آل أبي الاحوص كذا كان في الكتاب علمي.
وروى سلمة بن وردان، وانا أبرأ من عهدة هذا الخبر، عن أنس فأخطأ في هذا الإسناد، فزعم أن أنسا سمع هذا الخبر من معاذ بن جبل، ثم سمعه من النبي .


33-(...): كذلك حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني سلمة بن وردان، قال: كنت جالساً مع أنس بن مالك الآنصاري فقال انس: فجاء معاذ بن جبل الآنصاري من عند رسول الله ، فقلت: (من اين جئت؟ فقال: من عند رسول الله )، قلت: ماذا قال لك؟ قال: قال رسول الله : (من شهد أن لا اله إلا الله مخلصاً، دخل الجنة فقلت: أنت سمعته، قال نعم، قال أنس: فقلت اذهب إلى رسول الله ، فأسأله، فقال نعم، فأتاه، فسأله فقال: صدق معاذ، صدق معاذ، صدق معاذ ثلاثا).

34- (517): حدثنا بشر بن خالد العسكري، قال: ثنا سعيد بن مسلمة، عن سلمة بن وردان، مولى خزاعة، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: أتاني معاذ بن جبل من عند رسول الله ، فقلت (يا معاذ من اين جئت؟ قال: من عند رسول الله ) قلت: ما قال؟ قال: من قال لا اله إلا الله دخل الجنة قال أنس: سمعت هذا منه، قال: اذهب، فسله، فأتيت النبي ، فقلت: يا رسول الله، حدثني معاذ بن جبل إنك قلت: من قال لا اله إلا الله، مخلصاً، دخل الجنة قال: نعم، صدق معاذ صدق معاذ، صدق معاذ.

35- (518): حدثنا مؤمل بن هشام اليشكري، قال: ثنا إسماعيل عن يونس، عن حميد بن هلال، عن هصان بن الكاهن قال: دخلت مسجد البصره على عهد عثمان بن عفان _، فإذا رجل أبيض الرأس واللحية يحدث عن معاذ بن جبل، عن رسول الله  أنه قال: ما من نفس تموت تشهد أن لا اله إلا الله، وتشهد إني رسول الله، يرجع ذاك إلى قلب موقن، إلا غفر الله لها، قال: قلت: أنت سمعت ذلك من معاذ بن جبل، قال: كأن القوم عنفوني قال: لا تعنفوه أو لا تؤنبوه (دعوه) نعم، أنا سمعت ذا الخبر من معاذ بن جبل (يرويه) عن رسول الله ‘، كرر هذا مؤمل ثلاث مرات، قلت لرجل إلى جنبي، من هذا؟ قال: هذا عبدالرحمن بن سمره.

(...): حدثناه محمد بن بشار، قال: ثنا أبو زيد صاحب الهروي.

36- (519): وثنا أبو موسى، قال: ثنا سعيد بن الربيع، أبو زيد قال: ثنا شعبة، عن إسماعيل، قال: سمعت الشعبي، يحدث عن رجل، عن سعدى امرأة طلحة ابن عبيدالله، أن عمر بن الخطاب _ مر بطلحة بن عبيدالله، حين استخلف أبوبكر، فقال: ما لي اراك كئيبا، لعلك كرهت امارة ابن عمك، قال: لا، ولكن سمعت رسول الله  قال كلمة، لم أسأله عنها، حتى مات أو قبض، قال: إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد عند موته، إلا كانت له نورا في صحيفته، وان روحه وجسده ليجدان لها راحة عند الموت، إني لأعلم ما هي، هي لا اله إلا الله كلمته التي أراد عمه عليها، قال: ما أراها إلا ذلك) هذا لفظ حديث بندار، وقال أبو موسى راحة عند الموت، فقال عمر: إني لأعلم ما هي لا اله إلا الله، هي الكلمة التي اراد عمه عليها لا أراها إلا إياها.
قال أبوبكر: الذي انكرت من رواية سلمة بن وردان أن ذكره أنه سمع أنس بن مالك، أنه سمع معاذ بن جبل يذكر هذا الخبر عن النبي ، وأنه سأل النبي  عن ذلك، فصدق معاذ.

37- (...): قد حدث بهذا الخبر أيضاً محمد بن يحيى، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سلمة، قال: سمعت انساً.

38- (....): وثنا محمد أيضاً، قال: ثنا جعفر بن عون، قال: أخبرنا سلمة بن وردان، الحديث بتمامه.
قال أبوبكر: لست أنكر أن يكون أنس بن مالك قد سمع النبي  يقول: (من قال لا اله إلا الله دخل الجنة ". في غير الوقت الذي ذكر سلمة بن وردان، أنه أتى النبي ، فسأله عما ذكر معاذ بن جبل عنه.

39- (520): لأن ابن عزيز حدثني، قال: حدثني سلامة، عن عقيل، عن ابن شهاب، قال: قال أنس بن مالك الآنصاري: (بينا نحن مع النبي  هبط ثنية ورسول الله  يسير وحده، فلما استهلت به الطريق، ضحك (وكبر)، وكبرنا لتكبيره، فسار رتوة ثم ضحك وكبر، فكبرنا لتكبيره، ثم أدركناه، فقال القوم: كبرنا لتكبيرك ولا ندري مم ضحكت؟، فقال: ابشر وبشر امتك أنه من قال لا اله إلا الله وحده لا شريك له دخل الجنة، فضحكت وكبرت ربي، ثم سار رتوة، ثم التفت فقال: ابشر وبشر امتك أنه من قال لا اله إلا الله وحده لا شريك له دخل الجنة، وقد حرم الله عليه النار، فضحكت وكبرت ربي وفخرت بذلك لامتي).
قال أبوبكر: هذا خبر غريب، وإنما انكرت من خبر سلمة بن وردان أن ذكره أن أنسا سمع هذا الخبر من معاذ بن جبل، فإن سليمان التيمي وهو احفظ من عدد مثل سلمة، وأعلم بالحديث من جماعة، امثال سلمة رواه عن أنس قال: ذكر لي عن معاذ بن جبل، فأما من قال: عن أنس عن معاذ فقد اعذر، ولم يذكر سماعاً كذلك.

40- (...): رواه أيضاً عبد العزيز بن صهيب، عن أنس عن معاذ لم يقل سمعت ولا ذكر لي.

(521): حدثناه أحمد بن عبده، قال: أخبرنا حماد –يعني ابن زيد عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك، عن معاذ بن جبل، قال: (قال لي رسول الله ): "يا معاذ: قلت لبيك يا رسول الله وسعديك، قال: بشر الناس أو قال انذر الناس من قال لا اله إلا الله دخل الجنة".

41- (522): حدثنا الربيع بن سليمان، قال: ثنا شعيب –يعني ابن الليث قال: أخبرنا الليث، عن محمد بن العجلان، عن الصنابحي، أنه قال: دخلت على عبادة بن الصامت، وهو في الموت فبكيت، فقال: مهلاً لم تبكي؟ فوالله لو إني استشهدت لاشهدن لك، ولئن شفعت لاشفعن لك، ولئن استطعت لانفعنك، ثم قال: والله ما من حديث سمعته من رسول الله لكم فيه خير إلا حدثتكموه، إلا حديثاً واحداً، وسوف احدثكموه اليوم، وقد احيط بنفسي، سمعت رسول الله  يقول: " من شهد أن لا اله إلا الله وإن محمداً رسول الله، حرمه الله على النار".

42- (523): حدثنا أحمد بن عبدالله بن عبد الرحيم البرقي، قال: ثنا سعيد بن الحكم بن أبي مريم، قال: أخبرنا يحيى بن أيوب، قال: حدثني محمد بن عجلان، عن محمد ابن يحيى بن حبان، عن عبدالله بن محيريز، عن الصنابحي فذكر بمثله، إلا أنه قال: (من لقي الله يشهد أن لا اله إلا الله وإن محمداً رسول الله دخل الجنة).

43- (524): حدثنا أبو موسى، قال ثنا محمد بن جهضم، قال: ثنا إسماعيل بن جعفر، عن محمد بن عجلان، عن محمد بن يحيى، بن حبان، عن ابن محيريز، عن الصنابحي، أنه سمع عبادة بن الصامت حين حضره الموت، يقول: (والله ما كتمتك حديثاً سمعته من رسول الله لك فيه خير إلا حديثا واحداً: سمعت رسول الله  يقول: " من لقي الله يشهد أن لا اله إلا الله وإن محمداً رسول الله، دخل الجنة".

44- (525): حدثنا إبراهيم بن المستمر بصري، قال: ثنا بدل بن المحبر: أبو المنير التميمي اليربوعي، قال: ثنا المحرز بن كعب الباهلي، قال: حدثني رياح بن عبيدة، أن ذكوان السمان حدثه أن جابر بن عبدالله حدثه: (أن رسول الله ‘ بعثه، فقال: اذهب فناد في الناس أن من شهد أن لا اله إلا الله موقناً أو مخلصاً فله الجنة).
فذكر الحديث بتمامه، في لقي عمر بن الخطاب _ إياه، ورده إلى رسول الله  وقوله: أن الناس قد حسوا
أو طمعوا قال: اجلس. قال أبو بكر قال لنا محمد بن يحيى في هذا الخبر أن الناس قد طمعوا أو حسوا قال: اقعد.

45- (....): حدثا محمد بن يحيى قال: ثنا حفص بن عمر، قال:ثنا المحرز بن كعب، قد أمليته في كتاب الإيمان.

46- (526): وروى مستورد بن عباد الهنائي، قال: ثنا ثابت البناني، عن أنس بن مالك، قال: قال رجل: يا رسول الله: ما تركت من حاجة ولا داجة، إلا اتيت عليها، قال: أولا تشهد أن لا اله إلا الله وإن محمداً رسول الله؟ قال: نعم، قال: فإن هذا يأتي على ذلك كله".

(........): حدثناه زيد بن أخزم، وإبراهيم بن المستمر، قالا: ثنا أبو عاصم، عن مستورد ابن عباد، قال زيد: (فإن هذا يذهب هذا).

47- (527): حدثنا إسحاق بن إبراهيم الصواف، قال: ثنا بدل بن المحبر قال: ثنا زائدة، عن عبدالله بن محمد بن عقيل، قال: سمعت ابن عمر، عن عمر، أن رسول الله أمره أن يؤذن الناس أن من يشهد أن لا اله الله وحده لا شريك له، مخلصاً فله الجنة، قال عمر: يا رسول الله: إذا يتكلوا، قال: فدعهم".

48- (....): حدثناه أيضاً محمد بن يحيى، قال: ثنا بدل بن المحبر، أحسبني قد أمليته في كتاب " الإيمان".

49- (528): حدثنا علي بن سهل الرملي، قال: ثنا الوليد بن مسلم، قال: ثنا أبو عمرو الاوزاعي، قال: حدثني المطلب بن عبدالله بن حنطب المخزومي، عن عبدالرحمن ابن أبي عمرة الآنصاري، عن أبيه، قال: (خرجنا مع رسول الله  (في بعض غزواته، فذكر حديثاً طويلاً، وقال في آخره: ثم قال ) اشهد أن لا اله إلا الله وإني رسول الله، وأشهد عند الله أنه لا يلقاه عبد مؤمن بهما إلا حجبنتاه عن النار يوم القيامة).

50- (.....): حدثنا محمد بن يحيى، قال: ثنا إبراهيم بن عبدالله بن العلاء، بن زبر الربعي، قال: حدثني عبدالرحمن بن أبي عمرة، قال: حدثني أبي، قال: كنا مع رسول الله، فذكر الحديث بطوله نحو حديث الوليد.

51- (.....): ورواه ابن عجلان، عن عاصم بن عبيدالله بن عاصم، عن المطلب بن عبدالله ابن حنطب، عن أبي عمرة الآنصاري، عن النبي ، نحو حديث الاوزاعي، حدثناه الربيع بن سليمان، قال: ثنا شعيب، قال: ثنا الليث، عن محمد بن العجلان.
قال أبوبكر: أنا برئ من عهدة عاصم بن عبيدالله مع اسقاطه عبدالرحمن ابن أبي عمرة من الإسناد.

52- (529): حدثنا محمد بن يحيى، قال: ثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان، قال: حدثني أبي، قال: كنت أنا وعكرمة، ويزداد، فقال: إن ابنا لمحمد أو عبدالرحمن بن أبي بكر، كان يصيب من هذا الشراب، فلما حضره الموت قالت عائشة: ~ إني لارجو أن لا يطعم ابن اخي النار، أن رسول الله قال لعمه: قل لا اله إلا الله اشهد لك بها يوم القيامة)، قال أبي: فأجابه عكرمة، قال: قال أبو هريرة: استغفروا له، فإنما يستغفر للمسيء مثله.

53- (530): حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا يحيى –يعني ابن سعيد قال: ثنا يزيد بن كيسان، قال: حدثني أبو حازم، عن أبي هريرة ~، قال: قال رسول الله  لعمه: " قل لا اله إلا الله اشهد لك بها يوم القيامة، قال: لولا أن تعيرني قريش إنما حملة عليه الجزع لاقررت بها عينك، فأنزل الله تعالى: " انك لا تهدى من احببت ولكن الله يهدي من يشاء".

54- (531): حدثنا عمر بن حفص الشيباني، قال: ثنا عبدالله بن وهب، قال ثنا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن عون بن عبدالله، عن يوسف بن عبدالله، عن أبيه، قال: سمعت رسول الله يقول: " من شهد أن لا اله إلا الله مخلصاً، وان محمداً رسول الله وجبت له الجنة".

55- (532): حدثنا محمد بن بشار، وأبو موسى، قالا: ثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، عن زيد بن وهب، عن أبي ذر، قال: قال رسول الله : (قال لي جبريل: من مات من امتك لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة، ولم يدخل النار، قلت: وإن زنى وإن سرق، قال:وان زنى وإن سرق، وقال بندار: أو لم يدخل النار، قال: وان سرق وإن زنى، قال: وإن سرق وإن زنى).

56- (533): حدثنا مؤمل بن هشام، قال: ثنا إسماعيلـ عن الجريرى، قال: حدثني موسى، عن محمد بن سعد بن أبي وقاص: أن أبا الدرداء،قال: عن النبي  أنه قرأ: ولمن خاف مقام ربه جنتان، قلت: وإن زنى وإن سرق يا رسول الله؟ (فإن قراءتها ليس هكذا، أو أنا ليس كذلك تجدنا) فقال: قرأها رسول الله: " ولمن خاف مقام ربه جنتان) قلت: فإن زن ىوان سرق يا رسول الله؟، قال: " ولمن خاف مقام ربه جنتان" وإن زنى وإن سرق، ورغم انف أبي الدرداء". فلا أزال اقرؤها كذلك حتى ألقاه.

57- (534): حدثنا أبو طالب زيد بن اخزم، قال: ثنا أبو داود، قال ثنا شعبة، قال: أخبرني حبيب بن أبي ثابت، وعبد العزيز بن رفيع، والأعمش عن زيد بن وهب، عن أبي ذر (أن النبي  قال: أتاني جبريل، فبشرني أنه من مات منامتي لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: نعم".
ثنا به مرة، ولم يذكر الأعمش في الإسناد.

58- (535): حدثنا عبد الوارث بن عبدالصمد، قال: حدثني أبي قال: ثنا مهدي، عن واصل، عن المعرور بن سويد، عن أبي ذر، قال: سمعت رسول الله يقول: (أتاني آت من ربي فإما بشرني واما قال: أخبرني أنه قال: من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة، قلت: وإن زنى وسرق؟ قال: وإن زنى وسرق).

59- (536): حدثنا عبدالله بن إسحاق الجوهري، قال ثناحفص بن عمر الحوضي قال: ثنا مرجى بن رجاء، قال: ثنا محمد بن الزبير، عن رجاء بن حيوة، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، عن النبي قال: (من قال لا اله إلا الله دخل الجنة، قلت: وإن زنى، وإن سرق؟، قال: وإن زنى وإن سرق).

60- (537): حدثنا أبو موسى، قال ثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن سليمان عن أبي وائل، عن عبدالله، قال: قال رسول الله ‘ كلمة وانا أقول اخرى قال: " من مات وهو يجعل لله ندا دخل النار، قال: وانا أقول: وهو لا يجعل لله ندا دخل الجنة ".
قال أبوبكر: قد كنت أمليت أكثر هذا الباب في كتاب "الإيمان"، وبينت في ذلك الموضع معنى هذه الاخبار، وإن معناها ليس كما يتوهمه المرجئة وبيقين يعلم كل عالم من أهل الاسلام: أن النبي لم يرد بهذه الاخبار أن من قال لا اله إلا الله أو زاد مع شهادة أن لا اله إلا الله شهادة أن محمداً رسول الله ولم يؤمن بأحد من الأنبياء، غير محمد  ولا آمن بشيء من كتاب الله، ولا بجنة ولا نار، ولا بعث ولا حساب أنه من أهل الجنة، لا يعذب بالنار، ولئن جاز للمرجئة الاحتجاج بهذه الاخبار، (وان كانت هذه الاخبار) ظاهرها خلاف اصلهم، وخلاف كتاب الله وخلاف سنن النبي-، جاز للجهمية الاحتجاج بأخبار رويت عن النبي  إذا تؤولت على ظاهرها، استحق من يعلم أن الله ربه وإن محمداً نبيه الجنة، وإن لم ينطق بذلك لسانه، ولا يزال يسمع أهل الجهل والعناد، ويحتجون بأخباره مختصرة، غير متقصاه، وبأخبار مجملة غير مفسرة، لا يفهمون اصول العلم، يستدلون بالمتقصى من الاخبار على مختصرها، وبالمفسر منها على مجملها، قد ثبتت الاخبار عن النبي ‘ بلفظة، لو حملت على ظاهرها كما حملت المرجئة الاخبار التي ذكرناها في شهادة أن لا اله إلا الله (على ظاهرها لكان العالم بقبله: أن لا اله إلا الله) مستحقاً للجنة، وإن لم يقر بذلك بلسانه، ولا اقر بشيء مما أمر الله (تعالى) بالاقرار به، ولا آمن بقلبه بشيء أمر الله بالإيمان به ولا عمل بجوارحه شيئاً أمر الله به، ولا انزجر عن شيء حرمه الله: من سفك دماء المسلمين، وسبي ذراريهم وأخذ اموالهم، واستحلال حرمهم فاسمع الخبر الذي ذكرت أنه غير جائز أن يحمل على ظاهرة، كما حملت المرجئة الاخبار التي ذكرناها على ظاهرة.

61- (538): حدثنا أحمد بن المقدام العجلي، قال: ثنا بشر يعني ابن المفضل قال: ثنا خالد يعني الحذاء عن الوليد أبي بشر قال: سمعت حمران بن ابان، يحدث عن عثمان بن عفان عن النبي  قال:
"من مات وهو يعلم أن لا اله إلا الله دخل الجنة"

62- (539): حدثنا أبو الخطاب زياد بن يحيى، قال: ثنا بشر يعني ابن المفضل قال: ثنا خالد عن الوليد أبي بشر، قال: سمعت حمران، يقول: (سمعت عثمان يقول: سمعت رسول الله يقول: " من مات وهو يعلم أن لا اله إلا الله دخل الجنة".

63- (....): حدثنا أحمد بن المقدام، قال: ثنا إسماعيل –يعني ابن علية قال: ثنا خالد، عن الوليد بن مسلم وهو أبو بشر عن حمران بن ابان، عن عثمان بن عفان، قال: سمعت رسول الله يقول بمثله.

64- (....): حدثنا بشر بن معاذ (قال: ثنا بشر) –يعني ابن المفضل بمثل حديث أبي الخطاب سواء.

65- (.....): ثنا نصر بن الجهضمي، قال أخبرنا بشر بن المفضل بمثل حديث أبي الخطاب.

66- (....): وثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن عليه عن خالد الحذاء، بهذا الإسناد، معنى بمثله.

67- (.....): وثنا محمد بن الوليد قال: ثنا محمد يعني ابن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن خالد الحذاء، عن أبي بشر العنبري، عن حمران بن ابان عن عثمان بن عفان، قال: قال رسول الله  بمثله.
قال شعبة: وهو خبر عبد الحميد بن لاحق، يريد (خبر) أبي بشر العنبري.
كذلك: ثنا محمد بن الوليد، قال: ثنا محمد، قال: ثنا شعبة.

68- (540): وثنا عبدة بن عبدالله الخزاعي، قال: ثنا عبدالله بن حمران، قال سمعت شعبة، عن بيان، قال حمران يحدث عن عثمان بن عفان، أن رسول الله  قال: " من علم أن لا اله إلا الله دخل الجنة".

69- (541): حدثنا زيد بن اخزم، قال: ثنا عبدالصمد، قال: ثنا شعبة عن خالد بن الحذاء، عن الوليد، أبي بشر، عن حمران بن أبان، عن عثمان بن عفان، _، عن النبي- قال: "من مات وهو يعلم أن لا اله إلا الله دخل الجنة".

70- (542): حدثنا محمد بن يحيى، قال: ثنا أيوب بن سليمان بن بلال"

71- (....): و".. (حدثنا العباس بن عبد العظيم)، قال: ثنا أيوب بن سليمان بن بلال صاحب الكردى".

72- (....): وثنا محمد بن سفيان الابلي، قال: ثنا أيوب بن سليمان الحارث، قال: ثنا عمر بن محمد بن عمر معدان الحارسي، عن عمران القصير، عن عبدالله بن أبي القوص، عن مطرف، عن عمران بن حصين، قال: ألا احدثكم بحديث ما حدثت به احداً منذ سمعته من رسو الله  (مخافة أن يتكل الناس): " من علم أن الله ربه وإني نبيه صادقاً من قلبه وأومأ بيده إلى خلدة صدره حرم الله لحمه على النار".
وقال العباس بن عبد العظيم العنبري: عن عمران بن حصين، قال: قال لنا: لأحدثنكم بحديث، زاد محمد بن سفيان قال: وكان قد جعل في حل من قال القصير، وزاد في آخره: (إنما قال عبدالله، فحدثت به أحد ولد عبد الملك فاستحلفني ثلاثة ايمان صبراً بالله، لسمعته من مطرف (قال: فحلفت له، ثم حدثت به أحد ولد عبد الملك بعده) استحلفني ثلاثة ايمان صبراً بالله: لسمعته من مطرف؟ كأنه كان شاهداً للحديث الاول، فحلفت له، فقال لكاتبه: أثبت هذا عندك.
ثنا به العباس مرة، قال: ثنا أبو يحيى أيوب بن سليمان بن يسار، صاحب الكردي.

73- (543): حدثنا محمد بن يحيى القطعي، قال: ثنا زياد بن الربيع، قال ثنا هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي الديلم، قال: كنت ثالث ثلاثة ممن يخدم معاذ بن جبل، فلما حضرته الوفاة قلنا له: رحمك الله، إنما صحبناك، وانقطعنا إليك واتبعناك لمثل هذا اليوم، فحدثنا بحديث سمعته من رسول الله، ننتفع به، قال: نعم، وما ساعة الكذب هذه، سمعت رسول الله  يقول:
"من مات وهو يوقن بقلبه أن الله حق، وإن الساعة حق، وإن الله يبعث من في القبور قال ابن سيرين أما قال: دخل الجنة واما قال: نجا من النار".
لئن جاز للجهمي الاحتجاج بهذه الاخبار، أن المرء يستحق الجنة، بتصديق القلب بأن لا اله إلا الله وبأن الله حق، وإن الساعة قائمة، وإن الله يبعث من في القبور ويترك الاستدلال بما سنبينه بعد أن شاء الله من معنى هذه الاخبار، لم يؤمن أن يحتج جاهل لا يعرف دين الله، ولا أحكام الاسلام، بخبر عثمان، عن النبي ، (من علم أن الصلاة عليه حق واجب، دخل الجنة) فيدعي أن جميع الإيمان: هو العلم بأن الصلاة عليه حق واجب، وإن لم يقر بلسانه مما أمر الله بالاقرار به، ولا صدق بقلبه بشيء مما أمر الله بالتصديق به، ولا أطاع في شيء أمر الله به، ولا انزجر عن شيء حرمه الله، إذ النبي- قد أخبر أن من علم أن الصلاة عليه حق واجب دخل الجنة، كما خبر أن من شهد أن لا اله إلا الله دخل الجنة.

74- (544): حدثنا بهذا الخبر محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، قال: ثنا خالد، قال: ثنا عمران، وهو ابن حدير، عن عبد الملك بن عبيد، قال: قال حمران بن ابان، قال امير المؤمنين عثمان (بن عفان _) وكان قليل الحديث عن رسول الله قال: "من علم أن الصلاة عليه حق واجب ومكتوب، دخل الجنة".

75- (545): حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عثمان بن عمر، قال: ثنا عمران بن حدير عن عبد الملك وهو ابن عبيد عن حمران بن ابان، عن عثمان، وكان قليل الحديث عن رسول الله ، قال: قال رسول الله : " من علم أن الصلاة حق مكتوب عليه، أو حق واجب دخل الجنة".

76- (546): حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا عمران بن حدير، عن عبد الملك بن عبيد، قال: سمعت حمران بن ابان قال: سمعت عثمان بن عفان وكان قليل الحديث عن رسول الله ‘ قال: "من علم أن الصلاة عليه حق واجب دخل الجنة".
قال أبوبكر: فإن جاز الاحتجاج بمثل هذا الخبر المختصر في الإيمان واستحقاق المرء به الجنة، وترك الاستدلال بالاخبار المفسرة المتقصاة لم يؤمن أن يحتج جاهل معاند فيقول: بل الإيمان اقامة صلاة الفجر وصلاة العصر، وإن مصليها يستوجب الجنة، ويعاذ من النار، وإن لم يأت بالتصديق، ولا بالاقرار بما أمر أن يصدق به، ويقر به، ولا يعمل بشيء من الطاعات التي فرض الله على عباده، ولا انزجر عن شيء من المعاصي التي حرمها الله، ويحتج بخبر عمارة بن رويبة.

77- (547): الذي ثنا محمد بن بشار، قال: ثنا يحيى، ويزيد بن هارون، قالا: ثنا إسماعيل ابن أبي خالد، عن أبي بكر بن عمارة، بن رويبة، قال سمعت النبي  يقول: "من صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها حرمه الله على النار"، فقال رجل من أهل البصره، وانا سمعته عن رسول الله.
قال أبوبكر: قد أمليت طرق هذا الخبر في كتاب المختصر من كتاب الصلاة، مع اخبار النبي-: (من صلى الصبح فهو في ذمة الله)، وكل عالم يعلم دين الله وأحكامه يعلم أن هاتين الصلاتين لا يوجبان الجنة مع ارتكاب جميع المعاصي أيضاً، وإن هذه الأعمال لذلك إنما رويت على ما بيننا في كتاب الإيمان، إنما رويت في فضائل هذه الأعمال كذلك إنما رويت أخبار النبي : " من قال لا إله إلا الله دخل الجنة ".
فضيلة لهذا القول، لا أن هذا القول كل الإيمان. ولئن جاز لجاهل أن يتأول أن شهادة أن لا إله إلا الله جميع الإيمان، إذ النبي  خبر أن قائلها يستوجب الجنة ويعاذ من النار، لم يؤمن أن يدعي جاهل معاند أيضاً أن جميع الإيمان القتال في سبيل الله، فواق ناقة، فيحتج بقول النبي :(من قاتل في سبيل الله فواق ناقة دخل الجنة)
كاحتجاج المرجئة بقول النبي: " من قال لا إله إلا الله دخل الجنة ".
ويقول معاند آخر جاهل: أن الإيمان بكماله الماشي في سبيل الله حتى تغبر قدما الماشي، ويحتج بقول النبي :
" من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله على النار "
وبقوله: (لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في منخري رجل مسلم أبدا)
ويدعي جاهل آخر أن الإيمان عتق رقبة مؤمنة، ويحتج بأن النبي  قال:
" من اعتق رقبة مؤمنه أعتقه الله بكل عضو منه عضوا من النار "
ويدعي جاهل آخر أن جميع الإيمان البكاء من خشية الله تعالى، ويحتج بقول النبي : "لا يدخل النار من بكى من خشية الله (تعالى)"
ويدعي جاهل آخر أن جميع الإيمان صوم يوم في سبيل الله، ويحتج بأن النبي  قال: "من صام يوما في سبيل الله باعد الله وجهه عنالنار سبعين خريفا"
ويدعي جاهل آخر أن جميع الإيمان قتل كافر، ويحتج بقول النبي : "لا يجتمع كافر وقاتله في النار ابدا".

78- (548): حدثناه علي بن حجر، قال: ثنا إسماعيل بن جعفر، قال: ثنا العلاء عن أبيه، عن أبي هريرة _ أن النبي ‘ قال: " لا يجتمع كافر وقاتله في النار أبدا".
قال أبوبكر: وهذا الجنس من فضائل الأعمال، يطول بتقصيه الكتاب، وفي قدر ما ذكرنا غنية وكفاية لما له قصدنا أن النبي ‘ إنما خبر بفضائل هذه الأعمال التي ذكرنا، وما هو مثلها، لا أن النبي  أراد أن كل عمل ذكره أعلم أن عامله يستوجب بفعله الجنة، أو يعاذ من النار أنه جميع الإيمان.
وكذلك: إنما أراد النبي  بقوله: (من قال لا إله إلا الله دخل الجنة أو حرم على النار) فضيلة لهذا القول، لا أنه جميع الإيمان كما ادعى من لا يفهم العلم ويعاند، فلا يتعلم هذه الصناعة من أهلها،.
ومعنى قوله: " لا يجتمع كافر وقاتله في النارأبدا "
هذا لفظ. مختصره: الخبر المتقصى لهذه اللفظة المختصرة ما.

79- (....): حدثنا الربيع بن سليمان، قال: ثنا شعيب بن الليث، قال: ثنا الليث،عن محمد بن العجلان، عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه، عن أبي هريرة _ عن رسول الله  قال: " لا يجتمعان في النار اجتماعا –يعني أحدهما مسلم قل كافرا، ثم سدد المسلم وقارب "
قال أبوبكر: كذاك نقول في فضائل الاعمال التي ذكرنا أن من عمل من المسلمين بعض تلك الاعمال، ثم سدد وقارب ومات على ايمانه دخل الجنة، ولم يدخل النار، موضع الكفار منها، وإن ارتكب بعض المعاصي لذلك لا يجتمع قاتل الكافر إذا مات على إيمانه مع الكافر المقتول في موضع واحد من النار، لا أنه لا يدخل النار، ولا موضعا منها، وإن ارتكب جميع الكبائر، خلا الشرك بالله (عز وجل)، إذا لم يشأ الله أن يغفر له ما دون الشرك فقد خبر الله (عز وجل) أن للنار سبعة أبواب: فقال لإبليس:" إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعلك من الغاوين "، إلى قوله تعالى: " لكل باب منهم جزء مقسوم " فأعلمنا ربنا (عز وجل) أنه قسم تابعي ابليس من الغاوين سبعة اجزاء على عدد أبواب النار، فجعل لكل باب منهم جزءا معلوما واستثنى عباده المخلصين، من هذا القسم.
فكل مرتكب معصية زجر الله عنها، فقد اغواه ابليس، والله (عز وجل) قد يشاء غفران كل معصية يرتكبها المسلم دون الشرك، وإن لم يتب منها، لذاك أعلمنا في محكم تنزيله في قوله: " ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء "
وأعلمنا خالقنا عو زجل أن آدم خلقه بيده، وأسكنه جنته، وأمر ملائكته بالسجود له، عصاه فغوى، وأنه (عز وجل) برأفته ورحمته اجتباه بعد ذلك، فتاب عليه وهدى، ولم يحرمه الله بارتكاب هذه الحوبة، بعد ارتكابه إياها، فمن لم يغفر الله له حوبته التي ارتكبها، وأوقع عليها اسم غاوٍ، فهو داخل في الأجزاء، جزاء وقسما لأبواب النار السبعة.
وفي ذكر آدموقوله (عز وجل): " وعصى آدم ربه فغوى "ما يبين ويوضح أن اسم الغاوي قد يقع على مرتكب خطيئة، قد زجر الله عن اتيانها، وإن لم تكن تلك الخطيئة كفراً ولا شركاً، ولا ما يقاربهاويشبهها، ومحال أن يكون المؤمن الموحد لله (عز وجل) قلبه ولسانه المطيع لخالقه في أكثر ما فرض الله عليه، وندبه إليه من اعمال البر غير المفترض عليه، المنتهي عن أكثر المعاصي وإن ارتكب بعض المعاصي والحوبات في قسم من كفر بالله ودعا معه الهة، أو (جعل) له صاحبة أو ولدا، (تعالى) الله عن ذلك علوا كبيرا ولم يؤمن أيضاً بشيء (مما أمر الله بالإيمان به، ولا أطاع الله في شيء أمره به)، منالفرائض والنوافل، ولا انزجرع معصية نهى الله عنها، محال أن يجتمع هذان في درجة واحدة من النار، والعقل مركب على أن يعلم أن كل من كان اعظم خطيئة وأكثر ذنوبا لم ينجاوز الله عن ذنوبه، كان اشد عذابا في النار، كما يعلم كل عاقل أن كل من كان أكثر طاعة لله عز وجل وتقربا إليه بفعل الخيرات واجتناب السيئات كان ارفع درجة في الجنان، واعظم ثوابا واجزل نعمة، فكيف يجوز أن يتوهم مسلم أن أهل التوحيد يجتمعون في النار، في الدرجة، مع من كان يعترى على الله (عز وجل) فيدعو له شريكا أو شركاء، فيدعو له صاحبة وولدا، ويكفر به ويشرك، ويكفر بكل ما أمر الله (عز وجل) بالإيمان به، ويكذب جميع الرسل ويترك جميع الفرائض، ويرتكب جميع المعاصي، فيعبد النيران ويسجد للأصنام، والصلبان، فمن لم يفهم هذا الباب يجد بدا من تكذيب الأخبار الثابته المتواترة التي ذكرتها عن النبي  في إخراج أهل التوحيد من النار.
إذ محال أن يقال: أخرجوا من النار من ليس فيها، وأمحل من هذا أن يقال: يخرج من النار من ليس فيها، وفي إبطال أخبار النبي  دروس الدين وإبطال الإسلام، والله (عز وجل) لم يجمع بين جميع الكفار في موضع واحد من النار ولا سوى بين عذاب جميعهم، قال الله (عز وجل): " أن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ". وقال: "أدخلوا آل فرعون أشد العذاب"
قال أبوبكر: وسأبين بمشيئة خالقنا (عز وجل) معنى أخبار النبي  لا يدخل النار من فعل كذا، ومعنى قوله: (يخرج من النار)، وأؤلف بين معنى هذه الاخبار تأليفا بينا مشروحا بعد ذكري لاخبار النبي  أن حملت على ظاهرها كانت دافعة للأخبار التي ذكرناها في فضائل الاعمال التي خبر النبي  أن فعل صاحبها بعضها يستوجب الجنة، ويعاذ من النار.

(79): (باب ذكر أخبار رويت عن النبي ، ثابته من جهة النقل، جهل معناها فرقتان:
فرقة المعتزلة والخوارج).
واحتجوا بها، وادعوا أن مرتكب الكبيرة إذا مات قبل التوبة منها مخلد في النار، محرم عليه الجنان.
والفرقة الأخرى: المرجئة كفرت بهذه الأخبار وأنكرتها ودفعتها جهلا منهم بمعانيها
وأنا ذاكرها بأسانيدها والفاظ متونها ومبين معانيها، بتوفيق الله تعالى.

1- (549): حدثنا أحمد بن عبدة، قال: ثنا عبدالواحد بن زياد، قال: ثنا لأحول.

2- (....): وثنا مؤمل بن هشام، قال: ثنا إسماعيل عن عاصم الأحول.

3- (....): وثنا سلم بن جنادة، قال: ثنا أبو معاوية قال: ثنا عاصم عن أبي عثمان، قال سمعت سعد بن أبي وقاص، وابا بكرة، قالا: سمعته أذناى ووعاه قلبي من محمد  يقول:
" من ادعي إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه، فالجنة عليه حرام ".
هذا حديث عبد الواحد وأبي معاوية، وفي خبر ابن عليه مثل معناه.

4- (550): حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن عاصم الأحول، قال: سمعت أبا عثمان، قال: سمعت سعدا، وهو اول من رمى بسهم في سبيل الله وابا بكرة، وتسور حسن الطائف في أناس، فجاء النبي ‘ فقالا: سمعنا النبي  وهو يقول: " من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أن غير أبيه فالجنة عليه حرام ".

5- (551): حدثنا أحمد بن المقدام، قال: ثنا حماد –يعني ابن زيد عن عاصم، عن أبي عثمان، عن سعد بن مالك، قال: قال رسول الله : " من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام ".
فذكرت لأبي بكرة فقال: أبو بكرة: (سمعته أذناى ووعاه قلبي من محمد رسول الله ‘).

6- (552): حدثنا محمد بن قال: ثنا خالد –يعني ابن الحارث قال: ثنا شعبة عن عاصم سمعت أبا عثمان يقول: سمعت سعد بن مالك وابا بكرة يحدثإني، وذكرا النبي ‘ قال: " من ادعي إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام ".

7- (553): حدثنا أبو الخطاب بن يحيى، قال: ثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد، قال: ثنا هشام بن حسان عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، عن أسامة بن زيد، وسعد بن أبي وقاص، ورجل آخر من أصحاب النبي ‘: (أن النبي ‘) قال:"من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم انهه غير اببيه حرم الله عليه الجنة".

8- (554): حدثنا أبو الاشعث، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا خالد عن أبي عثمان، قال: حدثت أبا بكرة، قال: قلت: سمعت سعدا يقول: سمعته اذناى ووعاه قلبي من رسول الله ‘: (من ادعى أبا غير أبيه في الاسلام وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة حرام،) قال: وانا سمعته اذناى ووعاه قلبي من محمد ‘.

9- (555): حدثنا أبو بشر الواسطي، قال: ثنا خالد –يعني ابن عبدالله عن خالد الحذاء، عن أبي عثمان، عن سعد بن مالك، قال: سمعته اذناي ووعاه قلبي من رسول الله ‘ أنه قال:
"من ادعي أبا في الاسلام وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام ".
فذكرت ذلك لأبي بكرة، فقال: وانا سمعته أذناى ووعاه قلبي من محمد ‘.

10- (556): حدثنا محمد بن حسان الازرق، قال: ثنا عبدالرحمن بن مهدي، قال: ثنا سفيان، عن عاصم قال: سمعت أبا عثمان، يحدث عن سعد وأبي بكرة،ان النبي ‘ قال: "من ادعي إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام".

11- (557): حدثنا محمد بن ابان، قال: ثنا غندر، قال: ثنا شعبة، عن الحكم عن مجاهد، عن عبدالله بن عمرو، عن النبي ‘ قال: "من ادعي لغير أبيه فلن يرح رائحة الجنة، وريحها يوجد من مسيرة سبعين عاماً".
فلما رأى ذلك نعيم بن أبي مرة وكان معاوية اراد يدعي، فقال لمعاوية إنما أنا سهم من كنانتك، فأقدمني حيث شئت".

12- (......): حدثنا بندار، قال: ثنا محمد بن جعفر، ولفظه مخالف لهذا اللفظ، خرجته في كتاب "الورع"، خرجت بعض هذا الخبر في غير هذا الكتاب.
قال أبوبكر: فاسمعوا الآن باباً آخر من هذا الجنس أيضاً في اعلام النبي ‘ حرمان الجنة لمرتكب بعض الذنوب والخطايا من الذي ليس بكفر، ولا يزيل الإيمان بأسره، لا على ما تتوهمه الخوارج والمعتزلة.

13- (558): حدثنا سلم بن جنادة، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم عن همام، عن حذيفة، قال: قال رسول الله ‘:"لا يدخل الجنة قتات".

14- (559): حدثنا عبد الوارث بن عبدالصمد، قال: حدثني أبي، قال: ثنا مهدى بن ميمون، عن واصل، عن أبي وائل عن حذيفة أنه بلغه أن رجلاً ينم الحديث فقال حذيفة: سمعت رسول الله ‘ يقول: "لا يدخل الجنة نمام".

15- (560): حدثنا عبدالله بن محمد الزهري، قال: ثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن همام بن الحارث، قال: كنا عند حذيفة فمر رجل، فقالوا: هذا يبلغ الحديث، فقال: سمعت رسول الله ‘ يقول: "لا يدخل الجنة قتات".
قال سفيان: والقتات: الذي ينم ويبلغ.
قال أبوبكر: قد أمليت هذا الباب أيضاً في التغليظ في النميمة في كتاب (الورع). فاسمعوا الآن جنساً آخر في حرمان الجنة مرتكب الذنوب والخطايا، مما ليس بكفر، يزيل عن الملة، ليس معناه على ما يتوهمه الخوارج والمعتزلة.

16- (561): حدثنا علي بن حجر قال: ثنا إسماعيل بن جعفر قال: ثنا العلاء وهو ابن عبدالرحمن عن معبد بن كعب، عن أخيه عبدالله بن كعب السلمي، عن أبي امامة (أن رسول الله ‘ قال: "من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد اوجب الله له النار وحرم عليه الجنة، فقال رجل: وإن كان شيئاً يسيراً؟ قال: وإن كان قضيباً من اراك".
قد أمليت هذا الباب في كتاب (الإيمان والنذور).

(80): (باب ذكر اخبار ثابته السند صحيحة القوام، قد يحسب كثير من أهل الجهل انها خلاف هذه الاخبار، التي قدمنا ذكرها، لاختلاف الفاظها، وليست عندنا مخالفة لسر معناها ونؤلف بين المراد من كل منها بعد ذكرنا الاخبار بألفاظها، أن الله وفق لذلك وشاءه).
1- (562): حدثنا أبو موسى، قال: ثنا أبو معاوية، قال: ثنا الأعمش،عن شقيق عن عبدالله بن مسعود، قال: قال رسول الله ‘: "من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة"، وقلت: من مات يشرك بالله دخل النار".

2- (563): حدثنا محمد بن بشار، ويحيى بن حكيم، قالا: ثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن سليمان، عن أبي وائل، عن عبدالله،قال: قال رسول الله ‘كلمة وانا أقول اخرى: "من مات وهو يجعل لله انداداً دخل النار، وقلت: ومن مات وهو لا يجعل لله انداداً دخل الجنة" لم يقل بندار..؟ فقلت لبندار: (ومن مات)، فقال بندار: نعم، وقال يحيى بن حكيم: "من مات وهو يجعل لله ندا دخل النار وأنا أقول: ومن مات وهو لا يجعل لله ندا دخل الجنة".

3- (564): حدثنا سلم بن جنادة، قال: ثنا أبو معاوية، قال: ثنا الأعمش، عن شقيق، قال: قال عبدالله: قال رسول الله ‘كلمة وقلت اخرى، قال: (من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة)، وقلت: "من مات يشرك بالله شيئاً دخل النار".

4- (565): حدثنا أبو سعيد الاشج: قال: ثنا ابن نمير، عن الأعمش، بهذا غير أنه قال: سمعت رسول الله ‘ يقول: "من مات يشرك بالله دخل النار، وقلت: من مات لا يشرك بالله دخل الجنة".
قلب ابن نمير المتن على ما رواه أبو معاوية وتابع شعبة في معنى المتن، وشعبة وابن نمير اولى بمتن الخبر من أبي معاوية، وتابعهما أيضاً سيار أبو الحكم.

5- (....): (حدثنا محمد بن يحيى القطعي، قال: ثنا روح بن عطاء بن أبي ميمونة، قال: ثنا سيار أبو الحكم) عن أبي وائل، عن عبدالله، قال: خصلتان: احداهما سمعتها من رسول الله ‘ ، والاخرى أنا أقولها: قال رسول الله ‘: "من مات وهو يجعل لله ندا دخل النار". وأنا أقول: "من مات وهو لا يجعل لله ندا دخل الجنة".

6- (566): حدثنا علي بن خشرم، قال: ثنا عيسى –يعني ابن يونس-، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، أن رجلاً سأل النبي ‘ ما الموجبتان؟ قال: من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة ومن مات يشرك بالله دخل النار".

7- (......): حدثنا أبو هاشم، قال: ثنا محمد بن عبيد، قال: ثنا الأعمش بنحوه.

8- (...): وحدثنا: بندار قال: ثنا عبد الأعلى.

9- (567): وثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا خالد –يعني ابن الحارث قال: ثنا هشام، عن أبي الزبير، عن جابر، قال رسول الله ‘: "من لقي الله لا يشرك به دخل الجنة، ومن لقي الله يشرك به دخل النار".
(وقال بندار: "وهو يشرك به دخل النار")
وقال الصنعاني: عن جابر بن عبدالله.
وروى خالد بن عبدالله الواسطي، قال: ثنا عبدالرحمن بن إسحاق، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قال رسول الله ‘: "من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة ومن لقيه يشرك به دخل النار". زائدة، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله ‘ " من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة".

11- (569): حدثناه (عمرو بن علي)، قال: حدثني عبد الحميد بن عبدالرحمن أبو يحيى الحماني، قال: ثنا زكريا بن أبي زائدة.

12- (.....): وثنا محمد بن يحيى، قال: ثنا إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني، أبو هشام قال: حدثني إبراهيم بن عقيل بن معقل بن منبه، عن أبيه عقيل، عن وهب بن منبه، قال: هذا ما سألت عنه جابر بن عبدالله الأنصاري، فأخبرني أنه قد شهد مع رسول الله ‘ وسمع منه، سألته عن المؤمن،فأخبرني أنه سمع النبي ‘ يقول: "من لقي الله لايشرك به دخل الجنة،ومن لقي الله يشرك به دخل النار".

13- (570): حدثنا عبدالله بن عمران العابدي،قال: ثنا فضيل يعني ابن عياض عن الأعمش عن أبي سفيان، عن جابر، قال: قال رسول الله ‘: "الموجبتان: من مات لا يشرك به شيئاً دخل الجنة، ومن مات يشرك به دخل النار".

14- (571): حدثنا احم بن منيع، قال: ثنا عبيدة، عن الأعمش، عن أبي سفيان عن جابر، قال: "سئل النبي ‘ ما الموجبتان؟ قال: من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة، ومن مات يشرك بالله شيئاً دخل النار".

15- (572): حدثنا الربيع بن سليمان، ونصر بن مرزوق، قالا: ثنا أسد وهو ابن موسى قال: ثنا سعيد بن زيد، عن الجعد بن دينار اليشكرى، قال: حدثني سليمان بن قيسن، قال: سألت جابر بن عبدالله عن الموجبتين: فقال: الموجبتان: من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة، ومن لقي الله يشرك به دخل النار، قال: وقال جابر:سمعت النبي ‘ يقول: "أن الشيطان قد يئس أن يعيده لمضمون ابداً، ولكنه في التحريش بينهم وقد رضي بذلك، وفي القلب من هذا الاسناد بهذه اللفظة.
حدثني سليمان بن قيس (شيئاً) فإن سليمان بن قيس هذا هو: اليشكرى، واهل المعرفة من أصحابنا يذكرون أن سليمان بن قيس مات قبل جابر بن عبدالله، وإن صحيفته التي كتبها عن جابر بن عبدالله وقعت إلى البصرة فروى بعضها أبو بشر جابر بن أبي وحشية وروى بعضها قتادة بن دعامة وروى بعضها غيرهما.

(81): (باب ذكر اخبار رويت أيضاً في حرمان الجنة على من ارتكب بعض المعاصي، التي لا تزيل الإيمان بأسره، وجهل معناها المعتزلة والخوارج، فأزلوا اسم المؤمن عن مرتكبها ومرتكبي بعضها. أنا ذكارها بأسانيدها ومبين معانيها ومؤلف بين معانيها ومعاني الاخبار التي قدما ذكرها التي احتج بها المرجئة وتوهمت أن مرتكب هذه الذنوب والخطايا كامل الإيمان لا نقص في ايمانهم أن وفق الله ذلك وشاء.
1- (573): حدثنا محمد بن بشار، ومحمد بن أبان، قالا: ثنا محمد، قال: ثنا شعبة، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن نبيط، عن جابان عن عبدالله بن عمرو، عن النبي ‘، قال: "لايدخل الجنة منان ولا عالق، ولا مدمن خمر".

2- (574): حدثنا عمرو بن علي، قال: ثنا سفيان، عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: قال رسول الله ‘ : "لايدخل الجنة قاطع".
خرجت طرق هذين الخبرين في كتاب البر والصلة، وبعض طرق خبر، عبدالله ابن عمرو في كتاب الاشرية.

3- (757): حدثنا محمد بن يحيى، قال: ثنا إسماعيل بن أبي أويس، قال: ثنا اخي، عن سليمان بن بلال، عن عبدالله بن يسار الاعرج، أنه سمع سالم بن عبدالله يحدث عن أبيه، عن عمر، أنه كان يقول: قال رسول الله ‘: "ثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه: والديوث، ورجلة النساء".

4- (576): حدثنا محمد بن يحيى في مسند ابن عمر بهذا الإسناد، بإسقاط عمر، وقال: إنه سمع سالماً يحدث عن أبيه، عن النبي ‘، قال: قال: "ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: عاق والديه،ومدمن خمر، ومنان بما اعطي".

5- (577): حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب،قال أخبرني عمر بن محمد، عن عبدالله بن يسار، أنه سمع سالم بن عبدالله يقول: قال عبدالله بن عمر: قال رسول الله ‘:"ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، ومدمن خمر، والمنان بما عطي".

6- (578): حدثنا محمد قال: ثنا أيوب بن سليمان بن بلال، قال: حدثني أبوبكر بن أبي اويس، عن سليمان بن بلال، بهذا الإسناد الثاني، سواء"ثلاثة لا يدخلون الجنة، العاق لوالديه، والديوث، ورجله النساء".
قال لنا محمد بن يحيى: بهذا الإسناد عن النبي ‘ بمثل حديث ابن أبي اويس يريد (ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة).

7- (579): حدثنا عبدالجبار، بن العلاء، قال: ثنا سفيان قال: ثنا الزهري.

8- (....): وثنا يونس بن عبد الأعلى، وسعيد بن عبدالرحمن، قالا: ثنا سفيانن عن الزهري بمثل حديث عمرو بن علي، عن ابن عيينه.

9- (....): وحدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس،عن ابن شهاب، قال أخبرني محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه، أنه سمع النبي ‘ يقول: "لا يدخل الجنة قاطع" قال: يريد الرحم.

10- (580): حدثنا محمد بن بشار، قال ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا يونس، عن الحكم بن الاعرج، عن الاشعث بن ثرملة، عن أبي بكرة عن النبي ‘ قال: "من قتل نفساً معاهدة بغيرحقها حرم الله عليه أن يشم ريحها".
قال أبوبكر: الحرف الصحيح ما قال رواة هذا الخبر (أن يشم ريحها). (قال أبوبكر: خرجت طرق هذا الخبر في كتاب الجهاد في التغليظ في قتل المعاهد).

11- (581): حدثنا محمد بن يحيى، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد عن جابان، عن عبدالله بن عمرو، قال: قال رسول الله ‘: "لا يدخل الجنة ولد زنية".
قال أبوبكر: ليس هذا الخبر من شرطنا، ولا خبر نبيط عن جابان، لأن جابان مجهول، وقد اسقط على من هذا الإسناد نبيطاً.

12- (582): وقد رواه شعبة عن رجل من آل سهل بن حنيف، غير مسمى، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار (بن ياسر، عن عمار) عن النبي ‘ قال: "لا يدخل الجنة ديوث ولا مدن خمر".
حدثناه بندار، قال: ثنا أبو داود وقال: ثنا شعبة، قال: سمعت رجلاً من آل سهل بن حنيف.

13- (583): حدثنا يوسف بن موسى، قال ثنا جرير، عن منصور، عن سالم يعني ابن أبي الجعد عن جابان، عن عبدالله بن عمرو بن العاص، قال:قال رسول الله ‘: "لا يدخل الجنة مدمن من خمر، ولا منان ولا عاق لوالديه ولا ولد زنية.

14- (584): حدثنا أبو موسى، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان عن منصور، عن سالم عن جابان، عن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله ‘:"لا يدخل الجنة عاق ولا منان، ولا مدمن خمر، ولا ولد زنا، ولا من أتي ذات محرم".

15- (.....): حدثنا أبو موسى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال ثنا شعبة، عن منصور، عن سالم، عن نبيط، عن جابان، عن عبدالله بن عمرو، عن النبي ‘ نحوه.

16- (585): وفي خير داود بن صالح، عن سالم عن أبيه، في بعثهم الرسول إلى عبدالله بن عمر للمسألة عن أعظم الكبائر، قال: أن رسول الله ‘ قال: "ما من أحد يشربها فتقبل له صلاة أربعين ليلة ولا يموت في مثانته شيء إلا حرمت عليه بها الجنة".
قال أبوبكر: قد أمليتها بتمامها مع التغليظ في شرب الخمر في كتاب الاشربة.

(....): حدثنا محمد بن عمرو بن تمام، قال: ثنا ابن أبي مريم.

(....): وثنا ابن أبي زكريا، قال: أخبرنا ابن أبي مريم، قال: ثنا الدراوردي قال: أخبرنا داود بن صالح.
قال أبوبكر معنى هذا الخبر: إن ثبت عن النبي ‘ ما قد أعلمت أصحابي منذ دهر طويل، أن معنى الاخبار إنما هو على أحد معنيين:
أحدهما: لا يدخل الجنة: أي بعض الجنان، إذ النبي ‘ قد أعلم انها جنان في جنة، واسم الجنة واقع على كل جنة منها، فمعنى هذه الاخبار التي ذكرنا: من فعل كذا لبعض المعاصي حرم الله عليه الجنة، أو لم يدخل الجنة معناها لا يدخل بعض الجنان التي هي أعلى واشرف وانبل، وأكثر نعيماً وسروراً وبهجة وأوسع، لا أنه اراد لا يدخل شيئاً من تلك الجنان التي هي في الجنة.
وعبدالله بن عمرو قد بين خبره الذي روى عن النبي ‘: "لا يدخل الجنة عاق،ولا منان ولا مدمن خمر" أنه إنما اراد حظيرة القدس من الجنة على ما تأولت أحد المعنيين.

17- (....): حدثنا بهذا الخبر محمد بن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر.

18- (....): وثنا محمد بن عبد الأعلى قال: ثنا خالد يعني ابن الحارث قال:ثنا شعبة، عن يعلي بن عطاء، عن نافع، بن عروة بن مسعود، عن عبدالله بن عمرو، أنه قال: "لا يدخل حظيرة القدس سكير ولا عاق ولا منان".
غير أن ابن عبد الأعلى قال: (سكير ولا مدمن، ولا منان) والصحيح ما قاله بندار.
والمعنى الثاني: ما قد أعلمت أصحابي ما لا احصى من مرة، أن كل وعيد في الكتاب والسنة لأهل التوحيد فإنما هو على شريطة أي إلا أن يشاء الله أن يغفر ويصفح ويتكرم ويتفضل، فلا يعذب على ارتكاب تلك الخطيئة، إذ الله (عز وجل) قد خبر في محكم كتابه أنه قد يشاء أن يغفر ما دون الشرك من الذنوب في قوله تعالى: (أن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء).
قد أمليت هذه المسألة في كتاب (معاني القرآن)، الكتاب الاول، واستدللت أيضاً بخبر عن النبي ‘ على هذا المعنى، لم اكن ذكرته في ذلك الموضع أن النبي ‘ إنما اراد بقوله: "من اقتطع مال امرئ مسلم بيمين حرم الله عليه الجنة"، أي إلا أن يشاء الله أن يعفو عنه فلا يعاقبه.

19- (587): حدثنا محمد بن معمر القيسي، قال ثنا الحجاج بن منهال، قال ثنا حماد بن سلمة، عن عمرو بن يحيى بن سعيد بن العاص، قال: حدثني قيس بن محمد، عن محمد بن الاشعث، أن الاشعث وهب له غلاماً فغضب عليه وقال: والله ما وهبت لك شيئاً، فلما اصبح رده عليه، وقال: سمعت رسول الله ‘ يقول:"من حلق علي يمين صبراً ليقتطع مال امرئ مسلم لقي الله يوم القيامة وهو مجتمع عليه غضبان، ان شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه".
قال أبوبكر: فاسمعوا الخبر المصرح بصحة ما ذكرت أن الجنة إنما هي جنان في جنة، وإن اسم الجنة واقع على كل جنة منها على الانفراد، لتستدلوا بذلك على صحة تأويلنا الاخبار الذي ذكرنا عن النبي ‘ من فعل كذا وكذا لبعض المعاصي لم يدخل الجنة، إنما اراد بعض الجنان التي هي اعلى واشرف وافضل وانبل وأكثر نعيماً وأوسع. إذ محال أن يقول النبي ‘ من فعل كذا وكذا لم يدخل الجنة، يريد لا يدخل شيئاً من الجنان ويخبر أنه يدخل الجنة، فتكون احدى الكلمتين دافعة للاخرى، وأحد الخبرين دافعاً للاخر، لأن هذا الجنس مما لا يدخله التناسخ، ولكنه من الفاظ العام الذي يراد بها الخاص.

20- (588): حدثنا محمد بن يحيى، قال ثنا الحسين بن محمد أبو أحمد، قال: ثنا شيبان يعني ابن عبدالرحمن النحوي عن قتادة، قال: ثنا أنس بن مالك أن أم الربيع بنت البراء وهي أم حارثه بن سراقة، (أتت النبي ‘ فقالت: يا نبي الله ألا تحدثني عن حارثه بن سراقة) وكان قتل يوم بدر أصابة سهم غرب، فإن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه الثكل.
قال: يا أم حارثة: انها جنان، وإن ابنك اصاب الفردوس الأعلى.

21- (....): حدثنا محمد بن يحيى، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا أبان يعني ابن يزيد العطار.

22- (....): وثنا محمد، قال: ثنا سليمان بن حرب قال: ثنا أبو هلال قال: ثنا قتادة، عن انس، فذكر محمد بن يحيى أحاديثهم مرفوعة كلها بهذا المعنى.

23- (589): حدثنا علي بن الحسين الدرهمي، قال: ثنا امية يعني ابن خالد عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس قال: خرج ابن عمتي حارثه يطارد يوم بدر، فاصابه سهم غرب فأتت امة الربيع النبي ‘، فقالت: يا رسول الله: أن كان حارثه (في الجنة فسأصبر، وإن كان غير ذلك فسترى، قال: يا أم حارثه: انها جنان، وإن حارثة) في الفردوس الأعلى".

24- (590): حدثنا أبو موسى، محمد بن المثنى، قال: حدثني عباس بن الوليد، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد قال: ثنا قتادة عن انس: أن الربيع اتت النبي ‘ فقالت: يا رسول الله: انبئني عن حارثه اصيب يوم بدر، فإن كان في الجنة صبرت واحتسبت، وإن كان غير ذلك اجتهدت في البكاء، فقال:"يا أم حارثه: انها جنان في جنة، وإن اصاب الفردوس الأعلى".
قال أبوبكر: قد أمليت أكثر طرق هذا الخبر في كتاب الجهاد، وقد أمليت في كتاب ذكر نعيم الجنة ذكر درجات الجنة، وبعد ما بين الدرجتين، (وأمليت اخبار النبي ‘ أن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف، كما تراءون الكوكب الدرى في افق من آفاق السماء لتفاضل ما بينهما، وقول بعض أصحابه تلك المنازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم، قال: بلى، رجال آمنوا بالله، وصدقوا المرسلين).
وأمليت اخبار النبي ‘ بين كل درجتين من درج الجنة مسيرة مائة عام. فمعنى هذه الاخبار التي فيها ذكر بعض الذنوب الذي يرتكبه بعض المؤمنين، فإن النبي ‘ يعني قال: أن مرتكبه لا يدخل الجنة، معناها أنه لا يدخل العالي من الجنان التي هي دار المتقين الذين لم يرتكبوا تلك الذنوب والخطايا، والحوبات، وقد كنت أقول وانا حدث جائز أن يكون معنى اخبار النبي ‘: (لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من ايمان): أي لا يدخل النار دخول الابد، كدخول أهل الشرك والاوثان، كما قال النبي ‘:
"أما أهل النار الذين هم اهلها لا يموتون فيهاولا يحيون".
الاخبار التي قد أمليتها بتمامها أو يكون معناها أي: لا يدخلون النار موضع الكفار والمشركين من النار، إذ الله (عز وجل) قد أعلم أن للنار سبعة أبواب وأخبر أن لكل باب منهم جزءاً مقسوماً، فقال: (لها سبعة أبواب).
فمعنى هذا الخبر: قد يكون أنهم لا يدخلون النار موضع الكفار منها، لأن العلم محيط أن من لم يدخل موضعاً ولم يقل لم يخرج، قد أخبر النبي ‘ في الاخبار المتواترة التي لا يدفعها عالم بالاخبار أنه يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من ايمان، فإذا استحال أن يخرج من موضع لم يدخل فيه، ثبت وبان وصح: أن يخرج من النار ممن كان في قلبه ذرة من ايمان إنما اخرج من موضع النار غير الموضع الذي خبر النبي ‘ أنه لا يدخل ذلك الموضع من النار.
فالتأليف بين الاخبار المأثورة عن النبي ‘ على قد بينا، وبيقين يعلم كل عالم بلغة العرب: أن جائزاً أن يقول القائل لا ادخل الدار إنما يريد بعض الدور، كذلك يقول أيضاً: لا ادخل دارفلان. ولفلان دور ذوات عدد، إنما يريد إني لا أدخل بعض دوره، لا انه إنما يريد لا أدخل شيئاً من دور فلان، والصادق عند السامع الذي لا يتهم بكذب إذا سمعه يقول: لا أدخل دار فلان، ثم يقول بعد مدة قصيرة أو طويلة ادخل دار فلان، لم يتوهم من سمع من الصادق هاتين اللفظتين أن احداهما خلاف الاخرى، إذا كان المتكلم بهاتين اللفظتين عندهم ورعاً، ديناً، فاضلاً صادقاً، ويعلم من سمعه ممن يعلم أنه لا يكذب أنه إنما اراد بقوله: لا ادخل دار فلان إذا سمع اللفظة الثانية ادخل دار فلان أنه اراد بالدار التي ذكر أنه لا يدخلها غير الدار التي ذكر أنه يدخلها، فإذا كان معلوماً عند السامعين إذا سمعوا الصادق البار عندهم يتكلم بهاتين اللفظتين أنهما ليستا بمتناقضتين ولا متهاترتين وأنهم يحملون اللفظتين جميعاً على الصدق، ويؤلفون بينهما أنه إنما اراد الدار التي ذكر أنه لا يدخلها غير الدار التي ذكر أنه يدخلها، وجب على كل مسلم يقر بنبوة النبي ‘ ويستيقن أنه ابر الخلق، واصدقهم وابعدهم من الكذب، والتكلم بالتكاذب والتنقاقض أن يعلم ويستيقن أن النبي ‘ يقول: "لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من ايمان" يريد: لا يدخل شيئاً من المواضع التي يقع عليها اسم النار،ثم يقول: "يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من ايمان" لأن اللفظتين اللتين رويتا عنه إذا حملتا على هذا: كانت احداهما دافعة للاخرى، فإذا تؤولتا على ما ذكرنا كانتا متفقتي المعنى، وكانتا من الفاظ العام التي يراد بها الخاص، فافهموا هذا الفصل، لا تخدعوا فتضلوا عن سواء السبيل.

ونقول أيضاً: معلوم متيقن عند العرب أن المرء قد يقول: (لا ادخل موضع كذا وكذا، ولا يدخل فلان موضع كذا وكذا: يريد مدة من المدد ووقتاً من الاوقات.
قد يجوز أن يقول ‘ من فعل كذا وكذا لم يدخل الجنة: يريد لم يدخل الجنة في الوقت الذي يدخلها من لم يرتكب هذه الحوبة، لانه يحبس عن دخول الجنة، أما للمحاسبة على الذنب، أو لادخال النار ليعذب بقدر ذلك الذنب، إن كان ذلك الذنب مما يستوجب به المرتكب النار أن لم يعف الله ويصفح ويتكرم، فيغفر ذلك الذنب.
فمعنى هذه الاخبار لم يخل من أحد هذه المعاني، لانها إذا لم تحمل على بعض هذه المعاني كانت على التهاتر والتكاذب. وعلى العلماء أن يتأولوا أخبار رسول الله ‘ على ما قال علي بن أبي طالب (إذا حدثتم عن رسول الله ‘ فظنوا به الذي هو اهناه واهداه واتقاه).

25- (591): حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا يحيى بن سعيد عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن أبي عبدالرحمن وهو السلمى عن علي _ قال: "إذا حدثتم عن رسول الله ‘ فظنوا به الذي هو اهناه واهداه واتقاه، وخرجد علي وقد ثوب بالصلاة فقال: نعم ساعة الوتر هذه".

26- (....): وثنا محمد بن بشار، قال: ثنا يحيى بن سعيد ومحمد بن جعفر، قالا: ثنا شعبة بهذا الإسناد مثله، وقال: عن أبي عبدالرحمن السلمي قال: وخرج علي حين ثوب المثوب للصلاة، فقال: اين السائل عن الوتر؟ هذا حين وتر حسن.

(82): (باب ذكر الدليل على أن قوله عز وجل-):
 (وهو الذي يحييكم ثم يميتكم ثم يحييكم) ليس ينفي أن الله (عز وجل) يحيى الآنسان أكثر من مرتين.
على أن من ادعى ممن انكر عذاب القبر،وزعم أن الله لا يحيى احداً في القبر قبل يوم القيامة، احتجاجاً بقوله: (ربنا امتنا اثنتين واحييتنا اثنتين..).
وهذه الآية من الجنس التي قد أعلمت في مواضع من كتبنا في ذكر العدد الذي لا يكون نفياً لما زاد على ذلك العدد فافهموه لا تغطالوا.
قال الله (عز وجل): (او كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال إني يحيى هذه الله بعد موتها، فأماته الله مائة عام ثم بعثه) فقد احيا الله (عز وجل) هذا العبد مرتين قبل البعث يوم القيامة (وسيبعث يوم القيامة)، فهذه الآية: تصرح أن الله (تعالى) (قد احيا هذا العبد مرتين اذ) قد احياه المره الثانية بعد مكثه ميتاً مائة سنة، وسيحييه يوم القيامة، فيبعثه، وقال جل وعلا: (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم الوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم احياهم).
وقد كنت بينت في كتابي الاول كتاب معاني القرآن أن هذا الامر أمر تكوين، اماتهم الله بقوله (موتوا) لأن سياق الآية دال على أنهم ماتوا والاحياء إنما كان بعد الاماتة، لأن قوله عزوجل: (ثم احياهم)، دال على أنهم قد كانوا ماتوا فأحياهم الله بعد الموت، فهذه الجماعة قد احياهم الله مرتين، قبل البعث، وسيبعثهم الله يوم القيامة احياء، فالكتاب دال على أن الله يحيى هذه الجماعة مع ما تقدم من احياء الله إياهم ثلاث مرات.
لو كان كما ادعت هؤلاء الجهلة أن الله (عز وجل) لا يحيى احداً في القبر قبل وقت البعث فكيف وقد ثبت في كتاب الله وسنن نبيه ‘ خلاف دعواهم الداحضة، خبر الله (عز وجل): أن آل فرعون يعرضون علىالنار غدواً وعشياً، وسياق الآية دال على أن النار، إنما تعرض عليهم غدواً وعشياً قبل يوم القيامة ومحال أن تعرض النار على جسد لا روح فيه، ولا يعلم أن النار تعرض عليه، والنبي ‘ قد أخبر أيضاً أن النار تعرض على كل ميت إذا كان من اهلها، كذلك أخبر أن الجنة تعرض على كل ميت غدواً وعشياً إذا كان من اهلها.

(....): حدثنا يحيى بن حكيم قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن عبيدالله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي ‘ قال: "إذا مات أحدكم يعرض عليه مقعدة بالغداة والعشي، أن كان من أهل النار، فقالوا: هذا مقعدك حتى تبعث إليه".
قال أبوبكر: قد أمليت طرق هذا الخبر في كتاب الجنائز في أبواب عذاب القبر، وهذا الخبر يبين ويوضح أن المقبور يحيا في قبره، ويبين ويوضح أيضاً: أن الجنة والنار مخلوقتان، لا كما ادعت الجهمية أنهما لم تخلقا بعد فاسمعوا خبراً يدل على مثل ما دلت عليه الآي التي تلوتها، والبيان أن الله (عز وجل) يحيى المقبور قبل البعث يوم القيامة مما لم اكن ذكرته في أبواب عذاب القبر، إذ ليس في الاخبار التي اذكرها ذكر العذاب، إنما فيها ذكر الاحياء في القبر دون ذكر العذاب.

10- (592): حدثنا يوسف بن موسى: قال: ثنا جرير، عن سليمان التيمي، عن أنس قال: قال رسول الله ‘: "مررت على موسى وهو يصلي في قبره".

(83): (باب ذكر موضع عرش الله عز وجل قبل خلق السموات):
1- (593): حدثنا محمد بن معمر بن ربعي، وأبو غسان مالك بن سعد القيسيان قالا: ثنا روح، قال: ثنا المسعودي، قال: ثنا أبو صخرة جامع شداد، عن صفوان بن محرز، عن عمران بن حصين قال: (دخل قوم على رسول الله ‘ فجعلوا يسألونه ويقولون: اعطنا حتى ساءه ذلك، ثم خرجوا من عنده، فدخل عليه قوم آخرون، فقالوا جئنا لنسلم على رسول الله ‘ (ونتفقه في الدين، ونسأل عن بدء هذا الامر، قال: فاقبلوا ببشرى الله، وقال ابن معمر: بشرى الله، وقالوا جميعاً: إذلم يقبله اولئك يعني الذين خرجوا من عنده قالوا: قد قبلنا يا رسول الله، فقال رسول الله ‘): "كان الله ولا شيء غيره، وكان العرش على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، ثم خلق الله سبع سموات ثم اتاه آت يعني عمران فقال إن ناقتك قد ذهبت قال: فخرجت والسراب ينقطع، (وقال ابن معمر: ينقطع) دونها، فلوددت إني كنت تركتها".

2- (594): حدثا محمد بن معمر، وأبو غسان، قالا: ثنا روح، قال: ثنا المسعودي، عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، قال: قال عبد الله بن مسعود،: "ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام، وبصر كل سماء خمسمائة عام، ولم يقل ابن معمر: وبصر كل سماء خمسمائة عام، ولم يقل أيضاً: وبين الكرسي وبين الماء خمسمائه عام، والعرض فوق الماء، والله فوق العرش، وما يخفى عليه من امركم شيء".

3- (595): حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم الاودى، قال: ثنا عمرو بن حماد يعني ابن طلحة القناد قال: ثنا اسباط وهو ابن نصر الهمدإني عن السدى، عن أبي مالك، عن أبي صالح عن ابن عباس _ما، وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود، عن ناس من أصحاب النبي ‘: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات).
قال: أن الله تبارك وتعالى كان على عرشه على الماء ولم يخلق شيئاً غير ما خلق (قبل) الماء، فلما اراد أن يخلق الخلق اخرج من الماء دخاناً فأرتفع فوق الماء فسما عليه فسماه سماء، ثم ايبس الماء فجعله أرضاً واحدة، ثم فتقها فجعلها سبع اراضين في يومين في الاحد والاثنين فخلق الأرض على حوت، والحوت هو النون الذي ذكره الله (عز وجل) في القرآن بقوله: (ن. والقلم).
والحوت في الماء، والماء على (ظهر) صفاة، والصفاة على ظهر ملك، والملك على الصخرة، والصخرة في الريح،وهي الصخرة التي ذكر لقمان ليست في السماء ولا في الأرض، فتحرك الحوت، فاضطربت، فتزلزلت الأرض، فأرسي عليها الجبال، فقرت، فالجبال تفخر على الأرض فذلك قوله تعالى: (جعل لها رواسي أن تميد بكم) وخلق الجبال فيها وأقوات اهلها وشجرها وما ينبغي لها في يومين، في الثلاثاء والاربعاء، فذلك حين يقول: (ائنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له انداداً ذلك رب العالمين. وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها..).
يقول: انبت اشجارها وقدر فيها اقواتها لاهلها في اربعة ايام سواء للسائلين، يقول: من سأل فهكذا الامر، ثم استوى إلى السماء وهي دخان، وكان ذلك الدخان من تنفس الماء حين تتنفس، فجعلها سماءً واحدة، ثم فتقها فجعلها سبع سموات في يومين في الخميس والجمعة. وإنما سمي يوم الجمعة لأنه جمع فيه (خلق) السموات والأرض.

4-(596): حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، قال: ثنا أبو سفيان –يعني الحميري سعيد ابن يحيى الواسطي عن معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ثم استوى إلى السماء) قال: خلق الله الأرض قبل السماء، فلما خلق الأرض ثار منها الدخان، فذلك حين يقول: (ثم استوى إلى السماء وهي دخان) قال: فسواهن سبع سموات قال بعضهم فوق بعض وسبع ارضين بعضهن تحت بعض.
ويلحق في الأبواب التي قدمنا ذكرها في هذا الكتاب

1- (597): حدثنا إبراهيم بن عبد العزيز المقوم، قال: ثنا عبدالرحمن بن عثمان، أبوبكر البكراوي، رحمه الله، قال: أخبرنا شعبة عن قتادة، عن انس، أن محمداً ‘ قد رأى ربه.

2- (598): حدثنا بندار، قال: ثنا عبد الوهاب، عن خالد عن أبي قلابة، عن النعمان وهو ابن بشير قال: انكسفت الشمس في عهد النبي ‘، فخرج يجر ثوبه فزعاً حتى اتى المسجد، فلم يزل يصلي حتى انجلت، فلما انجلت قال: "أن اناساً يزعمون أن الشمس والقمر لا ينكسفان إلا لموت أحد عظيم من العظماء، وليس كذلك أن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من ايات (عز وجل)، والله اذاتجلى لشيء من خلقه خشع له، فإذارأيتم ذلك فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة".
قال أبوبكر: معنى هذا الخير يشبه بقوله تعالى: فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً  الآية. أن أبا قلابة لا نعلمه سمع من النعمان بن بشر شيئاً ولا لقيه.

3- (599): حدثنا عبدة بن عبدالله الخزاعي، قال: ثنا موسى بن إبراهيم، قال: ثنا طلحة بن خراش، قال: لقيني جابر بن عبدالله، فأخبرني أن رسول الله  ‘ لقيه فقال: (يا جابر مالي أراك منكسراً؟ قلت: يا رسول الله استشهد أبي وترك عليه ديناً وعيالاً فقال ألا أبشرك بما لقي الله به أباك، إن الله لم يكلم أحدا من خلقه قط إلا من وراء حجاب، وإن الله أحيا أباك فكلمه كفاحاً، وقال: (يا عبدي تمنى علي ما شئت أعطيك، قال: تردني إلى الدنيا فأقتل فيك، فقال تبارك وتعالى: لا، إني أقسمت بيمين أنهم إليها لا يرجعون –يعني الدنيا ".

4- (....): حدثناه يحيى بن حبيب بن عربي، قال: ثنا موسى بن كثير الآنصاري المدني بنحوه.

5- (600): حدثنا علي بن خشرم، قال: أحبرنا أبو معاوية عن الأعمش، عن عمارة وهو ابن عمير عن عبدالرحمن بن يزيد قال: قال عبدالله: كنت مستتراً بأستار الكعبة، قال: فجاء ثلاثة نفر كثير شحم بطونهم، وقليل فقه قلوبهم، قرشي وختناه، ثقفيان أو ثقفي وختناه قرشيان، قال: فتكلموا بكلام لم أفهمه فقال أحدهم: أترون الله يسمع كلامنا هذا، قال فقال الآخر: ارى أنا إذا رفعنا أصواتنا سمعه، (وإذا لم نرفعها لم يسمعه، فقال الآخر: أن سمع منه شيئاً سمعه كله)، فقال عبدالله: فذكرت ذلك للنبي ‘، فأنزل الله عزوجل: وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم  إلى آخر الآية".
قال أبوبكر: في خبر ابن مسعود الذي أمليته في كتاب الجهاد، في قوله: ولا تسحين الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحيار.} في الجنة، فيطلع إليهم ربك اطلاعة، فقال: هل تشتهون شيئاً فأزيدكموه؟، (وكل من له) فهم بلغة العرب يعلم أن الاطلاع إلى الشيء لا يكون إلا من أعلى إلى أسفل، ولو كان كما زعمت الجهمية أن الله مع الآنسان وأسفل منه وفي الأرض السابعة السفلى، كما هو في السماء السابعة العليا، لم يكن لقوله (فيطلع إليهم ربك اطلاعة..) معنى.

 6- (601): حدثنا محمد بن معمر القيسي، قال: ثنا يحيى بن حماد، قال: ثنا أبو عوأنه، عن سلمان، قال: وحدثني أبو صالح، عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: رسول الله ‘: "يجمع ملائكة الليل والنهار في صرة الفجر وصلاة العصر، فيجتمعون، فتصعد ملائكة الليل وتثبت ملائكة النهار، فيسألهم ربك كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون.
قال أبوبكر: قد أمليت هذا الباب في كتاب "الصلاة"، وفي الخبر ما بان وثبت وصح أن الله عزوجل في السماء، وإن الملائكة تصعد إليه من الدنيا، لا كما زعمت الجهمية المعطلة أن الله في الدنيا كهو في السماء، ولو كان كما زعمت لتقدمت الملائكة إلى الله في الدنيا، أو نزلت إلى أسفل الأرضين إلى خالقهم على الجهمية لعائن الله المتتابعة.

7- (602): حدثنا سلمة بن شبيب، قال: ثنا أبو داود الطيالسي، قال: ثنا المسعودي، قال: حدثني المنهال بن عمرو، عن أبي عبيدة، قال: قال عبدالله: سارعوا إلى الجمع، فإن الله عزوجل يبرز لاهل الجنة في كل جمعة في كثيب من كافور أبيض، يكون منه في القرب على قدر اسراعهم إلى الجمعة، فيحدث لهم من الكرامة شيئاً لم يكونوا رأوه قبل ذلك، ثم يرجعوا إلى اهليهم وقد احدث الله لهم.
وخرج عبدالله بن مسعود يريد المسجد يوم الجمعة: فإذا رجلان قد سبقاه إلى المسجد، فقال عبدالله: رجلان وانا الثالث أن شاء الله يبارك في الثالث.

8- (603): حدثنا محمد بن أبي صفوان الثقفي، قال: ثنا عبدالرحمن –يعني ابن مهدي قال: ثنا حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن حدس عن عمه أبي رزين، قال: قلت يا رسول الله: "اكلنا يرى ربه يوم القيامة؟ وما آية ذلك في خلقه؟ قال: أليس كلهم ينظرون إلى القمر خالياً به، قال: قلت بلى، قال: فالله اعظم".

9- (604): حدثنا أبو الاشعث أحمد بن المقدام العجلي، قال: ثنا المعتمر، عن إسماعيل وهو ابن أبي خالد قال أخبرني عامر، عن عبدالله بن الحارث بن نوفل، عن كعب أنه قال: أن الله قسم رؤيته وكلامه بين محمد ‘ وبين موسى، ‘، فرآه محمد مرتين وكلمة موسى مرتين، قال عام: فانطلق مسروق إلى عائشة ~، فذكر الخبر.

10- (605): حدثنا محمد بن معمر القيسي، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن مرة الهمداني، عن ابن مسعود عن النبي ‘ قال: "عجب ربنا تبارك وتعالى من رجلين رجل ثار من وطائه ولحافه من بين حبه وأهله إلى صلاته، فيقول ربنا: انظروا إلى عبدى: ثار من فراشه ووطائه من بين حبه واهله إلى صلاته، رغبة فيما عندي، وشفقة مما عندي، ورجل غزا في سبيل الله، فانهزموا، فعلم ما عليه من الفرار، وما له في الرجوع فرجع حتى اهريق دمه رغبة فيما عندي، وشفقة مما عندي، فيقول الله (عز وجل) للملائكة: انظروا إلى عبدي، رجع رغبة فيما عندي ورهبة مما عندي حتى اهريق دمه".

11- (606): حدثنا محمد بن العلاء بن كريب قال: ثنا أبو اسامة، عن سفيان، عن قيس بن مره، (ولقد رآه نزلة اخرى)، قال: رأي جبريل في وبر رجليه مثل القطر على البقل.

12- (607): حدثنا علي بن خشرم، قال: أخبرنا عيسى بن يونس عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبدالله قال: اتى رسول الله ‘ رجل من أهل الكتاب، فقال: يا أبا القاسم: إن الله خلق السموات على اصبع، والأرض على اصبع، والشجر على اصبع، والثرى على اصبع، والخلائق على اصبع ثم قال: أنا الملك، فلقد رأيت رسول الله ‘ ضحك حتى بدت نواجذه، ثم قال: (وما قدروا الله حق قدره).

13- (608): حدثنا عيسى بن أبي حرب، قال ثنا يحيى بن أبي بكير، قال: ثنا بشر بن حسين وهو أبو محمد الأصبهاني قال: ثنا الزبير بن عدي، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله ‘ –يعني يقول تبارك وتعالى: "كذبني عبدي ولم يكن له أن يكذبني، وشتمني ولم يكن له أن يشتمني، فأما تكذيبه إياي: يعني قوله: لن يعيدنا الله كما بدأنا أنه ليس اول الخلق، يريد بأشد علينا من آخره لم يذكر عيسى بن أبي حرب هذا الكلام، ولم يكن في كتابه، وأما شتمه اياي: فإنه يقول: اتخذ الله ولداً، وانا الاحد، الصمد، لم ألد ولم أولد، ولم يكن له كفواً أحد".

14- (609): حدثنا محمد بن بشار، قال: أخبرني يحيى بن حماد، قال: أخبرنا شعبة، عن ابان بن تغلب عن فضيل عن إبراهيم عن علقمة عن عبدالله، عن النبي ‘ قال: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من ايمان، فقال رجل يا رسول الله: الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة، فقال رسول الله ‘: (إن الله جميل يحب الجمال، إن الكبر من بطر الحق وغمص الناس).
قال أبوبكر: هذه اللفظة (من بطر الحق) من الجنس الذي يقول أن العرب تذكر الفعل تريد فاعله، لأن الكبر فعل المتكبر والمتكبر هو الفاعل، فقوله: إن الكبر من بطر الحق وغمص الناص).

15- (610): حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبدالرحمن، قال: ثنا شعبى، عن السدي عن مرة، عن عبدالله: (وان منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً).
قال: يردونها ثم يصدرون عنها بأعمالهم، قال عبدالرحمن: فقلت لشعبة: أن إسرائيل حدثني عن السدي عن مرة، عن عبدالله عن النبي ‘: قال شعبة: قد سمعته من السدى مرفوعاً، ولكن عمداً ادعه".
قال أبوبكر: رواه يحيى بن سعيد، عن شعبة أيضاً مرفوعاً.

16- (....): حدثناه بندار، قال: ثنا يحيى بن سعيد قال: ثنا شعبة.

17- (....): وثنا أحمد بن عبدالرحمن بن وهب، قال: ثنا عمي، قال: أخبرني عمرو بن الحارث: أن عمرو بن دينار حدثه أنه سمع جابر بن عبدالله يقول: سمعت اذناي رسول الله ‘ يقول: "سيخرج اناس من النار".

18- (611): حدثنا عبدالله بن محمد الزهري، قال: ثنا سفيان قال: حدثني معمر، عن ابن طاووس عن أبيه، قال: سمعت ابن عباس يقول: اللهم تقبل شفاعة محمد الكبرى وارفع درجته العليا، واعطه سؤله في الآخرة، والاولى، كما تيت إبراهيم وموسى.

19- (612): حدثنا أبو موسى، قال ثنا معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن قتادة عن أنس أن النبي ‘ قال: "ليصيبن اقواماً سفع من النار عقوبة بذنوب اصابوها ثم ليدخلهم الله الجنة بفضل رحمته".

20- (613): حدثنا أبو موسى، قال: ثنا معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن قتادة، عن أنس بن مالك، أن نبي الله ‘ قال:"لكل نبي دعوة دعا بها في امته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لامتي يوم القيامة".

21- (614): حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم قال: ثنا همام، عن قتادة، قال قلت لبلال بن أبي بردة: ثنا الحسن، قال: ثنا أن أبا موسى الاشعري كان له اخ) يقال له أبو زيد، وكان يسرع في الفتنة فكان الاشعري ينهاه، وقال: لولا ما قلت ما حدثتك ابداً. سمعت رسول الله ‘ يقول: "ما من مسلمين تواجها بسيفيهما فقتل أحدهما الاخر إلا دخلا النار جميعاً، فقيل له: هذا القاتل: فما بال المقتول؟ فقال: إنه اراد قتل صاحبه، قال بلال: لا أعرف آثارهم.

22- (615): حدثنا محمد بن السكن بن إبراهيم الايلي، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا هشام بن سعد بن عقبة، قال: خطب معاوية، فتكلم بشيء مما ينكر الناس، فرد عليه فتى واحد، فسره واعجبه ثم قال: سمعت رسول الله ‘ يقول: "يكون أمراء يقولون فلا يرد عليهم، يتهافتون في النار يتبع بعضهم بعضاً ".

23- (616): حدثنا يحيى بن محمد بن السكن البزار، قال: ثنا بكر بن بكار، قال: ثنا قيس بن سليم، قال: ثنا يزيد بن صهيب الفقير، عن جابر بن عبدالله أن رسول الله ‘ قال: "يخرج اقوام من النار قد احترقوا إلا دائرة وجوههم، فيدخلون الجنة".
24- (617): حدثنا عبدالله بن إسحاق الجوهري، قال: ثنا بدل بن المحبر، قال: ثنا زائدة، عن عبدالله بن محمد بن عقيل، قال: سمعت ابن عمر، عن عمر، أن رسول الله ‘ أمر أن يؤذن في الناس أن من شهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له مخلصاً فله الجنة، فقال عمر: إذا يتكلوا قال: فدعهم".

25- (618): حدثنا عبدالله بن إسحاق الجوهري، قال: ثنا أبو عاصم عن وبرة بن أبي دليلة، قال: حدثني محمد بن عبدالله بن ميمون، قال: (حدثني يعقوب بن عاصم، قال: حدثني رجلان من أصحاب النبي ‘-سمعاً النبي ‘ يقول: "من قال لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيى ويميت وهو على كل شيء قدير، مخلصاً بها روحه وجه الله، مصدقاً بها لسانه وقلبه إلا فتقت له أبواب السماء فتقاً حتى ينظر الرب إلى قائلها من أهل الدنيا، وحق لعبد إذا نظر الله إليه أن يعطيه سؤله".
قال أبوبكر: يرد كل خبر من هذه الاخبار إلى موضعه من بابه، فقد بينت في أبوابها معانيها كلها، والفت بين الفاظها في المعاني، وإن كانت الفاظها مختلفة عند أهل الجهل والزيع.

26- (619): وقد ثنا أحمد بن عبدالرحمن بن وهب، قال: ثنا عمي، قال: أخبرني عمرو، عن جعفر بن ربيعة، عن عراك، بن مالك أنه سمع أبا هريرة _ يقول: "أن رسول الله ‘ قال: "لا ترغبوا عن آبائكم، فمن رغب عن أبيه فقد كفر".
قال أبوبكر: هذه اللفظة (فقد كفر) من الباب الذي قد أمليت في كتاب (الإيمان)، أن اسم الكفر قد يقع على بعض المعاصي الذي لا يزيل الإيمان بأسره، وإنما ينقص من الإيمان لا يذهب به جميعاً، قد بينت هذا المعنى في ذلك الموضع بياناً شافياً.

27- (620): حدثنا محمد بن يحيى في عقب خبر عطاء بن يسار، عن أبي سعيد في ذكر أهل الغرف من الجنة، قال: ثنا سريح بن النعمان، قال: ثنا فليح (عن هلال بن علي)، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة _ أن النبي ‘ قال: "أن أهل الجنة ليتراءون في الجنة".
بهذا يريد بمثل حديث أبي سعيد، عن النبي ‘.
قال أبوبكر: قال لنا محمد بن يحيى: (لا ابعد أن يكون عطاء بن يسار قد سمعه من أبي سعيد، وأبي هريرة _ما)
.