الاثنين، 7 سبتمبر 2015

الرد على الطرق الجحيم الصوفية=)شرح كتاب التوحيد===================الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، كالمبتدعة والمشركين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ولا شريك له ، إله الأولين والآخرين ، وقيوم السماوات والأرضين . وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، وخيرته من خلقه أجمعين .

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وسلم تسليماً كثيراً =أما بعد: فإن كتاب التوحيد الذى ألفه الإمام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب أجزل الله له الأجر والثواب ، وغفر له ولمن أجاب دعوته إلى يوم يقوم الحساب - قد جاء بديعاً فى معناه من بيان التوحيد ببراهينه ، وجمع جملا من أدلته لإيضاحه وتبيينه . فصار علماً للموحدين ، وحجة على الملحدين . فانتفع به الخلق الكثير ، والجم الغفير . فإن هذا الإمام رحمه الله فى مبدأ منشئه قد شرح الله صدره للحق المبين ، الذى بعث الله به المرسلين : من إخلاص العبادة بجميع أنواعها لله رب العالمين ، وإنكار ما كان عليه الكثير من شرك المشركين ، فأعلى الله همته ، وقوى عزيمته ، وتصدى لدعوة أهل نجد إلى التوحيد ، الذى هو أساس الإسلام والإيمان ، ونهاهم عن عبادة الأشجار والأحجار والقبور ، والطواغيت والأوثان ، وعن الإيمان بالسحرة والمنجمين والكهان .
فأبطل الله بدعوته كل بدعة وضلالة يدعو إليها كل شيطان ، وأقام الله به علم الجهاد ، وأدحض به شبه المعارضين من أهل الشرك والعناد ، ودان بالإسلام أكثر أهل تلك البلاد ، الحاضر منهم والباد وانتشرت دعوته ومؤلفاته فى الآفاق ، حتى أقر الله له بالفضل من كان من أهل الشقاق . إلا من استحوذ عليه الشيطان . وكره إليه الإيمان ، فأصر على العناد والطغيان . وقد أصبح أهل جزيرة العرب بدعوته ، كما قال قتادة رحمه الله عن حال أول هذه الأمة إن المسلمين لما قالوا ( لا إله إلا الله) أنكر ذلك المشركون وكبرت عليهم ، وضاق بها إبليس ، وجنوده . فأبى الله إلا أن يمضيها ويظهرها ، ويفلجها وينصرها على من ناوأها ، إنها كلمة من خاصم بها فلج ، ومن قاتل بها نصر ، إنما يعرفها أهل هذه الجزيرة التى يقطعها الراكب فى ليال قلائل ، ويسير من الدهر ، في فئام من الناس ، لا يعرفونها ولا يقرون بها  .
وقد شرح الله صدور كثير من العلماء لدعوته ، وسروا واستبشروا بطلعته ، وأثنوا عليه نثراً ونظماً .
فمن ذلك ما قاله عالم صنعاء : محمد بن إسماعيل الأمير فى هذا الشيخ رحمه الله تعالى :
وقد جاءت الأخبار عنه بأنه     يعد لنا الشرع الشـريف بما يبدى
وينشر جهراً ما طوى كل جاهـل    ومبتدع منه ، فوافق ما عندى
ويعمر أركان الشريعة هادماً     مشاهد ، ضل الناس فيها عن الرشد
أعادوا بها معنى سـواع ومثله    يغوث وود ، بئس ذلك من ود
وقد هتفوا عند الشدائد باسمها     كما يهتـف المضطر بالصمد الفرد
وكم عقروا فى سوحها من عقيرة     أهلت لغير الله جهراً على عمد

وكم طائف حول القبور مقبل    ومستلم الأركان منهن بالأيدى


وقال شيخنا عالم الإحساء أبو بكر حسين بن غنام رحمه الله تعالى فيه :

لقد رفع المولى به رتبة الهدى    بوقت به يعلى الضلال ويرفع

سقاه نمير الفهم مولاه فارتوى    وعام بتيار المعارف يقطـع

فأحيا به التوحيد بعد اندراسه    وأوهى به من مطلع الشرك مهيع

سما ذروة المجد التى ما ارتقى لها      سواه ولا حاذى فناها سميذع

وشمرفى منهاج سنة أحمد    يشيد ويحيى ما تعفى ، ويرفع

يناظر بالآيات والسنة التى    أمرنا إليها فى التنازع نرجع

فأضحت به السمحاء يبسم ثغرها    وأمسى محياها يضىء ويلمع

وعاد به نهج الغواية طامساً     وقد كان مسلوكاً به الناس ترتع

وجرت به نجد ذبول افتخارها     وحق لها بالألمعى ترفع

فأثاره فيها سوام سوافر    وأنواره فيها تضىء وتلمع

وأما كتابه المذكور فموضوعه فى بيان ما بعث به الله رسله : من توحيد العبادة ، وبيانه بالأدلة من الكتاب والسنة ، وذكر ما ينافيه من الشرك الأكبر أو ينافى كماله الواجب ، من الشرك الأصغر ونحوه ، وما يقرب من ذلك أو يوصل إليه .

وقد تصدى لشرحه حفيد المصنف ، وهو الشيخ سليمان بن عبد الله رحمه الله تعالى فوضع عليه شرحاً أجاد فيه وأفاد ، وأبرز فيه من البيان ما يجب أن يطلب منه ويراد ، وسماه  تيسير العزيز الحميد ، فى شرح كتاب التوحيد  .

وحيث أطلق شيخ الإسلام فالمراد به أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية ، و الحافظ  فالمراد به أحمد بن حجر العسقلانى .

ولما قرأت شرحه رأيته أطنب فى مواضع ، وفى بعضها تكرار يستغنى بالبعض منه عن الكل ، ولم يكمله . فأخذت فى تهذيبه وتقريبه وتكميله ، وربما أدخلت فيه بعض النقول المستحسنة تتميماً للفائدة وسميته  فتح المجيد بشرح كتاب التوحيد  .

وأسأل الله أن ينفع به كل طالب للعلم ومستفيد ، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم وموصلاً من سعى فيه إلى جنات النعيم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم .



***********



قال المصنف رحمه الله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم .

ابتدأ كتابه بالبسملة اقتداء بالكتاب العزيز وعملاً بحديث " كل أمر ذى بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع" أخرجه ابن حبان من طريقين . قال ابن صلاح : والحديث حسن . ولأبى دواد وابن ماجه " كل أمر ذى بال لا يبدأ فيه بالحمد لله أو بالحمد

فهو أقطع " ولأحمد " كل أمر ذى بال لا يفتتح بذكر الله فهو أبتر أو أقطع " وللدارقطني عن أبى هريرة مرفوعاً " كل أمر ذى بال لا يبدأ فيه بذكر الله فهو أقطع " .

والمصنف قد اقتصر فى بعض نسخه على البسملة ، لأنها من أبلغ الثناء والذكر للحديث المتقدم . وكان النبى صلى الله عليه وسلم يقتصر عليها فى مراسلاته ، كما فى كتابه لهرقل عظيم الروم ووقع لى نسخة بخطه رحمه الله تعالى بدأ فيها بالبسملة ، وثنى بالحمد والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم وآله . وعلى هذا فالابتداء بالبسملة حقيقى ، وبالحمدلة نسبى إضافى ، أى بالنسبة إلى ما بعد الحمد يكون مبدوءاً به .

والباء فى بسم الله متعلقة بمحذوف ، واختار كثير من المتأخرين كونه فعلاً خاصاً متأخراً .

أما كونه فعلا ، فلأن الأصل فى العمل للأفعال .

وأما كونه خاصاً ، فلأن كل مبتدىء بالبسملة فى أمر يضمر ما جعل البسملة مبدأ له .

وأما كونه متأخراً ، فلدلالته على الاختصاص ، وأدخل فى التعظيم ، وأوفق للوجود ، ولأن أهم ما يبدأ به ذكر الله تعالى .

وذكر العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى لحذف العامل فوائد ، منها أنه موطن لا ينبغى أن يتقدم فيه غير ذكر الله . ومنها : أن الفعل إذا حذف صح الابتداء بالبسملة في كل عمل وقول حركة . فكان الحذف أعم . إنتهى ملخصاً .

وباء بسم الله للمصاحبة . وقيل : للاستعانة . فيكون التقدير : بسم الله أؤلف حال كونى مستعيناً بذكره ، متبركاً به . وأما ظهوره فى " اقرأ باسم ربك " وفي " بسم الله مجريها " فلأن المقام يقتضى ذلك كما لا يخفى .

والاسم مشتق من السمو وهو العلو . وقيل : من الوسم وهو العلامة ، لأن كل ما سمى فقد نوه باسمه ووسم .

قوله ( الله ) قال الكسائي والفراء : أصله الإله ، حذفوا الهمزة ، وأدغموا اللام فى اللام ، فصارتا لاماً واحدة مشددة مفخمة . قال العلامة ابن القيم رحمه الله : الصحيح : أنه مشتق ، وأن أصله الإله ، كما هو قول سيبويه وجمهور أصحابه إلا من شذ . وهو الجامع لمعانى الأسماء الحسنى والصفات العلى . والذين قالوا بالاشتقاق إنما أرادوا أنه دال على صفة له تعالى . وهى الإلهية كسائر أسمائه الحسنى ، كالعليم والقدير ، والسميع ، والبصير ، ونحو ذلك . فإن هذه الأسماء مشتقة من مصادرها بلا ريب ، وهى قديمة ، ونحن لا نعني بالاشتقاق إلا أنها ملاقية لمصادرها فى اللفظ والمعنى ، لا أنها متولدة منه تولد الفرع من أصله . وتسمية النحاة للمصدر والمشتقق منه : أصلاً وفرعاً . ليس معناه أن أحدهما متولد من الآخر . وإنما هو باعتبار أن أحدهما يتضمن الأخر وزيادة .

قال أبو جعفر بن جرير الله أصله الإله أسقطت الهمزة التى هى فاء الاسم . فالتقت اللام التى هى عين الاسم واللام الزائدة وهى ساكنة فأدغمت فى الأخرى ، فصارتا فى اللفظ لاماً واحدة مشددة . وأما تأويلالله فإنه على معنى ما روى لنا عن عبد الله بن عباس قال : هو الذى يألهه كل شئ ويعبده كل خلق وساق بسنده عن الضحاك عن عبد الله بن عباس قال :  الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين  فإن قال لنا قائل : وما دل على أن الألوهية هى العبادة وأن الإله هو المعبود ، وأن له أصلاً فى فعل ويفعل ، وذكر بيت رؤية بن العجاج .

لله در الغانيات المدة    سبحن واسترجعن من تألهى

يعنى من تعبدى وطلبى الله بعملى . ولا شك أن التأله التفعل ، من أله يأله وأن معنى أله إذا نطق به : عبد الله . وقد جاء منه مصدر يدل على أن العرب قد نطقت منه بفعل يفعل بغير زيادة . وذلك ما حدثنا به سفيان بن وكيع - وساق السند إلى ابن عباس أنه قرأ " ويذرك وآلهتك " قال : عبادتك . ويقول : إنه كان يعبد ولا يعبد  وساق بسند آخر عن ابن عباس ويذرك وإلاهتك . قال : إنما كان فرعون يعبد ولا يعبد  وذكر مثله عن مجاهد ، ثم قال : فقد بين قول ابن عباس ومجاهد هذا : أن أله عبد وأن الإلهة مصدره وساق حديثاً عن أبى سعيد مرفوعاً  أن عيسى أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه . فقال له المعلم : اكتب بسم الله . فقال عيسى : أتدرى ما الله ؟ الله إله الآلهة  .

قال العلامة ابن القيم رحمه الله : لهذا الاسم الثسريف عشر خصائص لفظية وساقها . ثم قال : وأما خصائصه المعنوية فقد قال أعلم الخلق صلى الله عليه وسلم : " لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك " وكيف نحصى خصائص اسم لمسماه كل كمال على الإطلاق ، وكل مدح وحمد ، وكل ثناء وكل مجد ، وكل جلال وكل كمال ، وكل عز وكل جمال ، وكل خير وإحسان ، وجود وفضل وبر فله ومنه ، فما ذكر هذا الاسم فى قليل إلا كثره ، ولا عند خوف إلا أزاله ، ولا عند كرب إلا كشفه ، ولا عند هم وغم إلا فرجه ، ولا عند ضيق إلا وسعه ، ولا تعلق به ضعيف إلا أفاده القوة ، ولا ذليل إلا أناله العز ، ولا فقير إلا أصاره غنياً ، ولا مستوحشاً إلا آنسه ، ولا مغلوب إلا أيده ونصره ، ولا مضطر إلا كشف ضره ، ولا شريد إلا آواه . فهو الاسم الذى تكشف به الكربات ، وتستنزل به البركات ، وتجاب به الدعوات ، وتقال به العثرات ، وتستدفع به السيئات ، وتستجلب به الحسنات . وهو الاسم الذى قامت به الأرض والسماوات ، وبه أنزلت الكتب ، وبه أرسلت الرسل ، وبه شرعت الشرائع . وبه قامت الحدود ، وبه شرع الجهاد ، وبه انقسمت الخليقة إلى السعداء والأشقياء ، وبه حقت الحاقة . ووقعت الواقعة . وبه وضعت الموازين القسط ونصب الصراط ، وقام سوق الجنة والنار . وبه عبد رب العالمين وحمد ، وبحقه بعثت الرسل ، وعنه السؤال في القبر ويوم البعث والنشور وبه الخصام وإليه المحاكمة ، وفيه الموالاة والمعاداة ، وبه سعد من عرفه وقام بحقه ، وبه شقى من جهله وترك حقه ، فهو سر الخلق والأمر . وبه قاما وثبتا ، وإليه انتهيا ، فالخلق به وإليه ولأجله . فما وجد خلق ولا أمر ولا ثواب ولا عقاب إلا مبتدئاً منه ومنتهياً إليه ، وذلك موجبه ومقتضاه '3 : 191' " ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار " إلى آخر كلامه رحمه الله .

قوله (الرحمن الرحيم) قال ابن جرير : حدثنى السري بن يحيى حدثنا عثمان بن زفر سمعت العزرمى يقول : الرحمن بجميع الخلق ، والرحيم بالمؤمنين . وساق بسنده عن أبى سعيد - يعنى الخدرى - "قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن عيسى ابن مريم قال :  الرحمن : رحمن الآخرة والدنيا . والرحيم : رحيم الآخرة" .

قال ابن القيم رحمه الله تعالى : فاسمه الله دل على كونه مألوهاً معبوداً . يألهه الخلائق : محبة وتعظيماً وخضوعاً ، ومفزعاً إليه فى الحوائج والنوائب . وذلك مستلزم لكمال ربوبيته ورحمته ، المتضمنين لكمال الملك والحمد ، وإلهيته وربوبيته ورحمانيته وملكه ، مستلزم لجميع صفات كماله . إذ يستحيل ثبوت ذلك لمن ليس بحى ، ولا سميع ، ولا بصير ، ولا قادر ، ولا متكلم ، ولافعال لما يريد ، ولا حكيم فى أقواله وأفعاله . فصفات الجلال والجمال أخص باسم الله ، وصفات الفعل والقدرة والتفرد بالضر والنفع (العطاء والمنع ونفوذ المشيئة وكمال القوة وتدبر أمر الخليقة : أخص باسم الرب) ، وصفات الإحسان والجود والبر والحنان والمنة والرأفة والعطف أخص باسم الرحمن .

وقال رحمه الله أيضاً : الرحمن دال على الصفة القائمة به سبحانه والرحيم دال على تعلقها بالمرحوم . واذا أردت فهم هذا فتأمل قوله تعالى : '33 : 44' "وكان بالمؤمنين رحيماً " '9 : 117' "إنه بهم رؤوف رحيم" ولم يجيء قط رحمان بهم .

وقال : إن أسماء الرب تعالى هي أسماء ونعوت ، فإنها دالة على صفات كماله . فلا تنافي فيها بين العلمية والوصفية ، فالرحمن اسمه تعالى ووصفه ، فمن حيث هو صفة جرى تابعاً لاسم الله ، ومن حيث هو اسم ورد في القرآن غير تابع ، بل ورد الاسم العلم ، كقوله تعالى "الرحمن على العرش استوى " انتهى ملخصاً .



قال المصنف رحمه الله تعالى : الحمد لله .

ش : ومعناه الثناء بالكلام على الجميل الاختياري على وجه التعظيم ، فمورده : اللسان والقلب ، والشكر يكون باللسان والجنان والأركان ، فهو أعم من الحمد متعلقاً ، وأخص منه سبباً ، لأنه يكون في مقابلة النعمة ، والحمد أعم سبباً وأخص متعلقاً، لأنه يكون فى مقابلة النعمة وغيرها . فبينهما عموم وخصوص وجهى ، يجتمعان فى مادة وينفرد كل واحد عن الآخر فى مادة .




قال المصنف رحمه الله : وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق